الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد علي دعوي مخالفة السنة للقرآن في حد الزنا:
يقول الإمام الشاطبي (1) : رداَ على دعوى مخالفة الرجم والتغريب للقرآن الكريم، قال: ((هذا اتباع للمتشابه، لأن الكتاب في كلام العرب، وفي الشرع يتصرف على وجوه منها الحكم، والفرض
في قوله تعالى: {كتاب الله عليكم} (2) وقال تعالى: {كتب عليكم الصيام} (3) وقال سبحانه: {وقالوا ربنا لما كتبت علينا القتال} (4) .
فكان المعني: لأقضين بينكما بكتاب الله، أي بحكم الله الذي شرع لنا، ولا يلزم أن يوجد هذا الحكم في القرآن، كما أن الكتاب يطلق على القرآن، فتخصيصهم الكتاب بأحد المحامل من غير دليل إتباع لما تشابه من الأدلة)) (5)
ثم قال الإمام الشاطبي: ((وقوله من زعم (6)
(1) هو: أبو اسحق إبراهيم بن موسى الغرناطي، الشهير بالشاطبي، أصولي، متكلم، مفسر، لغوي، من مصنفاته النفيسة: الموافقات في أصول الفقه، والإعتصام في الحوادث والبدع، مات سنة 790 هـ له ترجمة في: شجرة النور الذكية صـ 231 231رقم 828، والمجددون في الإسلام لعبد المتعال الصعيدي صـ 305، والفتح المبين لعبد الله المراغي 2 / 204.
(2)
جزء من الآية 24النساء.
(3)
جزء من الآية 183 البقرة.
(4)
جزء من الآية 77 النساء.
(5)
الإعتصام 1 / 199، 200.
(6)
حكاية منه عن أهل الإبتداع قديماً، وتابعهم حديثاً: توفيق صدقي في مقاله ((الإسلام هو القرآن وحده)) انظر: مجلة المنار المجلد9 / 523، 524، وأحمد حجازي السقا في كتابيه إعجاز القرآن صـ 79، ودفع الشبهات صـ 108، والسيد صالح أبو بكر في الأضواء القرآنية 2 / 313، 314، ومصطفي المهدوي في البيان بالقرآن 1 / 334، 356، ونيازي عز الدين في كتابيه دين السلطان صـ 642، 948 وما بعدها، وإنذار من السماء صـ 576، وأحمد صبحي منصور في لماذا القرآن صـ 112، ولا رجم للزانية لأحمد حجازي السقا صـ 17 ـ 162، ودفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين لصالح الورداني صـ 140، وإعادة تقييم الحديث لقاسم أحمد صـ 124، وتبصير الأمة بحقيقة السنة لإسماعيل منصور صـ 657، وتطبيق الشريعة الإسلامية بين الحقيقة وشعارات الفتنة صـ 141، 142، والحكم بالقرآن لجمال البنا صـ 135 ـ 140، والخطوط الطويلة لمحمد علي الهاشمي صـ 25، والسنة ودورها في الفقه الجديد صـ 22، 254، ومشروع التعليم والتسامح لأحمد صبحي منصور وآخرون صـ 289، وجريدة الجيل العدد 31 في 30 / 5 / 1999 مقال لمحمد عبد اللطيف مشتهري، وجريدة صوت الأمة العدد 110 الاثنين 6 / 1 / 2003 مقال لعلي يوسف علي.
أن قوله تعالى في الإماء: {فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} (1) .لا يعقل على ما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم، ورجمت الأئمة بعده. (2)
لأنه يقتضي أن الرجم ينتصف، وهذا غير معقول، فكيف يكون نصفه على الإماء؟
هذا ذهاباً منهم إلي أن المحصنات هن ذوات الأزواج، وليس كذلك بل المحصنات هنا المراد بهن الحرائر، بدليل قوله تعالى: - {ومن لم يستطع منكم طولاًُ أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} . (3)
وليس المراد هنا إلا الحرائر؛ لأن ذوات الأزواج لا تنكح. (4)
وتأكيداً على أن حد الأمة نصف حد الحرة ((بالجلد دون الرجم)) سواء كانت محصنة بالتزويج أم!
جاء التقييد في الآية الكريمة في حق الإماء {فإذا أحصن} قال تعالى: {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} . (5)
أي على الإماء وإن كن محصنات بالتزويج، وجوب نصف حد المحصنات ((وهن الحرائر غير المتزوجات)) كما قال الإمام الشاطبي.
فلئلا يتوهم أن الأمة المزوجة ترجم جاء التقييد في الآية الكريمة.
وقد أجمع العلماء على أنها لا ترجم (6) وهذا الإجماع قائم على الآية السابقة، وما ورد في صحيح السنة النبوية الشريفة في تأكيدها وبيانها، من أحاديث مطلقه في حكم الأمة إذا زنت بالجلد.
(1) جزء من الآية 25 النساء
(2)
راجع حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم، وقد سبق قريباً.
(3)
الآية 25 النساء.
(4)
الإعتصام 2 / 559، 560.
(5)
جزء من الآية 25 النساء.
(6)
ينظر: المنهاج شرح مسلم 6/229رقم 1703، وشرح الزرقاني علي الموطأ 4/158رقم1593.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فيجلدها الحد. ولا يثرب عليها. ثم إن زنت، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها. ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر)) (1) .
قلت: إن الرجم والنفي في البيان النبوي يوافق القرآن الكريم فيما ذكره من مضاعفة العذاب؛ قال تعالى: {
…
ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا يضاعف له العذاب يوم القيامة} (2) فكان الرجم عقاب مضاعف، وأشد لمن زنا وهو متزوج، مقارنة بمن زني وهو غير متزوج، حيث أخف عقوبة بجلده، ومضاعفته بنفيه عام.
وتبدو حكمة التغريب للزاني غير المحصن في أنه " تمهيد لنسيان جريمته، وإبعاد له عن المضايقات التي قد يتعرض لها، فهي عقوبة لصالحه أولاً، ولصالح الجماعة ثانياً.
والمشاهد حتى في عصرنا الحالي الذي إنعدم فيه الحياء، أن كثيريين ممن تصيبهم معرة الزنا يهجرون موطن الجريمة مختارين لينأوا بأنفسهم عن الذلة والمهانة التي تصيبهم في هذا المكان.
الرجم من كرهه نظرياَ فسوف يرضي به عملياَ اللهم إلا أن يكون.!
(3)
وكذلك الرجم: يستهدف إصلاح المجتمع، وقد استفظعه قوم يرضون به لو كان الزاني قد زنا بمن هي من أهله. فهو وإن كرهه نظرياً، فسوف يرضي به عملياً، اللهم إلا أن يكون ديوساً لا غِيرةَ له على أهله، وإباحياً لا دين له، ومثل هذا لا وزن له عند العقلاء!
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الحدود، باب رجم اليهود 6/226رقم1703، والبخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الحدود، باب لايثرب علي الأمة إذا زنت، ولاتنفي 12/171 رقم 6839.
(2)
الآيتان 68، 69 الفرقان.
(3)
ينظر: التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر عودة 1/640.