الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقد (ذكره) الْغَزالِيّ فِي «وسيطه» فِي الْبيُوع، فَقَالَ: والمسك كَانَ أحب الطّيب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ ابْن الرّفْعَة فِي «الْمطلب» : مَا ذكره صَحِيح. ثمَّ اسْتدلَّ بِحَدِيث عَائِشَة الْمُتَقَدّم، ثمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو الطّيب: إنَّ أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ رَوَى (أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ) : «أطيب الطّيب الْمسك» . قَالَ: وَهَذَا نَص.
وَقد عرفت أَنْت من أخرج هَذَا الحَدِيث، وَمَا زدناه عَلَى ذَلِك، فَوَافَقَ الْحَافِر الْحَافِر بِزِيَادَة، فَللَّه الْحَمد.
الحَدِيث الرَّابِع عشر
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُم مِنْ نَوْمِه، فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِناءِ، حتَّى يَغْسِلها ثَلَاثًا، فإنَّه لَا يَدْري أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، مرويّ من ثَلَاثَة طرق:
أَولهَا: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم (من نَومه) ، فَلَا يغمس يَده فِي الإِناء، حتَّى يغسلهَا، فإنَّه لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده» .
رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي «صَحِيحهمَا» ، بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم فَلْيُفْرِغ عَلَى (يَده)
ثَلَاث مَرَّات، قبل أَن يُدخل يَده فِي إنائه، فإنَّه لَا يدْرِي فيمَ باتت يَده» .
وَفِي رِوَايَات لأبي حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» ذكر الْعدَد أَيْضا.
وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» ، بعد أَن سَاقه بِدُونِ «ثَلَاثًا» : لَا أَدْرِي هَذِه اللَّفْظَة فِي الْخَبَر أم لَا؟ ثمَّ سَاقه بعد ذَلِك بأوراق بالسند الْمَذْكُور، وَفِيه لَفْظَة «ثَلَاثًا» .
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان: «فإنَّ أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن كَانَت تَطوف يَده» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «قبل أَن يُدخلهما فِي وضوئِهِ» .
وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي، وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه:«مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا» .
وَفِي «مُسْند (أبي) دَاوُد الطَّيَالِسِيّ» : ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي
الْأَعْمَش، عَن ذكْوَان، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:« (إِذا) اسْتَيْقَظَ أحدُكُم من مَنَامه، فَلَا يغمس يَده فِي الإِناء حتَّى يصبَّ (عَلَيْهَا) صبَّة أَو صبتين، فإنَّه لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده» .
(قَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : رَفعه صَحِيح) . وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَة، وَابْن حبَان فِي «صَحِيحَيْهِمَا» :«فإنَّه لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده مِنْهُ» . وأخرجها الْبَيْهَقِيّ (من جِهَة ابْن خُزَيْمَة)، وَقَالَ: قَوْله: «مِنْهُ» تَفَرَّدَ [بِهِ] مُحَمَّد بن الْوَلِيد البُسْري، وَهُوَ ثِقَة.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : تَفَرَّدَ بهَا شُعْبَة.
(و) قَالَ ابْن مَنْدَه: هَذِه الزِّيَادَة رواتها ثِقَات، وَلَا أَرَاهَا مَحْفُوظَة.
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ عدي: «فإنْ غَمَس يَده فِي الْإِنَاء قبل أَن
يغسلهَا، فليهريق ذَلِك (المَاء) » . قَالَ ابْن عدي: وَهَذِه الزِّيَادَة مُنكرَة، (لَا تُحْفَظ) . وَهِي من رِوَايَة مُعَلَّى بن الْفضل، وَفِي بعض مَا يرويهِ نكرَة، وَهِي أَيْضا من رِوَايَة الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد قَالَ غير وَاحِد إِنَّه لم يسمع مِنْهُ.
وَفِي رِوَايَة بعد: «فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده» : «ويسمِّي قبل أَن (يُدخلها) » رَوَاهَا عبيد الله بن سعيد (السجسْتانِي) فِي الْجُزْء الرَّابِع من «فَوَائِد ابْن نطيف» وَقَالَ: غَرِيبَة. أَفَادَ ذَلِك الشَّيْخ فِي «الإِمام» .
قُلْتُ: و (رَأَيْتهَا) فِي «تَارِيخ الْعقيلِيّ» ، وَقَالَ بعد ذكرهَا: هَذَا الحَدِيث من حَدِيث أبي هُرَيْرَة صَحِيح الْإِسْنَاد من غير وَجه، وَلَيْسَ فِيهِ:«يسمِّي قبل أَن يُدخلها» .
وأسنده ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: «إِذا قَامَ أحدكُم من نوم اللَّيْل» .
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا قَامَ أحدكُم من (النّوم) فَأَرَادَ أَن يتَوَضَّأ فَلَا يُدخل يَده فِي الإِناء حتَّى يغسلهَا» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» (كَذَلِك)، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا بِلَفْظ:«إِذا قَامَ أحدكُم من النّوم، فَأَرَادَ أَن يتَوَضَّأ، فَلَا يُدخل يَده فِي وضوئِهِ حتَّى يغسلهَا، فإنَّه لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده، وَلَا عَلَى مَا وَضعهَا» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِسْنَاده حسن.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه، فَلَا يُدْخِل يَده فِي الإِناء حتَّى يغسلهَا» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه - أَيْضا - فِي «سنَنه» كَذَلِك، وَابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، وَلَفْظهمَا:«إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه، فَلَا يُدخل يَده فِي الإِناء حتَّى يغسلهَا ثَلَاث مَرَّات، فإنَّه لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده، أَو أَيْن طافت يَده» .
(قَالَ) الدَّارَقُطْنِيّ: «فَقَالَ لَهُ رجل: أرأيتَ إنْ كَانَ حوضًا؟ فَحَصَبَه ابْن عمر، وَجعل يَقُول: (أخْبرك) عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتقول: أرأيتَ إِن كَانَ حوضًا؟ !» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: [إِسْنَاد] حسن.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لِأَن جَابر بن إِسْمَاعِيل الْحَضْرَمِيّ مَعَ ابْن لَهِيعَة فِي إِسْنَاده.
وَهَذَا (من) الْبَيْهَقِيّ تَعْلِيل لحسنه من حَيْثُ لم ينْفَرد بِهِ ابْن لَهِيعَة.
قَالَ إِمَام الْأَئِمَّة أَبُو بكر بن خُزَيْمَة بعد أَن أخرجه فِي «صَحِيحه» من جِهَة ابْن لَهِيعَة وَجَابِر بن إِسْمَاعِيل: ابْن لَهِيعَة لَيْسَ مِمَّن أُخْرِجُ حَدِيثه فِي هَذَا الْكتاب - يَعْنِي «صَحِيحه» - إِذا انْفَرد بالرواية، وَلَكِن جَابر بن إِسْمَاعِيل مَعَه فِي الإِسناد.
وَلِهَذَا الحَدِيث طَرِيق رَابِع لَا بَأْس بالتنبيه عَلَيْهِ، أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة أَيْضا.
وَهَذِه الطَّرِيقَة ذكرهَا ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» ، من حَدِيث أبي سَلمَة، عَنْهَا مَرْفُوعا:«إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من النّوم، فليغرف عَلَى يَده ثَلَاث غرفات قبل أَن يُدخلها فِي وضوئِهِ، فإنَّه لَا يدْرِي حَيْثُ باتت يَده» .
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: [سُئل أَبَا زرْعَة] عَنهُ فَقَالَ: (إنَّه) وهمٌ. (وَالصَّوَاب حَدِيث أبي هُرَيْرَة) .
وَقَوله عليه الصلاة والسلام: «فإنَّه لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده» سَببه مَا (قَالَ) الإِمام الشَّافِعِي رضي الله عنه وَغَيره: أَن أهل الْحجاز كَانُوا يقتصرون عَلَى