الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعُقَدُ جَمْعُ عُقْدةٍ؛ لأن السّاحِرَ يَعْقِدُ عُقَدًا فِي خَيْطٍ، وَيَنْفُثُ عليها بِرِيقِهِ حِينَ يَرْقِي.
قوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} يعني اليهود؛ لأنهم حَسَدُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، والحسد هو الأسَفُ على الخَيْرِ، وهو أوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ به اللَّهُ فِي السماء من إبْلِيسَ، وفي الأرض مِنْ قابِيلَ، قال الحَسَنُ بنُ الفَضْلِ
(1)
: جَمَعَ اللَّهُ تعالَى الشُّرُورَ فِي هذه السورة، وَخَتَمَها بِالحَسَدِ؛ لِيُعْلَمَ أنَّهُ أخَسُّ الطَّبائِعِ.
فصل
قيل: لَمّا أُخْرِجَت العُقَدُ التِي سَحَرَ بِها لَبِيدُ بنُ أعْصَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكانت إحدى عشرة عُقْدةً فِي وَتَرٍ مَغْرُوزةً بِالإبَرِ، فأنزل اللَّه تعالَى هاتين السورتين:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، فَجَعَلَ كُلَّما قَرَأ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدةٌ، فَوَجَدَ خِفّةً حَتَّى انْحَلَّت العُقْدةُ الأخِيرةُ، فقال عليه السلام:"كَأنَّما أُنْشِطتُ مِنْ عِقالٍ"، وَجَعَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام يقول: بسْمِ اللَّهِ أرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شرٍّ يُؤْذِيكَ، مِنْ حاسِدٍ وَعَيْنٍ، واللَّهُ يَشْفِيكَ"
(2)
.
وعن أبِي أُمامةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يَنْفَعُ بِإذْنِ اللَّهِ عز وجل من الجُنُونِ والجُذامِ والبَرَصِ والعَيْنِ والحُمَّى، يُكْتَبُ: أعُوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التّامّةِ، وَأسْمائِهِ كُلِّها عامّةً، مِنْ شَرِّ السّامّةِ والهامّةِ، وَمِنْ شرِّ العَيْنِ اللَّامّةِ،
(1)
ينظر قوله في الكشف والبيان للثعلبي 10/ 340، المحرر الوجيز 5/ 539، عين المعانِي ورقة 149/ ب.
(2)
ينظر: أسباب النزول ص 310، تفسير القرطبي 20/ 253، فتح الباري 10/ 191، لباب النقول ص 220.
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ، وَمِنْ شَرِّ أبِي مُرّةَ وَما وَلَدَ"
(1)
.
قال أبو بكر الأنباري
(2)
: الهامّةُ: واحِدُ الهَوامِّ، وقيل: كُلُّ نَسَمةٍ تَهِمُّ بسُوءٍ، والَّلامّةُ: المُلِمّةُ، وَإنَّما قيل: لامّةٌ لِيُوافِقَ لَفْظَ هامّةٍ، فيكون ذلك أخَفَّ عَلى اللسان، ذكره ابنُ الجَوْزِيِّ في تلبيس إبليس
(3)
، واللَّه أعلم.
* * *
(1)
ينظر: تفسير القرطبي 10/ 316، كنز العمال للمتقي الهندي 10/ 68 - 69، وأبو مُرّةَ: كُنْيةٌ إبليس اللعين.
(2)
قول ابن الأنباري حكاه ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 37.
(3)
تلبيس إبليس ص 37، ومعنى قوله:"وإنما قيل: لَامّة ليوافق لفظ هامّة. . . إلخ" أن اللامّةَ اسم فاعل من "ألَمَّ"، فكان حقه أن يكون "مُلِمّةً" على وزن "مُفْعِلة"؛ لأن فعله رباعيٌّ، قال أبو عبيد: "وقد يكون هذا من غير وجه، منها: ألَّا تريد طريق الفعل، ولكن تريد أنها ذاتُ لَمَمٍ، كما قال الشاعر:
كلِينِي لِهَمٍّ، يا أُمَيْمةُ، ناصِبِ
…
وَلَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطِيءِ الكَواكِبِ
وإنما هو مُنْصِبٌ، فأراد: ذا نَصَبٍ". غريب الحديث 3/ 130 - 131.