الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن والخمسون
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ فِي البَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ الغَدَ، لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ (1).
في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ترك المبيت بمنى للرعاة، وهم الذين يرعون إبل الحجاج، والحجاج وهم نازلون بمنى لا يحتاجون إلى إبلهم.
والإبل تحتاج إلى الرعي وتحتاج إلى أكل النبات فيذهبون إلى مواقع الكلأ القريبة فترعى منها.
وقوله: (عَنْ مِنًى) هنا تتضمن معنى الخروج وترك منى فالنبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في ترك المبيت ويبيتون مع الإبل يحرسونها.
وقوله: (يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ)؛ لأن الحجاج يأتون على رواحلهم يحتاجون للرواحل، فهم لا حاجة لهم في تركها؛ لأنهم قدموا عليها من عرفات لمزدلفة، فيرمون - أي: الرعاة - مع الناس يوم العاشر، فالرعاة لم يستلموا الإبل بعد ثم يرمون يوم الغد ومن بعد الغد ليومين أي: يجمعون رمي يوم الحادي عشر والثاني عشر فيرمونه يوم الثاني عشر، فسيتركون المبيت ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، والترك يفوت لا يمكن قضاؤه، أما الرمي فيمكن قضاؤه ولهذا رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في البيتوتة، ولم يأمرهم بها لأنها تفوت، وأما الرمي فأذن لهم فإنه لا يفوت فيرمونه يوم الثاني عشر عن يوم الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، ويرخص لهم كذلك وإذا تأخروا يرمون يوم الحادي عشر والثاني عشر في يوم الثالث عشر لمن تأخر.
(1) صحيح: رواه أبو داود (1975)، والنسائي (5/ 273)، والترمذي (955)، وابن ماجه (3037)، وأحمد (4/ 450)، وابن حبان (3888).
وفيه: أن المشتغل بمصالح عامة - كما قال شيوخنا - للمسلمين فإنه يرخص له في ترك المبيت، ولكن لا يرخص له بترك الرمي وله أن يؤجل الرمي.
ومن هنا قال بعض مشايخنا في إن الإنسان إذا كان الرمي بعيدًا عليه كمن يكون في أطراف مزدلفة، أو في أطراف منى يشق عليه التردد إلى الجمرات؛ فإنه له أن يؤخر إلى اليوم الأخر إن كان تأخر، وإن كان تعجل إلى يوم الثاني عشر، ثم إذا أتى يرتب رميه يرمي اليوم الأول، ثم يعود ويرمي الثاني، ثم يعود ويرمي اليوم الثالث فيقضيه؛ لأن هذا له عذر في مشقة التردد على الجمرات فيجوز له التأخير.
والمشهور في المذهب جوازه ولو بلا حاجة، ولكن الصحيح جواز تأخير الرمي لحاجة فيجمعه في يوم واحد.
وفيه: وجوب الرمي وهو واجب من الواجبات عند أهل العلم، وفي تركه عندهم دم، والرمي كله واجب واحد ليس الرمي يوم العيد به دم وسائر الأيام بها دم.
وبعضهم قال: رمي يوم كامل فيه دم والصحيح أنه واجب واحد، فإن ترك بعض الشيء وقع الخلاف عند أهل العلم على نحو ما قيل في ترك المبيت.
ومشايخنا منهم من يفتي إذا ترك يوم كامل - ولم يمكنه استدراك الرمي لفوات زمانه أيام التشريق أو ترك المبيت ليلة من غير عذر - أنه يتصدق بشيء ويستغفر الله عز وجل إذا كان من غير عذر كما تقدم.
سؤال: لو رمى بأقل من سبع؟
الجواب: جاء في حديث سعد رضي الله عنه قال: رجعنا من حجة الودع وفينا من يقول بست ومنا من يقول: رميت بسبع ولم يعب بعضنا بعضًا لكن أظن إسناده منقطع.
ولكن رخص بعض مشايخنا ولهم سلف من التابعين بترك الحصاة الواحدة، ورخص بعضهم بترك الحصاتين وعلى كل حال إذا كان الوقت باقيًا فينبغي أن يرمي الرمي كاملًا، ولكن إذا فات الوقت لا نستطيع أن نؤثمه أو نلزمه بدم إذا كان المتروك حصاة أو حصاتين.