الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَخْصِيصه بِلَا دَلِيل.
الحَدِيث الْخَامِس
عَن عَائِشَة رضي الله عنها: «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نهاها عَن التشميس، وَقَالَ: إنَّه يُورِثُ البَرَص» .
هَذَا (الحَدِيث واهٍ جدًّا)، وَله أَربع طرق:
(أوَّلها) : عَن خَالِد بن إِسْمَاعِيل المَخْزُومِي، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة رضي الله عنها، قَالَت:«دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَقد سَخَّنتُ مَاء فِي الشَّمْس، فَقَالَ: لَا تفعلي يَا حُمَيْراء، فإنَّه يُورث البرص» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» ، وَابْن عدي فِي «كَامِله» ، وَأَبُو نعيم فِي كتاب «الطِّبّ» بأسانيدهم إِلَى خَالِد بِهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: خَالِد هَذَا مَتْرُوك.
قلت: هُوَ كَمَا قَالَ، فقد ضَعَّفه الْأَئِمَّة، قَالَ ابْن عدي: يضع الحَدِيث عَلَى ثِقَات الْمُسلمين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان: لايجوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال. وَقَالَ الْأَزْدِيّ: كَذَّاب، يحدث عَن الثِّقَات بِالْكَذِبِ.
لَا جرم أَن الْبَيْهَقِيّ لَمَّا ذكره فِي «سنَنه» قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا يصحّ.
وَثَانِيها: عَن عَمْرو بن مُحَمَّد (الأَعْسَم) ، عَن (فُلَيْح، عَن الزُّهْرِيّ) ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، قَالَت:«نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُتَوضَأ بِالْمَاءِ المشمس، أَو يُغتسل بِهِ، وَقَالَ: إنَّه يُورث البرص» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، (إِلَيْهِ) ثمَّ قَالَ: عَمْرو بن مُحَمَّد الأعسم مُنكر الحَدِيث، وَلم يروه عَن فليح غَيره، وَلَا يصحّ عَن الزُّهْرِيّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان: عَمْرو هَذَا يروي عَن الثِّقَات الْمَنَاكِير، وَيَضَع أسامي الْمُحدثين، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال.
والأعسم: بِالْعينِ وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ.
وَثَالِثهَا: عَن وهب بن وهب، عَن هِشَام (بن) عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، قَالَت:«أسخنت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاء فِي الشَّمْس، فَقَالَ: لَا تعودي يَا حميراء، فإنَّه يُورث البرص» .
رَوَاهُ ابْن عدي، وَقَالَ: وهب: (أَشَرُّ) من خَالِد بن إِسْمَاعِيل.
قلت: بِلَا شكّ، وَهُوَ وهب بن وهب بن كَبِير: - بِفَتْح الْكَاف، وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة - ابْن عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب بن عبد الْعُزَّى بن قصي، أَبُو البَخْتَري - بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق -: قَاضِي بَغْدَاد، وَهُوَ من رُؤَسَاء الْكَذَّابين، قَالَ أَحْمد: كَانَ كَذَّابًا يضع الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش، وَابْن الْمَدِينِيّ، والرازي: كَانَ كذَّابًا. وَقَالَ يَحْيَى: كَذَّاب خَبِيث، كَانَ عَامَّة اللَّيْل يضع الحَدِيث. وَقَالَ عُثْمَان بن أبي شيبَة: ذَاك دَجَّال. وَقَالَ السَّعْدِيّ: كَانَ يكذب ويجسر. وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي: كَانَ يكذب، ويحدِّث بِمَا لَيْسَ لَهُ أصل. وَقَالَ مُسلم، وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث. زَاد الدَّارَقُطْنِيّ: وكَذَّاب. وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا أعلم لَهُ حَدِيثا مُسْتَقِيمًا، كُلّها بَوَاطِيلُ.
رَابِعهَا: عَن الْهَيْثَم بن عدي، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، نَحْو الطَّرِيق الأول. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
والهيثم هَذَا: هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الطَّائي، أحد الهلكى، قَالَ
يَحْيَى: كَانَ يكذب، لَيْسَ بِثِقَة. وقَالَ عَلّي: لَا أرضاه فِي شَيْء. وَقَالَ السَّعْدِيّ: سَاقِط، قد كشف قناعه. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: كَذَّاب. وَقَالَ النَّسَائِيّ، والرازي، والأزدي: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ ابْن حبَان: لَا يجوز الرِّوَايَة عَنهُ إلَاّ عَلَى سَبِيل الِاعْتِبَار، وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ.
قلت: وَلِحَدِيث عَائِشَة طَرِيق خَامِس: أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ، وَلم يذكر إِسْنَاده، فَقَالَ فِي «سنَنه» : وَرُوِيَ بِإِسْنَاد مُنكر عَن ابْن وهب، عَن مَالك، عَن هِشَام. وَلَا يَصح.
وَهَذَا قد بَيَّنه الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه «غرائب أَحَادِيث مَالك الَّتِي لَيست فِي الْمُوَطَّأ» ، فَرَوَاهُ بإسنادٍ إِلَيْهِ، بطرِيق هِشَام المتكررة بِلَفْظ:«سَخَّنت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاء فِي الشَّمْس يغْتَسل فِيهِ، فَقَالَ: لَا تفعلي يَا حميراء، فإنَّه يُورث البرص» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا بَاطِل عَن ابْن وهب، وَعَن مَالك أَيْضا، وإنَّما رَوَاهُ: خَالِد بن إِسْمَاعِيل المَخْزُومِي - وَهُوَ مَتْرُوك - عَن هِشَام، ومَنْ دون ابْن وهب - فِي الإِسناد - ضعفاء.