الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعني قوله تعالى «أرجئه وأخاه» في الأعراف والشعراء فقرأه بهمزة ساكنة ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وقصرها أبو عمرو ويعقوب وقالون وابن
ذكوان، واختلف عن عيسى وهشام، وأسكنها حمزة وعاصم، وضمها هشام وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب، وكسرها الباقون وهم ورش وابن ذكوان والكسائي وخلف وابن جماز وعيسى في أحد وجهيه، وأشبع حركتها مع الضم ابن كثير وهشام في وجهه والثاني، وأشبعها مع الكسر ورش والكسائي وخلف وابن جماز وكذا عيسى بخلاف عنه فيكون لهم فيها ست قراءات: الأولى بالهمز وضم الهاء من غير إشباع لأبي عمرو ويعقوب وهشام في أحد وجهيه، الثانية كذلك مع الصلة بواو لابن كثير ولهشام في الوجه الثاني، الثالثة كذلك: أي بالهمز مع كسر الهاء من غير صلة لابن ذكوان، الرابعة بغير همز مع إسكان الهاء لحمزة وعاصم، الخامسة كذلك مع كسر الهاء مقصورة لقالون وعيسى في أحد وجهيه، السادسة كذلك مع الصلة للباقين وهم ورش والكسائي وخلف وابن جماز ولعيسى في وجهه الآخر، ويبقى لشعبه وجه آخر مع ما تقدم له عن عاصم وهو الهمز وضم الهاء من غير صلة كالبصريين؛ فاعلم ذلك وتفطن له فإنه موضع يحتاج إلى الإمعان وقد أحسن فيه الناظم غاية الإحسان شكر الله سعيه وأثابه بفضله الجنان.
وأسكنن (ف) ز (ن) ل وضمّ الكسر (ل) ى
…
(حقّ) وعن شعبة كالبصر انقل
تقدم شرحه في البيت قبل.
باب المد والقصر
هو زيادة مطّ في حروف المد ولا يكون إلا لسبب، والسبب إما لفظى وهو همز أو سكون، وإما معنوي وهو قصد المبالغة في النفي كما سيأتي مفصلا. ولما انقضى الكلام على هاء الكناية أتبعه بالكلام على المد والقصر للترتيب الخلافي ولم يعتبر إمالة هدى لأنها تعرض وقفا فأخرها لما يصح في الحالتين ولا اعتبر «هم يؤمنون» إذ كان تأخيره لما هو أشبه أولى من ذكر أنواع الهمز على حدة.
إن حرف مدّ قبل همز طوّلا
…
(ج) د (ف) دو (م) ز خلفا وعن باقي الملا
حرف المد هو الألف والواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة
المكسور ما قبلها كما تقدم في أول مخارج الحروف، فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الثلاثة قبل الهمز زيد على مد الحرف طولا وتوسطا على ما سيأتي في مذاهبهم في ذلك قوله:(طولا) أمر بتطويل المد لمن ذكره بعد وهو ورش من طريق الأزرق وحمزة وابن ذكوان من طريق أهل العراق عن الأخفش عنه وذلك أعم من أن يكون متصلا وهو ما كان حرف المد والهمز في كلمة أو منفصلا وهو ما كان حرف المد في آخر كلمة والهمز أول كلمة أخرى كما سيأتي مثالهما؛ والطول عبارة عن إشباع المد من إفراط وهو أعلى المراتب وهو مما تحكمه المشافهة؛ وقدره بعضهم بخمس ألفات (1) قوله: (وعن باقي الملا) الملأ:
الجماعة الأشراف، قال الراغب: هم الجماعة يجتمعون على الرأي فيملئون العيون رواء والنفوس جلالة؛ والمراد بهم هاهنا باقي القراء العشرة.
وسّط وقيل دونهم (ن) ل ثمّ (ك) ل
…
(روى) فباقيهم أو اشبع ما اتّصل
التوسط هو مرتبة دون مرتبة الإشباع المتقدم وفوق القصر كما يعرف بالمشافهة وقدر بثلاث ألفات (2)، وبها كان يأخذ الشاطبي لغير حمزة وورش أداء ولم يصرح به في كلامه وعليه نص صاحب العنوان وشيخه وآخرون، وهذا أحد الأقوال الثلاثة في مراتب المد وبه نأخذ غالبا وعليه نعول ولذا قدمناه قوله:
(وقيل) هذا هو القول الثاني في مراتب المد، وهو أن أطولهم مدا من ذكر في البيت السابق؛ يعني ورشا من طريق الأزرق وحمزة وكذا ابن ذكوان من طريق العراقيين، ودونهم عاصم ودونه ابن عامر والكسائي وخلف ودونهم الباقون، ويبقى المرتبة الخامسة وهي القصر في المنفصل كما سيأتي، وهذا القول هو الذي في التيسير للسبعة وفي تذكرة ابن غلبون للثمانية، وفي تلخيص ابن بليمة، وفي الإقناع لابن الباذش وهو الذي قرأنا به عامة شيوخنا بمصر والشام قوله:(أو أشبع) هذا القول الثالث في مراتب المد وهو الإشباع لكل القراء في المتصل خاصة، والتفاوت في المنفصل على ما تقدم إما بالمرتبتين وإما بالأربع، وهذا
(1) أي عشر حركات.
(2)
أي ست حركات ومقدار الحركة إما بقدر قبض الأصابع أو بسطها فيتلخص لدينا أن الألف حركتان.
مذهب جمهور العراقيين وأكثر الأئمة من غيرهم قوله: (ما اتصل) يعني المد المتصل؛ وهو ما اجتمع حرف المد والهمز بعده في كلمة واحدة نحو:
للكلّ عن بعض وقصر المنفصل
…
(ل) ى (ب) ن (حم) ا (ع) ن خلفهم (د) اع (ث) مل
عن بعض: أي عن بعض أئمة القراء وهم جمهور أهل العراق وكثير من المغاربة؛ نص عليه ابن شيطا وابن سوار والقلانسي وسبط الخياط وأبو علي البغدادي وأبو معشر الطبري ومكي والمهدوي وغيرهم، والمنفصل ما كان حرف المد آخر كلمة والهمز أول الكلمة الأخرى نحو «بما أنزل الله، قالوا آمنا في أنفسكم» قرأه بالقصر ابن كثير وأبو جعفر؛ واختلف عن قالون وأبي عمرو ويعقوب وهشام وحفص وكذا الأصبهاني من حيث إن رمز ورش المتقدم اختص بالأزرق عنه فبقي هو كقالون قوله: (خلفهم) أي بخلاف قالون والأصبهاني وهشام وأبي عمرو ويعقوب وحفص؛ فالقصر عن هشام وحفص من الزيادات، والمد للسوسي أيضا من الزيادات قوله:(ثمل) الثمل النشوان، يشير إلى توهين حال من خالف القصر عنهم: أي أوضح لي حما عن خلاف من طالب لذلك لا يدري ما يقول:
والبعض للتّعظيم عن ذي القصر مد
…
وأزرق إن بعد همز حرف مد
أي بعض أئمة القراء أخذ بالمد للتعظيم عن أصحاب قصر المنفصل المتقدم ذكرهم، نص على ذلك أبو معشر الطبري والهذلي وابن مهران وغيرهم، وهو مما نختار ونأخذ به وذلك نحو لا إله إلا الله وقد ورد في ذلك حديثان مرفوعان ذكرهما في النشر، ولكن استحسنه العلماء ونص عليه الفقهاء، وقوله: عن ذي القصر مد: هو آخر الكلام على ما وقع حرف المد فيه مقدما على الهمز، ثم قال وأزرق، فأخذ في الكلام فيما وقع فيه الهمز مقدما على حرف المد وللأزرق عن ورش فيه ثلاثة أوجه المد الطويل والقصر والتوسط بينهما.
مدّ له واقصر ووسّط كنأى
…
فالآن أوتوا إيء آمنتم رأى
تقدم شرحه في البيت قبله.
لا عن منوّن ولا السّاكن صح
…
بكلمة أو همز وصل في الأصح
هو مستثنى مما وقع فيه حرف المد بعد الهمز وهو ما لم يكن حرف المد مبدلا فيه عن تنوين نحو «ماء، ولؤلؤا، ودعاء» وهذا مما أهمله الشاطبي رحمه الله ولا بد من استثنائه، وكذلك استثناء ما وقع الهمز فيه بعد ساكن صحيح في كلمة واحدة نحو «قرآن، ومسئولا» واحترز بقوله: بكلمة عما إذا كانا من كلمتين نحو «من آمن، قل أوحى» وكذلك «الآخرة، والإيمان» وإن كان في صورة كلمة ويحقق ذلك تمثيله في البيت المتقدم بالآن واستثناؤه الآن فاعلم ذلك، وكذلك استثنى له أكثر الأئمة ما وقع بعد همز الوصل من ذلك في حالة الابتداء نحو «اؤتمن، ائت بقرآن» ولذلك قال في الأصح، وأتى بأو ليفصل ما أجمع عليه مما اختلف فيه؛ على أن الشاطبي رحمه الله لم يحك فيه خلافا، والخلاف فيه ثابت نص عليه في الهادي والتبصرة والكافي، وقوله: في الأصح: أي الذي نص الجمهور عليه كالداني والطبري والشاطبي، وظاهر كلام الأكثرين.
وامنع يؤاخذ وبعادا الأولى
…
خلف وآلآن وإسرائيلا
أي وكذلك استثنوا من حروف المد الحرف الواقع بعد الهمز المغير في كلمة يؤاخذ حيث وقعت وهو مما لا خلاف فيه، وذكر الشاطبي الخلاف فيه مما يستدرك عليه فقد نص على الاتفاق عليه الداني وغيره ولذا أتى بلفظ امنع لنفي الخلاف فيه قوله:(وبعادا الأولى خلف) أي أن رواة المد المتوسط والطول، اختلفوا في عادا الأولى والآن، وهو مما وقع الهمز فيه بعد حرف المد مغيرا وفي إسرائيل وهو مما الهمز فيه محقق؛ على أن الشاطبي استثنى يا إسرائيل بلا خلاف، والصواب إثبات الخلاف فيه فقد نص على مده صاحب الهادي وصاحب الهداية وصاحب العنوان وصاحب الكافي وغيرهم قوله:(وآلآن) يعني آلآن في حرفي يونس وهما «آلآن وقد كنتم، آلآن وقد عصيت قبل» قوله: (وإسرائيل) يعني كلمة إسرائيل في جميع القرآن.
وحرفي اللّين قبيل همزة
…
عنه امددن ووسّطن بكلمة
حرفا اللين هما الياء الساكنة المفتوح ما قبلها الواو الساكنة المفتوح ما قبلها أيضا كما تقدم في صفات الحروف. والحاصل من معنى البيت أن حرفي اللين إذا
وقعا قبل همزة في كلمة واحدة نحو شيئا وسوأة فعن الأزرق عن ورش المد الطويل والتوسط، واحترز بقوله: بكلمة عما إذا كان من كلمتين نحو «خلوا إلى، وابني آدم» فإنه لا خلاف في قصره؛ على أن ورشا ينقل حركة الهمز إليه على قاعدة مذهبة كما سيأتي في بابه.
لا موئلا موودة والبعض مد
…
قصّر سوءات وبعض خصّ مد
واستثنى له موئلا في الكهف والموءودة في التكوير فلا خلاف في قصر الواو منهما قوله: (والبعض) أي واستثنى بعض الأئمة الذاهبين إلى المد سوءات:
أي حالة الجمع كما لفظ به، فقصرها نص عليه في الهادي والهدية والكافي والتبصرة وغير ذلك ولم يستثنها في التيسير فلذلك ذكر الشاطبي فيها الخلاف، والبعض المذكور هم الذين لهم المد الطويل واستثنوها فقصروها، وهذا من حيث الرواية وإن كان يبعد فهمه من اللفظ، فلو عبر بقوله: ومن يمد لفهم قوله:
وبعض خص مد: أي بعض الأئمة كأبي الحسن بن غلبون وأبي طاهر بن خلف وابن بليمة خص لفظ شيء من هذا الباب فلم يمد سواه للأزرق ولحمزة أيضا من روايته كأنهم جعلوا مده لحمزة قائما مقام السكت.
شيء له مع حمزة والبعض مد
…
لحمزة في نفي لا كلا مرد
أي للأزرق عن ورش؛ يعني أن بعضهم خص من حرفي اللين كلمة شيء كيف أتت فمدها للأزرق وحمزة كما تقدم وهذا تمام السبب الهمزي قوله:
(والبعض مد) أي وذهب بعض الأئمة إلى زيادة المد لمعنى النفي في لا التي للتبرئة، نحو «لا ريب فيه، لا جرم، لا مرد» ونص عليه لحمزة في المستنير والمبهج والجامع لابن فارس.
وأشبع المدّ لساكن لزم
…
ونحو عين فالثّلاثة لهم
هذا بيان المد لسبب الساكن، فإن كان الساكن لازما وهو ما كان ثابتا وصلا ووقفا نحو «الضالين، وأ تحاجوني» فالقراء كلهم على مده مشبعا على مرتبة واحدة قوله: (ونحو عين) أي فإن وقع قبل الساكن اللازم حرف لين نحو عين من كهيعص، وحم عسق فيجوز للقراء العشرة الثلاثة الأوجه المتقدمة: يعني المد والتوسط والقصر، ولم يذكر الشاطبي القصر واختار الطول، واختيارنا التوسط
للفرق، والقصر مذهب ابن سوار وسبط الخياط والحافظ أبي العلا وعامة العراقيين.
كساكن الوقف وفي اللّين يقل
…
طول وأقوى السّببين يستقل
أي هذه الثلاثة تجوز لجميع القراء في عين ونحوها كجوازها في الساكن العارض وهو الذي يوجد وقفا نحو «الكتاب، والحساب، والرحيم، والدين، ويؤمنون، والمفلحون» مما هو حرف مد ونحو «الخوف، والليل» مما هو حرف لين إلا أن الآخذين بالطول في هذا النوع وهو اللين قليلون بل الأكثرون على الأخذ فيه بالتوسط والقصر، وعلم من هذا أن الآخذين بالطول في هذا النوع المدي على خلاف ذلك من الكثرة قوله:(وأقوى السببين) هذا أصل جليل في هذا الباب لم يتعرض له الشاطبي رحمه الله تعالى وتجب معرفته؛ وهو أنه إذا اجتمع سببان للمد عمل بأقواهما وألغى أضعفهما إجماعا نحو «آمين البيت، ورأى أيديهم، وجاءوا أباهم» فلا يجوز في ذلك للأزرق التوسط ولا القصر من أجل وقوع حرف المد بعد الهمز، بل المد وجها واحدا من أجل وقوع الهمز بعد حرف المد؛ وكذلك لا يجري لهم الثلاثة في نحو «السماء، والسوء، وتفيء» حالة الوقف بالسكون ولا الثلاثة للأزرق في الوقف على نحو «يستهزءون» إلا على مذهب من قصره وصلا، بل يجوز الطول وقفا لمن مذهبه دون ذلك وصلا والله أعلم قوله:(يستقل) أي يستقل بالعمل ويذهب حكم الضعيف.
والمدّ أولى إن تغيّر السّبب
…
وبقي الأثر أو فاقصر أحب
وهذا أصل ذكره الشاطبي في الهمزتين من كلمتين ولم يبين تفصيله وهو هنا أولى ولا بد من تفصيله، وذلك أن سبب المد إذا تغير بين بين أو غيره لا يخلو من أن يبقى أثر السبب أولا، فإن بقي أثره فالمد أولى، وإن لم يبق فالقصر أولى وذلك نحو: هؤلاء إن كنتم عند قالون والبزي حيث يجعلان الأولى بين بين ونحوها عند أبي عمرو حيث يحذفها فالقصر له أولى والمد لهما أولى، وكذلك إذا وقف لحمزة على نحو يشاء، وإلى السماء فإن المد له في وجه التسهيل بالروم أولى، والقصر أولى في وجه البدل لما ذكرنا والله أعلم، وقوله: إن تغير السبب: أي سبب المد سواء كان همزا كما مثلنا به أم ساكنا نحو الم الله حالة