المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

«صَحِيحَيْهِمَا» بِهَذَا اللَّفْظ، وَزَادا: «فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، وَلكم فِي - البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة

- ‌وهاك نبذة من حَالهم، لتعرف قدرهم، واجتهادهم ومحلهم:

- ‌ فصنَّفوا فِي ذَلِكَ مصنفات مبتكرة

- ‌فَإِن كَانَ الحَدِيث أَو الْأَثر فِي صحيحي الإِمامين:

- ‌وَإِن لم يكن الحَدِيث فِي وَاحِد من الصَّحِيحَيْنِ، (عزوته) إِلَى من أخرجه من الْأَئِمَّة:

- ‌نَاظرا عَلَى ذَلِك من كتب الصَّحَابَة:

- ‌وَمن كتب الْأَسْمَاء جرحا وتعديلًا وَغير ذَلِك:

- ‌وَمن كتب الْعِلَل:

- ‌وَمن كتب الْمَرَاسِيل:

- ‌وَمن كتب الموضوعات:

- ‌وَمن كتب الْأَطْرَاف:

- ‌وَمن كتب الْأَحْكَام:

- ‌وَمن كتب الأمالي:

- ‌وَمن كتب النَّاسِخ والمنسوخ:

- ‌وَمن كتب المبهمات فِي الحَدِيث:

- ‌وَمن كتب شُرُوح الحَدِيث والغريب:

- ‌وَمن كتب أَسمَاء الْأَمَاكِن:

- ‌وَمن كتب أُخرى حَدِيثِيَّةٌ:

- ‌وَمن مصنفات أبي الْخطاب بن دِحْيَة:

- ‌وَمن كتب أُخْرَى مُتَعَلقَة بالفقه:

- ‌أمَّا «موطأ» إِمَام دَار الْهِجْرَة

- ‌وَأما مُسْند الإِمام أَحْمد

- ‌وَأما «صَحِيح الإِمام أبي عبد الله البُخَارِيّ»

- ‌وَأما صَحِيح الإِمام أبي الْحُسَيْن مُسلم

- ‌وَأما «سنَن أبي دَاوُد»

- ‌وَأما جَامع أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ:

- ‌وَأما شَرط أبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ

- ‌وَأما سنَن أبي عبد الله بن مَاجَه الْقزْوِينِي:

- ‌وَأما «صَحِيح» أبي حَاتِم بن حبَان

- ‌وَأما «الْمُسْتَدْرك» للْحَاكِم أبي عبد الله

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌بَاب المَاء الطَّاهِر

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌بَاب بَيَان النَّجَاسَات (وَالْمَاء النَّجس)

- ‌الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس (عشر)

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌بَاب الِاجْتِهَاد

- ‌بَاب الْأَوَانِي

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌بَاب الْوضُوء

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السّادس

- ‌الحَدِيث السّابع

- ‌الحَدِيث الثّامن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌أَحدهَا:

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

الفصل: «صَحِيحَيْهِمَا» بِهَذَا اللَّفْظ، وَزَادا: «فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، وَلكم فِي

«صَحِيحَيْهِمَا» بِهَذَا اللَّفْظ، وَزَادا:«فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، وَلكم فِي الْآخِرَة» .

وَله أَلْفَاظ أُخَر، قَالَ ابْن مَنْدَه الْحَافِظ: وَإِسْنَاده مجمع عَلَى صِحَّته.

والصِّحَاف: جمع صَحْفَة، كقصعة، وقصاع، والصحفة دون الْقَصعَة. قَالَ الْكسَائي: الْقَصعَة: مَا تسع (مَا يشْبع) عشرَة، والصحفة مَا (يشْبع) خَمْسَة.

‌الحَدِيث التَّاسِع

أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الَّذِي يشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، إنَّما يُجَرْجِرُ فِي جَوْفه نَار جَهَنَّم» .

هَذَا الحَدِيث صَحِيح، (مرويّ) من طرق:

أَحدهَا: عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الَّذِي يشرب فِي آنِية الْفضة، إنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم» .

رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ، وَالْبُخَارِيّ، وَمُسلم فِي «صَحِيحَيْهِمَا» . قَالَ ابْن مَنْدَه الْحَافِظ: وَإِسْنَاده مجمع عَلَى صِحَّته.

وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «إنَّ الَّذِي يأكلُ، (أَو) يشربُ فِي آنِية

ص: 621

الْفضة، وَالذَّهَب» . وَفِي رِوَايَة لَهُ:«من شرب فِي إِنَاء من ذهب أَو فضَّة، فإنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم» .

وَفِي رِوَايَة للطبراني: «إلَاّ أَن يَتُوب» .

الطَّرِيق الثَّانِي: عَن (أبي) وَائِل، قَالَ: «غزوتُ مَعَ عمر الشَّام، فَنزل منزلا، فجَاء دُِهْقَانٌ يسْتَدلّ عَلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ حتَّى أَتَاهُ، فَلَمَّا رَأَى الدهْقَان عمر سَجَد، فَقَالَ عمر: مَا هَذَا السُّجُود؟ فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعل بالملوك. فَقَالَ عمر: اسجد لِرَبِّك الَّذِي خلقك. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنِّي قد صنعت لَك طَعَاما فأتني. (قَالَ) : فَقَالَ عمر: هَل فِي بَيْتك من تصاوير الْعَجم؟ قَالَ: نعم. قَالَ: لَا حَاجَة لي فِي بَيْتك، وَلَكِن انْطلق، فَابْعَثْ لنا بلون (من الطَّعَام)، وَلَا (تزدنا) عَلَيْهِ. قَالَ: فَانْطَلق، فَبعث إِلَيْهِ بِطَعَام، فَأكل مِنْهُ، ثمَّ قَالَ عمر لغلامه: هَل فِي إداوتك شَيْء من ذَلِك النَّبِيذ؟ قَالَ: نعم. فَأَتَاهُ [فَصَبَّهُ فِي إِنَاء، ثمَّ شَمَّه، فَوَجَدَهُ مُنكر الرّيح، فصب عَلَيْهِ مَاء، ثمَّ شمه، فَوَجَدَهُ مُنكر الرّيح] ، فصب عَلَيْهِ المَاء ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ شربه، ثمَّ قَالَ: إِذا رَابَكُم من شرابكم (شَيْء) فافعلوا بِهِ هَكَذَا. ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تلبسوا الديباج وَالْحَرِير، وَلَا تشْربُوا فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، (فإنَّها) لَهُم فِي الدُّنْيَا،

ص: 622

وَلكم فِي الْآخِرَة» .

رَوَاهُ الْحَاكِم، أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك» فِي تَرْجَمَة عمر بن الْخطاب، عَن أبي بكر، عَن ابْن الْمثنى، عَن مُسَدّد، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن أبي وَائِل، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد، وَلم يخرجَاهُ.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» - وَذكر الِاخْتِلَاف فِيهِ، حَيْثُ رُوِيَ عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن (أبي) وَائِل، وَعَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن أبي وَائِل، وَعَن مُسلم الْأَعْوَر، عَن رجل من قومه، عَن عمر، قَالَ: وَمُسلم ضَعِيف -: هَذَا الحَدِيث يرويهِ الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا، وَهُوَ أولَى بِالصَّوَابِ.

وَهَذَا الحَدِيث هُوَ بِنَحْوِ من لفظ الرَّافِعِيّ، وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» ، لَكِن من طَرِيق حُذَيْفَة، فَقَالَ: بَاب الْأكل فِي إِنَاء مفضض. نَا أَبُو نعيم، حَدَّثَنَا سيف بن (أبي) سُلَيْمَان، سَمِعت مُجَاهدًا يَقُول: حَدَّثَنَي عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى: «أَنهم كَانُوا عِنْد حُذَيْفَة، فَاسْتَسْقَى، فَسَقَاهُ مَجُوسِيّ، فلمَّا وضع الْقدح فِي يَده، (رَمَاه) بِهِ، وَقَالَ:(لَوْلَا) أَنِّي (نهيته) غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ - كَأَنَّهُ يَقُول: لم أفعل هَذَا - وَلَكِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تلبسوا الْحَرِير، و (لَا)

ص: 623

الديباج، وَلَا تشْربُوا فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، (وَلَا تَأْكُلُوا فِي صحافها) ، فإنَّها لَهُم فِي الدُّنْيَا، (وَلكم) فِي الْآخِرَة» .

الطَّرِيق الثَّالِث: عَن شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن نَافِع، عَن امْرَأَة ابْن عمر، عَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الَّذِي يشرب فِي إِنَاء الْفضة - أَو إِنَاء من فضَّة - إِنَّمَا (يجرجر فِي) بَطْنه نَارا» .

رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي «التَّمْهِيد» ، ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ خصيف، وَهِشَام بن (الغازِ) - وَهُوَ بالغين وَالزَّاي المعجمتين - عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا:«من شرب فِي آنِية الْفضة، فإنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم» .

قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي خطأ لَا شكّ فِيهِ، لم يَرْوِ (ابْن) عمر هَذَا الحَدِيث قطّ، وَلَا رَوَاهُ نَافِع عَن ابْن عمر، وَلَو رَوَاهُ عَن ابْن عمر، مَا احْتَاجَ أَن يُحَدِّث بِهِ عَن [ثَلَاثَة] ، وَأما إِسْنَاد شُعْبَة فِي هَذَا الحَدِيث، فَيحْتَمل أَن يكون إِسْنَادًا (آخر) ، وَيحْتَمل أَن يكون خطأ، وَهُوَ

ص: 624

الْأَغْلَب. هَذَا آخر كَلَامه.

وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر من طَرِيق آخر، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أَصْغَر معاجمه» ، من حَدِيث: برد بن سِنَان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، مَرْفُوعا:«من شرب فِي إِنَاء من ذهب، أَو إِنَاء من فضَّة، فإنَّما يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم» .

قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يَرْوِه (عَن) برد إلَاّ ابْنه الْعَلَاء.

وَطَرِيق (آخر) سَيَأْتِي فِي آخر هَذَا الْبَاب بِزِيَادَة فِيهِ.

لَكِن وَافق الْحَافِظ أَبَا عمر بن عبد الْبر عَلَى كَون رِوَايَة ابْن عمر خطأ: أَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة.

قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : قَالَ أَبُو زرْعَة: حَدِيث ابْن عمر هَذَا (خطأ) ، إنَّما هُوَ عَن أم سَلمَة مَرْفُوعا.

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مِنْهَا: سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة (عَنهُ) ، فَقَالَا مثل ذَلِك، قَالَا: وَالوهم فِيهِ من حَمَّاد.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ شُعْبَة عَن امْرَأَة ابْن عمر، وَقَالَ (الثَّوْريّ) : عَن صَفِيَّة - وَهِي امْرَأَة ابْن عمر -

ص: 625

مَرْفُوعا، و (خالفهما) مسعر، فَرَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ، من حَدِيث نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا، (وَوهم) فِي قَوْله: ابْن عمر. وَإِنَّمَا هُوَ عَن امْرَأَة ابْن عمر.

قَالَ: وَرُوِيَ مَوْقُوفا عَلَى عَائِشَة أَيْضا، من حَدِيث نَافِع عَنْهَا.

(قَالَ: وَرُوِيَ) عَن نَافِع، عَن صَفِيَّة، عَن عَائِشَة، وَرُوِيَ عَن سَالم، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَالصَّحِيح مَا قَالَ شُعْبَة، وَالثَّوْري.

(قَالَ) : وَرُوِيَ عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، عَن عَائِشَة - أَو أم سَلمَة، أَو أم حَبِيبَة - وَهُوَ وهم. وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن [عبيد] الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَوهم فِيهِ. وَالصَّحِيح عَن [عبيد] الله بن عمر عَن زيد بن عبد الله بن عمر، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، عَن أم سَلمَة. وَقَالَ جرير بن حَازِم: عَن نَافِع (قَالَ) : قَالَت أم سَلمَة. وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن أبي رواد: عَن نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة، (وَوهم) فِي ذكر أبي هُرَيْرَة.

هَذَا ملخص مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» ، وَفِيه رد عَلَى قَول أبي عمر بن عبد الْبر: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون إِسْنَاد شُعْبَة خطأ، وَأَنه الْأَغْلَب. فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِنَّه الصَّحِيح.

الطَّرِيق الرَّابِع: (عَن عِكْرِمَة) ، عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه، أَن رَسُول الله

ص: 626

(، قَالَ:«إِن الَّذِي يشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، إِنَّمَا يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم» .

رَوَاهُ الحافظان: الطَّبَرَانِيّ فِي «أَصْغَر معاجمه» ، والخطيب الْبَغْدَادِيّ فِي كِتَابيه:«من وَافَقت كنيته اسْم أَبِيه» ، و «تَلْخِيص الْمُتَشَابه» .

قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يَرْوه عَن (النَّضر) بن عَرَبِيّ، إلَاّ سَلِيم بن مُسلم الخَشَّاب، تَفَرَّد بِهِ مُحَمَّد بن بَحر (الهُجَيْمِي) الْبَصْرِيّ.

الطَّرِيق الْخَامِس: عَن أبي بردة، قَالَ: انْطَلَقت أَنا وَأبي (إِلَى) عَلّي بن أبي طَالب - كَرَّم الله وَجهه - فَقَالَ لنا: «إنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَن آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة (أَن يُشْرَبَ (فِيهَا)) ، أَو أَن يُؤْكَل فِيهَا، وَنَهَى عَن القسي والمِيثرة، وَعَن ثِيَاب الْحَرِير، وَخَاتم الذَّهَب» .

رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَاد جيد.

الطَّرِيق السَّادِس: عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك، قَالَ:«نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَن الْأكل وَالشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة» .

ص: 627

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ، من جِهَة قطن بن نُسَيْر - بِضَم النُّون، ثمَّ سين مُهْملَة مَفْتُوحَة -، عَن حَفْص بن عبد الله، عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن الْحجَّاج (بن الْحجَّاج) عَن أنس بِهِ.

وَلِهَذَا الحَدِيث طَريقَة صَحِيحَة بالِاتِّفَاقِ، كَانَت (جديرة) بالتقدم، وَهِي: مَا رَوَى الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه، قَالَ:«أَمَرَنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِسبع، ونهانا عَن (سبع) : أمرنَا بعيادة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجِنَازَة، وتشميت الْعَاطِس، وَإجَابَة الدَّاعِي، وإفشاء السَّلَام، ونصرة الْمَظْلُوم، وإبرار الْقسم. ونهانا: عَن خَوَاتِيم الذَّهَب، وَعَن الشّرْب فِي الْفضة - أَو قَالَ: آنِية الْفضة - وَعَن المياثر، والقسي، وَعَن لبس الْحَرِير والديباج، والإِستبرق» .

وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «وإنشاد الضَّالة» بدل: «وإبرار الْقسم» .

وَفِي رِوَايَة لَهُ: «وَعَن الشّرْب فِي الْفضة، فإنَّه من شرب فِيهَا فِي

ص: 628

الدُّنْيَا لم (يشرب فِيهَا) فِي الْآخِرَة» .

وَفِي رِوَايَة لَهما: «رد السَّلَام» بدل: «وإفشاء السَّلَام» .

وَحين فَرغْنَا من إِيرَاد طرق هَذَا الحَدِيث، فلنذكر مَا يتَعَلَّق بهَا: من الْغَرِيب، وتوضيح الْمُشكل، فَنَقُول:

«الْآنِية» : جمع إِنَاء، والعامة (يرَوْنَ) أَنَّهَا وَاحِدَة، وَهُوَ خطأ، كَمَا يُقَال: إِزَار وآزرة، وحمار وأحمرة ويوضحه قَوْله عليه الصلاة والسلام فِي صفة الْحَوْض:«آنيته مثل نُجُوم السَّمَاء» . قَالَ ذَلِك عبد الْحق.

وَقَوله عليه الصلاة والسلام : «يجر فِي جَوْفه نَار جَهَنَّم» .

فِي «نَار» رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: نصب الرَّاء، حَكَاهُ الْخطابِيّ عَن بعض أهل الْعلم باللغة. قَالَ ابْن بري: و (هَذَا) هُوَ الْمَشْهُور. كَذَا قَالَه النَّوَوِيّ وَزَاد: وَأَن بِهِ جزم الْمُحَقِّقُونَ، وَاخْتَارَهُ الزجَّاج، والخطابي، وَالْأَكْثَرُونَ، وَلم يذكر الْأَزْهَرِي، وَآخَرُونَ غَيره، وَهُوَ الصَّحِيح.

الرِّوَايَة الثَّانِيَة: رَفعهَا. قَالَ ابْن السَّيِّد فِي «الاقتضاب» : من رفع الرَّاء فعلَى خبر إِن، وَيجْعَل «مَا» بِمَعْنى «الَّذِي» ، كَأَنَّهُ قَالَ: «الَّذِي

ص: 629

يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم وَمن نصب النَّار، جعل «مَا» صلَة ل «إِن» وَهِي الَّتِي تكف «إِن» عَن الْعَمَل، وَنصب «النَّار» ب «يجرجر» ، وَنَظِيره قَوْله - تَعَالَى -:(إِنَّمَا صَنَعُوا كيد سَاحر) ، فقرئ بِرَفْع «الكيد» ونصبه علىالوجهين. وَيجب إِذا جعلت (مَا) بِمَعْنى «الَّذِي» أَن تُكتب (مُنْفَصِلَة) من «إِن» . وَكَذَا قَالَه ابْن بري أَيْضا.

وَقَالَ غَيرهمَا: من نصب، جعل الجرجرة (بِمَعْنى الصبِّ)، أَي: إِنَّمَا يصب فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم، وَمن رَفعهَا، جعلهَا بِمَعْنى الصَّوْت، أَي: إِنَّمَا يُصَوِّت (فِي) بَطْنه نَار جَهَنَّم. والجرجرة: الصَّوْت المتردد فِي الْحلق.

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : وَقد يَصح النصب عَلَى هَذَا أَيْضا، إِذا تَعَدَّى الْفِعْل، قَالَ: وَمِمَّا يرجح النصب، رِوَايَة مُسلم:«نَارا من جَهَنَّم» . وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» . قَالَ: ورويناه فِي «مُسْند أبي عوَانَة» و «الجعديات» (من) رِوَايَة عَائِشَة رضي الله عنها، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الَّذِي يشرب فِي الْفضة إنَّما يجرجر فِي جَوْفه نَارا» ، هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول:(نَارا)(بِالْألف) ، من غير ذكر

ص: 630

جَهَنَّم. قَالَ: وَأما مَعْنَاهُ: فعلَى رِوَايَة النصب، الْفَاعِل هُوَ الشَّارِب مُضْمر فِي يجرجر: أَي يلقيها فِي بَطْنه بجرع متتابع يُسمع (لَهُ صَوت) ، لتردده فِي حلقه، وَعَلَى رِوَايَة الرّفْع: تكون النَّار فاعلة، مَعْنَاهُ: أَن النَّار تُصَوِّت فِي جَوْفه، وسُمِّي المشروب نَارا: لِأَنَّهُ (يؤول إِلَيْهَا)، كَمَا قَالَ تَعَالَى:(إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا) .

وَقَالَ الشَّيْخ تَاج الدَّين (ابْن) الفركاح (فِي)«الإقليد» : يرْوَى: يجرجر مبنيًّا للْفَاعِل، ومبنيًّا للْمَفْعُول، وَعَلَى الأول: يُروى النَّار بِالنّصب، علىأن الْفَاعِل: الشَّارِب، وبالرفع عَلَى أَنَّهَا الْفَاعِل.

وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : اتّفق الْعلمَاء، من أهل الحَدِيث، واللغة، و (الْغَرِيب) ، وَغَيرهم عَلَى كسر الْجِيم الثَّانِيَة من يجرجر، وَاخْتلفُوا فِي الرَّاء من قَوْله:«نَار جَهَنَّم» فَذكر مَا تقدم.

وجهنم - عافنا الله مِنْهَا، وَمن كل بلَاء - قَالَ الواحدي: قَالَ يُونُس، وَأكْثر النَّحْوِيين: هِيَ عجمية لَا تَنْصَرِف للعجمة والتعريف، وَقَالَ آخَرُونَ:(عَرَبِيَّة) لَا تَنْصَرِف للتأنيث والتعريف. وسُمِّيَت بذلك لبعد قعرها، يُقَال: بِئْر جهنام، إِذا كَانَت عميقة القعر. وَقَالَ بعض اللغويين: مُشْتَقَّة من (الجهومة)، وَهِي: الغلظ، سميت بذلك لغلظ أمرهَا فِي الْعَذَاب.

ص: 631