الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشربه أَيْضا: مَالك بن سِنَان - وَالِد أبي سعيد الْخُدْرِيّ - كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» (بِسَنَد (الإِمام) أَحْمد بن حَنْبَل إِلَيْهِ) ، قَالَ:«لمَّا أُصِيب وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم أُحد، استَقْبَلتُه، (فمصصت) جرحه، ثمَّ (ازدردته) ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من أحبَّ أَن ينظرَ إِلَى من خالطَ دمي دَمه، فَلْينْظر إِلَى مَالك بن سِنَان» .
وَفِيه مَجَاهِيل لَا أعرفهم بعد الْكَشْف عَنْهُم.
الحَدِيث التَّاسِع
«أَن أمَّ أَيمن شربت بَوْل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إذنْ لَا تلج النَّار بَطْنك» . وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا.
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك» ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» . وَقَالَ فِي «علله» : إنَّه مُضْطَرب، وأنَّ الِاضْطِرَاب جَاءَ من جِهَة أبي مَالك النَّخعِيّ رَاوِيه، وَأَنه ضَعِيف. وَقَالَ ابْن دحْيَة فِي كتاب «الْآيَات البَيَّنات» : رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن (الْعدْل) ابْن جريج، قَالَ: «أُخبرت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُول فِي قدح من عَيْدان، ثمَّ يوضع تَحت
سَرِيره، (قَالَ: فَوُضِعَ تَحت سَرِيره) ، فجَاء (فأراده) فَإِذا الْقدح لَيْسَ فِيهِ شَيْء، فَقَالَ لامْرَأَة يُقَال لَهَا: بركَة -[كَانَت تخْدم لأم حَبِيبَة]، جَاءَت مَعهَا من أَرض الْحَبَشَة -: أَيْن الْبَوْل الَّذِي كَانَ فِي الْقدح؟ قَالَت: شربته. قَالَ: صِحَة يَا أم يُوسُف - وَكَانَت تُكَنَّى أم يُوسُف - فَمَا مَرضَت قطّ، حتَّى كَانَ مَرضهَا الَّذِي مَاتَت فِيهِ» .
قَالَ ابْن دحْيَة: إنْ كَانَ عبد الرَّزَّاق قَالَ: أُخبرت، فقد أسْندهُ يَحْيَى بن معِين، عَن حجاج، عَن ابْن جريج، عَن حكيمة، عَن أمهَا أُمَيْمَة.
قَالَ: وَفِي «الطَّبَرَانِيّ» عَن ابْن شهَاب، قَالَ: «كَانَت أم أَيمن - أم أُسَامَة - من الْحَبَشَة، حاضنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامَتْ لَيْلًا وَهِي عَطْشَانَة بَعْدَمَا بَال عليه السلام فِي فَخَّارة
…
» الحَدِيث.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث (أبي) مَالك النَّخعِيّ، عَن الْأسود بن قيس، عَن نُبَيْح الْعَنزي، عَن أم أَيمن، قَالَت: «قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل إِلَى فَخَّارة فِي جَانب الْبَيْت،
فَبَال فِيهَا، فَقُمْت من اللَّيْل، (وَأَنا عَطْشَانَة) فَشَرِبت مَا فِيهَا، وَأَنا لَا أشعر، فَلَمَّا أصبح النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أم أَيمن، قومِي فأهريقي مَا فِي تِلْكَ الفخارة. (قلت) قد وَالله شَرِبْتُ مَا فِيهَا. قَالَت: فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى بَدَت نَوَاجِذه، ثمَّ قَالَ: أما إنَّه - (وَالله) - لَا (يَيجَعَنَّ) بَطْنك أبدا» .
وَكَذَا رَأَيْته (أَنا) فِي «أكبر معاجمه» .
قَالَ الشَّيْخ أَبُو مَالك (النَّخعِيّ) : ضعَّفه الرازيان، أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة. وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء.
وَالْأسود بن قيس: ثِقَة، وثَّقه يَحْيَى، وَأَبُو حَاتِم.
ونبيح الْعَنزي: سُئِلَ أَبُو زرْعَة عَنهُ، فَقَالَ: كُوفِي ثِقَة، لم يرو عَنهُ غير الْأسود بن قيس.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يُنْظَر فِي اتِّصَال هَذَا الإِسناد فِيمَا (بَين) نُبيح وَأم أَيمن، فإنَّهم اخْتلفُوا فِي وَقت وفاتها، فروَى الطَّبَرَانِيّ عَن الزُّهْرِيّ: أَنَّهَا توفَّيَتْ بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِخَمْسَة أشهر.
قلت: وَقيل سنة. (حَكَاهُ ابْن الْأَثِير. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: توفيت) فِي خلَافَة عُثْمَان. وَهُوَ شَاذ.
(وَقَالَ الشَّيْخ) : وَرُوِيَ فِي الحَدِيث: أَنَّهَا عاشت بعد عمر بن الْخطاب. وَقَالَت يَوْم قَتله: الْيَوْم وَهَى الإِسلام.
قَالَ: فإنْ كَانَ الْأَمر عَلَى مَا نَقَل الزُّهْرِيّ، فَلم يُدْرِكهَا نُبيح، وإنْ كَانَ الآخر، (فيُنظر) فِي ذَلِك.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» - عِنْد قَول حجَّة الإِسلام فِيهِ: رُوي «أَن (أم) أَيمن شربَتْ بَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يُنكر عَلَيْهَا، وَقَالَ: إِذا لَا تلج النَّار بَطْنك» : هَذَا حَدِيث ورد متلوِّنًا ألوانًا، وَلم يخرج فِي الْكتب (الْأُصُول) ، فَروِيَ بإسنادٍ جيدٍ، عَن حكيمة بنت أُمَيْمَة بنت (رقيقَة) «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُول فِي قدح من
عيدَان، وَيُوضَع تَحت السرير، فَبَال فِيهِ لَيْلَة، فَوضع تَحت السرير، فجَاء فَإِذا الْقدح لَيْسَ (فِيهِ شَيْء) ، فَقَالَ لامْرَأَة يُقَال لَهَا بركَة كَانَت تخدمه، لأم حَبِيبَة، جَاءَت مَعهَا من أَرض الْحَبَشَة:«الْبَوْل الَّذِي كَانَ فِي الْقدح، مَا فعل؟ قَالَت: شربته يَا رَسُول الله» . زَاد بَعضهم، «فَقَالَت: قُمْت وَأَنا عَطْشَانَة فَشَربته، وَأَنا لَا أعلم» . وَفِي رِوَايَة لأبي عبد الله بن مَنْدَه الْحَافِظ:«لقد احتظرت من النَّار بحظار» فَهَذَا الْقدر مِنْهُ اتّفقت عَلَيْهِ الرِّوَايَات، وَأما مَا اضْطَرَبَتْ فِيهِ مِنْهُ، فالاضطراب مَانع من تَصْحِيحه.
قلت: وَأمر آخر، وَهُوَ: جَهَالَة حكيمة بنت أُمَيْمَة، فإنَّه لَا يُعرف لَهَا حَال.
قَالَ: وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن حَدِيث الْمَرْأَة الَّتِي شربت بَوْله صَحِيح.
قلت: لَعَلَّه قَالَه تبعا لعبد الْحق، حَيْثُ قَالَ: وَمِمَّا يلْحق بِالصَّحِيحِ - عَلَى مَا قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ - حَدِيث [أُمَيْمَة بنت رقيقَة] : «كَانَ للنَّبِي (قدح من عيدَان تَحت سَرِيره يَبُول فِيهِ» .
وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن الْقطَّان، بِأَن قَالَ: لَمْ (يقْض) عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ بِصِحَّة، وَلَا يَصح لَهُ ذَلِك، إِنَّمَا ذكر أَنَّهَا فِيمَن يلْزم الشَّيْخَيْنِ إِخْرَاج حَدِيثهَا، وَلم ينصّ فِي «حكيمة» بتعديل وَلَا تجريح، فَالْحَدِيث
مُتَوَقف الصِّحَّة عَلَى الْعلم بِحَال حكيمة، فإنْ ثَبت ثقتها ثبتَتْ رِوَايَتهَا، وَهِي لم تثبت، واعتماد الدَّارَقُطْنِيّ فِي ذَلِك غير كَاف.
قلت: قد ذكرهَا ابْن حبَان فِي «ثقاته» ، فثبتت وَالْحَمْد (لله) .
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين (قَالَ) : وَرَوَى أَبُو نعيم الْحَافِظ فِي كِتَابه «حلية الْأَوْلِيَاء» من حَدِيث الْحسن بن سُفْيَان ، صَاحب الْمسند بِإِسْنَاد، عَن أم أَيمن قَالَت:«بَات رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْت، (فَقَامَ) من اللَّيْل، فَبَال فِي فَخَّارة، فَقُمْتُ وَأَنا عطشى لم أشعر مَا فِي الفَخَّارة، فَشَرِبت مَا فِيهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ لي: يَا أم أَيمن، أريقي مَا فِي الفخارة. قلت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ شربتُ مَا فِيهَا، فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى بَدَت نَوَاجِذه، ثمَّ قَالَ: إنَّه لَا [يَيْجَعَنَّ] بَطْنك بعده أبدا» .
قلت: وَهَذَا اللَّفْظ هُوَ لفظ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك» فِي ترجمتها، لَكِن بِإِسْنَاد الطَّبَرَانِيّ الْمُتَقَدّم سَوَاء.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح: فالاستدلال بذلك إِذا يحْتَاج إِلَى أَن يُقال فِيهِ: لم يأمرها النَّبِي صلى الله عليه وسلم (بِغسْل)(فمها) ، وَلَا نهاها عَن عودة.
قَالَ: وَكَون الْمَرْأَة أم أَيمن، مولاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد يُظنُّ من حَيْثُ أَن اسْمهَا بركَة، وَفِي الحَدِيث تَسْمِيَة الْمَرْأَة الشاربة: بركَة، وَلَا يثبت ذَلِك بذلك، فإنَّ فِي الصحابيات أُخرى اسْمهَا بركَة بنت يسَار مولاة أبي سُفْيَان بن حَرْب، هاجَرَتْ إِلَى أَرض الْحَبَشَة، وَمَا فِي الحَدِيث من نسبتها إِلَى أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان يدل عَلَى أَنَّهَا بنت يسَار.
قَالَ: وَيجوز فِي قَوْله: «النَّار» النصب، مَعَ الرّفْع فِي قَوْله «بَطْنك» ، وَيجوز الْعَكْس.
قلت: حَكَى ابْن الْأَثِير خلافًا فِي أنَّ أم أَيمن، بركَة مولاة رَسُول الله وحاضنته، (هِيَ) الَّتِي شَرِبَتْ بَوْله، أَو بركَة جَارِيَة أم حَبِيبَة.
(وبالأول جزم) أَبُو نعيم فِي «معرفَة الصَّحَابَة» فِي ترجمتها.
وَذكر الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من طَرِيقين، أنَّ الَّذِي شربه (برة) خَادِم أم سَلمَة، بعد أَن عقد ترجمتها، وَهُوَ غَرِيب.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: لَعَلَّ بركَة هَذِه - يَعْنِي الْمُتَقَدّمَة - أم أَيمن.
قَالَ ابْن دحْيَة فِي كِتَابه «الْآيَات الْبَينَات» : لَيْسَ كَذَلِك، إِنَّمَا هِيَ بركَة بنت يسَار، مولاة أبي سُفْيَان بن صَخْر بن حَرْب، هَاجَرت إِلَى
أَرض الْحَبَشَة مَعَ زَوجهَا قيس بن عبد الله الْأَسدي.
قَالَ: وَالْعجب من ابْن عبد الْبر، (حَيْثُ) ذَكَرَها مَعَ زَوجهَا فِي حرف الْقَاف، ثمَّ شكَّ الْآن فِيهَا وظنَّها أم أَيمن، وَأم أَيمن: هِيَ بركَة بنت ثَعْلَبَة، زوج (عبيد) الحبشي، تُعرف ب «أُم الظباء» ، هَاجَرت (الهجرتين) ، وصلت الْقبْلَتَيْنِ، و (ابْنهَا) أَيمن قُتل شَهِيدا يَوْم حنين.
(وَقَالَ) : وَظهر مِمَّا قُلْنَاهُ: أَن فِي ذَلِك قصتين، إِحْدَاهمَا: فِي قدح من عيدَان، والراوية أم يُوسُف؛ وَالثَّانيَِة: فِي فَخَّارة، والراوية أم أَيمن، بركَة بنت ثَعْلَبَة. وإنَّما أشكل ذَلِك عَلَى الروَاة من حَيْثُ أَن اسْم كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بركَة، وكلتاهما من الموَالِي، فَهَذِهِ مولاة رَسُول الله، وَتلك مولاة أبي سُفْيَان، وكلتاهما مِمَّن هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة من النِّسَاء مَعَ الْأزْوَاج، (فَاشْتَبَهَ أَمرهمَا) ، وَقد تبيَّن الْفرق بَينهمَا.
قَالَ: وَقَوله: «لَا [يَيْجَعَنَّ] بَطْنك» عَلَى مِثَال: لَا (تشتكين) ،