الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و «مَه» كلمة زجر، وَيُقَال:«بِهِ» بِالْبَاء أَيْضا، وَهُوَ اسْم مَبْنِيّ عَلَى السّكُون، مَعْنَاهُ: اسْكُتْ. قَالَ صَاحب «الْمطَالع» : أَصْلهَا: مَا هَذَا، ثمَّ حذفت تَخْفِيفًا. قَالَ: وَقَالَ يَعْقُوب: هِيَ لتعظيم الْأَمر كبخٍ بخ. وَقد تنوَّن مَعَ الْكسر، ويُنَوَّن الأول ويُكسر الثَّانِي بِغَيْر تَنْوِين.
وَقَوله: «فَشَنَّه عَلَيْهِ» يُروى بالشين الْمُعْجَمَة، والمهملة، وَمَعْنَاهُ: صَبَّه. وفرَّق بعض الْعلمَاء بَينهمَا، فَقَالَ: هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ: الصب فِي سهولة، وبالمعجمة: التَّفْرِيق فِي صبه.
فَائِدَة مهمة يُرحل إِلَيْهَا:
وَهِي أَن الَّذِي بَال فِي الْمَسْجِد، مَا اسْمه؟ وليُعْلَم أَنه ذُو الْخوَيْصِرَة الْيَمَانِيّ، كَذَا سَاقه بِإِسْنَادِهِ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه «معرفَة الصَّحَابَة» ، وَلَا أعلم أحدا ذكره فِي المبهمات، وَهُوَ أحد مَا يسْتَدرك عَلَيْهِم ويُستفاد.
الحَدِيث الْعشْرُونَ
أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّما يُغْسَل مِنْ بَوْل الْجَارِيَة، ويُرَشُّ عَلى بَوْل الْغُلَام» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَله طرق:
أَحدهَا: عَن عَلّي بن أبي طَالب - كرَّم الله وَجهه - «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي بَوْل الرَّضِيع: يُنضح بَوْل الْغُلَام، ويُغسل بَوْل الْجَارِيَة» .
رَوَاهُ الْأَئِمَّة: أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ،
وَابْن مَاجَه، (وَابْن خُزَيْمَة) ، وَابْن حبَان فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» ، وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة، وَاللَّفْظ الْمَذْكُور لفظ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم.
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي أَوَاخِر «كتاب الصَّلَاة» : هَذَا حَدِيث حسن، رَفَعَ هِشَام الدستوَائي هَذَا الحَدِيث عَن قَتَادَة، و (وَقفه) سعيد بن (أبي) عرُوبَة عَن قَتَادَة، وَلم يرفعهُ.
قَالَ: وَسَأَلت البُخَارِيّ عَنهُ، فَقَالَ: سعيد بن أبي عرُوبَة لَا (يرفعهُ) ، وَهِشَام يرفعهُ، وَهُوَ حَافظ.
قَالَ اليبهقي: إلَاّ أَن غير معَاذ بن هِشَام - يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ عَن أَبِيه هِشَام مَوْصُولا - يرويهِ عَن هِشَام مُرْسلا. أَي: فَيكون هِشَام قد اخْتُلف عَلَيْهِ فِي رَفعه.
وَلم يعبأ الْحَاكِم أَبُو عبد الله بذلك، فَذكره مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ:
هَذَا حَدِيث صَحِيح. (قَالَ: و) أَبُو الْأسود الديلِي - يَعْنِي رَاوِيه عَن عَلّي - صَحَّ سَمَاعه من عَلّي، وَهُوَ عَلَى شَرطهمَا صَحِيح وَلم يخرجَاهُ. قَالَ: وَله شَاهِدَانِ صَحِيحَانِ. وهما الطريقان الآتيان بعد هَذَا.
ثَانِيهَا: عَن أبي السَّمْح رضي الله عنه قَالَ: «كنت أخدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأُتِيَ بِحسن - أَو حُسَيْن - فَبَال عَلَى صَدره، فجئتُ أغسله، فَقَالَ: يُغسل (من) بولِ الْجَارِيَة، ويُرَش من بولِ الْغُلَام» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة والحاكمان: أَبُو أَحْمد فِي «كناه» ، وَأَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك» وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح.
وَقَالَ البُخَارِيّ: حَدِيث أبي السَّمْح هَذَا حَدِيث حسن.
وَرَوَاهُ أَيْضا: أَبُو بكر الْبَزَّار فِي «مُسْنده» (بِلَفْظ) : «يُنْضَحُ بولُ الغلامِ، ويُغْسَلُ بولُ الْجَارِيَة» . وَقَالَ: أَبُو السَّمْح لَا يُعْلَمُ (حدَّث) عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إلَاّ بِهَذَا الحَدِيث، وَلَا لهَذَا الحَدِيث إسنادٌ إلَاّ هَذَا، وَلَا يُحفظ هَذَا الحَدِيث إلَاّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مهْدي.
قُلْتُ: لَهُ حَدِيث آخر. قَالَه بَقِي بن مخلد.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هَذَا حَدِيث لَا تقوم بِهِ حجَّة، والمُحِلّ
ضَعِيف، وَرِوَايَة من رَوَى الصب عَلَى بَوْل الصَّبِي، وإتباعه (بِالْمَاءِ) أصح.
وَتَبعهُ ابْن عبد الْحق فِي كِتَابه: «الرَّد عَلَى ابْن حزم فِي الْمُحَلَّى» فَقَالَ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة يَحْيَى بن الْوَلِيد بن الْمسير أَبُو الزَّعْرَاء، وَفِيه جَهَالَة، لَمْ يذكرهُ ابْن أبي حَاتِم بجَرح وَلَا (تَعْدِيل) ، وَلَا غَيره من المتقدِّمين إلَاّ النَّسَائِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا بَأْس بِهِ. وَفِيه أَيْضا: مُحِلّ - بميم مَضْمُومَة، ثمَّ حاء مُهْملَة مَكْسُورَة، ثمَّ لَام مُشَدّدَة، كَذَا ضَبطه صَاحب «الإِمام» - (ابْن خَليفَة، قَالَ ابْن عبد الْبر فِيهِ: ضَعِيف. وَوَثَّقَهُ ابْن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَدُوق. انْتَهَى مَا ذكره ابْن عبد الْحق.
وَالْحق: صِحَّته، كَمَا قَالَه ابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم) وَكَذَا الْقُرْطُبِيّ فِي « (شرح مُسلم» ) . أَو حسنه، كَمَا قَالَ (البُخَارِيّ) .
وَيَكْفِينَا فِي يَحْيَى بن الْوَلِيد (قَول) النَّسَائِيّ، وَكَذَلِكَ فِي «مَحل بن خَليفَة» قَول ابْن معِين وَأبي حَاتِم، وَقد أخرج لَهُ مَعَ ذَلِك البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» .
فَائِدَة: قَالَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ: لَا أعرف اسْم أبي السَّمْح هَذَا، وَلَا أعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث. وَذكر هَذَا الحَدِيث ابْن الْجَوْزِيّ فِي آخر
«جَامع المسانيد» فِي تَرْجَمَة من عرف بكنيته وَلم يعرف اسْمه.
قُلْتُ: (قد تقدَّم) أَن الْحَافِظ بَقِي بن مخلد قَالَ: إِن لَهُ حَدِيثا آخر. وَفِي «تَهْذِيب الْكَمَال» للشَّيْخ جمال الدَّين الْمزي أَنه رَوَى أَيْضا حديثين:
أَحدهمَا: «كنت خَادِم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يغْتَسل قَالَ: وَلِّني قفاك. واستتر بِالثَّوْبِ» ، ثمَّ ذكر الثَّانِي:«كَانَ يجاء بالْحسنِ - أَو الْحُسَيْن - فيبول عَلَى صَدره، فأرادوا أَن يغسلوه، فَقَالَ: رشوه، فإنَّه يغسل من بَوْل الْجَارِيَة، ويرش من بَوْل الْغُلَام» . (وَغير) الشَّيْخ جمال الدَّين الْمزي ساقهما (مساق) حَدِيث واحدٍ، كَأبي دَاوُد (وَغَيره) .
وَأما اسْمه، فَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عمر بن عبد الْبر، وجمال الدَّين الْمزي فِي «الْأَطْرَاف» : يُقَال إِن اسْمه (إياد) . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه «معرفَة الصَّحَابَة» : اسْمه مَالك. قَالَ: كَذَا سَمَّاه يَحْيَى بن يُونُس.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن لبَابَة بنت الْحَارِث، قَالَت:«كَانَ الْحُسَيْن بن عَلّي فِي حجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَبَال عَلَيْهِ، فَقلت: البس ثوبا جَدِيدا، وَأَعْطِنِي إزارك حتَّى أغسله. فَقَالَ: إنَّما يُغْسل من بَوْل الْأُنْثَى، ويُنْضح من بَوْل الذّكر» .
رَوَاهُ الإِمام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم فِي «صَحِيحَيْهِمَا» ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح. قَالَ: ولبابة هِيَ بنت الْحَارِث الْكُبْرَى، أمهَا هِنْد، ولدت من الْعَبَّاس سِتَّة: الْفضل، وَعبد الله، وَعبيد الله، ومعبدًا، وَعبد الرَّحْمَن، وقُثَم.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ (أَيْضا) فِي «أكبر معاجمه» من رِوَايَة قَابُوس بن الْمخَارِق، (عَن أَبِيه) ، عَن لبَابَة أَيْضا.
وَهَذِه لَا تَقْتَضِي انْقِطَاعًا فِي (طَرِيق الأول) ، فإنَّ فِيهَا أَبُو مَالك النَّخعِيّ، وَقد تَقَدَّم أَنه ضَعِيف.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم (عَن أَبِيه: قَابُوس) هَذَا رَوَى عَن أم الْفضل بنت الْحَارِث - يَعْنِي لبَابَة الْمَذْكُورَة - وَسمع من أَبِيه، وَأَبوهُ سمع من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
الطَّرِيق الرَّابِع: (عَن عَمْرو بن شُعَيْب)، عَن أم كرز الْخُزَاعِيَّة الْكَعْبِيَّة رضي الله عنها قَالَت: (أُتِيَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بصبي فَبَال عَلَيْهِ، فَأَمَر بِهِ فنضح، وأُتِيَ بِجَارِيَة فَبَالت عَلَيْهِ، فأَمَرَ بِهِ فَغسل» .
رَوَاهُ الإِمام أَحْمد فِي «مُسْنده» ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» ، بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَلَفظه:(قَالَ) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «بَوْل الْغُلَام ينضح، وَبَوْل الْجَارِيَة يغسل» .
قَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي: هَذَا حَدِيث مُنْقَطع؛ لِأَن عَمْرو بن شُعَيْب لم يدْرك أم كرز.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن أُم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «يُنضح بَوْل الْغُلَام، ويُغسل بَوْل الْجَارِيَة» .
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن مُسلم، عَن الْحسن، عَن أمه، عَنْهَا. و «إِسْمَاعِيل» هَذَا يُحتمل أَن يكون الْمَكِّيّ،
وَأَن يكون الْعَبْدي، فإنَّ كلا مِنْهُمَا يروي عَن الْحسن، فَإِن (يكن) الأول فضعيف، وإنْ يكن الثَّانِي فَثِقَة.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «الْأَوْسَط» (بالسند الْمَذْكُور) بِلَفْظ: «إِذا كَانَ الْغُلَام لم يطعم الطَّعَام صب عَلَى (بَوْله) ، وَإِذا كَانَت الْجَارِيَة غسل» .
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث هشيم، عَن يُونُس، عَن الْحسن، عَن أمه عَنْهَا: «أَن الْحسن - أَو الْحُسَيْن - بَال عَلَى بطن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذَهَبُوا ليأخذوه، فَقَالَ: لَا تُزْرِموا ابْني - أَو وَلَا تعجلوه - فَتَركه حتَّى قَضَى بَوْله، فَدَعَا بِمَاء
…
» الحَدِيث.
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي «مُسْنده» من حَدِيث (الْمُبَارك
بن) فضَالة، عَن الْحسن بِلَفْظ:«يُصَبُّ عَلَيْهِ المَاء مَا لم يطْعَم، وَبَوْل الْجَارِيَة يُغسل غسلا طُعِمَتْ أَو لَمْ تُطْعَم» .
(وَذكره) ابْن عبد الْبر مَوْقُوفا عَلَيْهَا، فإنَّه قَالَ:(أولَى) وَأحسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب مَا قالته أم سَلمَة، قَالَت:«بَوْل الْغُلَام يُصب عَلَيْهِ (المَاء) صبا، وَبَوْل (الْجَارِيَة) يُغسل، طعمت أَو لم تطعم» ذكره الْبَغَوِيّ.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن نَافِع، عَن أنس بن مَالك، قَالَ:«بَينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم راقدٌ فِي بعض (بيوته) ، عَلَى قَفاهُ، إذْ (جَاءَ) الْحسن يدرج، حتَّى قعد عَلَى صدر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ بَال عَلَى صَدره، فَجئْت أميطه عَنهُ، فَقَالَ: وَيحك يَا أنس، دعْ ابْني، وَثَمَرَة فُؤَادِي، فإنَّ من آذَى هَذَا فقد آذَانِي، وَمن آذَانِي فقد آذَى الله. ثمَّ دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَاء، فصبَّه عَلَى الْبَوْل صَبًّا، فقَالَ: يُصبُّ عَلَى بَوْل الْغُلَام، ويُغسل بَوْل الْجَارِيَة» .
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، وَنَافِع هَذَا: هُوَ أَبُو هُرْمُز، قَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره: لَيْسَ بِثِقَة.
الطَّرِيق السَّابِع: عَن زَيْنَب بنت جحش، قَالَت:«تَقَيَّل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، إِذْ أقبل الْحُسَيْن، وَهُوَ غُلَام، حتَّى جلس عَلَى بطن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ وضع ذَكَرَه فِي سُرَّتِه، قَالَت: فقمتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِمَاء. فَأَتَيْته بِمَاء، (فصبَّه) عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: يُغسل من (بَوْل) الْجَارِيَة، ويُصب عَلَيْهِ من الْغُلَام» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، وَفِيه لَيْث بن أبي سليم، عَن [حدمر] ، وَالْأول عرفت حَاله، وَالثَّانِي لَا أعرفهُ، قَالَ فِي (الْمِيزَان) فِي حَقه: لَيْسَ بمقنع.
الطَّرِيق الثَّامِن: عَن عمَارَة (بن) أبي حَفْصَة، عَن أبي (مجلز)، عَن حُسَيْن بن عَلّي - أَو (ابْن) حُسَيْن بن عَلّي -: حدَّثتنا امْرَأَة من أهلنا، قَالَت: «بَينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيا عَلَى ظَهره، يلاعب صَبيا عَلَى صَدره، إذْ بَال، فَقَامَتْ لتأخذه وتضربه، قَالَ: دعيه، ائْتُونِي بكوز من مَاء. فنضح المَاء عَلَى الْبَوْل، حَتَّى تفايض المَاء عَلَى الْبَوْل، فَقَالَ:
هَكَذَا يصنع بالبول، يُنضح من الذّكر، ويُغسل من الْأُنْثَى» .
رَوَاهُ أَحْمد بن منيع فِي «مُسْنده» ، ثَنَا ابْن (علية) ، حَدَّثَنَا عمَارَة بِهِ. أَفَادَهُ الشَّيْخ فِي «الإِمام» .
قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : وَرَوَى حَدِيث بَوْل الْغُلَام (أَيْضا) : ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَعَائِشَة، وَزَيْنَب رضي الله عنهم.
ولَمَّا ذكر ابْن السكن فِي «صحاحه» حَدِيث أبي السَّمْح، قَالَ: وَعَن أم الْفضل عَنهُ (مثله. ثمَّ ذكر حَدِيث عَلّي.
وَفِي «مُسْتَدْرك الْحَاكِم» فِي مَنَاقِب الْحُسَيْن، عَن أم الْفضل، ذكر (عَنْهَا) حَدِيثا، وَفِي آخِره:«قَالَ ابْن عَبَّاس: بَوْل الْغُلَام الَّذِي لم يَأْكُل يُرش، وَبَوْل الْجَارِيَة يُغسل» . ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث قد رُوِيَ بأسانيد، لم يخرجَاهُ.
وَرَوَى ابْن مَاجَه بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي الْيَمَان الْمصْرِيّ قَالَ: سَأَلت
الشَّافِعِي عَن مَعْنَى هَذَا الحَدِيث «يُرش من بَوْل الْغُلَام، ويُغسل من بَوْل الْجَارِيَة» . والماءان جَمِيعًا (وَاحِد) ؟ قَالَ: لِأَن بَوْل الْغُلَام من المَاء والطين، وَبَوْل الْجَارِيَة من اللَّحْم وَالدَّم، لِأَن الله لما خلق آدم، خُلقت حَوَّاء من ضلعه (الْقصير) ، فَصَارَ بَوْل الْغُلَام من المَاء والطين، وَصَارَ بَوْل الْجَارِيَة من اللَّحْم وَالدَّم.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» - بعد أَن رَوَى مَا ورد فِي الْفرق بَين بَوْل الْجَارِيَة وَبَوْل الْغُلَام -: (و) الْأَحَادِيث المسندة فِي الْفرق بَينهمَا، إِذا ضُمَّ بَعْضهَا إِلَى بعض (قَوِيت) . قَالَ: وَكَأَنَّهَا لم تثبت عِنْد الشَّافِعِي (حِين) . قَالَ: وَلَا يتَبَيَّن لي فِي بَوْل الصَّبِي وَالْجَارِيَة فرق من السّنة. قَالَ: وَإِلَى مثل هَذَا ذهب البُخَارِيّ وَمُسلم، حَيْثُ لم يُودِعَا شَيْئا (مِنْهَا) فِي «كِتَابَيْهِمَا» إلَاّ أَن البُخَارِيّ اسْتحْسنَ حَدِيث أبي السَّمْح، وصَوَّب هشامًا فِي رفع حَدِيث عليّ. قَالَ: وَمَعَ ذَلِك فِعْل أم سَلمَة صَحِيح (عَنْهَا) ، (مَعَ) مَا سبق من الْأَحَادِيث الثَّابِتَة. يَعْنِي الَّتِي رَوَاهَا فِي الرش عَلَى بَوْل الصَّبِي.
وَذكر فِي «خلافياته» (حَدِيث) عَلّي، وَقَول الْحَاكِم فِيهِ،