الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس عشر
مكان إهلال النبي صلى الله عليه وسلم
-
بَابُ الإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ](1).
هذا حديث ابن عمر وفيه إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم أهَلَّ من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة.
ولا يفهم من قوله: (مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ)؛ أنه يعني بعد الصلاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في المدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات تلك الليلة، ثم أحرم، فإنه أحرم عندما انبعثت به راحلته (2) هذا هو الصحيح.
وفي لفظٍ عن ابن عمر كذلك: (ثم يركب فإذا استوت به راحلته قائمًا أحرم)(3) وفي حديث جابر: (حتى إذا استوت به على البيداء)(4) وهذا لا ينافي أن يكون أحرم أول ما ركبها، فإما أن يكون استوى عليها وهي على البيداء - فالمكان هناك كله صحراء -، أو يكون مشى شيئًا ثم رفع صوته فسمعه جابر رضي الله عنه.
وهذا هو الصحيح أنه لم يحرم صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة ولم يشرع في التلبية وعقد الإحرام حتى مشى، بل منذ أن ركب راحلته واستوت به أهَلَّ صلى الله عليه وسلم.
وبعضهم رام جمع الآثار في هذا وقال بالحديث الذي رواه أبو داود (5) من طريق خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير قال: (عجبت لاختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في نسكه) قال ابن عباس
(1) أخرجه البخاري (1541)، ومسلم (1186).
(2)
كما رواه البخاري (1628)، ومسلم (690) بشطره الأول، وهو من حديث أنس رضي الله عنه.
(3)
رواه البخاري (1479).
(4)
رواه مسلم (1218).
(5)
برقم (1770).
- رضي الله عنه: (إنه أهَلَّ بعد الصلاة فسمعه قوم فنقلوا عنه، ثم أهل بعد ما ركب دابته فأدركه قوم فأخذوا عنه، ثم أهل بعدما علت به على البيداء فأدركه قوم فأخذوا عنه) فهذا لا يثبت؛ لأن خصيف ضعيفًا، ولو صح لكان فيصلًا في المسألة ولكان الصواب أنه أهل صلى الله عليه وسلم حينما استوت به الناقة وكان عند المسجد.
ويأخذ من الحديث أن الإنسان يؤخر التلبية حتى يركب السيارة ويستقبل القبلة ثم يحرم؛ لأنه قد يكون نسي شيئًا.
وهنا قد يسأل سائل هل للإحرام صلاة تخصه؟
نقول: الجمهور على أن للإحرام صلاة تخصه، والقول الثاني ليس له وهذا هو الصحيح.
لكن إن صلى عند الميقات فرضًا فالأفضل أن يحرم عقيب الفرض على الوجه الذي ذكرنا هنا، ولكن كونه يمشي ويريد أن يميل إلى مسجد الميقات ثم يصلي ركعتين ثم يهل بعدهما فهذا لا أصل له، أما حديث ابن عباس (صل في هذا الوادي المبارك ثم قل: عمرة في حجة) (1) فهو صلى الله عليه وسلم صلى أي: وافق صلاة الفرض فصلاها صلى الله عليه وسلم.
فإن رَتَّب الإنسان أنه يمر بالميقات فرضًا من الفروض ثم يحرم عقبه فلا بأس.
ومما في الحديث من الفوائد رفع الصوت بالتلبية؛ لأنهم سمعوه.
(1) رواه البخاري (1461، ومواضع).