المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء فيها من الإعراب - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٥

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة القَدْرِ

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة المُنْفَكِّينَ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة العاديات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة القارعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌سورة التكاثر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة العصر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الهُمَزةِ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الفيل

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌سورة قريش

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌سورة {أَرَأَيْتَ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الكوثر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌سورة النصر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة {تَبَّتْ}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الإخلاص

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها على الاختصار

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الفلق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءَتِها وقراءةِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الناس

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌أولًا: المخطوطات:

- ‌ثانيًا: الرسائل الجامعية:

- ‌ث‌‌الثًا: المطبوعات:

- ‌ا

- ‌ب

- ‌ ت

- ‌ث

- ‌ ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ ذ

- ‌ر

- ‌ ز

- ‌س

- ‌ش

- ‌ص

- ‌ ط

- ‌ ض

- ‌ ع

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌ه

- ‌ و

- ‌ي

- ‌رابعًا: الدوريات والمجلات:

الفصل: ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

‌سورة الهُمَزةِ

مكية

وهي مائة وثلاثون حرفًا وثلاث وثلاثون كلمةً، وتسع آيات.

‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ الهُمَزةِ أُعْطِيَ مِنَ الأجْرِ عَشْرَ حَسَناتٍ، بِعَدَدِ مَنِ اسْتَهزَأ بِمُحَمَّدٍ وَأصْحابِهِ"

(1)

.

وَرُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ الهُمَزةِ أخْمَدَ النّارَ حَتَّى يُقالَ لَها: اسْجُرِي

(2)

، فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أصْحابِكِ".

‌باب ما جاء فيها من الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عز وجل: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} قيل

(3)

: هو الماشي

(1)

ينظر: الكشف والبيان 10/ 285، الوسيط 4/ 552، الكشاف 4/ 284، مجمع البيان للطبرسي 10/ 437.

(2)

هكذا استطعت قراءتها في الأصل، ويقال: سَجَرَ التَّنُّورَ: أحْماهُ، وَسَجَرَ النَّهَرَ: مَلأهُ. اللسان: سجر، والحديث لَمْ أعثر له على تخريج.

(3)

قاله ابن عباس، ينظر: جامع البيان 30/ 374، 375، شفاء الصدور ورقة 263/ ب، الكشف والبيان 10/ 285، تفسير القرطبي 20/ 181.

ص: 57

بالنميمة، المُفَرِّقُ بَيْنَ الأحِبّةِ، الباغِي لِلْبُرَآءِ العَيْبَ، وقيل

(1)

: الهُمَزةُ: الطَّعّانُ فِي الناس، واللُّمَزةُ: الطَّعّانُ فِي أنْسابِ الناس، وقيل

(2)

: معناهما واحدٌ؛ أي: أنه عَيّابٌ، وقيل

(3)

: الهَمْزُ فِي القَفا، واللَّمْزُ: الغَمْزُ فِي الوَجْهِ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ. وقال عبد الملك بن هشام

(4)

: الهُمَزةُ: الذي يَشْتُمُ الرَّجُلَ عَلَانِيةً، وَيَكْسِرُ عَيْنَهُ عليه، وَيَغْمِزُ به، قال حَسّانُ بن ثابت:

هَمَزْتُكَ فاخْتَضَعْتَ بِذُلِّ نَفْسٍ

بِقافِيةٍ تَأجَّجُ كالشُّواظِ

(5)

وجمعه: همزات، واللُّمَزةُ: الذي يَعِيبُ الناسَ سِرًّا ويُؤْذِيهِمْ، قال رؤبة ابن العجاج:

547 -

في ظِلِّ عَصْرَيْ باطِلِي وَلَمْزِي

(6)

وهذا البيت فِي أُرْجُوزِة له، وجمعه لُمَزاتٌ.

(1)

قاله مجاهد، ينظر: جامع البيان 30/ 375، الكشف والبيان 10/ 285، زاد المسير 9/ 227، تفسير القرطبي 20/ 182.

(2)

قاله مقاتل ومجاهد وابن قتيبة، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 538، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 182، المحرر الوجيز 5/ 521، زاد المسير 9/ 228.

(3)

قاله أبو العالية والحسن وعطاء، ينظر: جامع البيان 30/ 375، إعراب القرآن 5/ 287، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 182، الكشف والبيان 10/ 285، زاد المسير 9/ 227، تفسير القرطبي 20/ 181.

(4)

السيرة النبوية لابن هشام 1/ 238.

(5)

تقدم برقم 317، 3/ 267 بروايةٍ مختلفةٍ.

(6)

البيت من الرَّجَزِ المشطور لِرُؤْبةَ، من أُرْجُوزةٍ يَمْدَحُ بِها أبانَ بن الوَليدِ البَجَلِيَّ، وقبله:

فَإنْ تَرَيْنِي اليَوْمَ أُمَّ حَمْزِ

قارَبْتُ بَيْنَ عَنَقِي وَجَمْزِي

التخريج: ديوانه ص 64، جامع البيان 10/ 200، التبيان للطوسي 5/ 242.

ص: 58

وقال صاحب "إنسان العين"

(1)

: أصل الهَمْزِ: الكَسْرُ، وهو الطَّعْنُ بِاليَدِ والعَيْنِ، واللَّمْزُ بِاللِّسانِ أو في الوجه والقَفا والأعْراضِ والأنْسابِ.

قيل

(2)

: نزلت فِي الأخْنَسِ بنِ شَرِيقٍ، وقيل

(3)

: في الوليد بن المغيرة، كان يَغْتابُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرائِهِ، وَيَطْعَنُ عليه في وَجْهِهِ، وقيل

(4)

: نزلت في أمَيّةَ بن خَلَفٍ الجُمَحِيِّ، وقيل

(5)

: إنها ليست بِخاصّةٍ، بل في كُلِّ مَنْ كانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ.

و {وَيْلٌ} رفعٌ بالابتداء وهو الاختيار، ويجوز نصبه على المصدر أو على الإغراء

(6)

، وقد مضى شرحه في سورة المطففين

(7)

.

وقوله: {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)} ؛ أي: جَمَعَهُ مِنْ هاهُنا وَهاهُنا، و {الَّذِي} في موضع خفض على النعت، و {جَمَعَ} يُقْرَأُ بالتخفيف والتشديد، قرأ شَيْبةُ وابنُ كثير وأبو عمرو ونافع وعاصم وَأيُّوبُ بتخفيف الميم، واختاره أبو حاتم، وقرأ ابنُ عامِرٍ وَحَمْزةُ والكِسائِيُّ بالتشديد

(8)

، واختاره أبو عُبَيْدٍ،

(1)

ينظر: عين المعانِي ورقة 148/ أ.

(2)

قاله الكلبي، ينظر: جامع البيان 30/ 376، الكشف والبيان 10/ 286، الوسيط 4/ 552، تفسير القرطبي 20/ 183.

(3)

قاله مقاتل، ينظر: الكشف والبيان 10/ 286، الوسيط 4/ 552.

(4)

قاله محمد بن إسحاق، ينظر: السيرة النبوية لابن هشام 1/ 237، الكشف والبيان 10/ 286.

(5)

قاله مجاهد، ينظر: جامع البيان للطبري 30/ 376 - 377، إعراب القرآن للنحاس 5/ 287، الكشف والبيان للثعلبي 10/ 286.

(6)

هذا في غير القرآن، وأما في القرآن فلا يجوز، قال الزَّجّاجُ:"ولو كان في غَيْرِ القرآن جاز النَّصْبُ، ولا يجوز في القرآن لِمُخالَفةِ المُصْحَفِ". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 361، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس 5/ 287، مشكل إعراب القرآن لمكي 2/ 498.

(7)

انظر 4/ 331.

(8)

قرأ بالتشديد أيضًا: أبو جعفر والحَسَنُ وَخَلَفٌ وَرَوْحٌ والأعمشُ، ينظر: السبعة ص 697، تفسير القرطبي 20/ 183، النشر 2/ 403، البحر المحيط 8/ 510، الإتحاف 2/ 629.

ص: 59

واخْتُلِفَ فيه عن يَعْقُوبَ، فَمَنْ خَفَّفَ أرادَ الجَمْعَ، وَمَنْ شَدَّدَ أرادَ الكَثْرةَ.

وكذلك قوله: {وَعَدَّدَهُ} يُقْرَأُ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا، قرأه العامّةُ بالتشديد، وَقَرَأهُ الحَسَنُ بالتخفيف

(1)

، فَمَنْ شَدَّدَ فمعناه: أعَدَّ المالَ ذَخِيرةً له، مأخوذ من العُدّةِ وهي الذَّخِيرةُ، ويُقالُ:"عَدَّدَهُ"؛ أي: كَثَّرَهُ، كما يُقالُ: هذا المالُ عَدَدٌ، والعَدَدُ والعِدّةُ فِي بَنِي فُلَانٍ أي: الكَثْرةُ والسِّلَاحُ فيهم

(2)

.

وَمَنْ خَفَّفَهُما جَمِيعًا أراد: جَمَعَ مالًا وَأحْصَى عَدَدَهُ مَعَ جَمْعِهِ

(3)

، وقد جاء مِثْلُ ذلك في الشِّعْرِ، فلما أن أبْرَزُوا التضعيف خَفَّفُوهُ

(4)

، قال الشاعر:

548 -

مَهْلًا أُمامةُ قَدْ جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقِي

أنِّي أجُودُ لأقْوامٍ وَإنْ ضَنِنُوا

(5)

أي: ضَنُّوا وَبَخِلُوا.

(1)

قرأ الحسن ونصر بن عاصم وأبو العالية والكلبي: "وَعَدَدَهُ" بالتخفيف، ينظر: تفسير القرطبي 20/ 183، البحر المحيط 8/ 510.

(2)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 264/ أ.

(3)

قاله الفراء فِي معانِي القرآن 3/ 290، و"عَدَدَهُ" على هذا التأويل اسمٌ معطوف على "مالًا"، لا كما زعم المؤلف بعد ذلك أنه فعل، وأن أصله "عَدَّ"، وخفف التضعيف، ينظر: إعراب القرآن للنحاس 5/ 288، شفاء الصدور ورقة 264/ أ.

(4)

فَكُّ التضعيف في مثل هذا ضرورةٌ لا تجوز إلّا في الشعر كما قال سيبويه في الكتاب 1/ 29، 3/ 535، وقال النَّحّاسُ:"وهو بعيد، وإنما يجوز في الشعر". إعراب القرآن 5/ 288، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 499.

(5)

البيت من البسيط، لِقَعْنَبِ بنِ أُمِّ صاحِبٍ الغَطَفانِيِّ، ويروى:"مَهْلًا أعاذِلَ".

التخريج: الكتاب 1/ 29، 3/ 535، المقتضب 1/ 280، 388، 3/ 354، معانِي القرآن وإعرابه 1/ 483، الأصول لابن السراج 3/ 441، إعراب القرآن 2/ 197، 5/ 288، شرح أبيات سيبويه 1/ 209، إعراب القراءات السبع 2/ 446، الخصائص 1/ 160، 257، المنصف لابن جني 2/ 69، الصحاح ص 2156، الفائق للزمخشري 2/ 349، =

ص: 60

قوله: {يَحْسَبُ} ؛ أي: يَظُنُّ {أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)} ؛ أي: سَيُخْلَدُ فيه حَتَّى يَأْكُلَهُ، وقيل: حَتَّى يَزِيدَ في دَهْرِهِ، فَقَطَعَ اللَّهُ أمَلَهُ فقال:{كَلَّا} رَدٌّ عليه، لا يُخْلِدُهُ مالُهُ.

ثم استأنف فقال تعالَى: {لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)} يعني المال؛ أي: لَيُلْقَيَنَّ فِي جَهَنَّمَ، وَلَيُطْرَحَنَّ فيها، وهذا الفعل ونظيره مَبْنِيٌّ على الفتح لأجل ملاصقة النون له، وفيه ضمير يعود على {الَّذِي} ، وقرأ الحسن:{لَيُنْبَذانِّ} على التثنية، رَدَّهُ على المال وصاحبهِ، وَرُوِيَ عنه:{لَيُنْبَذُنَّ}

(1)

بضم الذال على الجمع، رَدَّهُ على الهُمَزةِ واللُّمَزَةِ والمالِ

(2)

.

والحُطَمةُ من أسماء جهنم، سُمِّيَتْ بذلك لأنَّها تَحْطِمُ العَظْمَ، وَتَأْكُلُ اللَّحْمَ حَتَّى تَبْلُغَ القَلْبَ، وَتَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ أي: تَكْسِرُهُ وَتَأْتِي عليه

(3)

. ويُقال لِلرَّجُلِ الأكُولِ: إنَّهُ لَحُطَمةٌ

(4)

، والحَطْمةُ: السَّنةُ الشديدة أيضًا

(5)

.

= الفريد للهمدانِيِّ 4/ 626، تفسير القرطبي 20/ 183، شرح المفصل 3/ 12، شرح شافية ابن الحاجب للرضي 3/ 241، اللسان: حمم، ضنن، ظلل، خزانة الأدب 1/ 245، شرح شواهد شرح الشافية ص 490.

(1)

قرأ عَلِيُّ بنُ أبِي طالب والحَسَنُ وابنُ مُحَيْصِنٍ ومحمد بن كعب ونصر بن عاصم ومجاهد وَحُمَيْدٌ، وهارونُ عن أبِي عمرو:{لَيُنْبَذَانِّ} ، وقرأ الحَسَنُ:{لَيُنْبَذُنَّ} ، ينظر: تفسير القرطبي 20/ 184، البحر المحيط 8/ 510، إتحاف فضلاء البشر 2/ 629.

(2)

من أول قوله: "وهذا الفعل ونظيره" قاله مَكِّيٍّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 499 - 500.

(3)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 264/ أ، وينظر: تهذيب اللغة 7/ 400، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 182، الوسيط للواحدي 4/ 553.

(4)

قاله أبو عبيدة وابن السكيت، ينظر: مجاز القرآن 2/ 311، إصلاح المنطق ص 429، وحكاه الأزهري عن ابن السكيت في تهذيب اللغة 4/ 400.

(5)

الحَطْمةُ بفتح الحاء وضمها وإسكان الطاء بمعنى السنة الشديدة، قاله الخليل في العين =

ص: 61

ثم عَظَّمَ شَأْنَها لِغِلَظِها وَشِدَّتِها على أعداء اللَّه، فقال تعالَى:{وَمَا أَدْرَاكَ} يا محمد {مَا الْحُطَمَةُ (5)} لولا أنَّ اللَّه تعالَى أدْراكَ وَأخْبَرَكَ عنها، فقال:{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)} يعني: على أهلها، لا تَخْمُدُ أبَدًا، وهي رفع على إضمار مبتدأ؛ أي: هي نار اللَّه الموقدة.

ثم نعتها فقال تعالَى: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)} وهي القلوب، يُقال: اطَّلَعْتُ على فُلَانٍ وَطَلَعْتُ؛ أي: بَلَغْتُ

(1)

، وواحد الأفئدة فُؤادٌ، والمعنى: أنها تأكلهم حتى تَبْلُغَ الفُؤادَ.

وَخُصَّ الفُؤادُ لأن العذاب إذا بَلَغَ إليه مات صاحِبُهُ، فَأخْبَرَ أنه فِي حالِ مَنْ يَمُوتُ ولا يَمُوتُ، كقوله تعالَى:{لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى}

(2)

، فإذا بَلَغَتِ القُلُوبَ بُدِّلُوا جُلُودًا غَيْرَها، وَأُعِيدَ اللَّحْمُ والعِظامُ نحو ما كانت فِي أسْرَعَ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ، وهو قوله تعالَى:{لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ}

(3)

يعني: لَحْمًا ولا عَظْمًا ولا جِلْدًا إلّا أكَلَتْهُ، حتى تُفْضِيَ إلَى النَّفْسِ، فإذا أفْضَتْ إلَى النفس لَمْ تَذَر النَّفْسَ

= 3/ 175، والأزهري في تهذيب اللغة 4/ 400، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 182، الفريد للهمدانِيِّ 4/ 727، اللسان: حطم.

(1)

قال الفراء: "وقوله تعالى: "تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدةِ" يقول: يَبْلُغُ ألَمُها الأفْئِدةَ، والاطِّلَاع والبُلُوغُ قد يكونان بمعنًى واحدٍ، العرب تقول: مَتَى طَلَعْتَ أرْضَنا، وَطَلَعْتُ أرْضِي؛ أي: بَلَغْتُ".

معانِي القرآن 3/ 290، وقاله النحاس في إعراب القرآن 5/ 289، وحكاه الأزهري عن الفراء في تهذيب اللغة 2/ 172.

(2)

طه 74، وهذا قول ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ص 419، وقاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 264/ أ، وحكاه ابن الجوزي عن ابن قتيبة في زاد المسير 9/ 229 - 230.

(3)

المدثر 28.

ص: 62

تَمُوتُ حَتَّى تُعادَ كما كانت فتأكله، فذلك دَأبُها أبَدًا

(1)

، -أجارنا اللَّه منها-، {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)}؛ أي: مُطْبَقةٌ، وقد تقدم شَرْحُهُ في آخر سورة البلد

(2)

.

وقوله: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)} ؛ أي: بعَمَدٍ مَمْدُودةٍ

(3)

، قرأ أهل الكوفة إلّا حَفْصًا بِضَمَّتَيْنِ، وقرأ غيرهم بالنصب

(4)

، وهو الاختيار؛ لقوله تعالَى:{رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}

(5)

، وقرأ عبد اللَّه:"بِعَمَدٍ"؛ أي: مُؤْصَدةٌ بعَمَدٍ منه مَمْدُودةٍ، وقرأ ابنُ أبِي لَيْلَى:"فِي عُمْدٍ مُمَدَّدةٍ" بالتخفيف

(6)

، وهما

(7)

جمعان لِلْعَمُودِ مثل: أدِيمٍ وَأدَمٍ وَأفِيقٍ وَأفَقٍ وَقَضِيمٍ وَقَضَمٍ، قاله الفَرّاءُ

(8)

، وقال أبو

(1)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 264/ أ.

(2)

الآية 20، وهي قوله، تعالَى:"عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدةٌ"، وينظر ما سبق 4/ 440.

(3)

يعني أن "في" بمعنى الباء، قال النحاس:"قال ابن زيد: "في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ"؛ أي: هُمْ مُغَلَّلُونَ بعَمَدٍ من حديد، قد احترقت فصارت نارًا". إعراب القرآن 5/ 290، وينظر: زاد المسير 9/ 230، تفسير القرطبي 20/ 185.

(4)

يعني بفتح العين والميم من قوله: "عَمَدٍ".

(5)

الرعد 2.

(6)

خلاصة هذه القراءات: أنه قرأ عَلِيٌّ وابنُ مسعود وَزَيْدُ بنُ ثابِتٍ، وَعاصِمٌ في رواية أبِي بَكْرٍ عنه، والكِسائِيُّ وَحَمْزةُ وَخَلَفٌ والحَسَنُ والأعْمَشُ:"عُمُدٍ" بضمتين، وقرأ ابنُ كثِيرٍ وَنافِعٌ وأبو عَمْرٍو وابنُ عامِرٍ، وَحَفْصٌ عن عاصم:"عَمَدٍ" بفتحتين، وقرأ الأعْمَشُ، وَهارُونُ عن أبِي عَمْرٍو:"عُمْدٍ"، ولَمْ أقف على أنها قراءة لابن أبِي ليلى، وقرأ الأعْرَجُ والأعْمَشُ أيضًا:"عَمْدٍ"، وقرأ ابن مسعود والأعمش: بِعَمَدٍ"، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 290، 291، السبعة ص 697، مختصر ابن خالويه ص 180، إعراب القراءات السبع 2/ 530، تفسير القرطبي 20/ 186، البحر المحيط 8/ 510.

(7)

يعني العُمُدَ والعَمَدَ.

(8)

قال الفراء: "والعُمُدُ والعَمَدُ جمعان لِلْعَمُودِ، مثل الأدِيمِ والأُدُمِ والأدَمِ، والإهابِ والأُهُبِ والأهَبِ، والقَضِيمِ والقُضُمِ والقَضَمِ". معانِي القرآن 3/ 291. =

ص: 63

عبيد

(1)

: هو جمع عِمادٍ مثل: إهابٍ وَأُهُبٍ.

وهي أوتاد الأطباق التي تُطْبِقُ على أهل النار، وَكُل ما كان على وزن "فَعُولٍ" أو "فَعِيلٍ" أو "فِعالٍ"، فجمعه على "فُعُلٍ"، نحو: زَبُورٍ وَزُبُرٍ، وَكِتابٍ وَكُتُبٍ، وَرَسُولٍ وَرُسُلٍ، وَرَغِيفٍ وَرُغُفٍ

(2)

، فهذا بِمَنْزِلةِ عَمُودٍ وَعَمَدٍ بالفتح

(3)

.

وقيل: معنى {فِي عَمَدٍ} ؛ أي: بَيْنَ عَمَدٍ، كما تقول: فُلَانٌ في القوم أي: بَيْنَهُمْ، وقيل: معناه: مَعَ عَمَدٍ، كما قال الشاعر:

549 -

وَهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ آخِرُ عَهْدِهِ

ثَلَاثِينَ شَهْرًا فِي ثَلَاثةِ أحْوالِ

(4)

= والإهابُ: الجِلْدُ الذي لَمْ يُدْبَغْ، والقَضِيمُ: الجِلْدُ الأبيض يُكْتَبُ فيه، والأفِيقُ: الجِلْدُ الذي لَمْ يُدْبَغْ، وقيل: هو الذي لَمْ تَتِمَّ دِباغَتُهُ. اللسان: أهب، قضم، أفق.

(1)

قال أبو عبيد: "وأصل العِمادِ عِمادُ البَيْتِ، وَجَمْعُهُ عُمُدٌ وَأعْمادٌ، وهي العِيدانُ التِي تُعْمَدُ بِها البُيُوتُ". غريب الحديث 2/ 297.

(2)

ينظر: الكتاب 3/ 601، 604، 607، 608، 625، المقتضب 2/ 207، 210، 211، 218، إعراب القرآن للنحاس 5/ 290، مشكل إعراب القرآن 2/ 501، شرح شافية ابن الحاجب للرضي 2/ 126، 113، 133، 137.

(3)

هذا قول الفراء والأزهري، وهو أن العُمُدَ والعَمَدَ لغتان، وذهب غيرهما إلى أن العُمُدَ جمِع عَمُودٍ وَعِمادٍ، وأما العَمَدُ فهو اسم جمع، وليس جَمْعًا على الحقيقة، فهو مثل غائِبٍ وَغيَبٍ، وَخادِمٍ وَخَدَمٍ، ينظر: الكتاب 3/ 625، 626، المقتضب 2/ 218، الأصول لابن السراج 3/ 31، شرح الشافية للرضي 2/ 204.

(4)

البيت من الطويل، لامرئ القيس، ورواية ديوانه:"مَنْ كَانَ أحْدَثُ عَهْدِهِ".

اللغة: يَعِمَنْ: يَنْعَمُ، الأحوال: الأعوام، يقول: كيف يَنْعَمُ مَنْ كان أقْرَبُ عَهْدِهِ بالنعيم ثَلَاثِينَ شَهْرًا مع ثَلَاثةِ أحْوالٍ.

التخريج: ديوانه ص 27، أدب الكاتب ص 412، جمهرة اللغة ص 1315، إعراب القرآن للنحاس 4/ 58، الخصائص 2/ 313، تصحيح الفصيح وشرحه ص 242، الاقتضاب 3/ 384، رصف المبانِي ص 391، اللسان: فيا، ارتشاف الضرب ص 1726، الجنى الدانِي ص 252، مغني اللبيب ص 225، شرح شواهد المغني ص 340، 486، همع =

ص: 64