الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي المسند عن عائشة مرفوعاً ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا إحدى ثلاث....... أو رجل ارتد بعد إسلامه)) الحديث (1) أهـ.
ثالثاً: إجماع الصحابة على قتل المرتد:
أجمع الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم أئمة الإسلام، على حد الردة، فنقل عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل المرتد عن دين الإسلام في قضايا متعددة، وينتشر مثلها ويستفيض، ولم ينكرها أحد منهم، فصارت إجماعاً على وجوب قتل المرتد. (2)
فمن ذلك مايلي: -
أن أبا بكر رضي الله عنه قتل أم قرفة الفزاريه في ردتها، قتلة مثلة، شد رجليها بفرسين، ثم صاح بهما فشقاها.
وأم ورقة الأنصارية رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميها الشهيدة، فلما كان في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتلها غلامها وجارتها، فأتي بهما عمر بن الخطاب فقتلهما وصلبهما. (3)
(1) أخرجه أحمد في مسنده 6 / 205، 181.
(2)
ينظر: الصارم المسلول صـ 200 بتصرف، وسبل السلام 3/1239، والمنهاج (شرح مسلم) 6/448 رقم 1733.
(3)
أخرجه الدارقطني في سننه كتاب الحدود والديات 3/114 رقم 110، وإسناده حسن كما قال الحافظ في فتح الباري 12
/284 رقم 6922، وأخرجه البيهقي في سنته كتاب المرتد، باب قتل من ارتد عن الإسلام إذا ثبت عليه؛ رجلاً كان أو امرأة 8/204، وقال الحافظ في تلخيص الحبير 4/137 (تنبيه) : في السير أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل أم قرفة يوم قريظة، وهي غير ذلك، وفي الدلائل لأبي نعيم أن زيد بن حارثة قتل أم قرفة في سريته إلي بني فزاره. ينظر: دلائل النبوة 2/543 رقم 462،
والسيرة النبوية لابن هشام 4 / 312 نص رقم 2022.
(1)
مغربة: يقال بكسر الراء وفتحها، مع الإضافة فيهما، ومعناه: هل من خبر جديد جاء من بلاد بعيدة. تلخيص الحبير 4/44138 4/ 138
ما روي أنه قدم على عمر بن الخطاب رجل من قِبَلْ أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره. ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مُغَرِّبَةِ خبر؟ (1) فقال نعم رجلٌ كفر بعد إسلامه. قال فما فعلتم به؟ قال: قربناه، فضربنا عنقه. فقال: أفلا حبستموه ثلاثاً وأطعمتموه كل يوم رغيفاً واستتبتموه لعله يتوب ويُراجع أمر الله؟
ثم قال عمر: اللهم إني لم احضر، ولم آمر؛ ولم أرض إذا بلغني)) (2)
والعجيب ممن يستدل بهذا الأثر ونحوه علي أنه يجوز قتل المرتد عقوبة تعزيريه، ويجوز استبدالها بالحبس مثلاً. (3)
وهو بذلك يتجاهل علة مقولة عمر بالحبس، وهي كما جاءت في رواية الإمام مالك باستتابة المرتد قبل قتله، كما قال:((أفلا حبستموه ثلاثاً. وأطعمتموه كل يوم رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب....... إلخ)) وهو ما تضمنته عناوين الأبواب التي ذكر تحتها أئمة السنة هذا الحديث
(1) أخرجه مالك في الموطأ كتاب الأقضية، باب القضاء فيمن ارتد عن دين الإسلام 2/565 رقم 16، ومن طريقة الشافعي في مسنده صـ511 رقم 1485، وقال: من لم يتأني بالمرتد زعموا أن هذا الأثر ليس بمتصل. ينظر: تلخيص الحبير
(2)
4/138 ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في سننه كتاب المرتد، باب من قال يحبس ثلاث أيام 8/206-207، وفي معرفة السنن والآثار كتاب المرتد باب استتابة المرتد 6/309 رقم 5032، والمضيف لعبد الرزاق 10/165
(3)
ينظر: الإسلام وحرية الفكر لجمال البنا صـ 188، 189.
روي عن على بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه أُتي بزنادقة! فأحرقهم. فبلغ ذلك عبد الله بن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تعذبوا بعذاب الله)) (1) ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) . (2)
14وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، كفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب: كيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله)) . فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.
فقال عمر بن الخطاب: فو الله ! ماهو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق)) . (3)
قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى (4)
(1) النهي ليس علي التحريم، بل علي سبيل التواضع. ينظرالخلاف في ذلك (فتح الباري) 6/174 رقم 3017.
(2)
سبق تخريجه ص 118.
(3)
أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويؤمنوا
بجميع ما جاء به النبي 1/232 رقم 20، والبخاري (بشرح فتح الباري) كتاب استتابة المرتدين والمعاندين، وقتالهم،
باب قتل من أبي قبول الفرائض، وما نسبوا إلي الردة 12 / 288 رقمي 6924، 6925.
(4)
هو: حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، نسبة إلي جده، كان ثقة مثبتا، من أوعية العلم، صنف (شرح البخاري) و (ومعالم السنن) و (غريب الحديث) وغير ذلك. مات سنة 388 هـ له ترجمة في: طبقات الحفاظ للسيوطي صـ 404 رقم، 915 وتذكرة الحفاظ 3 / 1018 رقم 950، والتقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد صـ 254 رقم 310.
في شرح هذا الكلام، كلاماًُ حسناً لا بد من ذكره لما فيه من الفوائد في الرد على من ينكر حد الردة في حروب الردة. (1)
قال رحمه الله: مما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين: ونابذوا الملة وعادوا إلي الكفر، وهم الذين عناهم أبوهريرة بقوله: وكفر من كفر من العرب، وهذه الفرقة طائفتان:
…
الطائفة الأولي: أصحاب مسيلمة من بني حنيفة، وغيرهم الذين صدقوا على دعواه في النبوة، وأصحاب الأسود العنسي، ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مدعية النبوة لغيره! فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مسيلمة باليمامة، العنسي بصنعاء، وانفضت جموعهم، وهلك اكثرهم.
والطائفة الأخرى: ارتدوا عن الدين، وأنكروا الشرائع،وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من الشرائع؛ وعادوا إلي ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يسجد لله في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، مسجد المدينة، ومسجد عبد القيس في البحرين في قرية يقال لها جواثا. والصنف الأخر: هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا بالصلاة، وأنكروا فرض الزكاة،ووجوب أدائها إلي الإمام، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وهم الذين ناظر عمر أبا بكر في قتالهم. وإنما لم يدع هذا الصنف بأهل البغي في ذلك الزمان خصوصاً لدخولهم في غمار أهل الردة إذ كانت أعظم الأمرين، وأهمهما، ولمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين.
(1) ينظر: حد الردة لأحمد صبحي منصور صـ 57 - 60، والمصادر الأخرى السابقة صـ 119.