الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الْأَوَانِي
ذكر رحمه الله فِيهِ ثَلَاث عشر حَدِيثا:
الحَدِيث الأول
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي «صَحِيحَيْهِمَا» ، بِدُونِ اللَّفْظَة الْأَخِيرَة فِيهِ، وَبِدُون أَن الشَّاة لميمونة، وإنَّما (هِيَ) لمولاتها، من رِوَايَة ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ:«تُصُدِّق عَلَى مولاة لميمونة بِشَاة، فَمَاتَتْ، فمرَّ بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَلَاّ أَخَذْتُم إهابها، (فدبغتموه) ، فانتفعتم بِهِ؟ فَقَالُوا: إِنَّهَا ميتَة! فَقَالَ: إِنَّمَا حَرُم أكلهَا» . (هَذَا لفظ مُسلم) . وَفِي رِوَايَة (لَهُ) : « (هلَاّ) انتفعتم بجلدها؟» . (وَفِي رِوَايَة لَهُ: «أَلا أَخَذْتُم إهابها)
(فاستمتعتم) بِهِ؟» . وَفِي رِوَايَة: «أَلا انتفعتم بإهابها؟» .
وَفِي رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس، عَن مَيْمُونَة أَنَّهَا أخْبرته:«أنَّ (داجنة) كَانَت (لبَعض) نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، (فَمَاتَتْ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) : أَلا أَخَذْتُم إهابها، فاستمتعتم بِهِ» .
وَلَفظ رِوَايَة البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس: «وَجَدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَاة ميتَة، (أُعطيتها مولاة لميمونة من الصَّدَقَة) ، فَقَالَ عليه السلام: هَلَاّ (انتفعتم بجلدها) ؟ قَالُوا: إِنَّهَا ميتَة! قَالَ: إِنَّمَا حرم أكلهَا» .
(وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن ابْن عَبَّاس: «أَنه صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاة ميتَة، فَقَالَ: هَلَاّ استمتعتم بإهابها؟ قَالُوا: إِنَّهَا ميتَة! قَالَ: إِنَّمَا حرم أكلهَا» ) .
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَنهُ: «مرَّ عليه السلام بِعَنْزٍ ميتَة، فَقَالَ: مَا عَلَى أَهلهَا لَو انتفعوا بإهابها» .
وَلم يقل البُخَارِيّ فِي شَيْء من طرقه: «فدبغتموه» ، كَمَا نَبَّه عَلَيْهِ عبد الْحق أَيْضا.
وَقد خَفِيَ عَلَى بعض الحفَّاظ - كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ - فَجعل هَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد مُسلم، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، فقد رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع من «صَحِيحه» مِنْهَا:«كتاب الزَّكَاة» ، فِي الصَّدَقَة عَلَى موَالِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِاللَّفْظِ الأول، وَفِي كتاب «الصَّيْد والذبائح» ، و «الْبيُوع» بِاللَّفْظِ الثَّانِي.
وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي «سنَنه» ، من رِوَايَة ابْن عَبَّاس أَيْضا، قَالَ:«مرَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِشَاة لميمونة ميتَة، فَقَالَ: أَلا أَخَذْتُم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم بِهِ» . وَإِسْنَاده صَحِيح، وَهَذِه الرِّوَايَة موافِقة لِمَا أوردهُ الإِمام الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب، من كَون الشَّاة كَانَت لميمونة.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الإِمام أَحْمد فِي «مُسْنده» ، وَهَذَا لَفظه عَن ابْن عَبَّاس:«أَنه عليه السلام مَرَّ بِشَاة ميتَة لميمونة، فَقَالَ: أَلا أخذُوا إهابها، فدبغوه، فانتفعوا بِهِ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا ميتَة! فَقَالَ:) إِنَّمَا حرم أكلهَا» .
وَرَوَى البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» مُنْفَردا بِهِ، فِي بَاب: من حلف لَا يشرب نبيذًا، من [كتاب]«الْأَيْمَان وَالنُّذُور» ، لَكِن عَن ابْن عَبَّاس،
عَن سَوْدَة، قَالَت:«مَاتَت لنا شَاة، فدبغنا مَسْكَها، ثمَّ (مَا زلنا) (نَنْبِذُ) فِيهِ حتَّى (صَار) شَنًّا» .
نعم فِي بعض نسخ البُخَارِيّ: عَن مَيْمُونَة، (بدل) سَوْدَة.
وَفِي رِوَايَة للبزار: «مَاتَت شَاة لميمونة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَلا استمتعتم بإهابها، فإنَّ دباغ الْأَدِيم طهوره» . وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهَا فِي أثْنَاء الحَدِيث السَّادِس من هَذَا الْبَاب، فِي الطَّرِيق الرَّابِع مِنْهُ، وَهِي أقرب الطّرق إِلَى مَا فِي الْكتاب.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن مَيْمُونَة، أَنَّهَا قَالَت لِابْنِ عَبَّاس:«إنَّ دَاجِنًا كَانَت لبَعض نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَمَاتَتْ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَلا أَخَذْتُم إهابها فاستمتعتم بِهِ» . وَقد تقدّمت، وَالظَّاهِر أَن الْمُبْهم فِي هَذِه الرِّوَايَة مَا هُوَ مُفَسّر فِي رِوَايَة أَحْمد، وَالنَّسَائِيّ، وَالْبَزَّار.
نعم سَيَأْتِي قَرِيبا أنَّ سَوْدَة رضي الله عنها وَقع لَهَا (مثل هَذَا) ، فتوقفتُ فِي هَذَا الظَّاهِر.
(ويتلخص من هَذَا كُله: أَن الرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا المُصَنّف) : أَن
الشَّاة لميمونة، صَحِيحَة مَوْجُودَة، وَقد غَلِطَ (من) غَلَّطَه فِي ذَلِك، وَأنكر عَلَيْهِ وَعَلَى غَيره (من الْفُقَهَاء) .
وَجَمَع الإِمام الرَّافِعِيّ فِي «شرح الْمسند» بَين هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَحْسَن جمع، فَقَالَ:«يُمكن أَن تكون الْقِصَّة وَاحِدَة، لكَون مولاتها كَانَت عِنْدهَا، وَمن خدمها، فَتَارَة نُسبت الشَّاة إِلَيْهَا، وَتارَة إِلَى مَيْمُونَة» . وَهَذَا جمع متين.
وَمن الْفَوَائِد الْمُهِمَّات: أَنه قد جَاءَ فِي رِوَايَة صَحِيحَة، لَا شكّ وَلَا ارتياب فِي صِحَة سندها، وثقة رواتها: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ هُوَ الْمُعْطِي الشَّاة لمولاة مَيْمُونَة - وَتَكون هَذِه الرِّوَايَة مفسرة لرِوَايَة «الصَّحِيحَيْنِ» الْمُتَقَدّمَة، فَإِنَّهَا (وَردت) مَبْنِيَّة للْمَفْعُول، حَيْثُ قَالَ:«تُصدق» - وَهِي مَا رَوَاهَا النَّسَائِيّ فِي «سنَنه» ، من حَدِيث مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ:«مَرَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، بِشَاة (ميتَة) ، كَانَ (هُوَ) أَعْطَاهَا مولاة لميمونة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هلا انتفعتم بجلدها؟ . فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إنَّها (ميتَة) ! فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا حرم أكلهَا» .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي (بِسَنَدِهِ) كَذَلِك.
وَقد (رُوِيَ) نَحْو هَذَا فِي شَاة لسودة، فَفِي «صَحِيح البُخَارِيّ» مَا تقدم، وَفِي «مُسْند أَحْمد» بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ:«مَاتَت شَاة لسودة، فَقَالَت: يَا رَسُول الله مَاتَت فُلَانَة - يَعْنِي الشَّاة - قَالَ: فَهَلا أَخَذْتُم مسكها؟ قَالَت: أنأخذ مسك شَاة قد مَاتَ؟ ! فَقَالَ لَهَا: إِنَّمَا قَالَ الله: (قل لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما عَلَى طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة أَو دَمًا مسفوحًا أَو لحم خِنْزِير) ، فَإِنَّكُم لَا تطعمونه إِن (تدبغوه) (فتنتفعوا) بِهِ. قَالَت: (فَأَرْسَلنَا) إِلَيْهَا (فسلخت) مسكها، (فدبغته) ، فاتخذت مِنْهُ قربَة، حتَّى تَخَرَّقت عِنْدهَا» .
وَأخرجه ابْن حبَان أَيْضا فِي «صَحِيحه» بِمثلِهِ.
و «الإِهاب» : بِكَسْر الْهمزَة، جمعه:«أُهُب» : بِضَم الْهمزَة، وَالْهَاء، و «أَهَب» : بِفَتْحِهَا، لُغَتَانِ مشهورتان. (وَلم) يُجِزْ ابْن دُرَيْد سُوَى الْفَتْح.
وَاخْتلف أهل اللُّغَة فِيهِ، فَقَالَ إِمَام اللُّغَة والعربية أَبُو عبد الرَّحْمَن الْخَلِيل بن أَحْمد رحمه الله: الإِهاب هُوَ الْجلد قبل أَن يُدبغ، وَكَذَا ذكر أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» ، وَحَكَاهُ عَن النَّضر بن شُمَيْل، وَلم (يذكر)