المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قال المؤلف رحمه الله - شرح كتاب الحج من بلوغ المرام

[عبد الله بن مانع الروقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌نصيحة عامة وفائدة مهمة

- ‌قال المؤلف رحمه الله

- ‌الحديث الأولفضل العمرة والحج

- ‌الحديث الثانيما على النساء من جهاد

- ‌الحديث الثالث، والرابعهل العمرة واجبة كالحج

- ‌الحديث الخامسفي تفسير الزاد

- ‌الحديث السادسفي حج الصبي الذي لم يبلغ

- ‌الحديث السابعالحج عن الغير

- ‌الحديث الثامنمن نذر أن يحج ومات ولم يفعل

- ‌الحديث التاسعحج الصبي والعبد

- ‌الحديث العاشرفي النهي عن سفر المرأة بدون محرم

- ‌الحديث الحادي عشرالحج عن الغير

- ‌الحديث الثاني عشرالحج الواجب في العمر مرة

- ‌الحديث الثالث عشر، والرابع عشربَابُ المَوَاقِيتِ

- ‌الحديث الخامس عشربَابُ وُجُوهِ الإِحْرَامِ وَصِفَتِهِ

- ‌الحديث السادس عشرمكان إهلال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السابع عشررفع الصوت بالإهلال

- ‌الحديث الثامن عشرالاغتسال قبل الإهلال

- ‌الحديث التاسع عشرما لا يصح للمحرم لبسه

- ‌الحديث العشرونالتطيب قبل الإحرام

- ‌الحديث الحادي والعشرونمما نهى عنه المحرم

- ‌الحديث الثاني والعشرون، والثالث والعشرونمما نهي عنه الحاج

- ‌الحديث الرابع والعشرونما أبيح قتله من الدواب

- ‌الحديث الخامس والعشرونمما يُباح للمحرم فعله

- ‌الحديث السادس والعشرونوجوب الفدية على من اضطر لحق الرأس

- ‌الحديث السابع والعشرونمما نهي عنه المحرم

- ‌الحديث الثامن والعشرونمكة والمدينة حرام

- ‌الحديث التاسع والعشرونبَابُ صِفَةِ الحَجِّ وُدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌الحديث الثلاثونالذكر بعد التلبية

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثونمكان دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة وخروجه

- ‌الحديث الثالث والثلاثونالمبيت بذي طوى

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون، والسادس والثلائونصفة الطواف بالبيت

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثونالاعتقاد في الله وحده

- ‌الحديث التاسع والثلاثون، والأربعون

- ‌الحديث الحادي والأربعونصفة العودة من منى إلى عرفات

- ‌الحديث الثاني والأربعونإذن النبي صلى الله عليه وسلم للضعفاء

- ‌الحديث الثالث والأربعونإذن النبي صلى الله عليه وسلم للسودة أن تسبق إلى الرمي

- ‌الحديث الرابع والأربعونالنهي عن الرمي قبل طلوع الشمس

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌الحديث الخمسون

- ‌الحديث الحادي والخمسونصفة الرمي

- ‌الحديث الثاني والخمسونفي أن الحلق أفضل من التقصير

- ‌الحديث الثالث والخمسونتيسير النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة في الحج

- ‌الحديث الرابع والخمسونماذا على من أُحْصِر

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌الحديث الستون

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌الحديث الثامن والستونفي الاشتراط

- ‌الحديث التاسع والستون

الفصل: ‌قال المؤلف رحمه الله

‌قال المؤلف رحمه الله

-:

كتاب الحج

بَابُ فَضْلِهِ وَبَيَانِ مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لَمِا بَيْنَهُمَا، وَالَحجُّ المَبْرورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الَجَنَّةَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ](1).

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الحَجُّ، وَالعُمْرَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ العُمْرَةِ، أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ:«لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ]. وَالرَّاجِحُ وَقْفُهُ.

وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «الحَجُّ وَالعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ» .

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ:«الزَّادُ والرَّاحِلَةُ» . رَوَاهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وَالرَّاجِحُ إِرْسَالُهُ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقَى رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» (قَالُوا: المُسْلِمُونَ)، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: «رَسُولُ اللهِ» فَرَفَعَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَك أَجْرٌ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

(1) سيأتي تخريج الأحاديث - إن شاء الله - كلٌ في موضعه.

ص: 9

يقول المؤلف رحمه الله: (كتاب الحج) أي: هذا كتاب الحج، ثم بدأ بفضله وبيان من فرضه عليه، والحج لا شك أنه ركن من أركان الإسلام فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس

» وذكر الصيام الركن الرابع ثم ذكر الحج (1)، وفي رواية أنه ذكر الحج ثم ذكر بعده الصيام (2)، وهذه رواية البخاري فيها تقديم الحج وتأخير الصيام، ولكن المشهور في الأحاديث في ترتيب أركان الإسلام أن الحج هو آخرها، وهذه رواية مسلم في صحيحه وأصحاب السنن وغيرهم ففيها تقديم الصيام على الحج.

ولن نطيل الكلام في مسألة فرضية الحج، إنما الكلام في المسائل التي تحتاج بحث ونظر.

ومن المسائل المهمة:

متى فرض الحج؟

وعلى هذا ينبني الخلاف في مسألة وجوب الحج هل هو على الفور أم على التراخي؟.

الصحيح أن الحج فرض في العام التاسع من الهجرة، وأما قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. فهذه الآية نزلت في صلح الحديبية في العام السادس، وهذه الآية ليس فيها إلا إتمام فرائض الحج والعمرة وسننهما كما فسرها جماعة من السلف من الصحابة والتابعين.

وأما فرض الحج فهو في آية آل عمران {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ (3) الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].

فمن باب الاستطراد النافع نقول:

(1) أخرجه مسلم (19)، والترمذي في الجامع (2609)، والنسائي في المجتبى (5001)، وغيرهم من أصحاب السنن والمعاجم والمسانيد.

(2)

أخرجه البخاري رقم (8)، ومسلم (20، 21) وقد تكلم الحافظ ابن حجر على هذه الرواية كلاما جيدًا فانظره في شرح الحديث، وأيضًا كلام الإمام النووي في شرح حديث رقم (16) من صحيح مسلم وقد أورد كلام أهل العلم في النظر فيها فانظره ففيه فوائد.

(3)

هكذا الأفصح أن يقال حِج البيت وليس حَج البيت كما هو كتاب الله وأيضًا يقال ذو الحِجة.

ص: 10

هل يدل هذا على أن من لم يحج كافر؟

الأمر كما روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {.. وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ ..} [النمل: 40]، قال:«من كفر بالحج فلم ير حجه برًا ولا تركه مأثمًا» (1).

وإن كان هذا الخبر به ضعفًا لكن معناه صحيح فعلى معناه يدل مفهوم كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة رضي الله عنهم وإجماع الأمة.

فمما لا شك فيه أن الذي لا يرى الحج برًّا ولا يرى تركه إثمًا كافر (2).

وقد نزلت آية آل عمران: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} في العام التاسع من الهجرة في عام الوفود باتفاق أهل السير.

وأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فنزلت في العام السادس من الهجرة، وكانت مكة في قبضة المشركين حيث أنها ظلت في أيديهم إلى العام السابع، وفي هذا العام أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة القضية (3).

وفي العام الثامن من الهجرة كان فتح مكة وفي التاسع كان عام الوفود (4) وكان النبي صلى الله عليه وسلم ماكثًا في المدينة مشتغلًا باستقبال الناس لدخولهم في الإسلام زرافات ووحدانا، وكان هذا أنفع.

(1) رواه البيهقي في شعب الإيمان (3/ 427 رقم 3971)، وفي السنن الكبرى (4/ 324 رقم 8389) من كلام ابن عباس فيما رواه عنه علي بن أبي طلحة، ورواية علي بن أبي طلحة وإن كان من رجال مسلم إلا أن روايته عن ابن عباس منقطعة عند أهل العلم، ولكنها وجدت بالتتبع والاستقراء موفقة للصحيح.

(2)

وقد عدد أهل التفسير والأثر الشواهد على هذا في تفسير الآية السابقة فلمزيد بيان انظر إن شئت تفسير الآية في تفسير الطبري والقرطبي وفتح القدير والدر المنثور وروح المعاني

وغيرهم.

وانظر أيضًا في المسألة ذاتها كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (20/ 91)، وشرح العمدة (3/ 633)، وانظر بدائع الصنائع (2/ 290).

(3)

قال ابن عبد البر في التمهيد (15/ 212)، وابن حجر في الفتح (3/ 602): سميت بذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضي قريشًا وصالحهم في ذلك العالم على الرجوع عن البيت وقصده من قابل إن شاء فسميت بذلك عمرة القضية. اهـ. وكانت في ذي القعدة.

(4)

سُمي بهذا لكثرة الوفود التي وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، ولمزيد من التفصيل انظر كتاب المغازي في المجلد السابع من صحيح البخاري بداية من حديث رقم (4365)، ومسلم كتاب الفضائل.

ص: 11

وأيضًا هناك مانع آخر منعه صلى الله عليه وسلم من الحج في العام التاسع؛ أن المشركين كانوا يحجون، ولهذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وأتبعه بعلي بن أبي طالب، فكانوا يُعْلِنُون أنه لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عُريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (1).

فكان هذا إعلانًا من الله ورسوله أن الحج في السنة القادمة لا يحج إلا المسلمون، وهذان مانعان مشهوران عند أهل العلم من عدم حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع للهجرة.

فالخلاصة موانع حج النبي صلى الله عليه وسلم في العام التاسع:

أولاً: أن الحج كان فيه مشركون كثير سنة تسع.

الأمر الثاني: أن النبي اشتغل في العام التاسع بالوفود، وعدد الوفود الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أفاد الحافظ أنهم بلغوا ستين وفدًا كما ذكره في فتح الباري في باب حج أبي بكر بالناس من كتاب المغازي (8/ 83).

وهناك أمر ثالث ذكره شيخ الإسلام والحافظ ابن حجر وغيرهم: وهو أن الزمان لم يكن قد استدار، وكانت قريش وغيرها من مشركي العرب يعبثون في الزمان، كما قال تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: 37].

فكانوا يؤخرون الشهور، فكانت الأيام لم تقع على هيئتها كما خلقها الله عز وجل، لهذا لما خطب النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة في حجة الوداع قال:«إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض» (2).

أي: وقعت الأيام موقعها، وكان شهر ذي الحجة موافق لأول ابتداء الخلق، فكان الحج حقيقيًّا، وإن كان هذا في كونه مانع نظرًا من حيث إن الناس - كما أجمع أهل العلم - لو وقفوا في اليوم الثامن أو اليوم العاشر بعرفة لصح حجهم باتفاق.

(1) أخرجه البخاري (362، 1543، 4378)، ومسلم (1347).

(2)

رواه البخاري (4385، 5230)، ومسلم (1679).

ص: 12

فهذا الوجه فيه ضعف من هذه الحيثية، ويمكن أن يقال بالفرق فإنما صح حج الناس في مثل هذه الصورة لعدم العلم.

فالصحيح أن الحج فرض في العام التاسع من الهجرة، وعلى هذا ما يكون النبي تركه إلا بأعذار فيكون الأصل الحج على الفور.

وقد حكى شيخ الإسلام اتفاق الصحابة والسلف أنه على الفور كما في شرح العمدة (2/ 215).

ويدل عليه أثر عمر رضي الله عنه، وقد روي عنه من غير وجه وهو ثابت عن قوله:«من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًّا أو نصرانيًّا» (1).

وفي لفظ عنه: «ولقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار فينظروا كل رجل ذا جِدة لم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين» (2).

قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: وهذا قول عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة اهـ.

والمشهور عند الشافعية أن الحج فرض في العام السادس من الهجرة، وعلى هذا جرى قولهم واشتهر عنهم أن الحج ليس بواجب على الفور، وإنما على التراخي، والعجيب أنهم يقولون: الحج ليس بواجب على الفور، ولكن من مات علمنا أنه واجب عليه، فيلزمه إن كان ترك مالًا أن يخرج من تركته من يحج عنه.

واحتج بعض الشافعية وغيرهم بأنه في قراءة بعض أصحاب ابن مسعود كعلقمة وغيره من أصحاب ابن مسعود، وصح عن إبراهيم النخعي أنه قرأ قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} بلفظ: (وأقيموا).

(1) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 306) رقم (14455) بلفظ: «من مات وهو موسر لم يحج فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا» ، والبيهقي في سننه الكبرى (4/ 334) رقم (8444)، أبو نعيم في الحلية (9/ 252) بألفاظ تدل على نفس المعنى كلها عن عمر رضي الله عنه.

(2)

ذكره شيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 215) لكني لم أقف عليه في الأمهات.

ص: 13

ولكن هذه القراءة ضعيفة من وجهين:

الأول: أنها تخالف الرسم العثماني فتكون شاذة.

الثاني: أنها تفسيرية (أقيموا) و (أتموا) متقاربان.

والصحيح أنها تفسيرية للآية بالرسم المشهور {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ .. الآية} .

وعلى هذا لا حجة لمن قال أن الحج واجب على التراخي، فالصحيح أن الإنسان إذا بلغ سن البلوغ، كما لو بلغ في شوال أو في ذي القعدة، وكان موسرًا تلك السنة فيجب عليه أن يحج في أول سنة يأتي عليه فيها الحج، ومن مات وقد فرَّط في أداء الحج بعد القدرة عليه فَيُخْشَى ألا ينفعه تأديته عنه بعد موته (1).

وهل الحج عبادة بدنية أو مالية؟

الأصل فيه أنه عبادة بدنية ولكن قد يحتاج الإنسان فيه إلى المال، ولكن المال ليس فيها على وجه اللزوم مثل الجهاد، فالجهاد عبادة مالية وبدنية لما يحتاج إليه من المركوب والسلاح وما أشبه ذلك، وأما الحج فبإمكان الحاج أن يحج ولا ينفق شيئًا.

هذا هو الأصل ولكن الغالب على أهل الآفاق أنهم يحتاجون إلى مال فهذا لا يخرجه عن الأصل.

فشروط الحج:

1 -

الإسلام.

2 -

البلوغ.

3 -

العقل.

4 -

الحرية.

5 -

القدرة.

ونظمها بعضهم في بيتين قال:

الحج والعمر ة واجبان

في العمر مرة بلا تواني

شرط إسلام كذا حرية

عقل بلوغ قدرة جلية

(1) انظر كلام ابن القيم في تهذيب السنن (3/ 282).

ص: 14