الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالطيب، فكره إِزَالَته كَدم الشَّهيد. وَأَشَارَ بِطيب دم الشَّهِيد إِلَى حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أنَّه قَالَ:«لَا (يُكْلَمُ) أحدٌ فِي سَبِيل الله عز وجل، وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله، إلَاّ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وجرحه يثعب، اللَّوْن لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك» ، متَّفق عَلَيْهِ.
وَلَو عبر الإِمام الرَّافِعِيّ بدل قَوْله: «فكره إِزَالَته» بقوله: «فَكَانَ إبقاؤه راجحًا عَلَى إِزَالَته» ، لَكَانَ أولَى لِأَن إِزَالَة دم الشَّهِيد حرَام لَا مَكْرُوهَة، فَلم يستو الْمَقِيس (و) الْمَقِيس عَلَيْهِ فِي الحكم.
الحَدِيث الثَّالِث عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق، وَالَّذِي يحضرنا (مِنْهَا) أحد عشر طَرِيقا:
أَحدهَا: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي
…
» ، الحَدِيث بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره المصنِّف سَوَاء.
رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الصَّلَاة عَن عبد الله بن يُوسُف، عَن مَالك بِهِ.
وَرَوَاهُ مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد بِإِسْنَادِهِ وَلَفظه، ذكره فِي الطَّهَارَة.
قَالَ ابْن مَنْدَه: وَإِسْنَاده مجمع عَلَى صِحَّته. قَالَ النَّوَوِيّ: وَقد غلط بعض الْأَئِمَّة الْكِبَار، فَزعم أنَّ البُخَارِيّ لم يروه وَجعله من أَفْرَاد مُسلم، وَهُوَ خطأ مِنْهُ.
وَفِي رِوَايَة للنسائي، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا:«عِنْد كلِّ وضوء» .
وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد - بِإِسْنَاد صَحِيح -: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوضُوءٍ وَمَعَ كُلِّ وضوءٍ بِسواكٍ» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مَرْفُوعا من حَدِيث مَالك فِي كِتَابه «أَحَادِيث مَالك الَّتِي لَيست فِي الْمُوَطَّأ» ، (وَأخرجه مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ) ، عَن ابْن شهَاب، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أنَّه قَالَ:«لَوْلَا أَنْ يشقَّ عَلَى أمَّتِهِ لأَمَرَهُم بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وضوءٍ» .
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: وَهَذَا يدْخل فِي الْمسند لاتصاله من غير مَا وَجه وَلما يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك مَرْفُوعا.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه «شعب الإِيمان» : رَوَى مَالك خَارج موطئِهِ حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفرضتُ عَلَيهِم السِّوَاكَ معَ الوضوءِ» . وَرَوَاهُ فِي «الْمُوَطَّأ» مَوْقُوفا، والْحَدِيث فِي الأَصْل مَرْفُوع (من غير هَذَا الْوَجْه) .
وَهُوَ فِي حَدِيث سعيد بن أبي هِلَال، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الوضوءِ» .
قَالَ ابْن خُزَيْمَة: يشبه أَن يكون (مَالك) قد (كَانَ) حَدَّث بِهِ مَرْفُوعا، ثمَّ شكَّ فِي رَفعه فَوَقفهُ. كَمَا قَالَ الشَّافِعِي: كَانَ مَالك إِذا شكّ فِي الشَّيْء (انخفض) وَالنَّاس إِذا شكّوا ارتفعوا.
وَفِي البُخَارِيّ، فِي كتاب الصَّوم، بَاب سواك الرطب واليابس (للصَّائِم) : وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وضوءٍ» . قَالَ: وَيروَى نَحوه عَن جَابر وَزيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلم يخص الصَّائِم من غَيره.
وَأغْرب عبد الحقِّ، فَقَالَ فِي كِتَابه «الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ» : حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا أسْندهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَحَدِيث عَائِشَة - يَعْنِي الَّذِي (قيد السِّوَاك بطهرة الْفَم) - أسْندهُ البُخَارِيّ خاصَّة.
قُلْتُ: الأوَّل لم يخرجَاهُ البتَّة بِهَذَا اللَّفْظ الْمَذْكُور، وَهُوَ:«عندَ كُلِّ وضوءٍ» . وَالثَّانِي لم يسْندهُ البُخَارِيّ أصلا، وإنَّما ذكره (مُعَلّقا) كَمَا ذكره عَنهُ.
فَمَا أَدْرِي مَا هَذَا القَوْل من عبد الحقّ - سامحنا الله وإياه.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
(رَوَاهُ) أَبُو نعيم بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث عَمْرو بن (خليف) ، ثَنَا يَعْقُوب بن دَاوُد بن مطرف، حَدَّثَنَي أَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بِهِ.
الثَّالِث: عَن عبد الله بن عَمْرو أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي
…
» ، بِمثل الَّذِي قبله.
رَوَاهُ أَبُو نعيم أَيْضا بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث مُعَاوِيَة بن صَالح، حَدَّثَنَي عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بِهِ.
الرَّابع: عَن أمِّ حَبِيبَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي
…
» ، بِمثلِهِ.
رَوَاهُ (أَحْمد) من حَدِيث ابْن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن يزِيد بن ركَانَة، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أبي الْجراح مولَى أمّ حَبِيبَة، عَنْهَا بِهِ.
رَوَاهُ الإِمام أَحْمد مرّة بِهَذَا السَّنَد وَزَاد بعد (أبي الْجراح) : عَن زَيْنَب بنت جحش فَجعله من مسندها، وَزَاد بعد قَوْله:«كل صَلَاة» : « [كَمَا] يَتَوَضَّئُونَ» .
الْخَامِس: عَن جَابر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ (عَلَى أمتِي)
» مثله.
رَوَاهُ أَبُو نعيم بِإِسْنَادِهِ. وَفِيه إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي. وَقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَتكلم فِيهِ غَيرهمَا.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: لَيْسَ بِمَحْفُوظ وَهُوَ مُرْسل أشبه.
السَّادِس: عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكُم تدخلُون عَلَيَّ قلحًا؟ ! لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
رَوَاهُ أَبُو نعيم، وَفِي إِسْنَاده (إِبْرَاهِيم) بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة، وَقد تقدم أَقْوَال الأئمَّة (فِيهِ) فِي بَاب المَاء النَّجس.
السَّابِع: عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ: وَقَالَ البُخَارِيّ: إِنَّه أصح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
الثَّامِن: عَن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
رَوَاهُ أَبُو نعيم وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» ، وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول.
التَّاسِع: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أنْ تضعفوا لأمرتُكم بالسِّوَاكِ عندَ كُلِّ صلاةٍ» .
رَوَاهُ الْبَزَّار وَقَالَ: هَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ بِنَحْوِ كَلَامه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من غير وَجه بِهَذَا اللَّفْظ، وَلَا يحفظ عَن ابْن عَبَّاس بِهَذَا اللَّفْظ إلَاّ من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَمُسلم الْملَائي فِي إِسْنَاده، وَلَيْسَ بِهِ بَأْس، رَوَى عَنهُ جماعات وَاحْتَملُوا حَدِيثه.
(وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من هَذَا الطَّرِيق بلفظين:
أَحدهمَا: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لجعلت عَلَيْهِم السِّوَاك عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
وَالثَّانِي: «لَوْلَا أَنْ تَضْعف أُمتي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ) .
الْعَاشِر: عَن عَلّي - كرَّم الله وَجهه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
رَوَاهُ الإِمام أَحْمد.
الْحَادِي عشر: عَن جَعْفَر بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «استاكوا، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» وَذكر اخْتِلَافا فِي إِسْنَاده. وظفرت بطرِيق ثَانِي عشر، وَهُوَ: مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث أَرْطَاة أبي حَاتِم، ثَنَا عبيد الله بن (عمر) (عَن نَافِع عَن بن عمر) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .
وأرطأة هَذَا قَالَ ابْن عدي: لَهُ أَحَادِيث [فِي] بَعْضهَا خطأ وَغلط. ثمَّ أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سعيد بن رَاشد، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر مثله مَرْفُوعا، وَسَعِيد هَذَا تَركه النَّسَائِيّ.
وَسَيَأْتِي لَهُ طَرِيق ثَالِث عشر (فِي) الْفُصُول الَّتِي (سأعقدها)