الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث:
فضل صلاة التراويح
صلاة التراويح: هي من جملة قيام الليل، فتَشْمَلُها نصوصُ الكتاب والسنة التي وردت في بيان فضل قيام الليل، ومن هذه النصوص:
قوله تعالى عن المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17].
وقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9].
وقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة:16].
وفي الصحيحين من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
(1)
.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ»
(2)
.
(1)
متفق عليه، تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(2)
صحيح مسلم (2/ 821) رقم (1163).
قال الحسن البصري رحمه الله: «ما نعلم عملًا أشدَّ من مكابدة الليل ونفقة المال، قيل له: ما بالُ المتهجدين أحسنُ الناس وجوهًا؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره»
(1)
.
بَكَى الْبَاكُونَ لِلرَّحْمَنِ لَيْلًا
…
وَبَاتُوا دَمْعَهُمْ مَا يَسْأَمُونَا
بِقَاعُ الْأَرْضِ مِنْ شَوقٍ إِلَيْهِمْ
…
تَحِنُّ مَتَى عَلَيْهَا يَسْجُدُونَا
وكان السلف رحمهم الله يجِدُون لقيام الليل لذَّة وسرورًا، يفرحون بمجيئه، ويحزنون لانقضائه.
قال ثابت البُناني رحمه الله: «ما شيءٌ أجدُه في قلبي ألذُّ عندي من قيام الليل»
(2)
.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: «إذا جاء الليل فرحت، وإذا جاء النهار حزنت»
(3)
.
وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: «لَأَهْلُ الطاعة بليلهم أَلَذُّ من أهل اللهو بلهوهم، ولولا الليلُ ما أحببت البقاء في الدنيا»
(4)
.
(1)
إحياء علوم الدين (1/ 355).
(2)
صفة الصفوة (2/ 155).
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 85).
(4)
أخرجه الدينوري في المجالسة (1/ 473)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (9/ 275).
(1)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: «إنَّ في الدنيا جنةً مَنْ لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة»
(2)
.
- أيُّ أوقات القيام أفضلُ؟
كل الليل وقت للقيام، فللمرء أن يصلي أولَ الليل أو أوسطَه أو آخرَه، فقد جاء في صحيح مسلم من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ»
(3)
.
إلا أن صلاة آخر الليل أفضل؛ لما سبق، ولما رَوَى البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق مسروق عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ»
(4)
.
(1)
ينظر: مدارج السالكين (1/ 454)، وجامع العلوم والحكم ص (189).
(2)
ينظر: مدارج السالكين (1/ 454)، والوابل الصيب ص (67).
(3)
صحيح مسلم (1/ 520) رقم (755).
(4)
صحيح البخاري (1/ 338) رقم (951)، وصحيح مسلم (1/ 512) رقم (745).
ولحديث النزول الإلهي الثابت في الصحيحين من طريق أبي سلمة، وأبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ»
(1)
.
وينبغي أن يكون للمرء قسط من الليل بحسَب وُسعه، وما تيسر له، من أول الليل، أو أوسطه، أو آخره، ولو كان قليلًا، أما القيام في رمضان فذلك ما تنبعث له سوابق الهمم.
(1)
صحيح البخاري (1/ 384) رقم (1094)، وصحيح مسلم (1/ 521) رقم (758).