المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

اعروريت الْفرس، واحلوليت الشَّيْء. وَوَقع فِي الرَّافِعِيّ: معروريًا، بِزِيَادَة (يَاء) بعد - البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير - جـ ١

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة

- ‌وهاك نبذة من حَالهم، لتعرف قدرهم، واجتهادهم ومحلهم:

- ‌ فصنَّفوا فِي ذَلِكَ مصنفات مبتكرة

- ‌فَإِن كَانَ الحَدِيث أَو الْأَثر فِي صحيحي الإِمامين:

- ‌وَإِن لم يكن الحَدِيث فِي وَاحِد من الصَّحِيحَيْنِ، (عزوته) إِلَى من أخرجه من الْأَئِمَّة:

- ‌نَاظرا عَلَى ذَلِك من كتب الصَّحَابَة:

- ‌وَمن كتب الْأَسْمَاء جرحا وتعديلًا وَغير ذَلِك:

- ‌وَمن كتب الْعِلَل:

- ‌وَمن كتب الْمَرَاسِيل:

- ‌وَمن كتب الموضوعات:

- ‌وَمن كتب الْأَطْرَاف:

- ‌وَمن كتب الْأَحْكَام:

- ‌وَمن كتب الأمالي:

- ‌وَمن كتب النَّاسِخ والمنسوخ:

- ‌وَمن كتب المبهمات فِي الحَدِيث:

- ‌وَمن كتب شُرُوح الحَدِيث والغريب:

- ‌وَمن كتب أَسمَاء الْأَمَاكِن:

- ‌وَمن كتب أُخرى حَدِيثِيَّةٌ:

- ‌وَمن مصنفات أبي الْخطاب بن دِحْيَة:

- ‌وَمن كتب أُخْرَى مُتَعَلقَة بالفقه:

- ‌أمَّا «موطأ» إِمَام دَار الْهِجْرَة

- ‌وَأما مُسْند الإِمام أَحْمد

- ‌وَأما «صَحِيح الإِمام أبي عبد الله البُخَارِيّ»

- ‌وَأما صَحِيح الإِمام أبي الْحُسَيْن مُسلم

- ‌وَأما «سنَن أبي دَاوُد»

- ‌وَأما جَامع أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ:

- ‌وَأما شَرط أبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ

- ‌وَأما سنَن أبي عبد الله بن مَاجَه الْقزْوِينِي:

- ‌وَأما «صَحِيح» أبي حَاتِم بن حبَان

- ‌وَأما «الْمُسْتَدْرك» للْحَاكِم أبي عبد الله

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌بَاب المَاء الطَّاهِر

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌بَاب بَيَان النَّجَاسَات (وَالْمَاء النَّجس)

- ‌الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس (عشر)

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌بَاب الِاجْتِهَاد

- ‌بَاب الْأَوَانِي

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌بَاب الْوضُوء

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السّادس

- ‌الحَدِيث السّابع

- ‌الحَدِيث الثّامن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌أَحدهَا:

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

الفصل: اعروريت الْفرس، واحلوليت الشَّيْء. وَوَقع فِي الرَّافِعِيّ: معروريًا، بِزِيَادَة (يَاء) بعد

اعروريت الْفرس، واحلوليت الشَّيْء.

وَوَقع فِي الرَّافِعِيّ: معروريًا، بِزِيَادَة (يَاء) بعد الرَّاء، وَالْمَعْرُوف مَا ذَكرْنَاهُ (مِنْهُم، هُوَ اسْم فَاعل) .

‌الحَدِيث الثَّامِن

«أنَّ أَبَا طيبةَ الحَجَّام شَرِبَ دمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يُنْكِرْ عَلَيْهِ» .

هَذَا الحَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، لَا أعلم من خَرَّجه بعد شدَّة الْبَحْث عَنهُ. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح فِي «كَلَامه عَلَى الْوَسِيط» : هَذَا الحَدِيث غَرِيب عِنْد أهل الحَدِيث، لم أجدْ لَهُ مَا يثبت بِهِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا الحَدِيث مَعْرُوف، لكنه ضَعِيف.

قلت: فِي «تَارِيخ الْمَجْرُوحين» (لِابْنِ حبَان) ، بِإِسْنَادِهِ عَن نَافِع، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: «حَجَمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غلامٌ لبَعض قُرَيْش، فَلَمَّا فرغ من حجامته، أَخذ الدَّم فَذهب بِهِ من وَرَاء الْحَائِط، فَنظر يَمِينا وَشمَالًا، فلمَّا لَمْ (يَرَ) أحدا تَحَسَّى دَمه حتَّى فرغ، ثمَّ أقبل، فَنظر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فِي وَجهه)، فَقَالَ: وحيك مَا صنعت بِالدَّمِ؟ قلت: غيبته من (وَرَاء) الْحَائِط. قَالَ: أَيْن غيبته؟ قلت: يَا

ص: 473

رَسُول الله، (نَفِسْتُ) عَلَى دمك أَن أهريقه فِي الأَرْض، فَهُوَ فِي بَطْني. قَالَ: اذْهَبْ فقد أحرزت نَفسك من النَّار» . فَلَعَلَّ هَذَا الْغُلَام الْمُبْهم هُوَ أَبُو (طيبَة) . لَكِن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف جدا. قَالَ ابْن حبَان: لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِنَافِع، رَوَى عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، وَعَائِشَة نُسْخَة مَوْضُوعَة مِنْهَا هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ يَحْيَى: كَذَّاب. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : هَذَا حَدِيث لَا يَصح.

وَوَقع فِي «الْوَسِيط» لحجَّة الإِسلام الْغَزالِيّ رحمه الله: «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي طيبَة عِنْد شرب الدَّم: إِذن لَا [ييجع] بَطْنك (أبدا) » .

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين (ابْن الصّلاح) : [ييجع](بَطْنك) : بِفَتْح الْجِيم، وَفِيه وَجْهَان:

أَحدهمَا: ييجع بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تَحت فِي أَوله، وَالرَّفْع فِي بَطْنك، عَلَى أَن يكون الْفِعْل لبطنه.

وَالثَّانِي: تيجع بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوق، وَنصب بَطْنك، عَلَى أَن يكون الْفِعْل لأبي (طيبَة) . قَالَ: ثمَّ النصب فِيهِ عَلَى التَّمْيِيز أَو نزع (الْخَافِض) ؟ فِيهِ من الْخلاف مَا فِي قَوْله تَعَالَى: (إِلَّا من سفه

ص: 474

نَفسه) . قَالَ: وَقد حققت ذَلِك من مَعْنَى مَا ذكره الْأَزْهَرِي فِي «التَّهْذِيب» . وَوَقع فِي الرَّافِعِيّ: «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي طيبَة بَعْدَمَا شرب الدَّم: لَا تَعُدْ، الدَّم كُله حرَام» وَلم أر من رَوَى ذَلِك فِي حَدِيثه.

قلت: وَأَبُو طيبَة اسْمه: نَافِع، وَقيل: ميسرَة، وَقيل: دِينَار. كَانَ عبدا لبني بياضة، صحَّ أَنه حجمه، وكلَّم أَهله أَن يخففوا عَنهُ من خراجه، كَمَا سَيَأْتِي فِي آخر بَاب الْأَطْعِمَة - حَيْثُ ذكره المُصَنّف - إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

نعم ورد (هَذَا) فِي حق أبي هِنْد، سَالم بن أبي الْحجَّاج الصَّحَابِيّ، قيل: اسْمه سِنَان، قَالَ أَبُو نعيم فِي «معرفَة الصَّحَابَة» : ثَنَا مُحَمَّد، (ثَنَا) مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الهمذاني، ثَنَا مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، ثَنَا الْقَاسِم بن (الحكم) العُرَنِي، عَن يُوسُف بن صُهَيْب، ثَنَا أَبُو الجَحَّاف، عَن سَالم، قَالَ:«حجمت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا وليت المِحْجَمة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شربته، فَقلت: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شربته) ، فَقَالَ: وَيحك يَا سَالم، أما علمت أَن الدَّم حرَام؟ ! لَا تَعُدْ» .

ص: 475

قَالَ أَبُو نعيم: وَرَوَاهُ سعيد بن وَاقد، وَالْخضر بن مُحَمَّد بن شُجَاع، عَن عفيف بن سَالم، عَن يُوسُف بن صُهَيْب.

قلت: وَأَبُو الجحاف هَذَا هُوَ: دَاوُد بن أبي عَوْف، فِيهِ خلاف، وَثَّقَهُ يَحْيَى. وَقَالَ أَحْمد: حَدِيثه مقارِب. وَقَالَ الْأَزْدِيّ: زائغ ضَعِيف.

وَذكر أَبُو نعيم أَيْضا فِي تَرْجَمَة الْحَارِث بن مَالك، مولَى أبي هِنْد الحجَّام:«أَنه حجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وشفع لَهُ فِي خراجه عليه السلام» ، فَقَالَ: مِنْهُم من قَالَ: حجمه غُلَام لبني بياضة، وَمِنْهُم من قَالَ: أَبُو طيبَة، وَمِنْهُم من قَالَ: أَبُو هِنْد الْحَارِث بن مَالك.

قَالَ الإِمام الرَّافِعِيّ: وَرُوِي أَيْضا عَن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه «أَنه شرب دم النَّبِي صلى الله عليه وسلم» .

قلت: هُوَ كَمَا قَالَ، فقد رَوَاهُ الْأَئِمَّة: الْبَزَّار فِي «مُسْنده» من حَدِيث هنيد بن الْقَاسِم، عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير، عَن أَبِيه، قَالَ:«احْتجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي الدَّم فَقَالَ: اذْهَبْ فَغَيِّبْه. (فَذَهَبت) فَشَربته، ثمَّ أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (لي) : مَا صنعت؟ قلت: غيبته، قَالَ: «لَعَلَّك شربته؟» قلت: شربته» .

هنيد لَا يعلم لَهُ حَال، قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : لَيْسَ فِي إِسْنَاده (من) يحْتَاج إِلَى الْكَشْف عَن حَاله إلَاّ هُوَ.

ص: 476

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «مُعْجَمه الْكَبِير» بالسند الْمَذْكُور، وَلَفظه:«أَن عبد الله بن الزبير أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يحتجم، فَلَمَّا فرغ قَالَ: يَا عبد الله، اذْهَبْ بِهَذَا الدَّم، فأهرقه حَيْثُ لَا يرَاهُ أحد. فلمَّا برزتُ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَمَدت إِلَى الدَّم فحسوته، فلمَّا رجعت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا صنعت يَا عبد الله؟ قَالَ: جعلته فِي مَكَان (ظَنَنْت) أَنه خافٍ عَلَى النَّاس. قَالَ: فلعلك شربته؟ قلت: نعم، قَالَ: من أَمرك أَن تشرب الدَّم؟ ويلٌ لَك من النَّاس، وويل للنَّاس مِنْك» .

وَرَوَاهُ (أَيْضا) الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» فِي مَنَاقِب عبد الله بن الزبير من كتاب الْفَضَائِل، عَن (إِبْرَاهِيم) بن عصمَة بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا السّري بن خُزَيْمَة، نَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، نَا هنيد بن الْقَاسِم بن مَاعِز، قَالَ: سَمِعت عَامر بن عبد الله بن الزبير يحدث، أنَّ أَبَاهُ حدَّثه، «أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يحتجم. .» الحَدِيث كَمَا سَاقه الطَّبَرَانِيّ.

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي الخصائص، من كتاب النِّكَاح، من الطَّرِيق الْمَذْكُورَة، وَلَفظه: «احْتجم رَسُول الله وَأَعْطَانِي دَمه فَقَالَ: اذْهَبْ

ص: 477

فوارِهِ، لَا يبْحَث عَنهُ سبع، أَو كلب، أَو إِنْسَان. قَالَ: فتنحيتُ، فَشَربته، ثمَّ أتيت رَسُول الله فَقَالَ: مَا صنعتَ؟ قلت: صنعت الَّذِي أَمرتنِي (بِهِ، قَالَ) : مَا أَرَاك إِلَّا قد شربته. قلت: نعم. قَالَ: مَاذَا تلقى أمتِي مِنْك» .

قَالَ أَبُو جَعْفَر: وَزَادَنِي بعض أَصْحَاب الحَدِيث عَن أبي سَلمَة، قَالَ: فَيَرَوْنَ أَن الْقُوَّة الَّتِي كَانَت فِي ابْن الزبير من قُوَّة دم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ورُوِي ذَلِك من وَجه آخر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، وَعَن سلمَان، فِي شرب ابْن الزبير دَمه.

وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا فِي «سنَنه» عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، نَا مُحَمَّد بن حميد، نَا عَلّي بن مُجَاهِد، نَا رَبَاح النوبي، أَبُو مُحَمَّد مولَى آل الزبير، قَالَ: سَمِعت أَسمَاء ابْنة أبي بكر تَقول للحجاج: «إنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم احْتجم، فَدفع دَمه إِلَى ابْني، فشربه، فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَأخْبرهُ، فَقَالَ: مَا صنعت؟ قَالَ: كرهت أَن أصبَّ دمك. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَا تمسك (النَّار) ، وَمسح عَلَى رَأسه وَقَالَ: ويل لَك من النَّاس» .

قَالَ عبد الْحق عقب هَذِه الرِّوَايَة: عَلّي بن مُجَاهِد ضَعِيف، وَلَا يَصح.

وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي «مُعْجَمه» عَن مُحَمَّد بن حميد، نَا عَلّي بن مُجَاهِد، كَمَا سَاقه الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَادًا ومتنًا، إلَاّ أَنه (زَاد) :

ص: 478

«وويل للنَّاس مِنْك» .

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» بَعْدَمَا أخرجه: يحْتَاج إِلَى الْكَشْف عَن حَال رَبَاح الْمَذْكُور.

قلت: رَبَاح هَذَا ذكره الْحَافِظ أَبُو عبد الله الذَّهَبِيّ فِي «الْمِيزَان» ، وَقَالَ: لَيَّنه غير وَاحِد، وَلَا يُدْرَى من هُوَ. فَإِذا عرفت هَذَا الحَدِيث من جَمِيع طرقه قضيتَ الْعجب من قَول الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» : إنَّ حَدِيث عبد الله بن الزبير هَذَا لم نجدْ لَهُ أصلا بالكُلِّيَّة.

قَالَ الإِمام الرَّافِعِيّ: ويُروى عَن عليٍّ - كَرَّم الله وَجهه - أَنه شرب دم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: هَذَا غَرِيب مِنْهُ، لَا أعلم مَنْ خَرَّجه بعد الْبَحْث عَنهُ.

وَقد رُوِيَ أَن سفينة شرب دَمه - عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام - فَفِي «ضعفاء» ابْن حبَان، و «الصَّحَابَة» لأبي نعيم، (بإسنادهما) إِلَى إِبْرَاهِيم بن عمر بن سفينة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ:«احْتجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي دَمه فَقَالَ: اذْهَبْ فواره. فَذَهَبت فَشَربته، فَرَجَعت فَقَالَ: مَا صنعت فِيهِ؟ فَقلت: واريته - أَو قلت: شربته - قَالَ: احترزت من النَّار» .

ص: 479

وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب النِّكَاح من طَرِيق ابْن عدي، بِلَفْظ الطَّبَرَانِيّ الْآتِي، إلَاّ أنَّه قَالَ:«من الدَّوَابّ وَالطير» ، أَو قَالَ:«النَّاس وَالدَّوَاب» . شكَّ ابْن أبي فديك.

لكنه حَدِيث ضعيفٌ، قَالَ ابْن حبَان: إِبْرَاهِيم هَذَا يُخَالف الثِّقَات فِي الرِّوَايَات، يروي عَن أَبِيه مَا لَا يُتابع عَلَيْهِ من رِوَايَة الْأَثْبَات، فَلَا يحل الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ.

وَقَالَ ابْن عدي: أَحَادِيثه لَا (يُتَابِعه) عَلَيْهَا الثِّقَات، وَأَرْجُو أنَّه لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ البُخَارِيّ: إِسْنَاده مَجْهُول. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : حَدِيث لَا يَصح.

وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث بُرَيْه بن عمر بن سفينة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ:«احْتجم فَقَالَ: (خُذ) هَذَا الدَّم، فادفنه من الدَّوَابّ وَالطير وَالنَّاس. فتغيبتُ، فَشَربته، ثمَّ ذكرت ذَلِك [لَهُ] ، (فضحِك) » . وبُرَيْه هُوَ إِبْرَاهِيم، (فحَقِّقه) .

ص: 480