الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختلاف الناس فى فهم القرآن ما بين مصيب ومخطئ
…
واختلافهم فى درجات الإصابة، ودرجات الخطأ
…
برهان بين على حاجتهم إلى "تبيين" لكتاب ربهم، ينهض به إمام الموقعين عن رب العالمين
…
رسول الله الذى أنزل عليه هذا الكتاب.
هنا يقع قول الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (1) موقعاً يسد كل ثغرة، يحاول النفاذ منها من يرفض "سنة رسول الله" أو يهون من شأنها، أو يسعى للتشكيك فيها، وإسقاط حجيتها وإلزامها.
ويقع نفس الموقع قول النبى صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدرى؟ ما وجدنا فى كتاب الله اتبعناه"(2) .
وهنا لى أن أقرر: أن
إنكار مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، البيانية
، أو رفضها أو التشكيك فيها ينطوى على رفض وتكذيب للقرآن نفسه؟.
{كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً} (3) .
كما ينطوى على الطعن فى عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى بلاغ وحى الله تعالى إليه، لأن
ترك تبيين كلمة واحدة فى القرآن الكريم، تحتاج إلى تبيين دون أن يبينها تقصير، ككتمان
حرف واحد مما أمر بتبليغه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مبرأ من أن يخون فى التبليغ، أو يقصر فى
التبيين.
فمن المتهم إذن: باتهام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنه فرط فى تبليغ رسالته؟ من يؤمن بأن من
(1) جزء من الآية 7 الحشر.
(2)
أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب لزوم السنة 4/200 رقم 4605، والترمذى فى سننه كتاب العلم، باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث النبى صلى الله عليه وسلم 5/36 رقم 2663 وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن ماجة فى سننه المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتغليظ على من عارضه 1/20 رقم 13، والشافعى فى الرسالة ص89 رقم 295 من حديث أبى رافع رضى الله عنه.
(3)
الآية 5 الكهف.
مهمته فى رسالته البيان أم من ينكر ذلك؟! .
إن إنكار أعداء السنة المطهرة، لهذه المهمة، بحجة أن المولى عز وجل تكفل بهذا البيان والتفصيل فى قوله:{ثم إن علينا بيانه} (1) وقوله سبحانه: {وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلاً} (2) وقوله: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ} (3) .
لا حجة لهم فى ذلك لما يلي:
أن مجئ لفظ البيان فى جانب الله تعالى: {ثم إن علينا بيانه} ، ومجئ لفظ "التبيين" فى جانب رسول الله، {لتبين للناس ما نزل إليهم} لا يفسر بأنه تنويع فى اللفظ، أو تفنن فى العبارة، وإنما هو قصد مقصود، وراءه دلالات يبحث عنها وهى:
أن "بيان" الله للقرآن إنما هو لنبيه صلى الله عليه وسلم.
ومصدره هو الله تعالى.
ومستقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وطريقه: الوحى فى صورة ما من صورة.
أما "التبيين" فهو من رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس.
ومصدره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومستقبله المخاطبون بهذا القرآن.
وطريقه إنما هو "اللغة" وليس "الوحى".
…
والخلاصة: رسول الله يتلقى بيان القرآن عن ربه "وحياً" والناس يتلقون تبيينه عن رسول الله
"لغة وكلاماً".
إذن: هناك اختلاف بين "البيان" و"التبيين" من ثلاث جهات: من جهة المصدر، ومن جهة
(1) الآية 19 القيامة.
(2)
جزء من الآية 114 الأنعام.
(3)
جزء من الآية 89 النحل. وينظر: ممن استشهد بذلك، توفيق صدقى فى مقاله "الإسلام هو القرآن وحده"، مجلة المنار المجلد 9/516، 907، وجمال البنا فى السنة ودورها فى الفقه الجديد ص33، ومحمود أبو ريه فى أضواء على السنة المحمدية ص404، والصلاة لمحمد نجيب ص23، وقاسم أحمد فى إعادة تقييم الحديث ص86، ومصطفى المهدوى فى البيان بالقرآن 1/10، 29، وأحمد صبحى فى الصلاة فى القرآن 32، 60، 61، وإسماعيل منصور فى تبصير الأمة ص10، 11، 15 وغيرهم.