الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني عشر:
فتنة الدَّهْمَاء
يسيء الدَّهْمَاء كثيرًا إلى متبوعيهم، من أهل العلم والقراء والقدوات، حينما يفسدون قلوبهم بكيل ألفاظ المدائح والثناء، ولربما تبع ذلك إعجابٌ وتعلق مقيت بصاحب الصوت الندي، وهنا يكون الأمر كما قال بعض السلف:«فتنة للمتبوع ومَذَلَّة للتابع»
(1)
.
ومن النقص، وضعف العقل، إخلاد المرء إلى مدائح الناس.
«وليس في الرذائل أشبه بالفضائل من محبة المدح»
(2)
.
ومتى ما «أُعْجِبْت بمدح إخوانك لك، ففكر في ذم أعدائك إياك
…
فإن استحقرت عيوبك، ففكر فيها لو ظهرت على الناس، وتمثلِ اطلاعَهم عليها، فحينئذ تخجل وتعرف قدر نقصك إن كانت لك
(1)
أخرجه ابن المبارك في الزهد (2/ 13)، والدارمي في سننه (1/ 448) رقم (540)، وابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 302) رقم (26315) من قول عمر رضي الله عنه.
(2)
الأخلاق والسير ص (70).
مُسْكَة من تمييز»
(1)
.
والمنهج الشرعي في هذا الباب: سد باب المدح والتمادح؛ لما في ذلك من فتنة للمدوح.
روى الإمام البخاري في صحيحه (باب ما يكره من التمادح)، من طريق شعبة عن خالد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه:«أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا -: إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَحَسِيبُهُ اللهُ، وَلَا يُزَكِّي عَلَى الله أَحَدًا»
(2)
.
وروى الإمام مسلم في صحيحه (باب النهي عن المدح إذا كان فيه) من طريق شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث:«أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ، فَعَمَدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا - فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ المدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ»
(3)
.
(1)
الأخلاق والسير ص (70).
(2)
صحيح البخاري (5/ 2252) رقم (5714).
(3)
صحيح مسلم (4/ 2297) رقم (3002).