الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوى براءة فلا ولو وصل
…
ووسطا خيّر وفيها يحتمل
أي فلا يبسمل في ابتدائها قوله: (ووسطا) أي وسط السورة: يعنى ألفاظها وأجزاءها، هذا الموضع الثالث وهو أوساط السورة؛ فالقارئ فيه مخير بين الإتيان بالبسملة فيه بعد الاستعاذة، وذلك سوى براءة فإنه يحتمل التخيير فيها كغيرها، ويحتمل المنع من البسملة فيها. وقد اختلف رأي أصحابنا في ذلك كما بينه في النشر قوله:(خير) أي بين البسملة وعدمها قوله: (وفيها) أي في أجزاء براءة وألفاظها قوله: (يحتمل) أي التخيير بين البسملة وعدمها.
تنبيه [فى استثناء سورة التوبة]
استثناء سورة براءة من الابتداء بالبسملة ومن البسملة بينها وبين سورة الأنفال أيضا لمن بسمل بين السورتين، وهذا معنى قوله: ولو وصل، وذلك لإجماع المصاحف على حذفها فيها واختلف في العلة التي من أجلها لا يبسمل في سورة براءة بحالة، فذهب الأكثرون إلى أنه لسبب نزولها بالسيف: يعني ما اشتملت عليه من الأمر بالقتل والأخذ والحصر ونبذ العهد، وأيضا فيها الآية المسماة بآية السيف وهي: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله (1)، الآية، وذهب بعضهم إلى أنها احتمال كونها من الأنفال.
وإن وصلتها بآخر السّور
…
فلا تقف وغيره لا يحتجر
فكأي إذا فصلت بالبسملة بين السورتين، أمكن أربعة أوجه يمتنع منها وجه وهو وصلها بآخر السورة الماضية وقطعها عن السورة الآتية، وتبقى الثلاثة الأخرى جائزة: أحدها قطعها عن الماضية ووصلها بالآتية، والثاني وصلها بالماضية والآتية، والثالث قطعها عنهما، فهذه الثلاثة لا منع منها وأولها أولها.
سورة أم القرآن
يعني الفاتحة؛ سميت بذلك لأنها أول القرآن، وأم كل شيء: أصله، كما سميت مكة أم القرى، وقيل لأن سور القرآن تتبعها كما يتبع الجيش أمه، وهي
(1) سورة التوبة الآية «29» .
الراية، وقيل غير ذلك؛ ولما لم يمكن بعد ذكر الكلام في الاستعاذة والبسملة إلا بيان ما اختلف فيه من الحروف بدأ بسورة الحمد، ثم ذكر ما لا يتكرّر في غيرها، ثم أتبعه بما تكرّر فيها وفي غيرها.
مالك (ن) ل (ظ) لّا (روى) السّراط مع
…
سراط (ز) ن خلفا (غ) لا كيف وقع
يعني قوله تعالى: مالك يوم الدين (1)، وهذا أول المواضع التي استغنى فيها باللفظ عن القيد لوضوحه، لأن الوزن لا يقوم بالقراءة الأخرى كما قدمنا بيانه، فلذلك لم يحتج أن يقول بالمد ولا بمد ولا نحو ذلك: أي قرأ مالك من قوله تعالى: مالك يوم الدين بالألف كما لفظ به عاصم ويعقوب والكسائي وخلف، والباقون ملك بغير ألف وكلاهما صفة من صفات الله، وللناس في ترجيح إحداهما على الأخرى كلام كثير. وفي ذلك نظر فان كلا منهما ثبت متواترا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ به
جماعة من الصحابة والتابعين، وأنا أحب القراءة بكل منهما في كل ركعة، وأقدم المد في الأولى لزيادته نظرا إلى تطويل الأولى على الثانية، قوله:(السراط الخ البيت) يعني قرأ الصراط وصراط كيف وقع في القرآن بالسين كما لفظ به قنبل بخلاف عنه، ورويس بلا خلاف، والباقون بالصاد لقوله: والصاد كالزاي: أي وخلف يشم الصاد مجاورة الطاء، ووجه إشمام الصاد أنه مزج بها حرفا يجانس الطاء في الجهر، وقرئ أيضا بالزاي الخالصة والكل لغات العرب قوله:(نل ظلا) أي أصب ظلا، نقل هذه القراءة المشهورة يريد الحض عليها والحث على الأخذ بها، وقوله زن من الزينة، وقوله غلا: أي ارتفع وعلا، يشير إلى أن الخلف مرتفع عزيز عن قنبل، وذلك أن أكثر المؤلفين لم يذكروا عنه سوى السين، والناظم زاد الصاد عنه قوله:(كيف وقع) يعني منكرا أو معرّفا، منونا أو غير منوّن باللام أو بغيرها كما وقع في هذه السورة
(1) أي بصير الوجه الثاني للقراءة: «ملك» . وهكذا دواليك في كل كلمة تذكر في التعليق تكون إيضاحا للاختلاف في قراءتها وقد يذكرها المؤلف رحمه الله في المتن دون التعرض لها في الشرح فتننّه والله الموفق لكل خير.
وكقوله: وأن هذا صراطي مستقيما (1)، وصراط الله (2)، وهذا صراط علي (3).
والصّاد كالزّاي (ض) فا الأوّل (ق) ف
…
وفيه والثّاني وذي اللّام اختلف
أي والصاد التي قرأ بها الباقون في الصراط، وصراط كيف وقع جعلها كالزاي يعني أشمها الزاي: أي خلطها بها خلف عن حمزة، وأما خلاد فقد اختلف عنه، فروى عنه بعضهم الإشمام في الأول من الفاتحة فقط، وروى بعضهم الإشمام في الأول، والثاني من الفاتحة أيضا فحسب، وروى بعضهم المعرف باللام فقط، وروى بعضهم عدم الإشمام مطلقا وهذه الأربعة المذكورة تخرج من قوله: وفيه والثاني الخ قوله: (ضفا) أي كثر ونما وطال، يشير إلى كثرة مجيء الصاد مشمة في هذا اللفظ وغيره، وأنه لغة للعرب فاشية قوله:(قف) يجوز أن يكون بضم القاف على أنه أمر من قاف أثرهم يقوفه إذا أتبعه: أي أتبع هذه القراءة فإنها مأثورة، ويجوز أن يكون بفتح القاف فيكون فاؤه مشددة خففت للوقف فيكون إشارة إلى قوتها. لأن القاف (4) اليابس القوي يبسه قوله:(فيه) أي في الأول والثاني: أي مع الثاني فيكون الإشمام له فيهما، وفي اللام: أي المحلى بلام التعريف حيث وقع في الفاتحة وغيرها اختلف: أي اختلف الرواة عن خلاد في ذلك كله من الإشمام وعدمه، فلا يكون له إشمام في شيء من ذلك، أو يكون الإشمام فيها وهذا واضح فليتأمل.
وباب أصدق (شفا) والخلف غ) ر
…
يصدر (غ) ث (شفا) المصيطرون (ض) ر
لما ذكر الإشمام في الصاد في الصراط وبابه استطرد ما وقع فيه الخلاف في الإشمام، فقال: وباب أصدق، يعني بالباب الصنف: أي ما وقع فيه الصاد الساكنة وبعده دال مثل أصدق وتصديق؛ وجملته اثنا عشر صادا: اثنان في النساء، وثلاثة في الأنعام؛ وسبعة في سبع سور: الأنفال ويونس ويوسف والحجر والنحل والقصص وإذا زلزلت، فقرأها بالإشمام حمزة والكسائي وخلف ورويس بخلاف عنه، والباقون بالصاد الخالصة؛ ووجه الإشمام كما تقدم في الصراط، فإن الدال حرف مجهور كالطاء قوله:(شفا) أي أبرأ وصحح: يعني أنه
(1)«سراطي» .
(2)
«سراط الله» .
(3)
«سراط عليّ» .
(4)
نحو: القف.
في القوة بهذه المثابة، وقوله غر: من الغرور: وهو الخطر، كأنه يقول طريق الصدق سلامة وخلافه خطر، وقوله: يصدر: يعني أن كلمة يصدر من جملة الباب المذكور، ووقعت في القصص وإذا زلزلت أشم الصاد فيهما حمزة والكسائي وخلف ورويس بلا خلاف وأعاد رمز شفا لئلا يتوهم أنه لرويس وحده، وقوله: غث، من الغيث، الذي هو نفع البلاد: أي ينفع نفعا شفا الغليل فيه، يقال غاث الله البلاد قوله:(المصيطرون) يعني قوله تعالى: أم هم المصيطرون فيا لطور قرأه بالإشمام أيضا خلف عن حمزة وخلاد بخلاف عنه كما سيأتي في البيت الآتي، وقوله: ضر، من الضرر: وهو ضد النفع، يشير إلى معنى المصيطرون وهم الجبارون المسلطون: أي هم ذوو ضرر.
(ق) ي الخلف مع مصيطر والسّين (ل) ي
…
وفيهما الخلف (ز) كيّ (ع) ن (مع) لي
ق من الوقاية: وهو الحفظ والصيانة والأمر ق حرف واحد ولكنه كتب بالياء على الأصل للبيان قوله: (مع مصيطر) يعني قوله تعالى: لست عليهم بمصيطر في الغاشية: يعني أن خلفا عن حمزة وخلادا بخلاف عنه على الإشمام كما تقدم في المصيطرون قوله: (والسين لي) أي ورواهما بالسين هشام، واختلف فيهما عن قنبل وحفص وابن ذكوان، فرواه بعضهم بالسين وبعضهم بالصاد كما ذكر في النشر فيكون في كل منهما ثلاث قراءات الإشمام لحمزة بخلاف عن خلاد والسين لهشام بلا خلاف، ولقنبل وحفص وابن ذكوان في أحد وجهيهم والصاد لهم في الوجه الآخر، وللباقين وجه كما تقدم في صراط، قوله:(زكى) أي زاك: ومعناه تام ممدوح، وقوله: عن ملي: أي ثقة قادر من الملاءة: يعني الخلاف فيهما مع صحّته ورد عن ثقة قائم به.
عليهمو إليهمو لديهمو
…
بضمّ كسر الهاء (ظ) بي (ف) هم
أي قرأ هذه الكلم الثلاث وهي عليهم ولديهم وإليهم حيث وقعت بضم الهاء يعقوب وحمزة والباقون بالكسر، وفهم العموم من إضافة غير إليهم (1) إليها على العادة ووجه الضم الأصل، وذلك أن الأصل في هذه الهاء ونحوها من ها آت
(1) لعله من إضافة إليهم ولديهم. والأحسن أن يكون العموم مأخوذا من الاطلاق وليتأمل.
الضمير الضم لأنها تضم مبتدأة، وبعد الألف والفتحة والضمة والواو والسكون سوى الياء، نحو: هو ودعاه وله ويعلمه وأخوه ومنه، وإنما تكسر بعد الكسرة والياء الساكنة وهو ثقيل فلذلك كسرها من كسرها في هذه الكلم. وأما تخصيص حمزة هذه الكلم بالضم التفاتا إلى اللغات (1) التي هي الأصل فيها واتباعا للضم المقدّر في ميم الجمع منها. وأما يعقوب فإنه يضمها على الأصل وأطلق ذلك فيها وفي تثنيتها وجمع الإناث منها وكذلك في كل هاء ضمير مثلها كما سيأتي في البيت الآتي ولم يستثن من ذلك إلا الضمير المفرد كما سيأتي.
وبعد ياء سكنت لا مفردا
…
(ظ) اهر وإن تزل كيخزهم (غ) دا
يعني وضم كسر هاء الضمير بعد الياء الساكنة مطلقا من ضمير التثنية والجمع يعقوب، نحو: عليهما وإليهما وفيهما وعليهن وفيهن وصياصيهم وبجنتيهم ويزكيهم وأيديهم وأيديهن قوله: (لا مفردا) أي لا الضمير المفرد فلا خلاف في كسر الهاء منه لوقوعها طرفا فاستثقلت الضمة عليها قوله: (ظاهر من المظاهرة) وهي المعاونة والمغالبة قوله: (وإن تزل) أي سقطت الياء لعلة جزم أو بناء نحو «ويخزهم، وإن يأتهم، وفأتهم.، وفاستفتهم» فإن رويسا يضمها على الأصل ولا يعتد بعارض السقوط إلا في قوله «ومن يولهم» كما سيأتي؛ واختلف عنه في «يلههم، وقهم، ويغنهم» على ما ذكره في أول البيت الآتي:
وخلف يلههم قهم ويغنهم
…
عنه ولا يضمّ من يولّهم
أي واختلف عن رويس في «ويلههم الأمل» في الحجر، «وقهم عذاب الجحيم، وقهم السيئات» كلاهما في غافر «ويغنهم الله» في النور، فورى عنه بعضهم ضمها طردا للباب، وروى آخرون كسرها لأجل الساكن بعدها إلحاقا بنحو «بهم الأسباب» قوله:(ولا يضم الخ) أي ولا يضم الهاء من قوله تعالى:
ومن يولهم يومئذ دبره. بل كسرها كالباقين بلا خلاف، وذلك لأن اللام فيها مشددة مكسورة فهي بمنزلة كسرتين، والانتقال من الكسرتين إلى ضمة ثقيل جدا بخلاف أخواته.
(1) الظاهر إلى الألفات لأن الياء في هذه الكلمات منقلبة عن ألف فتنبه.
وضمّ ميم الجمع صل (ث) بت (د) را
…
قبل محرّك وبالخلف (ب) را
يعني أن ميم الجمع إما أن يكون قبل محرك أو قبل ساكن، فإن وقعت قبل محرك نحو ما في هذه السورة، وهو «أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم، وهم يوقنون، وعلى قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم، وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم» فإن أبا جعفر وابن كثير وقالون بخلاف عنه يصلون ضم ميم الجمع من ذلك وشبهه بواو: أي حالة الوصل فيقولون: عليهمو وهمو وقلوبهمو، والباقون بالإسكان من غير صلة، وكلهم متفقون على الوقف بالسكون، ويفهم ذلك من قوله: قبل محرك فإنها لا تقع كذلك إلا في حالة الوصل وهما لغتان صحيحتان فصيحتان، ولورش فيه مذهب سيأتي في البيت الآتي:
وقبل همز القطع ورش واكسروا
…
قبل السّكون بعد كسر (ح) رّروا
أي وصل ضم ميم الجمع قبل همز القطع نحو «عليهم أأنذرتهم (1) أم لم وأنهم إليه» ورش من (2) الطريقين، ووجهه الفرار من النقل على مقتضى مذهبه فرجع إلى الأصل، وهو الصلة عنده قوله:(واكسروا) إشارة إلى القسم الثاني من قسمي ميم الجمع، وهو أن تكون قبل ساكن. وقد اختلفوا في حركتها وحركة ما قبلها إذا وقعت بعد كسرة نحو «بهم الأسباب، وعليهم القتال» فقرأه أبو عمرو بكسر الميم حالة الوصل، والباقون بضمها كما سيأتي في البيت الآتي، ومنهم حمزة والكسائي وخلف يضمون الهاء قبلها اتباعا، وإذا وقفوا كسروا الهاء، إلا حمزة فهو على أصله في ضم الهاء في نحو عليهم القتال، وإليهم اثنين، ويعقوب على أصله كما سيأتي، وقوله: حرروا: أي قوموا وأتقنوا، وذلك أن الأصل في التقاء الساكنين الكسر، وفيه أيضا إجراؤها في الإتباع على ما قبلها تخفيفا لئلا ينتقل من كسر إلى ضم.
وصلا وباقيهم بضمّ و (شفا)
…
مع ميم الهاء وأتبع (ظ) رفا
أي حالة الوصل قوله: (وباقيهم) أي باقي القراء يضم الميم الواقعة بعد
(1) صلة كبرى تمد بقدر المنفصل: «عليهموآ أءنذرتهم»
(2)
نحو: أي وافقهم ورش فيما كان بعد الميم همزة قطع من الخ.