الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث:
ترك الإيتار مع الإمام في التراويح
الأفضل للمأموم في صلاة التراويح أن يتابع الإمام حتى ينصرف من الوتر؛ لحديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»
(1)
.
وقد بَوَّبَ النسائي على الحديث: (ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف)
(2)
.
(3)
.
وقال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله معلقًا على الحديث -: «فينبغي أن يكون الوتر مع التراويح جماعة»
(4)
.
(1)
تقدم تخريجه ص (55).
(2)
السنن الكبرى (2/ 108).
(3)
مسائل الإمام أحمد ص (90).
(4)
الشرح الممتع (4/ 60).
وقد رأينا بعض الأحبة يندفع لقصر العدد في التراويح على إحدى عشرة ركعة ولا يكملون صلاة التراويح مع الإمام، بل يفارقونه إذا اكتمل العدد عشرة، ثم يأتون بركعة الوتر بمفردهم، وهذا الفعل مخالف للسنة من عدة أوجه:
الوجه الأول: ترك الائتمام بالإمام:
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»
(1)
.
(2)
.
الوجه الثاني: فوات فضل قيام ليلة:
وهذا بنص حديث أبي ذر السابق
(3)
.
ومفهوم المخالفة من الحديث: أن من لم يصل مع الإمام حتى ينصرف لم يُكْتَب له قيام ليلة؛ لأن من صلى مع الإمام التراويح، ولم يوتر معه لم يكن قد صلى مع الإمام حتى ينصرف، فيُحْرَم من هذا
(1)
أخرجه البخاري (1/ 139) رقم (688)، ومسلم (1/ 309) رقم (412).
(2)
الشرح الممتع (4/ 61).
(3)
تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
الأجر العظيم، وهو أن يُكْتَب له قيام ليلة كاملة تامة
(1)
.
الوجه الثالث: الاختلاف على الإمام:
ترك إكمال التراويح مع الإمام يؤدي إلى الاختلاف عليه واللغط والتشويش، والعامة يستغربون مفارقة هؤلاء للإمام، وموكب هؤلاء وهم يفارقون الإمام يشعر بالتدابر والتباعد.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاختلاف على الإمام، فقال:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»
(2)
.
وقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بالاجتماع والائتلاف، ونبذ الفرقة والشتات، والأدلة في ذلك كثيرة من الكتاب والسنة.
فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يصلي بِمِنًى أربع ركعات خلف عثمان ابن عفان رضي الله عنه، مع أنه يعتقد أن الصحيح ركعتان لا أربع، ولكنه يتابع الإمام؛ لأن الخلاف شر.
فعن عبد الرحمن بن يزيد، قال: «صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ الله: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ؛
(1)
ينظر: الشرح الممتع (4/ 61).
(2)
أخرجه البخاري (1/ 145) رقم (722)، ومسلم (1/ 309) رقم (414) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فَلَوَدِدْتُ أَن لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ» -قَالَ: الْأَعْمَشُ، فَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةَ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ -:«أَنَّ عَبْدَ الله صَلَّى أَرْبَعًا، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا، قَالَ: الْخِلَافُ شَرٌّ»
(1)
.
وصلاة المرء مع إمامه جماعة، فيها من الفضائل: شهود الخير، وتكثير سواد المسلمين، ونشاط النفس، وتحفيز الآخرين.
(1)
أخرجه أبو داود (2/ 199) رقم (1960) بسندٍ صحيحٍ.