الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا كانَتْ لَيْلةُ القَدْرِ يَنْزِلُ المَلَائِكةُ الذين هُمْ سُكّانُ سِدْرةِ المُنْتَهَى، وَفِيهِمْ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَيَنْزِلُ جِبْرِيلُ وَمَعَهُ ألْوِيةٌ، يَنْصِبُ لِواءً مِنْها عَلَى قَبْرِي، وَلِواءً عَلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَلواءً فِي المَسْجِدِ الحَرامِ، وَلِواءً عَلَى طُورِ سَيْناءَ، وَلَا يَدَعُ فِيها مُؤْمِنًا وَلَا مُؤْمِنةً إلّا سَلَّمَ عَلَيْهِ، إلّا مُدْمَنَ خَمْرٍ، وَآكِلَ خِنْزِيرٍ، والمتُضَمِّخَ بِالزَّعْفَرانِ"
(1)
.
ورُوِيَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه ذَكَرَ يومًا أربعةً من بَنِي إسْرائِيلَ عَبَدُوا اللَّهَ ثَمانِينَ عامًا، لَمْ يَعْصُوهُ طَرْفةَ عَيْنٍ، فَذَكَرَ أيُّوبَ وَزَكَرِيّا وَحِزْقِيلَ وَيُوشَعَ بنَ نُونٍ، قال: فَعَجِبَ أصحابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذلك، فَأتاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فقال: "يا مُحَمَّدُ: عَجِبْتَ أنْتَ وَأُمَّتُكَ من عِبادةِ هؤلاء النَّفَرِ ثَمانِينَ سَنةً لَمْ يَعْصُوا اللَّهَ طَرْفةَ عَيْنٍ؟ فقد أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ، ثم قرأ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
= "يَفْعُلُ" أن بعض العرب يكسرون المصدر من هذا، قال سيبويه:"وقد كَسَرُوا المصدر في هذا كما كَسَرُوا في "يَفْعَلُ"، قالوا: أتَيْتُكَ عِنْدَ مَطْلِعِ الشَّمْسِ، أي: عند طُلُوعِ الشَّمْسِ، وهذه لغة بني تميم، وأما أهل الحجاز فيفتحون، وقد كَسَرُوا الأماكِنَ في هذا أيضًا، كأنهم أدْخَلُوا الكَسْرَ أيضًا، كما أدْخَلُوا الفَتْحَ، وذلك: المَنْبِتُ، والمَطْلِعُ لِمَكانِ الطُّلُوعِ". الكتاب 4/ 90، وينظر: المقتضب 2/ 121، الأصول لابن السراج 3/ 142، إعراب القرآن للنحاس 5/ 269 - 270، مشكل إعراب القرآن 2/ 488.
(1)
ينظر: الكشف والبيان 10/ 255، مجمع البيان 10/ 408، 409، عين المعانِي ورقة 146/ ب، تفسير القرطبي 20/ 137. والتَّضَمُّخُ بِالطِّيبِ: الإكْثارُ مِنْهُ حَتَّى كَأنَّهُ يَقْطُرُ مِنْ جَسَدِهِ. اللسان: ضمخ.
الْقَدْرِ}، فهذا أفْضَلُ مِمّا عَجِبْتَ أنْتَ وَأُمَّتُكَ مِنْهُ" قال: فَسُرَّ بذلك النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم والناسُ معه
(1)
.
وعن ابن عباس قال: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إسْرائِيلَ حَمَلَ السِّلَاحَ على عاتِقِهِ في سَبيلِ اللَّه ألْفَ شَهْرٍ، فَعَجِبَ لِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَجَبًا شَدِيدًا، وَتَمَنَّى أنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أُمَّتِهِ، فَدَعا رَبَّهُ فقال:"يا رَبِّ! جَعَلْتَ أُمَّتِي أقْصَرَ الأُمَمِ أعْمارًا، وَأقَلَّهُمْ أعْمالًا"، فأعطاه اللَّهُ تعالَى لَيْلةَ القَدْرِ، فقال:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، أعْطَيْتُكَ هذه اللَّيْلةَ، وَأعْطَيْتُها أُمَّتَكَ فِي كُلِّ سَنةٍ، لَيْلةُ خَيْرٍ لَكَ وَلأُمَّتِكَ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ الَّذِي حَمَلَ فيه السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهِيَ لَكَ وَلأُمَّتِكَ إلَى يَوْمِ القِيامةِ"
(2)
.
وَرُوِيَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ صَلَّى المَغْرِبَ والعِشاءَ فِي جَماعةٍ، فَقَدْ أخَذَ بِحَظِّهِ مِنْ لَيْلةِ القَدْرِ، وَمَنْ قَرَأها فَكَأنَّما قَرَأ رُبُعَ القُرْآنِ"
(3)
.
وألْفُ شَهْرٍ: ثلاثٌ وثمانون سنةً، وأربعةُ أشهرٍ، واللَّه أعلم.
(1)
ينظر: شفاء الصدور ورقة 253/ أ، الكشف والبيان 10/ 255، 256، تفسير القرطبي 20/ 132، تفسير ابن كثير 4/ 567، الدر المنثور 6/ 371.
(2)
رواه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 306 كتاب الصيام: باب فضل ليلة القدر، وينظر: شفاء الصدور ورقة 254/ أ، الكشف والبيان 10/ 256، أسباب النزول ص 204، الوسيط 4/ 537.
(3)
الشطر الأول من هذا الحديث إلَى قوله: "من ليلة القدر" رواه الطبرانِيُّ بسنده عن أبِي أمامة في المعجم الكبير 8/ 179، ومسند الشاميين 2/ 43، وينظر: شفاء الصدور ورقة 254/ ب، الكشف والبيان 10/ 255، عين المعانِي ورقة 146/ ب، مجمع الزوائد 2/ 40 كتاب الصلاة: باب في صلاة العشاء الآخِرةِ والصبحِ في جماعة، كنز العمال 7/ 397، وأما بقية الحديث فهو جزء من حديث آخر رُوِيَ عن أنس، ولفظه:"مَنْ قَرَأ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} عُدِلَتْ بِرُبُعِ القُرْآنِ. . . إلخ"، ينظر في: الدر المنثور 6/ 377.