الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي قرأ أبو جعفر «لئلاف قريش» كما تقدم في البيت السابق بحذف الهمزة، والباقون بإثباتها، وحذف الياء منهم ابن عامر؛ فيكون فيها ثلاث قراءات: وهي «لإيلاف» بياء ساكنة بعد اللام لأبي جعفر، «ولئلاف» بحذف الياء ابن عامر، و «لإيلاف» بإثبات الهمزة والياء للباقين وأما «إيلافهم» فقد قرأ أبو جعفر بحذف الياء والباقون بإثباتها، وقرأ «يدا أبي لهب» بإسكان الهاء ابن كثير كما سيأتي في أول البيت الآتي، والباقون بفتحها.
(د) ينا وحمّالة نصب الرّفع (ن) م
…
والنّافثات عن رويس الخلف تم
أي وقرأ «حمالة الحطب» بالنصب عاصم على الذم والشتم أو الحال، والباقون بالرفع على الصفة لامرأته أو البدل منها أو خبر مبتدإ محذوف: أي هي، وقرأ «النّافثات» بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة من غير ألف بعدها كما لفظ به رويس بخلاف عنه، وهي قراءة عاصم الجحدري وعبد الله بن قاسم الهذلي وأبي السمال ورواية ابن أبي شريح عن الكسائي وجاءت عن الحسن البصري، والباقون «النّفّاثات» كما هو هو المشهور؛ ففيها قراءات ذكرت في النشر، وكلها مأخوذة من النفث: وهو شبه النفخ في الرقي من غير ريق، وإن كان معه ريق فهو ثفل، ومعناه السواحر. قوله:(ثم) ما أحسن ما اتفق للناظم أناله الله تعالى الجنة ولطف بنا وبه في قوله: الخلف تم، فإنه يؤذن بنية مخلصة بإتمام الخلف فيه لرويس وتم حرف الخلاف، والله تعالى أعلم.
باب التكبير
التكبير عند القراء: عبارة عن قول: الله أكبر قرب ختم القارئ على ما يفصل، وهذا الباب لم يذكره أحد، وذكره بعضهم مع باب البسملة، وبعضهم في موضعه عند سورة الضحى، وجعله جمهورهم على حدته في آخر كتب الخلاف وهو الأنسب، ولذا ذكره الناظم جزاه الله تعالى خيرا ولتعلقه بالختم والدعاء، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسنّة التّكبير عند الختم
…
صحّت عن المكّين أهل العلم
السنة لغة: السيرة والطريقة، واصطلاحا: في مقابل البدعة، وتطلق في مقابل الغرض أيضا؛ فالتي تقابل البدعة: هي ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه
الراشدين رضي الله عنهم مما حض عليه قوله: (صحت) أي ثبتت هذه السنة عند المكيين: أي أئمة أهل مكة من الفقهاء والقراء والمحدثين كما بينه في النشر قوله: (المكين) جمع مكي ذكره في مواضع كثيرة، والمراد بياء النسبة كما نبهنا عليه قبل، ويجوز حذفها عند العلم بها كما قرئ شاذا «في الأمّين رسولا» بحذف ياء النسب، فمن ذلك قول عقبة الأسدي:
* وأنت امرؤ في الأشعرين مقاتل* أي في الأشعريين فحذف ياء النسب قوله: (أهل العلم) هم عند الإطلاق علماء الفقه والتفسير والحديث، وألحق بهم بعض أئمة أصحابنا علماء القراءة أيضا، والله أعلم.
في كلّ حال ولدى الصّلاة
…
سلسل عن أئمّة ثقات
أي من أحوال القراءة دراسة ورواية وغير ذلك، يعني وفي الصلاة، كما لو ختم القرآن مصليا يسن له ذلك عندهم، وسواء كانت الصلاة نفلا أو فرضا كما نقله عنهم في
النشر قوله: (سلسل) أي ورد مسلسلا على مصطلح الأئمة المحدثين، وهو أن يعاد لفظ كل راو في إسناد الحديث كما أسنده في النشر عن البزي قال: «قرأت على عكرمة بن سليمان، فلما بلغت والضحى قال لي كبر فإني قرأت على إسماعيل بن عبد الله القسط، فلما بلغت والضحى قال لي كبر على ابن كثير، فلما بلغت والضحى قال لي كبر فإني قرأت على مجاهد فأمرني لذلك، وأخبرني مجاهدا أنه قرأ على ابن عباس رضي الله عنهما فأمره بذلك، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب رضي الله عنه فأمره بذلك، وأخبره أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك (1)، والله سبحانه وتعالى أعلم.
من أوّل انشراح أو من الضّحى
…
من آخر أو أوّل قد صحّحا
أي اختلفت الرواية عن المكيين هل هو من أول سورة ألم نشرح أو من سورة الضحى؟ والقائلون بأنه من الضحى اختلفوا أيضا؛ فمنهم من رواه من آخرها، ومنهم من رواه من أولها، وكل صحيح مأخوذ به، وذلك مبني على أن التكبير لأول السورة أو لآخرها كما بينه النشر، وعزا كل قول لقائله:
(1) كتاب النثر في القراءات العشر للمؤلف رحمه الله تعالى. المجلد الثاني.
للنّاس هكذا وقبل إن ترد
…
هلّل وبعض بعد لله حمد
أي إلى سورة الناس، واللام تأتي بمعنى إلى قوله:(هكذا) أي من أولها أو من آخرها أيضا على ما تقدم قوله: (وقبل) أي وقبل التكبير يجوز التهليل وهو:
لا إله إلا الله، فيقول: لا إله إلا الله والله أكبر قوله: (هلل) يقال هلل: وإذا قال لا إله إلا الله وهيلل أيضا، فتبدل الياء من إحدى اللامين في التضعيف لئلا تتكرر اللامات قوله:(وبعض) يعني وبعض رواة التكبير زاد بعد التهليل والتكبير: ولله الحمد.
والكلّ للبزّي رووا وقنبلا
…
من دون حمد ولسوس نقلا
أي وكل هذه الأوجه من التكبير وحده أو التكبير وحده أو التكبير مع التهليل، أو هما مع ولله الحمد تجوز للبزي قوله:(رووا) أي وروى أئمة القراءة كلا من وجهي التكبير وحده أو التكبير مع التهليل دون رواية ولله الحمد، فتكون هذه الرواية مخصوصة بالبزي، ومعنى قوله رووا: حملوا رواية ذلك، وإن حملوه روايته فقد نقلوه عنه قوله:(من دون حمد) أي من غير قول ولله الحمد قوله:
(نقلا) الألف فيه للإطلاق: أي نقل التكبير له كما سيأتي في أول البيت الآتي:
تكبيرة من انشراح وروي
…
عن كلّهم أوّل كلّ يستوي
أي نقل بعض أئمة القراءة التكبير للسوسي من سورة ألم نشرح ولكنه مع وجه البسملة له لأن راوي التكبير عنه وهو ابن حبش لم يرو عن السوسي سوى البسملة قوله: (وروى) أي وروى التكبير أيضا عن كل من القراء في أول كل سورة وهو أيضا مع وجه البسملة حتى لحمزة لو قرئ له به ينوي الوقف فيصير مبتدئا، وإذا ابتدئ وجبت البسملة كما تقدم في باب البسملة قوله:(يستوى) أي التكبير على التسوية عنهم وفي كل سورة أو استقر عنهم كذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وامنع على الرّحيم وقفا إن تصل
…
كلّا وغير ذا أجز ما يحتمل
يشير إلى ما يجوز بين السورتين مع التكبير من الأوجه كما أشار في باب البسملة إلى ما يجوز بين السورتين وما يمتنع، وذلك أن هناك يزيد التكبير على البسملة، وعند اجتماعهما احتمل ثمانية أوجه من وصل الكل وقطع الكل والوقف
على بعض دون بعض يمتنع منها وجه واحد وهو الوقف على الرحيم من البسملة إذا وصل الكل: أي وصل التكبير بآخر السورة إن وصلت البسملة به، لأن البسملة للسورة الآتية لا الماضية كما ذكره في بابها وتبقى الأوجه السبعة الباقية جائزة منصوص على كل منها كما ذكره في النشر وعزاه خلافا لمن منع بعضها.
وها نحن نعد الأوجه السبعة وجها وجها زيادة في البيان: الأول وصل التكبير بآخر السورة، والوقف عليه، ووصل البسملة بأول السورة؛ فتقول:«فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح لك» الثاني وصل التكبير بآخر السورة أيضا والوقف عليه وعلى البسملة، فتقول:«فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح» . الثالث قطع التكبير عن آخر السورة ووصله بالبسملة ووصل البسملة بأول السورة، فتقول: فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح». الرابع قطع التكبير عن آخر السورة ووصله بالبسملة والوقف على البسملة ثم الابتداء بأول السورة، فتقول:«فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح» . الخامس وصل الجميع، فتقول: فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح». السادس قطع التكبير عن آخر السورة وعن البسملة ووصل البسملة بأول السورة، فنقول، «فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح» .
السابع القطع على الكل، فتقول: فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح» فالوجهان الأولان منها على تقدير أن يكون التكبير لآخر السورة، والوجهان بعدهما بتقدير أن يكون لأول السورة، والثلاثة الأخر تحتمل كلا التقديرين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثمّ اقرإ الحمد وخمس البقرة
…
إن شئت حلّا وارتحالا ذكره
أراد إذا قرأت سورة الناس اقرأ سورة الحمد: أي الفاتحة قوله: (وخمس البقرة) أي على عدد الكوفيين المشهور في الآفاق وهو إلى «أولئك هم المفلحون» قوله: (إن شئت) يعني أن ذلك ليس بلازم بل هو إلى اختيار القارئ، إذ سنة مستحبة قوله:(حلا وارتحالا) يشير إلى الحديث المرفوع «أفضل الأعمال إلى الله تعالى الحال المرتحل
الذي إذا ختم القرآن عاد فيه» (1)، قوله:(وخمس) يشير إلى ما ورد نصا عن ابن كثير «أنه كان إذا انتهى في آخر الختمة إلى سورة الناس قرأ
(1) رواه الرامهرمزي في الأمثال كنز العمال 1/ 226/.
سورة الحمد لله رب العالمين وخمس آيات من أول سورة البقرة» على عدد الكوفيين، وهو إلى «أولئك المفلحون» لأن هذا اسم الحال المرتحل، ثم يدعو بدعاء الختم، وله فعله دلائل من آثار مروية وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره مشهورة مستفيضة جاءت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم: عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد ثم قرأ من البقرة إلى- وأولئك هم المفلحون- ودعا بدعاء الختم ثم قام» (1).
وادع وأنت موقن الإجابة
…
دعوة من يختم مستجابه
أمر بالدعاء عقب الختم وهو مما أثره الخلف عن السلف، واستحبوه استحبابا مؤكدا تأكيدا شديدا، وقد ورد «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ختم القرآن جمع أهله» (2) وصح ذلك عن أنس رضي الله عنه، وثبت عن جماعة من أئمة التابعين أنهم كانوا يتحرون أوقات الختم فيحضرونها ويقولون الدعاء عند الختم مستجاب، وجاء في ذلك حديث كما ذكره الناظم؛ ولا شك أن ساعة ختم القرآن ساعة مشهودة عظيمة، فينبغي أن يدعي فيها بالأمور المهمة والكلمات الجامعة لخيرى الدنيا والآخرة وإصلاح المسلمين وتوفيقهم للطاعات وإصلاح ولاة الأمور وتوفيقهم للغزو ونصرة الدين قوله:(وأنت موقن) إشارة إلى الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة (3) واعلم أن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلبه غافل لاه. قوله: (مستجابة) يشير إلى الحديث الذي رواه الطبراني في معجمه الأوسط عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ القرآن، أو قال: من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة، إن شاء عجلها له في الدنيا، وإن شاء ادخرها له في الآخرة» وروى البيهقي في شعبة من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «مع كل ختمة دعوة مستجابة» والله سبحانه وتعالى أعلم.
وليعتنى بأدب الدّعاء
…
ولترفع الأيدي إلى السّماء
(1) رواه أبو منصور الأرجاني في كتابه «فضائل القرآن» .
(2)
رواه البيهقي موقوفا لأنس ابن مالك لا مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
رواه الترمذي والحاكم وقال: مستقيم الإسناد.
يعني إذا دعا فليعتن بأدب الدعاء فإن له أدبا كثيرة ذكرها الناظم في كتابه الحصن الحصين وأشار في النشر إلى المهمة منها: كالإخلاص، وتجنب الحرام أكلا وشربا ولبسا، والوضوء، واستقبال القبلة، والجثو على الركب؛ وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا ختم القرآن دعا قائما (1) واستحب أن يدعوا للختم وهو ساجد (2)» وكل حسن؛ وينبغي أن يبالغ في الخضوع والخشوع والإلحاح والتكرار والثناء على الله والأدعية المأثورة، وقد ورد في دعاء الختم أدب مخصوص أيضا ذكره المؤلف في النشر قوله:(ولترفع) أي ينبغي أن يرفع الداعون أيديهم إلى السماء؛ لما ورد في ذلك من أحاديث، صحيحة منها ما رواه سلمان رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم «إن ربكم حي كريم يستحي عن عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفراء» رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحهما.
وليمسح الوجه بها والحمد
…
مع الصّلاة قبله وبعد
أي ومن الآداب المستحبة مسح الوجه باليدين بعد الدعاء، لما ثبت من الأحاديث في ذلك: منها حديث عمر رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه» رواه الترمذي والحاكم في صحيحه قوله: (والحمد) أي ومن آداب الدعاء الحمد لله تبارك وتعالى قوله: (مع الصلاة) أي مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم قبل الدعاء وبعده، لما روينا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مكانه» ولما رواه الترمذي عن عمر رضي الله عنه «الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم» وعن علي رضي الله تعالى عنه «كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم» رواه الطبراني بإسناد جيد. وقال تعالى «وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين» .
ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء عند الختم «أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا ختم القرآن
(1) رواه أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه «الوفا» وهو حديث ضعيف السند لأن فيه «الحارث بن شريح» .
(2)
روي البيهقي في السجود ويسند الفعل لابن المبارك وقد استحسنه العلماء لما فيه من التقرب من الله تعالى والله ورسوله أعلم.
حمد الله بمحامد وهو قائم ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يذكر ما ورد في القرآن من الحمد ثم يقول بعد الآيتين من أول سورة فاطر: قل الحمد لله وسلام على عباده
الذين اصطفى الله خير أما يشركون: بل الله خير وأبقى وأحكم وأكرم وأجل وأعظم مما يشركون، والحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون، صدق الله ورسوله وأنا على ذلك من الشاهدين، اللهم صل على جميع الملائكة والمرسلين، وارحم عبادك المؤمنين من أهل السموات وأهل الأرض، واختم لنا منك بخير، وافتح لنا الخير، وبارك لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بالآيات والذكر الحكيم؛ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، بسم الله الرحمن الرحيم» رواه البيهقي من حديث زين العابدين مرسلا، وروى أبو منصور الأرجاني في فضائل القرآن عن داود بن قيس قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم ارحمني بالقرآن العظيم، واجعله لي إماما ونصيرا ونورا وهدى ورحمه، اللهم ذكرني منه ما نسّيت، وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واجعله لي حجة يا رب العالمين».
وهاهنا تمّ نظام الطّيّبه
…
ألفيّة سعيدة مهذّبه
هنا اسم إشارة يستعمل للقريب وهو مبتدأ وخبره تم نظام الطيبة قوله:
(نظام) النظام والنظم والجمع، ونظم اللؤلؤ: جمعه في سلك، ونظم الشعر:
جمعه موزونا مقفى، والنظام: السلك الذي ينتظم فيه اللؤلؤ، فكأن كل منها لؤلؤة انتظمت في هذا السلك، والطيبة: اسم لهذه الأرجوزة كما تقدم في الخطبة قوله:
(ألفية سعيدة مهذبة) يشير إلى عدة أبياتها كما جرت عادة من نظم في العلوم؛ يعني أنها ألف بيت وإن كانت تزيد شيئا يسير إلى نحو العشرة أبيات، فإن مثل هذا لا مشاحة فيه مع أنه لم يعدّ باب إفراد القراءات وجمعها الذي لا تعلق له بخلاف القراءات، يتم الألف في هذه الموضع، وإذا لم يسقط يتم عدة الألف عند قوله: بعد لله حمد من هذا الباب، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المآب.
بالرّوم من شعبان وسط سنة
…
تسع وتسعين وسبعمائة
الباء تتعلق بتم؛ أي نظامها بالروم: أي ببلاد الروم، وابتداؤها أيضا،
والشروع فيها كان أيضا هناك في مدينة بروصة تحت ملك سلطانها با يزيد ابن الملك مراد ابن الملك أورخان رحمه الله تعالى عند ما توجه إليها لأمر ما ثبتت القراءة، إذ كان هو القائم بغرض الجهاد في هذه الأقطار، فوصلها في أواخر شهر رجب سنة ثمان وتسعين، وحضر معه حصار مدينتي الغلطة وقسطنطينية الكبرى في شوال، ثم حضر معه قتال عساكر الكفر الذين اجتمعوا معه مع ملك الأنكروش برومية الكبرى قاطع البحر الرومي بنحو شهر، والله أعلم.
وقد أجزتها لكلّ مقري
…
كذا أجزت كلّ من في عصري
أي أجاز الناظم تقبل الله تعالى منه ورزقه العود إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم لكل من المقرئين في جميع الأمصار والأعصار أن يروى عنه هذه الأرجوزة ويقريها ويقري بها على رأي من أجاز ذلك، وكذلك أجاز أحسن الله تعالى عاقبته ونفعنا بحياته وعلومه وجمع شملنا وشمله روايتها كل من في عصره إجازة عامة كما لفظ بها مع علمه باختلاف العلماء في جواز الرواية بالإجازة العامة، وأن المختار عندهم وعنده جوازها كما بينه في كتاب البداية مع معالم الرواية، وقد اتفق للناظم أسبغ الله تعالى إنعامه عليه في هذا البيت شيء لطيف، وهو أنّ أجاز يتعدى بنفسه وبحرف الجر فاستعمله أولا باللام وثانيا بغيرها.
رواية بشرطها ليعتبر
…
وقاله محمّد بن الجزري
نكر رواية وإن كانت في سياق الإثبات للقرينة الدالة على ذلك، يعني أنه تلفظ بذلك، أي قاله بلفظه لا بمجرد الخط ليكون ذلك بلا خلاف، والله تعالى أعلم.
يرحمه بفضله الرّحمن
…
فظنّه من جوده الغفران
أعاد الدعاء لنفسه بالرحمة أيضا وختم الكتاب بذلك كما بدأ به أولا رجاء أن يصادف ساعة إجابة ممن يقرؤها أو يدرسها أو تخرج من قلب صادق مخلص فيفوز بذلك من رحمة الله ويحصل مراده من عفو الله وغفرانه، فلا بغية له سوى ذلك، فطالما سهر الليالي، وجهد نفسه وبذل وسعه في هذا الكتاب وفي أصله، ليقرب على الطالب كل بعيد ويسهل كل عسير ويقوم بما وجب عليه من حق الله
تعالى الذي أخذ عليه الميثاق ببيانه وأوعده على كتمانه قوله: (فظنه) قال صلى الله عليه وسلم (1) «قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا.
اللهم ظني فيك ورجائي لديك قريب مجيب غفور رحيم.
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.
…
وقد وقع الفراغ من نقله لكاتبه بقلمه الفقير إلى رحمة ربه الخبير البصير «على محمد حسن إبراهيم الضباع» في يوم الاثنين 4 جمادي الأولى من سنة 1335 هجرية.
(1) نسخة: «فيما يرويه عن ربه عز وجل» .