الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يهم) ويخطئ، فَكثر ذَلِك فَاسْتحقَّ التّرْك. وَأخرج لَهُ مُسلم مَقْرُونا بِثَابِت (الْبنانِيّ) . وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «الضُّعَفَاء» : حسن الحَدِيث (صَاحب غرائب)، احْتج بِهِ بَعضهم. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَيْسَ بِقَوي. وَقَالَ أَحْمد: لَيْسَ بِشَيْء.
الْوَجْه الرَّابِع: أَنه لَا يُعلم متابع لبَقيَّة عَلَيْهِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا الحَدِيث لم يروه غير بَقِيَّة، عَن سعيد بن أبي سعيد الزبيدِيّ. وَلأَجل هَذِه الْعِلَل، قَالَ الْحَافِظ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث غير مَحْفُوظ.
الحَدِيث الْخَامِس
أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا أُبِيْنَ من حيٍّ، فَهُوَ مَيِّت» .
هَذَا الحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة من قَوَاعِد الْأَحْكَام، وَهُوَ مَرْوِيّ من طُرُق، الَّذِي يحضرنا مِنْهَا أَرْبَعَة:
أَولهَا: - وَهِي أقرب إِلَى لفظ الْكتاب - عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (سُئل) عَن جِباب أسنمة الإِبل، وأَلَيَات الْغنم، فَقَالَ: مَا قُطِع من حَيّ، فَهُوَ ميت» .
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» فِي موضِعين مِنْهُ، وَقَالَ فِي كتاب الذَّبَائِح - وَهُوَ الْموضع الثَّانِي -: إِنَّه حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» - وَقد سُئِلَ عَنهُ -: إنَّه رُوِيَ عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد، وَعَن عَطاء بن يسَار مُرْسلا، و (أَن) الْمُرْسل أشبه بِالصَّوَابِ.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن أبي وَاقد، الْحَارِث بن عَوْف - وَقيل عَكسه - اللَّيْثِيّ، (البدري)، قَالَ:«قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة، وهم يجبونَ أسنمة الإِبل، ويقطعون أَلَيَات الْغنم، فَقَالَ: مَا يُقْطَعُ من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة، فَهُوَ ميتَة» .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِهَذَا اللَّفْظ، وَكَذَا الدَّارمِيّ فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد وَلَفظه: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا قُطِعَ من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة، فَهُوَ ميت» .
وَالْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» وَلَفظه: «كَانَ [النَّاس] فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الإِسلام يَجُبُّون أسنمة الإِبل، [ويقطعون أليات الْغنم فيأكلونها] ، ويحملون مِنْهَا الودك، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، سَأَلُوهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ: «مَا قُطع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة، فَهُوَ ميت» .
وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي «مُسْنده» وَلَفظه: «قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة، وَبهَا نَاس يَعْمِدُونَ إِلَى أَلَيات الْغنم، وَأَسْنِمَة الإِبل، (فيجبونها) ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا قُطع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة فَهُوَ ميتَة» .
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَهَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إلَاّ من حَدِيث زيد بن أسلم. قَالَ ابْن القطَّان: وإنَّما لم يصحِّحه التِّرْمِذِيّ، لِأَنَّهُ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار، وَهُوَ يُضَعَّف، وإنَّ كَانَ البُخَارِيّ قد أخرج لَهُ.
قلت: لَكِن الْحَاكِم رحمه الله لم يَعْبَأْ بِهَذَا التَّضْعِيف، فَأخْرجهُ فِي «الْمُسْتَدْرك» كَمَا تقدَّم، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد. قلت: أَي عَلَى شَرط البُخَارِيّ. وَخَالف أَبُو زرْعَة، فَقَالَ - عَلَى مَا نَقله ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» -: إنَّ هَذَا الحَدِيث وهمٌ، وَأَن الصَّحِيح: حَدِيث زيد بن أسلم عَن ابْن عمر. يَعْنِي الْآتِي إِثْر هَذَا، وَفِي ذَلِك نظر. قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل عَلَى هَذَا الحَدِيث عِنْد أهل الْعلم.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن زيد بن أسلم، عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا قُطِعَ من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة، فَهُوَ ميت» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَالْبَزَّار فِي «مُسْنده» وَضَعفه الْحَافِظ
عبد الْحق فِي «أَحْكَامه الْكُبْرَى» فَقَالَ - عَلَى مَا نَقله ابْن القَطَّان فِي «علله» عَنهُ -: فِي إِسْنَاده هِشَام بن سعد، وَهُوَ ضَعِيف.
(قلت: قد أخرجه ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» ، وَلَيْسَ فِي إِسْنَاده هَذَا الرجل، بل فِيهِ: يَعْقُوب بن حميد بن كاسب الْمدنِي، وَقد تكلَّم فِيهِ النَّسَائِيّ والرازي. وَاخْتلف قَول يَحْيَى فِيهِ، فَمرَّة ضَعَّفه، وَمرَّة وثَّقه. وَقَالَ الْحَاكِم فِي كتاب التَّفْسِير من «الْمُسْتَدْرك» : مَا تَكَلَّم فِيهِ أحدٌ بِحجَّة. وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي «أَخْبَار الشهَاب» : [أخرج] عَنهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه.
قلت: صَرِيحًا لَا، فَالَّذِي فِيهِ: نَا يَعْقُوب، نَا إِبْرَاهِيم بن سعد. وَالظَّاهِر أَنه هُوَ) .
(و) أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي «أَوسط معاجمه» بِدُونِهِ، فَرَوَاهُ من حَدِيث عبد الله بن نَافِع الصَّائِغ، عَن عَاصِم بن عمر، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، مَرْفُوعا:«مَا قُطِع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة، فَالَّذِي قُطع من لَحمهَا فَلَا يَأْكُلهُ أحد» .
قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يَرْوِه عَن عَاصِم بن عمر إلَاّ عبد الله بن نَافِع.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : عبد الله بن نَافِع من كبار
أَصْحَاب مَالك، مفتي بِالْمَدِينَةِ، وَيَحْيَى بن الْمُغيرَة، الرَّاوِي عَنهُ: قَالَ أَبُو حَاتِم فِيهِ: صَدُوق، قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين: وَهَذَا الطَّرِيق أَجود من الطَّرِيق الْآتِيَة بعْدهَا.
قلت: من غير شكّ فِي ذَلِك، وَلَا مرية، وَقد أخرجهَا ابْن السكن فِي «سنَنه الصِّحَاح المأثورة» ، لَكِن ذكر ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» هَذِه الطَّرِيق، وَقَالَ: سَأَلت أبي عَنْهَا فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن تَمِيم الدَّارِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يكون فِي آخر الزَّمَان قوم، يجبونَ أسنمة الإِبل، ويقطعون أَلَيات الْغنم، فَمَا قُطِع من حَيّ فَهُوَ ميت» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» كَذَلِك، وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» بِلَفْظ:«قيل للنَّبِي (: إِن قوما يجبونَ أسنمة الإِبل، ويقطعون أَذْنَاب الْغنم؟ قَالَ: « (كلُ مَا) قُطِعَ من الحيِّ فَهُوَ ميت» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «قَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن نَاسا) يجبونَ أسنمة الإِبل، وأذناب الْغنم وَهِي أَحيَاء، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا قُطع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة، فَهُوَ ميت» .
(وَفِي إِسْنَاده واهٍ و) مُخْتَلف فِيهِ، أما الأول: فَهُوَ أَبُو بكر الْهُذلِيّ، واسْمه: سُلْمى - بِالضَّمِّ - قَالَ غنْدر: كَذَّاب. وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ عَلّي: ضَعِيف لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ النَّسَائِيّ وَعلي بن الْجُنَيْد: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (مُنكر ومتروك) .
وَأما الثَّانِي: فَهُوَ شهر بن حَوْشَب، وَهُوَ من عُلَمَاء التَّابِعين، وَفِيه مقَال، وثَّقه أَحْمد، وَيَحْيَى بن معِين، وَيَعْقُوب بن شيبَة، (وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَا هُوَ بِدُونِ أبي الزبير) ، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا بَأْس بِهِ. وَأخرج لَهُ مُسلم مَقْرُونا (بآخر)، وَأخرج التِّرْمِذِيّ حَدِيثه عَن أم سَلمَة: أَنه عليه السلام جَلَّل الْحسن، وَالْحُسَيْن، و [عليا] ، وَفَاطِمَة بكساء. .» الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: حسن صَحِيح.
وَأخرج لَهُ الْحَاكِم فِي كتاب (الْقرَاءَات) من «مُسْتَدْركه»
حَدِيثا، (وَقَالَ: لم أخرج لَهُ فِي كتابي غَيره) .
(وَقَالَ ابْن القَطَّان: لم أسمع (لمضعفيه) حجَّة، وَمَا ذَكرُوهُ إمَّا لَا يَصح، وإمَّا خَارج عَلَى مخرج لَا يضرّهُ، وَأخذ الخريطة: كذبٌ عَلَيْهِ، وتَقَوُّل شَاعِر أَرَادَ عَيبه) .
وَقَالَ النَّسَائِيّ، وَغَيره: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ ابْن حبَان: يروي عَن الثِّقَات المعضلات، [وَعَن الْأَثْبَات المقلوبات] عَادَلَ عباد بن مَنْصُور فِي الْحَج، فَسرق عيبته، فَهُوَ [الَّذِي يَقُول فِيهِ] الْقَائِل:
لَقَدْ بَاعَ شهرٌ دينه بخريطةٍ
فَمَنْ يَأْمَن الْقُرَّاء بعْدك يَا شهرُ
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَالَّذِي رَأينَا فِي التَّارِيخ: (أَنه) أَخذ تِلْكَ الخريطة من بَيت المَال - وَكَانَ عَاملا عَلَيْهِ - وَذَلِكَ أَمر قريب. وَهُوَ كَمَا قَالَ، فقد قَالَ يَحْيَى بن أبي بكر الكِرماني، عَن أَبِيه: كَانَ شهر بن حَوْشَب عَلَى بَيت المَال، فَأخذ خريطة فِيهَا دَرَاهِم، فَقَالَ الْقَائِل: لقد بَاعَ شهر. . الْبَيْت.