الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني:
صفة ركعات صلاة التراويح
أكمل القيام ما وافق فيه المصلي السُّنَّة كمية وكيفية:
أما الكمية: فيراد بها العدد وهي إحدى عشرة ركعة كما سبق معنا فيما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك، عن المقبري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها.
وأما الكيفية: فإنه صلى الله عليه وسلم، كان يصلي مثنى مثنى، ويطيل القيام والركوع والسجود، فقد قام صلى الله عليه وسلم في ركعةٍ بسورة البقرة والنساء وآل عمران كما ثبت في صحيح مسلم عن حذيفة
(1)
، وعند ابن حبان، عن عائشة رضي الله عنها:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْكُثُ فِي سُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً»
(2)
.
وقد اتَّفق الفقهاء على أنَّ المشروع في صلاة الليل مثنى مثنى، ولكنهم اختلفوا في حكم ذلك هل هو على الوجوب، أم الاستحباب؟
(1)
صحيح مسلم (1/ 536) رقم (772).
(2)
صحيح ابن حبان (6/ 344) رقم (2610).
فذهب مالك
(1)
، والشافعي
(2)
، وأحمد
(3)
، إلى أن المشروع في صلاة الليل السلامُ من كل ركعتين؛ لما ثبت في الصحيحين من طريق مالك، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال:«صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُم الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى»
(4)
. ومعنى (مَثْنَى مَثْنَى) أي ركعتين ركعتين.
وأكثر أهل العلم على أنَّ هذا على سبيل الوجوب، وجاء عن أحمد فيمن قام في التراويح إلى الثالثة:«يرجع وإن قرأ ولا بد»
(5)
. وفي رواية أخرى مشهورة عن الإمام أحمد: «أن القيام في هذه الحالة مكروه»
(6)
.
وذهب آخرون إلى جواز صلاة أربع ركعات بتسليم واحد، وهذا هو رأي أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد
(7)
، قال أبو حنيفة: إن شئت ركعتين، وإن شئت أربعًا، وإن شئت ستًّا وثمانيًا لا تسلمُ إلا في آخرهن
(8)
.
(1)
ينظر: بداية المجتهد (1/ 16)، والذخيرة (2/ 402).
(2)
ينظر: مختصر المزني (1/ 21)، والحاوي الكبير (2/ 659).
(3)
ينظر: المغني (1/ 796)، والإقناع (1/ 106).
(4)
صحيح البخاري (1/ 337) رقم (946)، وصحيح مسلم (1/ 516) رقم (749).
(5)
ينظر: المبدع (2/ 23)، والإنصاف (2/ 131).
(6)
ينظر: المبدع (2/ 23).
(7)
ينظر: المغني (1/ 824)، والإنصاف (2/ 121).
(8)
ينظر: الجامع الصغير مع شرحه النافع الكبير ص (110)، بدائع الصنائع (1/ 295).
وعلى رأي أبي حنيفة يُخير الإمام بين ذلك، لكن الأفضل في مذهبه صلاة أربع بتسليم واحد؛ لما ثبت في الصحيحين من طريق أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن عائشة أنها قالت لأبي سلمة حين سألها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:«يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا»
(1)
.
وهذا الحديث ظاهره الجواز، لكنه ليس صريحًا فيه.
وحديث ابن عمر: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» ، ليس صريحًا في وجوب التسليم من كل ركعتين، فيُحْمَل على الاستحباب، وأنه ينبغي أن يكون هو الهديَ الغالبَ، ولكن من نسي فقام إلى الثالثة فله أن يجعلهن أربعًا ولا يلزمه الرجوع على رأي أبي حنيفة وأحمد في رواية، وهذا فيه توسعة على الناس، لا سيما أن حديث عائشة: «يُصَلِّي أَرْبَعًا
…
» يحتمل ذلك، وظاهره أنه يصلي أربعًا بتسليم واحد، يفعل ذلك أحيانًا، وإن كان هديه الغالب صلى الله عليه وسلم أنه يسلم من اثنتين كما يدل عليه حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(1)
صحيح البخاري (1/ 385) رقم (1096)، وصحيح مسلم (1/ 509) رقم (738).