الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة {تَبَّتْ}
مكية
وهي سبعة وسبعون حرفًا، وثلاث وعشرون كلمة، وخمس آيات.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ {تَبَّتْ} رَجَوْتُ اللَّهَ ألّا يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبِي لَهَبٍ فِي دارٍ واحِدةٍ"
(1)
.
وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ {تَبَّتْ} [ساخَتْ]
(2)
ذُنُوبُهُ بِالهَواءِ، وَأُجِيرَ مِن النّارِ".
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {تَبَّتْ} ؛ أي: خابَتْ وَخَسِرَتْ {يَدَا أَبِي لَهَبٍ} بِكُفْرِهِ وجُحُوده في دار الدنيا، والمعنى: تَبَّ هُوَ، فَأخْبَرَ عن يَدَيْهِ والمراد به نفسه، على عادة العرب في التعبير ببعض الشيء عن كُلِّهِ، كقوله تعالَى: {بِمَا
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 323، الوسيط 4/ 568، الكشاف 4/ 297، مجمع البيان للطبرسي 10/ 474.
(2)
هذه الكلمة لَمْ أستطع قراءتها إلا على هذا الوجه، والحديث لَمْ أعثر له على تخريج.
كَسَبَتْ}
(1)
، و {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}
(2)
ونَحْوِها
(3)
، وقيل
(4)
: اليَدُ صلة، تقول العرب: يَدُ الدَّهْرِ، وَيَدُ الرَّزايا والمَنايا، قال الشاعر:
562 -
لَمّا أكبَّتْ يَدُ الرَّزايا
…
عَلَيْهِ نادَى ألا مُجِيرُ
(5)
قوله: {وَتَبَّ (1)} قال الفَرّاءُ
(6)
: الأوَّلُ دُعاءٌ، والثانِي خَبَرٌ، كما تقول: أهْلَكَهُ اللَّهُ، وَقَدْ هَلَكَ. والواو فيه واو الحال
(7)
، وقال مقاتل
(8)
: خَسِرَتْ يَداهُ بِتَزكِ الإيمانِ، وَخَسِرَ هُوَ، والتَّبابُ: الخَسارُ والهَلَاكُ، والواو واو عطف،
(1)
وردت هذه الجملة في آيتين من كتاب اللَّه، تعالَى، الأُولَى قوله تعالَى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} . سورة البقرة من الآية 225، والثانية قوله تعالَى:"بِما كَسَبَتْ أيْدِي النّاسِ". الروم 41.
(2)
{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} . آل عمران 182، والأنفال 51.
(3)
قاله الثعلبي في الكشف والبيان 10/ 323، وينظر: زاد المسير لابن الجوزي 9/ 259، تفسير القرطبي 20/ 235، اللباب في علوم الكتاب 20/ 548.
(4)
ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان 10/ 324، وينظر: عين المعانِي ورقة 149/ أ، مجمع البيان 10/ 475، 476، تفسير القرطبي 20/ 235، 236، اللباب في علوم الكتاب 20/ 549.
(5)
البيت من مخلع البسيط، لَمْ أقف على قائله.
التخريج: الكشف والبيان 10/ 324، عين المعانِي ورقة 149/ أ، تفسير القرطبي 20/ 236، اللباب في علوم الكتاب 20/ 549، فتح القدير 5/ 511.
(6)
معانِي القرآن 3/ 298.
(7)
وهذا على تقدير "قد" مضمرة حتى يجوز وقوع الماضي حالًا على رأي البصريين، وتؤيده قراءة ابن مسعود:"تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ"، وأما الكوفيون فإنهم أجازوا وقوعه حالًا بغير "قد"، لا ظاهرةً ولا مضمرةً، ينظر: إعراب القرآن للنحاس 5/ 305، إعراب ثلاثين سورة ص 221، 222، الإنصاف للأنباري ص 252 وما بعدها، الفريد للهمدانِيِّ 4/ 745.
(8)
ينظر قوله في الوسيط للواحدي 4/ 568، مجمع البيان للطبرسي 10/ 475.
وأُسكنت التاء الأُولَى؛ لأنها مؤنثة، وفُتحت الأخرى لأنه فِعْلُ مُذَكَّرٍ
(1)
.
وهو أبو لَهَبِ بنُ عَبْدِ المُطُّلِبِ، عَمُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان شديدَ المعاداةِ له، قال مقاتل
(2)
: كُنِّيَ بِاللَّهَبِ لِحُسْنِهِ وإشراق وجهه، وكانت وَجْنَتاهُ كَأنَّهُما تَلْتَهِبانِ.
واسمه عَبْدُ العُزَّى، وَكُنِّي أبو لَهَبٍ بِهَذِهِ الكُنْيةِ أشْهَرَ منه بِكُنْيَتِهِ الأُخْرَى، وكُنْيَتُهُ الأُخْرَى: أبو عُتْبةَ، فلذلك لَمْ يُسَمِّهِ
(3)
، وقيل
(4)
: كُنْيَتُهُ هي اسْمُهُ، وقيل
(5)
: إنما كَنّاهُ اللَّهُ -تعالَى- بِأبِي لَهَبٍ؛ لأنه اشْتَقَّ له هذه الكُنْيةَ من مصيره ومأواه ومثواة.
واختلف القُرّاءُ فيه، فقرأ العامّةُ:{أَبِي لَهَبٍ} بفتح الهاء، وقرأ أهل مكة بِجَزْمِها
(6)
، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا في قوله:{ذَاتَ لَهَبٍ} أنها مفتوحة الهاء، لأنهم راعَوْا فيه رُؤوسَ الآيِ
(7)
.
(1)
قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 270/ أ، وهو يعني بالتاء الأولى تاءَ التأنيث الساكنة في {تَبَّتْ} ، وبفتح الأخرى الباءَ في {وَتَبَّ} ؛ لأنه ليس في الثانِي تاء تأنيث، ولكن كلامه فيه إلباس.
(2)
ينظر قوله في الكشف والبيان 10/ 324، الوسيط 4/ 568، عين المعانِي ورقة 149/ أ.
(3)
يعني أن القرآن لَمْ يُصَرِّحْ باسمه لأن اسمه عبد العُزَّى، قال ابن خالويه في إعراب ثلاثين سورة ص 221 وإعراب القراءات السبع 2/ 541، وينظر أيضًا: زاد المسير 9/ 259، تفسير القرطبي 20/ 236.
(4)
ذكره السجاوندي بغير عزو في عين المعانِي ورقة 149/ أ، وينظر: تفسير القرطبي 20/ 237.
(5)
ذكره القرطبي بغير عزو في تفسيره 20/ 236 - 237.
(6)
قرأ ابن كثير وابنُ مُحَيْصِنٍ ومجاهد وَحُمَيْدٌ: "أبِي لَهْبٍ" بإسكان الهاء، ينظر: السبعة ص 700، تفسير القرطبي 20/ 237، البحر المحيط 8/ 527.
(7)
قال ابن خالويه: "قرأ ابن كثير وحده: "لَهْبٍ" بإسكان الهاء، والباقون يفتحونها، فكأنه جعلها لغة مثل وَهَبٍ وَوَهْبٍ، وَنَهَير وَنَهْرٍ، فاختيار الفتحُ لِيُوافِقَ رُءُوسَ الآيِ: "الحَطَبِ" و"مَسَدٍ" و"يَدا أبِي لَهَبٍ". إعراب القراءات السبع 2/ 542، وينظر: الحجة للفارسي 4/ 151.