الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب مالك
(1)
، والشافعي
(2)
، إلى مشروعية قراءة المعوِّذتين بعد الإخلاص؛ لما جاء عند أبي داود، والترمذي من طريق خُصيف، عن ابن جُريج، عن عائشة رضي الله عنها:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَفِي الثَّانِيَة بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثَّالِثَةِ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَالمعَوِّذَتَيْنِ»
(3)
.
لكنه ضعيف لحال خصيف، ولم يثبت في قراءة المعوذتين في الوتر بعد الإخلاص شيء، وقد أنكر ثبوتَ ذلك الإمامُ أحمد، وابن معين، وغيرهما
(4)
.
-
المسألة السابعة: ماذا عن دعاء ختم القرآن في الصلاة
؟
الجواب: فيه تفصيل: فإن كان ذلك في وتر فلا إشكال فيه.
وإن كان ذلك في شفع ففيه خلاف مشهور، والناس فيه طرفان ووسط:
طرف شَنَّعَ على من فعلها، وعدَّها بدعة، وطرف آخر تمسك بها تمسكًا كبيرًا وكأنها عنده من السنن المؤكدة، والحق هو الوسط، بأن لا
(1)
ينظر: رسالة ابن أبي زيد ص (140)، وشرحها: الثمر الداني (1/ 141).
(2)
ينظر: الحاوي الكبير (2/ 676)، والمجموع (4/ 16).
(3)
سنن أبي داود (1/ 451) رقم (1424)، وجامع الترمذي (2/ 326) رقم (463).
(4)
ينظر: العلل (2/ 484)، وتاريخ ابن معين ص (106)، والجرح والتعديل (3/ 403).
يقال: إنها بدعة ولا تعد من السنن المؤكدة، بل الأمر فيها واسع، ولا تثريب على من ختم قراءته في الصلاة بالدعاء (الختمة) فقد أقره بعض أئمة السلف كالإمام أحمد رحمه الله، وقد وقفت على نقلين عن الإمام أحمد في هذه المسألة:
الأول: قول ابن قدامه في المغني: «(فصل في ختم القرآن): قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - فقلت: أختم القرآن أجعله في الوتر أو التراويح؟ قال: اجعله في التراويح
(1)
، حتى يكون لنا دعاء بين اثنين، قلت: كيف أصنع؟ قال: إذا فرغت من آخر القرآن، فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا ونحن في الصلاة، وأطل القيام، قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت، قال: ففعلت بما أمرني وهو خلفي يدعو قائمًا ويرفع يديه»
(2)
.
والثاني: قول حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع، قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه، وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة، قال العباس ابن
(1)
هنا الإمام أحمد أمرَ إمامَه حينما سأله: أجعل الدعاء في الوتر أو التراويح؟ بأن يجعله في التراويح، وفي هذا لفتة إلى أنه قصد ذلك واختاره، وحسبك بالإمام جلالة وإمامة في الدين وحرصًا على عدم مخالفة السنة.
(2)
المغني (1/ 838).
عبد العظيم: وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا شيئًا، وذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه
(1)
.
ومما سبق نخلص إلى ما يلي:
1) أنَّ النقل عن الإمام أحمد في ختمة التراويح جاء عنه من طريقين: طريق ابنه حنبل، وطريق الفضل بن زياد.
2) اختار الإمام أحمد رحمه الله أن يكون الدعاء بختم القرآن في شفع لا في وتر.
3) أنه رحمه الله أوصى إمامَه بذلك، وصلى خلفه مؤتمًّا به رافعًا يديه، وهو من الأئمة المشهورين باتباع السُّنة.
4) أن حجته في هذا عمل أهل مكة مع توافر أئمتها؛ كسفيان ابن عيينة الذي كان يفعلها، ولو كان هذا غير مشروع؛ لما تواردوا على ذلك.
5) رُوِيَ ذلك أيضًا عن أهل البصرة، وفيه رواية عن أهل المدينة.
6) رُوِيَ ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولم أقف عليه مسندًا.
(1)
ينظر: المغني لابن قدامة (2/ 126)، جلاء الأفهام ص (403).
وقد سئل سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله عن الختمة في الصلاة فاحتج بفعل السلف لها
(1)
.
والخلاصة: أنه ينبغي ترك التعنيف على من ختم في شفع، وإن جعلها في وتر كان أسلم خروجًا من النزاع.
(1)
ينظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 333، 354)، و (15/ 326).