الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلا فرب العزة هو القائل فى نفس سورة النحل، وقبل هذه الآية قال:{ليبين لهم الذى اختلفوا فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين} (1) .
وقال سبحانه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (2) .
وقال عز وجل: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه} (3) .
فتلك ثلاث آيات كريمات فى نفس سورة النحل، وسابقة لآية {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} والثلاث آيات تسند صراحة مهمة التبيين إلى نبيه صلى الله عليه وسلم.
فهل يعقل بعد ذلك أن يسلب الله عز وجل هذه المهمة - التبيين - التى هى من مهام الرسل جميعاً
كما قال عز وجل: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} (4) .
ويوقع التناقض بقوله جل جلاله: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} .
وقوله عز وجل: {وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلاً} ؟ ! .
إن كل الرافضين لمهمة رسول الله البيانية، لابد أن يلتزموا بهذه النتيجة التى تعود بالنقض على الإيمان بالكتاب، وبمن أنزل الكتاب جل جلاله، سواء أقروا بلسانهم بهذا النقض أم لا، وتنبهوا إلى ذلك أم لا؟!! .
…
ويجدر بى هنا أن أشير إلى ما قاله الحافظ ابن حجر مبيناً
المراد من الأحاديث والآثار المؤذنة بالاقتصار على كتاب الله عز وجل
. نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله"(5) .
(1) الآية 39 النحل.
(2)
الآية 44 النحل.
(3)
الآية 64 النحل.
(4)
الآية 4 إبراهيم.
(5)
جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الحج، باب حجة النبى صلى الله عليه وسلم 4/431، 432 رقم 1218 من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:"هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده" فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن. حسبنا كتاب الله" (1) .
وأشباه هذا مما روى مرفوعاً وموقوفاً، بالإقتصار على القرآن فقط.
…
يقول الحافظ: "الإقتصار على الوصية بكتاب الله؛ لكونه أعظم وأهم، ولأن فيه تبيان كل شئ، إما بطريق النص، وإما بطريق الاستنباط، فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب، عملوا بكل ما أمرهم النبى صلى الله عليه وسلم، به لقوله تعالى:{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (2) وهذا الذى قاله الحافظ رحمه الله، يؤكد ما سبق ذكره.
…
ومما هو جدير بالذكر هنا. أن الكلام السابق للحافظ، نقله مبتوراً جمال البنا حيث قال:"التمسك بالقرآن والعمل بمقتضاه، إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله".
وترك جمال البنا، بيان أن العمل بالقرآن الكريم يقتضى العمل بالسنة كما صرح ابن حجر (3) .
…
وهذا ما فعله أيضاً أحمد صبحى منصور. حيث نقل كلام الحافظ ابن حجر الذى نقلته، وبتر منه لفظه (النبى صلى الله عليه وسلم .
فصارت العبارة: "فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم به"(4) .
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شئ يوص فيه 6/ 100رقم 1637، والبخاري (ببشرح فتح الباري) في عدة أماكن منها كتاب العلم، باب كتابةالعلم 1/251 رقم 114.
(2)
جزء من الآية 7 الحشر. وينظر: فتح البارى 5/425 رقم 2740 حديث عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه، وينظر: الموافقات للشاطبى 3/274 – 276.
(3)
السنة ودورها فى الفقه الجديد ص246.
(4)
حد الردة ص89.