الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن اعتبر ما بقي منه قرأناً بنصه خالف القرآن بنسخه وإنسائه، وأتي بما ليس بقرآن موجود، مدعياً أنه قرآن!
وعلى ما ذكرناه تحمل كل الروايات في هذا المجال.. فإذا قال الصحابي، قرأنا كذا، أو توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن، أو قال كنا نقرأ كذا فحفظت منه كذا، أو قال: فلا أدري من القرآن هو أم لا.
كل ذلك محمول في قرآن نسي أو نسخ، ولم يبقي منه إلا بعض المعاني أو بعض الذكريات عبر عنها الصحابي بأسلوبه أو بالمعني، والرواية بالمعني ليست من القرآن الكريم!
والدليل على ذلك: أن القرآن المجموع حفظاً وكتابةً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم في عهد أبي بكر، ثم في عهد عثمان بن عفان، لم يختلف فيه حرف عن حرف أو كلمة عن كلمة، ولا يوجد فيه شئ مما ذكر الصحابة أنه مما كان من القرآن.
ومما يدل على ذلك أنه ما بقي من آثار القرآن المنسوخ لم يشتهر بين الصحابة، بل حكي كل واحد ما بقي من ذهنه مما كان...........
وما دام النص المنسوخ قد أُنسِيَ، أو ليس موجوداً، فمجال البحث والدراسة والتفسير والتأويل بالنسبة إليه غير ذي موضوع.
لكن المهم هنا أن كل ما ذكرناه يؤكد أن الآية في قوله تعلي: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} (1) يراد بها الآية من القرآن التي تنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنسخ تلاوتها، أو تُنسَي من القرآن، وهو ما تؤكده الروايات الواردة في ذلك، ومنها آية ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)) . (2)
الحكمة من كراهة النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم المنسوخة تلاوة:
وهذا الذي قلناه يفسر لنا لماذا كره النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم السابقة.
(1) الآية 106 البقرة، وينظر: الإتقان في علوم القرآن 3/71 نص رقم 4143.
(2)
سبق تخريجه صـ 86.
إذ كيف يسمح صلى الله عليه وسلم بكتابة شئ منسوخ تلاوة بجوار القرآن الكريم، وقد نهي صلى الله عليه وسلم عن كتابة أي شئ بجوار كلام الله عز وجل (1) في صحيفة واحدة لئلا يلتبس على من بعده، هل هو من القرآن أم لا! . (2)
وليس أدل على ذلك في مسألتنا هذه من قول الصحابي الجليل بن عباس رضي الله عنه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن لابن آدم ملء واد مالاً لأحب أن له إليه مثله؛ ولا يملأ عين بن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب))
قال: ابن عباس فلا أدري أهو من القرآن أم لا! (3) .
فخشية هذا الإلتباس تحمل كراهته صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم، ولو كانت آية الرجم بنص تلاوتها، كما أنزلت أولاً، ولم تُنْسَيَ، ولو كان صلى الله عليه وسلم مأموراً بكتابتها، لأمر بكتابتها شأنها شأن آيات الحدود الأخرى.
(1) فعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لاتكتبوعنى، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه، وحدثوا عنى ولاحرج، ومن كذب على متعمداَ فليتبوأ مقعده من النار)) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزهد
، باب التثبت فى الحديث، وحكم كتابة العلم 9/356 رقم 3004.
(4)
وكان هذا النهى النبوى فى أول الأمر مخافة َعلى كتاب الله عز وجل، وصيانة عن خلطه بالسنة الشريفة، التى كانوا يكتبونها بجوار القرآن فى صحيفة واحدة مما قد يلتبس على ممن كانوا حديثى عهد بالإسلام ولم يعتادوا على أسلوبه، وأكثرهم من الأعراب الذين لم يكونوا فقهوا فى الدين! وتأكيداَ لعلة النهى هذه. ينظر: السنة النبوية فى كتابات أعداء الإسلام للمؤلف 1/ 288 طبعة دار اليقين بالمنصورة
(3)
أخرجه البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الرقاق، باب ما يتقي من فتنة المال 11/258 رقم 6437.