الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع والعشرون
ما أبيح قتله من الدواب
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَواسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحِلّ وَالحَرَمِ: العَقْرَبُ، وَالحِدَأَةُ، وَالغُرَابُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ](1).
هذه الدواب يقتلن في الحل والحرم؛ لأذيتهن.
فقوله: «خَمْسٌ» هذا مفهوم عدد ليس فيه الحصر، وقد جاء في بعض طرق البخاري:«والحية» (2) وعند أبي داود: «السبع العادي» (3).
وقوله: «كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ» الفاسق: هو الخارج عن حد الاعتدال، والفسوق: الخروج، وفي هذا قوله تعالى:{إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50]. أي: خرج عن طاعة ربه وما أراداه منه.
و «العَقْرَبُ» : هي الدابة المعروفة ذات السم وهذه تُقْتَل حتى في الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين كما في حديث يحيى بن أبي كثير عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث صحيح.
«وَالحِدَأَةُ» : طائر معروف ينتشل اللحم ويسرقه، وفي قصة عائشة رضي الله عنها في قصة المرأة التي كانت لها حفش (4) في المسجد وكانت تتمثل بأبيات كثيرة منها هذا البيت:
(1) أخرجه البخاري (1829)، ومسلم (1198).
(2)
رواه مسلم (1198).
(3)
رواه أبو داود (1848)، وابن ماجه (3089)، وأحمد (3/ 3).
وقال الحافظ في التلخيص: في إسناده يزيد بن أبي ضعيف وإن حسنه الترمذي وفيه لفظة منكرة وهي قوله: «ويرمي الغراب ولا يقتله» ا. هـ.
(4)
الخشف: هو البيت الصغير قليل الارتفاع.
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا
…
إلا أنه من بلدة الكفر أنجاني
وكانت عائشة ما جلست معها إلا تسمع هذا البيت فقالت: ما قصته؟
قالت: إني كنت عند أناس وفقدوا وشاحًا أحمر كان على إحدى جواريهم أتته الحدأة فأخذته تظنه لحمًا، قالت: ففتشوني حتى فتشوا قُبُلَهَا قالت: فبينما هم كذلك أتت الحدأة فرمت بالوشاح (1).
وبوب عليه البخاري (باب نوم المرأة في المسجد).
«وَالغُرَابُ» : هو طائر خبيث أسود في ظهره وبطنه بياض يؤذي المزارعين.
«وَالفَأْرَةُ» : هي الدابة التي تخرق وتشق الأقمشة، وتسرق الذهب كما قال بعضهم، وتفسد الأطعمة، وتقذر بفضلاتها.
«وَالكَلْبُ العَقُورُ» : قد يقال أنه اسم جنس فيشمل الأسد والنمر، اعتمادًا على ما روي أن النبي دعى على بعض ولد أبي لهب: اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك فقتله الأسد (2). خرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في دلائل النبوة وهو مشهور في أخبار السيرة لكن ليس له إسناد قائم.
وقيل: أنه الكلب، والصحيح أنه يشمل كل كلب عقور يفترس ويعدو ويؤذي ويعقر الدواب والناس.
والدواب قال أهل العلم فيها إنها ثلاثة أقسام من حيث القتل وعدم القتل:
(1) رواه البخاري (428، 3623).
(2)
رواه الحاكم في المستدرك (2/ 588)، وصححه ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي (5/ 211)، والهيثمي في الزوائد (2/ 562)، والمتقي الهندي في كنز العمال (12/ 688)، وقال: أورده السيوطي في الخصائص الكبرى (1/ 366) وقال: أخرجه ابن إسحاق وأبو نعيم من طرق أخرى مرسلة. ا. هـ، وابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف (2/ 138).
وقال العلامة الألباني في تخريج الظلال (1/ 734): حسن لشواهده، ونقل تحسين الحافظ في الفتح (4/ 48).
1 -
قسم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله كهذه الخمس، والوزغ كذلك وسماه فويسقًا كما في حديث أم شريك الذي رواه البخاري وفيه قال: كان ينفخ النار على إبراهيم (1)، وقاس عليها العلماء كل مؤذي من الدواب.
2 -
قسم ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله مثل: «النملة، والنحلة، والهدهد، والصُرد» (2).
3 -
قسم مسكوت عنه.
فقال بعضهم: يباح قتلها؛ لأن سكوت الشارع عفو.
وقال بعضهم: لا تقتل؛ لأن الله خلقها لحكمة، وبخاصة إن كان الأصل أنها غير مؤذية، فالأولى تركها ما لم يكن حصل منها ضرر وأذية، ولهذا جاء النهي عن قتل الهدهد والنملة والنحلة.
وقد لا يكون في بعضها فائدة كالصرد: وهو طائر أكبر من العصفور قليلًا، والنملة قد لا يكون فيها فائدة بل قد يصير بها شيء من الإفساد بحق الأرض، لكن الأصل في النمل أنه لا يقتل، وإن أمكن دفع أذيته بغير القتل كالكنس أو الفخ بالهواء، فلا يقتل إلا إذا لم يندفع شره إلا بالقتل قتلت.
مسألة:
وهل تقتل هذه الدواب الخمس ابتداءً؟ نعم. تقتل ابتداءً، وليس معنى هذا أن ينشغل الإنسان بالبحث عنها وطردها لكن إذا عرضت له قتلها، ويكون في قتلها امتثالًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهذا لما كان الصحابة - رضي الله عليهم أجمعين - بمنى
(1) رواه البخاري (3131، 3180)، ومسلم (2237، 2238).
(2)
رواه أبو داود (5267)، وابن ماجه (2609)، وأحمد (1/ 332، 347)، قال ابن حجر في التلخيص (2/ 275): رجاله رجال الصحيح، قال البيهقي: هو أقوى ما ورد في هذا الباب، ثم رواه من حديث سهل بن سعد وزاد فيه والضفدع، وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل وهو ضعيف.
خرجت عليهم حية فابتدروها يقتلوها فدخلت الجحر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفيت شركم وكفيتم شرها» (1).
وجاء في بعض الأحاديث تقييد الغراب بالأبقع والصحيح كل الغربان وإن صحت فيكون لشدة أذيته وجاء الأبقع في مسلم (2).
(1) رواه البخاري (1733، ومواضع)، ومسلم (2234).
(2)
رواه مسلم (1198)، وقال العلامة محمد فؤاد عبد الباقي:(الغراب الأبقع) هو الذي في ظهره وبطنه بياض.