الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لَمّا خَلَقَ اللَّهُ -تعالَى- القَلَمَ قال له: "اكْتُبْ ما هو كائِنٌ"، فَكَتَبَ فِيما كَتَبَ:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}
(1)
.
وَرُوِيَ أنه لَمّا نزل قوله تعالَى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}
(2)
، جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَشِيرَتَهُ، وقال:"يا بَنِي هاشِمٍ، يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبَ، يا بَنِي عَبْدِ مَنافٍ، يا عَبّاسُ، يا فاطمةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ: إنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمْ من اللَّهِ شَيْئًا"، فعندها قال له أبو لَهَبٍ: ألِهَذا جَمَعْتَنا؟! تَبًّا لَكَ، فنَزَلَ قوله تعالَى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
(3)
.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَوْمٍ الصَّفا، فقال: "يا صَباحاهُ
(4)
"، فاجتمعت إليه قُرَيْشٌ، فقالوا له: ما لَكَ؟ قال: "أرَأيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أو مُمَسِّيكُمْ أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ "، قالوا: بَلَى، قال: "فَإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ"، فقال أبو لَهَبٍ: تبًّا
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 324، تاريخ بغداد 14/ 208، تفسير القرطبي 18/ 225، 20/ 237.
(2)
الشعراء 214.
(3)
رواه الدارمي عن أبِي هريرة في سننه 2/ 305 كتاب الرقائق: باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، ورواه البَخاري في صحيحه 3/ 190، 191 كتاب الجهاد والسير: باب "هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟ " 6/ 17 كتاب التفسير: سورة الشعراء، ورواه مسلم في صحيحه 1/ 133 كتاب الإيمان: باب في قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} .
(4)
قال ابن الأثير: "هذه كلمة يَقُولُها المُسْتَغِيثُ، وأصلها إذا صاحُوا لِلْغارةِ؛ لأنهم أكْثَرُ ما كانوا يُغِيرُونَ عند الصباح، فَكَأنَّ القائل: يا صَباحاهُ يقول: قد غَشِيَنا العَدُوُّ". النهاية فِي غريب الحديث 3/ 6 - 7.
لَكَ! ألِهَذا دَعَوْتَنا؟، فأنزل اللَّهُ تعالَى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} إلَى آخر السورة
(1)
، رواه البخاري عن محمد بن سلام
(2)
عن أبِي معاوية.
وعن طارقٍ المُحارِبِيِّ
(3)
أنه قال: "إنِّي بِسُوقِ ذِي المَجازِ، إذا بِشابٍّ يقول: "يا أيُّها النّاسُ قُولُوا: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ تُفْلِحُوا"، وإذا رَجُل خَلْفَهُ يَرْمِيهِ قد أدْمَى ساقَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ
(4)
، ويقول: يا أيُّها النّاسُ! إنَّهُ كَذّابٌ، فلا تُصَدِّقُوهُ، فقلتُ: مَنْ هَذا؟، قالوا: هذا محمد يَزْعُمُ أنه نَبِيٌّ، وهذا عَمُّهُ يَزْعُمُ أنه كَذّابٌ
(5)
.
وَرُوِيَ عن أبِي عمرو بن العلاء قال
(6)
: لَمّا قُتِلَ عُثْمانُ بنُ عَفّانَ رضي الله عنه سَمِعُوا صَوْتَ هاتِفٍ من الجِنِّ يَبْكِي عليه، ويقول:
563 -
لَقَدْ جاءُوكَ فانْصَدَعُوا
…
فَما عَطَفُوا وَلَا رَجَعُوا
(1)
صحيح البخاري 6/ 16، 17، 29، 94، 95 كتاب تفسير القرآن: سورة الشعراء، وسورة سبأ، وسورة "تَبَّتْ يَدا أِبِي لَهَبٍ وَتَبَّ".
(2)
هو محمد بن سَلَام بن فرَجٍ السُّلَمِيُّ بالولاء البخاري، أبو عبد اللَّه البَيْكَنْدِيُّ، شيخ البخاري، رَحّالٌ جَوّالٌ ثِقةٌ، كان مُحَدِّثَ بِلَادِ ما وراء النهر، توفِّي سنة (225 هـ). [التاريخ الكبير 1/ 110، الأعلام 6/ 146].
(3)
طارق بن عبد اللَّه المُحارِبِيُّ، من مُحارِبِ خَصَفةَ، صَحابِيٌّ نزل الكوفة، وَرَوَى عنه أبو الشَّعْثاءِ وَرِبْعِيُّ بن خِراشٍ، له حديثان أو ثلاثة. [أسد الغابة 3/ 49، الإصابة 3/ 414].
(4)
العُرْقُوبُ: عَصَبٌ مُوَتَّرٌ خَلْفَ الكَعْبَيْنِ.
(5)
رواه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 76 كتاب الطهارة: باب الدليل على أن الكعبين هما الناتئان، 6/ 21 كتاب البيوع: باب جواز السَّلَمِ الحالِّ، ورواه الحاكم في المستدرك 2/ 62 كتاب تواريخ المتقدمين: باب تأليف القرآن في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورواه الطبرانِيُّ في المعجم الكبير 8/ 314.
(6)
رواه عنه الأصمعي، ذكر ذلك الثعلبى في الكشف والبيان 10/ 324، وينظر أيضًا: اللباب في علوم الكتاب 20/ 550.
وَلَمْ يُوفُوا بِنَذْرِهِمُ
…
فَتَبًّا لِلَّذِي صَنَعُوا
(1)
وَلَمّا أنْذَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالنار، قال أبو لَهَبٍ: إنْ كان ما تَقُولُهُ حَقًّا فأنا أفْتَدِي بِمالِي وَوَلَدِي، فَنَزَلَ قوله تعالَى:{مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} يعني: ما يُغْنِي عنه، وقيل: أيُّ شَيْءٍ أغْنَى عنه مالُهُ من عذاب اللَّه، {وَمَا كَسَبَ} يعني: وَما وَلَدَ؛ لأن وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ، وأولاده: عُتْبةُ وَعُتَيْبةُ وَمُعَتِّبٌ.
وقرأ الأعمش: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}
(2)
يعنِي: وما كَسَبَ، وَرُوِيَ ذلك عن ابن مسعود، قالت عائشة رضي الله عنها: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ أطْيَبَ ما أكَلَ أحَدُكُمْ مِنْ كَسْبِهِ، وَإنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ"
(3)
.
و {مَا} في موضع نصب بـ {أَغْنَى} ، وهو اسمٌ تامٌّ
(4)
، وقيل
(5)
:
(1)
البيتان من الوافر المجزوء، لم أقف على قائلهما، وقد وَرَدا في قصة مقتل الخليفة العباسي المتوكلِ برواية:
لَقَدْ خَلَّوْكَ وانْصَرَفُوا
…
فَما آبُوا وَلَا رَجَعُوا
التخريج: الهواتف لابن أبِي الدنيا ص 106، الكشف والبيان 10/ 324، عين المعانِي ورقة 149/ أ، تفسير القرطبي 20/ 235.
(2)
في الأصل: "وَما وَلَدَ"، وهذه ليست قراءة ابن مسعود ولا الأعمش. ينظر: الكشف والبيان 10/ 325، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة 272، تفسير القرطبي 20/ 238.
(3)
رواه الإمام أحمد في المسند 6/ 31، 42، 127، 193 - 220، وأبو داود في سننه 2/ 149 كتاب الإجارة: باب في الرجل يأكل من مال ولده، والنسائي في سننه 7/ 241 كتاب البيوع: باب الحث على الكسب.
(4)
يعني أن "ما" اسم استفهام، قاله النَّحّاسُ وَمَكِّيٌّ، ينظر: إعراب القرآن 5/ 305، مشكل إعراب القرآن 2/ 507، قال ابن هشام:"فتكون [يعني "ما"] مفعولًا مطلقًا، والتقدير: أيَّ إغْناءٍ أغْنَى عنه مالُهُ؟ وَيَضْعُفُ كونُهُ مبتدأً لِحَذْفِ المفعول المضمر حينئذ؛ إذْ تقديره: أيُّ إغْناءٍ أغْنَى عنه ماله، وهو نظير "زَيْدٌ ضَرَبْتُ"، إلا أن الهاء المَحذوفةَ فِي الآية مفعول مطلق، وفي المثال مفعول به". مغني اللبيب ص 414.
(5)
وعليه تكون "ما" حرفًا لا موضع له، وهذا القول ذكره النَّحّاسُ وَمَكِّيٌّ بغير عزو، وبه قاله =
{مَا} نفي، ومفعول {أَغْنَى} محذوف، تقديره: ما أغْنَى عَنْهُ مالُهُ وَكَسْبُهُ شَيْئًا، وقيل
(1)
: مَحل {مَا} رفع بالابتداء.
ثم أوْعَدَهُ بالنار، فقال:{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} يعني: سَيَدْخُلُ أبو لَهَبٍ نارًا تُلْهَبُ عليه، والسين سينُ "سوْفَ"، وقيل
(2)
: سين الوعيد، وهو فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ مُخَلَّصٌ للاستقبال بالسين في أوَّلِهِ مرفوعٌ، وإنما لَمْ يَتَبَيَّنْ رَفْعُهُ لأنه معتل اللّام بالألف، فَرَفْعُهُ بسكون آخِرِهِ، وكذلك نصبُهُ، وَجَزْمُهُ بِحَذْفِ آخِرِهِ أيضًا. قرأه العامة بفتح الياء الأُولَى، وقرأ أبو رجاء بضم الياء وتشديد اللّام
(3)
.
قوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)} وهي أُمُّ جَمِيلٍ، واسمها صَخْرةُ بنتُ حَرْبِ بنِ أُمَيّةَ، أُخْتُ أبِي سُفْيانَ بنِ حَرْبٍ، ولقبها فاخِتةُ، وكانت عَوْراءَ، وكان أبو لَهَبٍ أحْوَلَ، وكانت تحمل العِضاهَ والشَّوْكَ فَتَطْرَحُهُ في طريق رسول
= ابن خالويه، ينظر: إعراب القرآن 5/ 305، إعراب ثلاثين سورة ص 222، مشكل إعراب القرآن 2/ 507.
(1)
أي: أن "ما" استفهامية، أيضًا، كالقول الأول، ولكنها مبتدأ، وجملة "أغْنَى" هي الخبر، وهذا قول الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 375، وذكره ابن خالويه بغير عزو في إعراب ثلاثين سورة ص 222، وقد تقدم كلام ابن هشام في تضعيف كون "ما" هذه مبتدأ.
(2)
هذا المصطلح لَمْ أجده إلا في تفسير القرطبي، ففي قوله، تعالَى-:"سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُواْ بِهِ". سورة آل عمران 180، قال القرطبي:"والسين في "سَيُطَوَّقُونَ" سين الوعيد؛ أي: سوف يُطَوَّقُونَ، قاله المبرد". الجامع لأحكام القرآن 4/ 291.
(3)
قرأ ابن مسعود وأبو حَيْوةَ وابن مِقْسَبم وَعَبّاسٌ وَأشْهَبُ العُقَيْلِيُّ وأبو السَّمّالِ العَدَويُّ وابنُ السَّمَيْفَعِ: "سَيُصَلَّى نارًا"، وَلَمْ أقف على أنها قراءة لأبِي رَجاءٍ العُطارِدِيِّ، ولكن أَبا رَجاءٍ قَرَأ:"سَيُصْلَى" بضم الياء وتخفيف اللام، وهى قراءة الحَسَنِ وابنِ أبِي عَبْلةَ وابنِ أبِي إسْحاقَ والأعْمَشِ، ورواها مَحْبُوبٌ عن إسْماعِيلَ عن ابن كَثِيرٍ، وَحُسَيْنٌ عن أبِي بكر عن عاصم، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 182، تفسير القرطبي 20/ 238، البحر المحيط 8/ 527.
اللَّه صلى الله عليه وسلم لِيَعْقِرَهُ
(1)
، فَيَطَؤُهُ وَطْءَ الحَرِيرِ
(2)
.
وقيل
(3)
: إنها كانت تمشي بالنميمة والكذب بَيْنَ الناس، فتلْقِي بينهم العَداوةَ، وَتُهَيِّجُ نارَها، كما تُوقَدُ النّارُ بِالحَطَبِ، قال الشاعر:
564 -
إنَّ بَنِي الأدْرَمِ حَمّالُو الحَطَبْ
هُمُ الوُشاةُ فِي الرِّضا وَفِي الغَضَبْ
عَلَيْهِمُ اللَّعْنةُ تَتْرَى والحَرَبْ
(4)
والنميمة تُسَمَّى حَطَبًا، يُقال: فُلَانٌ يَحْطِبُ على فلان: إذا كان يُغْرِي به
(5)
، قال الشاعر:
(1)
العِضاهُ: كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ، واحِدَتُهُ: عِضاهةٌ وَعِضَهةٌ وَعِضةٌ، لِيَعْقِرَهُ: لِيَجْرَحَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(2)
قاله ابن عباس والضحاك وابن زيد، ينظر: السيرة النبوية لابن هشام 1/ 237، جامع البيان 30/ 442 - 441، الكشف والبيان 10/ 327، الوسيط 4/ 569، عين المعانِي ورقة 149/ أ، تفسير القرطبي 20/ 240.
(3)
قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وابن عيينة والسدي والفراء، ينظر: تفسير مجاهد 2/ 793، معانِي القرآن للفراء 3/ 299، جامع البيان 30/ 442 - 443، تهذيب اللغة 4/ 394، الكشف والبيان 10/ 326، الوسيط 4/ 569، زاد المسير 9/ 260، 261، تفسير القرطبي 20/ 239.
(4)
الأبيات من الرجز المشطور، لَمْ أقف على قائلها.
اللغة: بَنُو الأدْرَمِ: حَيٌّ مِنْ قُرَيْشٍ، الحَرَبُ: الغَضَبُ، والحَرَبُ: نَهْبُ مالِ الإنْسانِ وَتَرْكُهُ بِلَا شَيْءٍ.
التخريج: الكشف والبيان 10/ 328، المحرر الوجيز 5/ 535، عين المعانِي ورقة 149/ أ، تفسير القرطبي 20/ 239، البحر المحيط 8/ 528، الدر المصون 6/ 586، اللباب في علوم الكتاب 20/ 555، فتح القدير 5/ 512.
(5)
قاله ابن قتيبة فِي غريب القرآن ص 542، وتأويل مشكل القرآن ص 160، وينظر: تهذيب اللغة 4/ 394.
565 -
مِنَ البِيضِ لَمْ تُصْطَدْ عَلَى ظَهْرِ لأْمةٍ
…
وَلَمْ تَمْشِ بَيْنَ الحَيِّ بِالحَطَبِ الرَّطْبِ
(1)
وقيل
(2)
: إنَّها كانت مُوسِرةً، وكانت لِفَرْطِ بُخْلِها تَحْمِلُ الحَطَبَ على ظَهْرِها، فنَعَى اللَّهُ عليها هذا القَبِيحَ مِنْ فِعْلِها.
واختلف القُرّاءُ فيه، فَقَرَأ العامّةُ:"وامْرَأتُهُ حَمّالةُ الْحَطَبِ" بالرفع فيهما، وهو اختيار الشيخين أبِي عُبَيْدٍ وَأبِي حاتِمٍ، وَلَها وجهان
(3)
، أحدهما: سَيَصْلَى نارًا هُوَ وامْرَآتُهُ حَمّالةُ الحَطَبِ، فَعَطَفَهُ على الضمير في {سَيَصْلَى} ، والفاصل بِمَنْزِلةِ الضَّمِيرِ، والثانِي: أنه مبتدأ؛ أي: وامْرَأتُهُ حَمّالةُ الحَطَبِ فِي النار أيضًا.
وقرأ الحَسَنُ وابنُ أبِي إسْحاقَ وابنُ مُحَيْصِنٍ وعيسى بنُ عُمَرَ والأعْرَجُ
(1)
البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، ويروى:
من البيض لم تصطدعَلَى حَبْلِ لأْمةٍ
…
ولم تمش بَيْنَ النّاسِ بِالحَظَرِ الرَّطْبِ
اللغة: الَّلأْمةُ: الدِّرْعُ الحَصِينةُ، و"لَمْ تُصْطَدْ. . . إلخ": لَمْ تَأْتِ بما تُلامُ عَلَيْهِ، الحَطَبُ والحَظَرُ الرَّطْبُ: النَّمِيمةُ.
التخريج: تأويل مشكل القرآن ص 160، تهذيب اللغة 4/ 394، 455، إعراب ثلاثين سورة ص 226، إعراب القراءات السبع 2/ 543، الحجة للفارسي 4/ 152، مقاييس اللغة 2/ 79، الكشف والبيان 10/ 326، مجمع الأمثال 1/ 320، تاريخ دمشق 67/ 166، ذكر الفرق بين الأحرف الخمسة ص 30، أساس البلاغة: حظر، الكشاف 4/ 297، عين المعانِي ورقة 149/ أ، اللسان: حطب، حظر، البحر المحيط 8/ 528، الدر المصون 6/ 586، اللباب في علوم الكتاب 20/ 555، التاج: حطب، حظر.
(2)
قاله قتادة ينظر غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 184، زاد المسير 9/ 261، تفسير القرطبي 20/ 240.
(3)
الوجهان قالَهما الفِراء والزجاج والنحاس والفارسي، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 298، معانِي القرآن وإعرابه للزجاج 5/ 375، إعراب القرآن للنحاس 5/ 306، الحجة للفارسي 4/ 151.
وَعاصِمُ بنُ أبِي النَّجُودِ وأبو الأسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ بالنصب
(1)
، وَلَها وجهان أيضًا
(2)
، أحدهما: الحال والقطع؛ لأن أصله: وامْرَأتُهُ الحَمّالةُ لِلْحَطَبِ، فلما أُلقيت الألف واللام نُصِبَ الكلامُ، والثانِي: على الذَّمِّ والشَّتْمِ، كقوله تعالَى:{مَلْعُونِينَ}
(3)
، وكما يُقال: قامَ زَيْدٌ الفاسِقَ بالنصب، وقيل
(4)
: نصب "حَمّالةَ" على الذمِّ، أي: أعْنِي حَمّالةَ الحَطَبِ كما قال:
566 -
نَحْنُ بَنِي ضَبّةَ أصْحابُ الجَمَلْ
(5)
(1)
ينظر: السبعة ص 700، تفسير القرطبي 20/ 240، البحر المحيط 8/ 527، الإتحاف 2/ 636.
(2)
الوجهان قالهما الفراء وابن الأنباري والنحاس وابن خالويه، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 298، إيضاح الوقف والابتداء ص 991، إعراب القرآن للنحاس 5/ 306، إعراب ثلاثين سورة ص 225.
(3)
يعني قوله تعالى: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} . الأحزاب الآية 61.
(4)
قاله سيبويه في الكتاب 2/ 70، 150، والمبرد في الكامل 1/ 113، 3/ 39، والزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 306، وينظر: أمالِيُّ ابن الشجري 2/ 101، عين المعانِي ورقة 149/ أ، وتشبيه المؤلف نَصْبَ "حَمّالةَ" بنصب "بَنِي ضَبّةَ" إنما هو من جهة أن النصب في كليهما بفعل محذوف، وإلا فإن النصب في الآية على الذم، وفي البيت على المدح.
(5)
البيت من الرجز المشطور، للأعْرَجِ المُعَنَّى، وَنُسِبَ للحارث الضَّبِّيِّ، وَلِعَمْرِو بنِ يَثْرِبِيٍّ الضَّبِّيِّ، وبعده:
نَحْنُ بَنُو المَوْتِ إذا المَوْتُ نَزَلْ
نَنْعَى ابْنَ عَفّانٍ بِأطْرافِ الأسَلْ
اللغة: الجَمَلُ: وَقْعةٌ كانت بَيْنَ عَلِيِّ بنِ أبِي طالِبٍ ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
التخريج: شعر الأعرج المُعَنَّى ص 22 (ضمن ديوان الخوارج)، الكامل للمبرد 1/ 112، جمهرة اللغة ص 269، إعراب القرآن 5/ 306، فصل المقال ص 441، شرح الحماسة للتبريزي 1/ 155، شرح الحماسة للمرزوقي ص 291، التذكرة الحمدونية 2/ 404، تفسير القرطبي 2/ 239، اللسان: جمل، قحل، ندس، همع الهوامع 2/ 23، خزانة الأدب 9/ 522، التاج: بجل، جمل.
وقرأ أبو قِلَابةَ: "وامْرَأتُهُ حامِلةَ الْحَطَب" على "فاعِلةٍ"، وفي قراءة عبد اللَّه:"وَمُرَيْئَتُهُ حَمّالةٌ لِلْحَطَبِ"
(1)
.
والحَطَبُ جَمْعٌ، واحدتها حَطَبةٌ، وقال بعض أهل اللغة
(2)
: الحَطَبُ هاهنا جَمْعُ الحاطِبِ، وهو الجانِي، يعني: أنها كانت تَحْمِلُهُمْ بِالنَّمِيمةِ على مُعاداتِهِ، ونظيره من الكلام: راصِدٌ وَرَصَدٌ، وَحارِسٌ وَحَرَسٌ، وَطالِبٌ وَطَلَبٌ، وَغائِبٌ وَغَيَبٌ.
والعِلّةُ في تشبيههم النميمةَ بالحَطَبِ أن الحَطَبَ يُوقَدُ ويُضْرَمُ، وكذلك النميمة، قال أكْثَمُ بنُ صَيْفِيٍّ
(3)
لِبَنِيهِ: "إيّاكُمْ والنَّمِيمةَ، فَإنَّها نارٌ مُحْرِقةٌ، وَإنَّ النَّمّامَ لَيَعْمَلُ في ساعةٍ ما لا يَعْمَلُهُ السّاحِرُ في شَهْرٍ"
(4)
، فنَظَمَهُ الشاعرُ فقال:
567 -
إنَّ النَّمِيمةَ نارٌ -وَيْكَ- مُحْرِقةٌ
…
فَفِرَّ عَنْها، وَحارِبْ مَنْ تَعاطاها
(5)
ولذلك قيل: نارُ الحِقْدِ لا تَخْبُو.
(1)
قرأ ابن مسعود: "حَمّالةٌ لِلْحَطَبِ" بالرفع والنصب، وقرأ أيضًا:"وَمُرَيَّتُهُ"، ينظر في هذه القراءات: مختصر ابن خالويه ص 182، المحتسب 2/ 375، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة 272، تفسير القرطبي 20/ 240، البحر المحيط 8/ 527.
(2)
ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان 10/ 327، وينظر: عين المعانِي ورقة 149/ أ، البحر المحيط 8/ 528.
(3)
أكْثَمُ بنُ صيْفِيِّ بنِ رِياحِ بن الحارِثِ التَّمِيمِيِّ، حكيم العرب فِي الجاهلية، وَأحَدُ المُعَمِّرِينَ، أدرك الإسلام، وقصد المدينة في مائة من قومه ليسلموا، فمات بالطريق سنة 59، وأسلم أصحابه، وهو المَعْنِيُّ بقوله تعالَى:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} . [الإصابة 1/ 350، الأعلام 2/ 6].
(4)
هذا القول لِلُقْمانَ الحَكِيمِ كما ذكر الخوارزمي في المناقب والمثالب ص 407، وينظر: الكشف والبيان 10/ 327، عين المعانِي ورقة 149/ أ، تفسير القرطبي 20/ 239.
(5)
البيت من البسيط، لَمْ أقف على قائله.
التخريج: الكشف والبيان 10/ 327، عين المعانِي ورقة 149/ أ، تفسير القرطبي 20/ 239.