الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الناس
مدنية، وقيل: مكية
وهي ثمانون حرفًا، وعشرون كلمةً، وست آيات، وقد تقدم الكلام في فضل قراءتها في سورة الفلق.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} قال سيبويه
(1)
: أصل الناس: أُناسٌ، والألف بدل من الهمزة، قال ابن الأنباري
(2)
: وهو جَمْعٌ لا واحد له بِمَنْزِلةِ الإبِلِ والخَيْلِ والنَّعَمِ، لا واحِدَ لِهَذِهِ الجُمُوعِ من ألفاظها.
قوله: {مَلِكِ النَّاسِ (2)} هو الذي يَمْلِكُهُمْ، وَلَا يَمْلِكُهُمْ أحَدٌ غَيْرُهُ، {إِلَهِ النَّاسِ (3)} الذي لا إلَهَ لَهُمْ غَيْرُهُ، و {مَلِكِ} بدل من "رَبِّ النّاسِ"، و {إِلَهِ} بدل منه.
(1)
هذا معنى كلام سيبويه، فقد قال في معرض حديثه عن لفظ الجلالة:"وَكَأنَّ الاسم، واللَّه أعلم-: "إلَهٌ"، فلما أُدْخِلَ فيه الألفُ واللامُ حذفوا الألف، وصارت الألف واللام خَلَفًا منها، فهذا، أيضًا، مما يُقَوِّيهِ أن يكون بِمَنْزِلةِ ما هو من نفس الحرف، ومثل ذلك "أُناسٌ"، فإذا أدخلتَ الألف واللام قلت: الناس". الكتاب 2/ 195 - 196.
(2)
ينظر قوله في مشكل إعراب القرآن 2/ 512.
أمَرَ اللَّهُ تعالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أن يَتَعَوَّذَ بِرَبِّ الناس المُقْتَدِرِ عليهم {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} يعني الشيطان -نعوذ باللَّه منه-، وهو يكون مصدرًا واسْمًا، وقال البَيْوَرْدِيُّ
(1)
: الوِسْواسُ -بالكسر- المصدر، والوَسْواسُ -بالفتح- الاسم على قياس الزِّلْزالِ والزَّلْزالِ.
والوَسْوَسةُ: التَّخْلِيطُ الذي لا مَنْفَعةَ فِيهِ، يُقال لِما يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ عَمَلِ الخَيْرِ: إلْهامٌ، وَلِما يَقَعُ مِنْ عَمَلِ الشَّرِّ وما لا خَيْرَ فيه: وَسْواسٌ، وَلِما يَقَعُ من الخَوْفِ: إيجاسٌ، وَلِما يَقَعُ مِنْ نَيْلِ الخَيْرِ: أمَلٌ، وَلِما يَقَعُ من التقدير الذي لا عَلَى الإنْسانِ ولا له: خاطِرٌ
(2)
، وأصل الوَسْوَسةِ الإزْعاجُ، يُقال: وَسَّ الفَرَسُ وَوَزَّ وَأزَّ بمعنًى واحدٍ.
وقوله: {الْخَنَّاسِ (4)} يعني الشيطان، قال الزَّجّاجُ
(3)
: هو جاثِمٌ على قَلْبِ ابنِ آدَمَ، فَإذا غَفَلَ وَسْوَسَ، وَإذا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ؛ أي: تَأخَّرَ وَتَنَحَّى.
وقيل
(4)
: الخَنّاسُ: المُخْتَفِي عن الأعْيُنِ، كقوله:{بِالْخُنَّسِ}
(5)
، قال قتادة
(6)
: إنَّ الخَنّاسَ له خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الكَلْبِ في صورة الإنسان، فإذا ذَكَرَ العَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ.
قوله: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)} يعني: بالكلام
(1)
ياقوتة الصراط ص 613.
(2)
قاله النفاش في شفاء الصدور ورقة 49/ أ.
(3)
قال الزجاج: "وفي الحديث: "الشيطان يُوَسْوِسُ إلَى العَبْدِ، فإذا ذَكَرَ اللَّه خَنَسَ"؛ أي: انقبض وَتَأخَّرَ". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 381.
(4)
ذكره السجاوندي بغير عزو في عين المعانِي ورقة 150/ أ.
(5)
{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} . التكوير الآية 15.
(6)
ينظر قوله في عين المعانِي للسجاوندي ورقة 150/ أ.
الخَفِيِّ الذي يَصِلُ مَفْهُومُهُ إلَى القَلْبِ من غير سَماع، و {الَّذِي} في موضع خفض على النعت، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأً، والنصبُ على الذَّمِّ
(1)
.
قوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} يقال: جِنِّيٌّ وَجِنٌّ وَجِنّةٌ، والهاء لتأنيث الجماعة مثل: حِجارٍ وَحِجارةٍ
(2)
، وقيل: أراد: من الجِنِّ، فجاء بالهاء للمبالغة والتفخيم مثل: عَلّامةٍ وَفَهّامةٍ، قاله الخليل
(3)
، والمعنى: وفي صُدُورِ الجِنّةِ يُوَسْوِسُ أيضًا، يَدْخُلُ فِي الجِنِّيِّ كما يَدْخُلُ فِي الإنْسِيِّ، قاله الكَلْبِيُّ.
وقيل
(4)
: عطف قوله: {وَالنَّاسِ} على {الْوَسْوَاسِ} ، المعنى: مِنْ شَرِّ الوَسْواسِ وَمِنْ شَرِّ النّاسِ
(5)
، كأنه أُمِرَ أنْ يَسْتَعِيذَ من شَرِّ الجِنِّ والإنْسِ، ولا يجوز عطفه على الجِنّةِ؛ لأن الناس لا يُوَسْوِسُونَ فِي صُدُورِ النّاسِ، إنَّما يُوَسْوِسُ الْجِنُّ
(6)
، فلما استحال المعنى حَمَلْتَهُ على العطف على الوَسْواسِ.
(1)
هذه الأوجه الإعرابية قالها النحاس في إعراب القرآن 5/ 316، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ 4/ 755.
(2)
قاله الأخفش والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 550، إعراب القرآن 5/ 316، وقال الجوهري:"الحَجَرُ جَمْعُهُ في القِلّةِ أحْجارٌ، وفي الكثرة حِجارٌ وَحِجارةٌ، كقولك: جَمَلٌ وَجِمالةٌ، وَذَكَرٌ وَذِكارةٌ". الصحاح 2/ 623، وينظر: اللسان: حجر.
(3)
الجمل المنسوب للخليل ص 268، 269.
(4)
هذا القول حكاه النحاس عن عَلِيِّ بن سليمان الأخفشِ الصغيرِ في إعراب القرآن 5/ 316، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 512.
(5)
في الأصل: "ومن شر الوسواس".
(6)
وذهب الأخفش إلى أن الآية محمولة على التقديم والتأخير، فقال:"وقوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} يريد: مِنْ شَرِّ الوَسْواسِ مِنَ الجِنّةِ والنّاسِ". معانِي القرآن ص 550، وحكاه عنه ابن جني في الخصائص 2/ 410.
والوَسْواسُ: حَدِيثُ النَّفْسِ بالصوت الخَفِيِّ، قال الشاعر:
581 -
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الفَلَقْ
(1)
وأصل الوَسْواسِ الحَرَكةُ، ومنه: وَسْواسُ الحُلِيِّ، كما قال الأعشى:
582 -
تَسْمَعُ لِلْحَلْيِ وَسْواسًا إذا انْصَرَفَتْ
…
كما اسْتَعانَ بِرِيحٍ عِشْرِقٍ زَجِلُ
(2)
(1)
البيت من الرَّجَزِ المشطور، لِرُؤْبةَ بنِ العَجّاجِ يصف صَيّادًا، وبعده:
سِرًّا وَقَدْ أوَّنَّ تَأْوِينَ العُقُقْ
اللغة: الضمير في "وَسْوَسَ" يَعُودُ إلَى الصَّيّادِ المذكور قبل ذلك، يَقُولُ: لَمّا أحَسُّ بِالصَّيْدِ وَأرادَ رَمْيَهُ، وَسْوَسَ نَفْسَهُ بِالدُّعاءِ حَذَرَ الخَيْبةِ، أوَّنَ: شَرِبْنَ حَتَّى انْتَفَخَتْ بُطُونُهُنَّ، فَصارَ كُلُّ حِمار مِنْهُنَّ كالأتانِ العَقُوقِ، وَهِيَ التَّي تَكامَلَ حَمْلُها.
التخريج: ديوانه ص 108، العين 1/ 62، جامع البيان 8/ 184، ديوان الأدب 4/ 229، تهذيب اللغة 13/ 136، الصحاح ص 2075، ذكر الفرق بين الأحرف الخمسة ص 304، مجمع البيان 4/ 229، 10/ 196، عين المعانِي ورقة 150/ أ، تفسير القرطبي 20/ 255، اللسان: أون، لسق، وسس، التاج: وطس، عقق، فلق، أون.
(2)
البيت من البسيط، ويُرْوَى:"كَما اسْتَغاثَ بِرِيحٍ"، والضمير في "انْصَرَفَتْ" يعود إلى "هُرَيْرةَ" في بيتٍ سابقٍ.
اللغة: العِشْرِقُ: شَجَرةٌ مِقْدارُ ذِراعٍ فِيها حَبٌّ صِغارٌ، إذا جَفَّتْ فَمُّرتْ بِها الرِّيحُ تَحَرَّكَ الحَبَّ، فَيُسْمَعُ لَهُ خَشْخَشةٌ عَلَى الحَصَى، الزَّجِلُ: الصَّوْتُ الرَّفِيعُ العالِي.
التخريج: ديوانه ص 105، العين 2/ 287، 7/ 335، إعراب القرآن 5/ 315، الأغانِي 8/ 99، 101، تهذيب اللغة 3/ 277، إعراب ثلاثين سورة ص 239، إعراب القراءات السبع 2/ 551، الصحاح 988، 1526، التذكرة الحمدونية 8/ 304، مجمع البيان 4/ 230، 10/ 495، عين المعاني ورقة 150/ أ، تفسير القرطبي 7/ 178، 17/ 9، 20/ 261، اللسان: زجل، عشرق، وسس، اللباب في علوم الكتاب 20/ 578، التاج: وسس، عشرق، زجل.