الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّالِث:
عَن عَائِشَة رضي الله عنها (قَالَت) : «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يستاك عَرْضًا وَلَا يستاك طولا» . رَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث عبد الله بن حَكِيم، عَن هِشَام (بن) عُرْوَة، عَن أَبِيه عَنْهَا. وَعبد الله هَذَا ضَعِيف.
قَالَ أَحْمد: يروي أَحَادِيث مُنكرَة، لَيْسَ (هُوَ) بِشَيْء. وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ مرّة: لَيْسَ بِثِقَة. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّسَائِيّ. وَقَالَ عَلّي: لَيْسَ بِشَيْء، لَا يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ السَّعْدِيّ: كذَّاب مُصَرح. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. وَقَالَ ابْن حبَان: يضع الحَدِيث عَلَى الثِّقَات.
فَإِذا عُلمَ ضعف الحَدِيث تعين الِاسْتِدْلَال فِي الْمَسْأَلَة بِالْمَعْنَى، وَهُوَ (أنَّه) يخْشَى من الاستياك طولا إدماء اللثة، وإفساد عُمُور الْأَسْنَان، وَهُوَ (اللَّحْم) النَّابِت (بَينهَا) .
قَالَ الإِمام الرَّافِعِيّ نقلا عَن صَاحب «التَّتِمَّة» وَغَيره: أنَّهم رووا الْخَبَر أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اسْتَاكُوا عَرْضًا لَا طُولًا» .
وَهَذِه الرِّوَايَة غَرِيبَة لَا أعلم من خَرَّجَها بهذااللفظ مَعَ الْبَحْث وَالسُّؤَال عَنْهَا من الْحفاظ الأكابر.
فصل:
اعْلَم أَن الإِمام الرَّافِعِيّ - قَدَّس الله روحه ونَوَّر ضريحه - لما ذكر أوَّل حَدِيث فِي هَذَا الْفَصْل - أَعنِي فصل السِّوَاك - قَالَ: وَالْأَخْبَار (فِيهِ) كَثِيرَة. فلنذكر نبذة مهمة من تِلْكَ الْأَخْبَار الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا، فَلَا تسأم أَيهَا النَّاظر مِنْهَا، وأسرد ذَلِكَ فِي فُصُول ليَكُون أجمع لضبطها وَأقرب لتناولها.
فصل:
فِي أنَّ السِّوَاك (من) سنَن من قبلنَا
عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعِ منْ سُنَنِ المُرْسَلِين، الخِتَان والسِّوَاك والتَّعَطّر والنِّكَاح» .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن مَكْحُول، عَن أبي الشِمَال - بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم - ابْن ضِباب - بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة - عَن أبي أَيُّوب. وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب.
قَالَ: وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن مَكْحُول، عَن أبي أَيُّوب من غير ذكر أبي الشمَال. والأوَّل أصحّ.
قُلْتُ: أخرجه أَحْمد فِي «الْمسند» كالثاني، فَقَالَ: ثَنَا يزِيد، ثَنَا
الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن مَكْحُول، قَالَ: قَالَ أَبُو أَيُّوب: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكره سَوَاء إلَاّ أنَّه (قَالَ) : «العِطْر» بدل «التَّعَطّر» و «الحَيَاء» بدل «الخِتَان» .
قَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي «الْأَطْرَاف» : وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن (عبيد الله)(الْعَرْزَمِي) ، عَن مَكْحُول، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسلا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» - فِيمَا رَأَيْت -: هَذَا الِاخْتِلَاف هُوَ من حجاج بن أَرْطَاة فإنَّه كثير الْوَهم.
قُلْتُ: وينكر عَلَى (التِّرْمِذِيّ) تحسينه لهَذَا الحَدِيث، فَإِن الْحجَّاج بن أَرْطَاة ضَعِيف جدًّا، وَأَبُو الشمَال مَجْهُول، سُئِلَ عَنهُ أَبُو زرْعَة فَقَالَ: لَا أعرفهُ إلَاّ فِي هَذَا الحَدِيث وَلَا أعرف اسْمه. فَلَعَلَّهُ اعتضد عِنْده بطرِيق آخر فَصَارَ حسنا. والطريقة الَّتِي أفادها الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي لَا تقويه؛ لأنَّ الْعَرْزَمِي أَضْعَف من الْحجَّاج بِكَثِير. وَقد سبق بالاعتراض عَلَى التِّرْمِذِيّ النَّوَوِيّ رحمه الله فِي «شرح الْمُهَذّب» .
وَاعْلَم: أَن الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي نُسْخَة من التِّرْمِذِيّ مُعْتَمدَة: (الحَيَاء) بياء مثناة تَحت بعد الْحَاء. فإيَّاك أَن تصحفه «بِالْحِنَّاءِ» كَمَا سُبِقْتَ بِهِ.
(ثمَّ) رَأَيْته فِي التِّرْمِذِيّ الْخِتَان بالنُّون فِي الآخر.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : «الحَيَاء» بِالْيَاءِ لَا بالنُّون. قَالَ: وإنَّما ضبطته لأنِّي رَأَيْت من صَحَّفَه فِي عصرنا. وَقد سبق بتصحيفه. وَقَالَ: وَقد ذكر الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه الِاسْتِغْنَاء فِي اسْتِعْمَال الْحِنَّاء وأوضحه، وَقَالَ: هُوَ مُخْتَلف فِي إِسْنَاده وَمَتنه، يرْوَى عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَأنس وجد مَلِيح كلهم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى لفظ «الحَيَاء» ، قَالَ: وَكَذَا أوردهُ الطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه، وَأَبُو نعيم وَغَيرهم من الْحفاظ والأئمَّة، وَكَذَا هُوَ فِي «مُسْند الإِمام أَحْمد» وَغَيره من الْكتب. وَهُوَ كَمَا قَالَ: فقد رَأَيْته كَذَلِك فِي التَّأْلِيف الْمَذْكُور، وأنَّ بعض المصنِّفين صَحَّف «الْحيَاء» ب «الْحِنَّاء» . وأنَّ بعض هَؤُلَاءِ الروَاة ذكر «الْحلم» ، وَبَعْضهمْ ذكر «الْخِتَان» و «الْحجامَة» .
وَقد وَقع فِي هَذَا التَّصْحِيف، الْحَافِظ محب الدَّين الطَّبَرِيّ فِي «أَحْكَامه الْكَبِير» . فَقَالَ بعد أَن أخرج الحَدِيث من طَرِيق التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ «الْحِنَّاء» قَالَ: المُرَاد بِالْحِنَّاءِ، - وَالله أعلم - الخضاب فِي الرَّأْس واللحية لَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ تَوْفِيقًا بَينه وَبَين غَيره من الأدلَّة. وَهُوَ غَرِيب.
(وَحَدِيث جد) مليح الَّذِي ذكره أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ رَوَاهُ أَبُو بكر بن (أبي) خَيْثَمَة، أَي فِي «تَارِيخه» ، وَأَبُو نعيم فِي «الْمعرفَة» من حَدِيث مَلِيح - بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللاّم - بن عبد الله الخطمي، عَن أَبِيه، عَن جدِّه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «خَمْس مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِين: الحَيَاء، والحلم، والحجَامَة، والسِّوَاك، والتَّعَطّر» . وَرَوَاهُ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي الأَصْل السَّادس وَالسِّتِّينَ وَالْمِائَة من «نَوَادِر الْأُصُول» .
وَرَأَيْت بِخَط الصريفيني الْحَافِظ فِي كِتَابه: «أَسمَاء (رُوَاة) الْكتب الْأَحَد عشر» : «المجمر» بدل «الْحلم» . قَالَ: (وَعَن مليح بن عبد الله) . (و) حَدِيث بن عَبَّاس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِمثل حَدِيث مليح. وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ أَيْضا بِمثلِهِ وَزَاد «وكَثْرة الأَزْوَاجِ» .