الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس والعشرون
وجوب الفدية على من اضطر لحق الرأس
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: حُمِلْت إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ:«مَا كُنْت أُرَى الوَجَعَ بَلَغَ بِك مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟» قُلْت: لَا، قَالَ:«فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» [مُتَّفْقٌ عَلَيْهِ](1).
كعب بن عجرة أحد الصحابة كان أصابه قمل كثير في رأسه، فحمل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر عل وجهه فقال صلى الله عليه وسلم:«ما كُنْت أُرَى» أي: أظن فـ (أُرى) بالضم يعني أظن، أما (أَرى) بالفتح فهو البصر العيني.
وقوله: «أَتَجِدُ شَاةً؟» هذا يوهم الترتيب، لكنه في كتاب الله تعالى على التخيير في قوله تعالى:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} .
فلعله إنما قال شاة عل سبيل التخيير أو الأفضلية لا على سبيل الترتيب بسبب صريح القرآن، وكما هو صريح في بعض سياقات حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه «أنسك شاة أو أطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيامًا» (2).
وفيه الفدية عل الإنسان إذا حلق شعره من أجل وجود قمل أو ما أشبه ذلك؛ لأن هذا الشعر يتعلق به النسك فكان فيه الفدية وهى على التخيير.
وأهل العلم يسمونها: (فدية أذى) وتكون:
- إما يذبح شاة تجزئ في الأضاحي سليمة من العيوب الممنوعة شرعًا، وبلغت السن المجزية، وهكذا كل دم واجب أو مستحب كالهدي والأضاحي والعقيقة.
- أو يطعم ستة مساكين لكل واحد نصف صاع.
- أو يصوم ثلاثة أيام.
(1) أخرجه البخاري (1816)، ومسلم (1201).
(2)
رواه البخاري (1722، 3927).
قال أهل العلم: الذبح والإطعام بمكة، والصيام حيث شاء.
وقعد أهل العلم قاعدة هي:
«إن الإنسان إذا أتلف شيئًا لدفع أذاه له فإنه لا يضمن، وإذا أتلفه لدفع أذاه به فإنه يضمن» .
وهنا أتلف الشعر لدفع أذاه به، فإن الأذى متعلق بالقمل لا الشعر، ولا يمكن إذهاب القمل إلا بحلق الشعر، فأُتْلِف الشعر لدفع أذى القمل له.
ومثل ذلك لو أن إنسانًا صال عليه جمل أو شاة ولم يكن يستطيع دفع أذاها إلا بالقتل فإنه لا يضمن؛ لأنه أتلفها لدفع أذاها له فهي مؤذية له لم يندفع شرها إلا بالقتل.
ولكن لو أنه جاع جوعًا شديدًا وأراد دفع أذى الجوع عنه بذبح هذا الجمل أو الشاة فإنه يضمن؛ لأنه دفع أذى الذي لحقه بإتلاف هذا الجمل أو الشاة وهي للغير فإنه يكون ضامنًا.
وعليه كما قال أهل العلم: لو أن إنسانًا انكسر ظفره وآلمه، أو سقطت شعرة في عينه وكانت الشعرة هي المؤذية فقطعها وقطع الأظفر فلا فدية، لكن لو أصابه القمل فلا يمكن إتلاف هذا القمل إلا بحلق الشعر فالشعر لم يحصل منه أذى فعندها يضمن والضمان هنا الفدية كما تقدم.
وقد قسم أهل العلم فعل المحظور إلى ثلاثة أقسام:
1 -
أن يفعله عالمًا ذاكرًا مختارًا غير معذورًا، فهذا عليه الإثم وما يترتب عليه فعل ذلك المحظور.
2 -
أن يفعله معذورًا بجهلٍ أو نسيان أو إكراه، فهذا لا إثم ولا فدية عليه.
3 -
أن يفعله عالمًا ذاكرًا مختارًا ولكنه معذور مثل قصة كعب بن عجرة فهذا عليه فدية وليس عليه الإثم.