الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّعِيمِ (8)} قال قتادة
(1)
: إن اللَّه تعالَى سائِلٌ كُلِّ ذي نِعْمةٍ على ما أنْعَمَ عليه، وعلى هذا ورد أكثر الأخبار، وقيل
(2)
: لا يُسْألُ إلا الكُفّارُ وَأهْلُ النار.
فصل
عن أبِي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} ، قال:"مَنْ أكَلَ خُبْزَ البُرِّ، وَشَرِبَ الماءَ البارِدَ، وَكانَ له ظِلٌّ، فذلك النعيم الذي يُسْألُ عنه"
(3)
، ورُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"طِيبُ النَّفْسِ، من النَّعِيمِ"
(4)
.
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: "النعيم المسؤول عنه: خُبْزُ الشَّعِيرِ والماءُ العَذْبُ"
(5)
.
وعن أبِي هريرة قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ذات ليلة، فإذا هو بِأبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فقال:"ما أخْرَجَكُما مِنْ بُيُوتِكُما هذه السَاعةَ؟ " قالا: الجُوعُ، قال:"وَأنا -والذي نَفْسِي بِيَدِهِ- أخْرَجَنِي الذي أخْرَجَكُما، قُومُوا"، فقاما فأتى رَجُلًا من الأنصار، فإذا هو ليس فِي بَيْتِهِ، فلما
(1)
ينظر قوله في جامع البيان 30/ 369، الوسيط 4/ 549، زاد المسير 9/ 220.
(2)
قاله الحسن ومقاتل، ينظر: الوسيط 4/ 549.
(3)
ينطر الكشف والبيان 15/ 279، الدر المنثور 6/ 388، كنز العمال 2/ 555، فتح القدير 5/ 490.
(4)
هذا جزء من حديثٍ رواه البخاري بسنده عن عبد اللَّه بن خبيب الجُهَنِيِّ في التاريخ الكبير 5/ 22، والأدب المفرد ص 72، ورواه الإمام أحمد في المسند 5/ 372، 381، وابن ماجه في سننه 2/ 724 كتاب التجارات: باب الحث على المكاسب، ورواه الحاكم في المستدرك 2/ 3 كتاب البيوع: باب "الصحة لِمَن اتَّقَى خَيْرٌ من الغنى".
(5)
رواه الطبري عن أبِي أُمامةَ في جامع البيان 30/ 369، وينظر: زاد المسير 9/ 222.
رَأتْهُ المَرْأةُ قالتْ: مَرْحَبًا وَأهْلًا، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أين فلان؟ "، قالت: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنا من الماء
(1)
، إذْ جاء الأنصاريُّ، فنَظَرَ إلَى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد للَّهِ، ما أحَدٌ أكْرَمُ أضْيافًا مِنِّي، قال: فانطلق فجاءهم بِعِذْقٍ فيه بُسْرٌ
(2)
وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فقال: كُلُوا من هذه، وَأخَذَ المُدْيةَ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إيّاكَ والحَلُوبَ"، فَذَبَحَ لهم شاةً، فَأكَلُوا منها ومن ذلك العِذْقِ وَشَرِبُوا، فلما أن شَبِعُوا وَرَوُوا قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبِي بكر وعمر:"والذي نَفْسِي بيَدِهِ لَتُسْألُنَّ عن هذا النَّعِيمِ يوم القيامة، إذْ أخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتكُم الجُوعُ، ثُمَّ لَم تَرْجِعُوا حتى أصابَكُمْ هذا النَّعِيمُ"، فقال عُمَرُ: إنّا لَمَسْؤولُونَ عن هذا النعيم يوم القيامة؟ قال: "نَعَمْ، إلّا مِنْ ثَلاثٍ: خِرْقةٍ يُوارِي بِها الرَّجُلُ عَوْرَتَهُ، أوْ كِسْرةٍ يَسُدُّ بِها جَوْعَتَهُ، أو جُحْرٍ يَدْخُلُ فيه من الحَرِّ والبَرْدِ"
(3)
.
وعن ثابتٍ البَنانِيِّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "النَّعِيمُ المَسْؤولُ عنه يوم القيامة: كِسْرةٌ تُقَوِّيهِ، وَماءٌ يَرْوِيهِ، وَثَوْبٌ يُوارِيهِ"
(4)
، واللَّه أعلم.
* * *
(1)
يَسْتَعْذِبُ الماءَ: يَسْتَقِي لَهُمْ ماءً عَذْبًا.
(2)
العِذْقُ: كُلُّ غُصْنٍ له شُعَبٌ، والعِذْقُ: النَّخْلةُ كُلُّها، والبُسْرُ: التَّمْرُ قَبْلَ أن يُرْطِبَ.
(3)
رُوِيَ هذا الحديث عن ابن عباس أيضًا، رواه الترمذي في سننه 4/ 13 أبواب الزهد: باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والحاكم في المستدرك 4/ 131 كتاب الأطعمة: باب حكاية إيثار الصحابِيِّ في الضيافة، وينظر: المعجم الكبير 19/ 251، 253، 256، جامع البيان 30/ 366 - 367.
(4)
ينظر: جامع البيان 30/ 369، الكشف والبيان 10/ 282، الدر المنثور 6/ 388.