الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمثل هذه الآيات التى تتضمن أن طاعة الله مقترن بها طاعة الرسول، تفسرها آيات أخرى تتضمن أن الطاعة واجبة فقط لله" (1) .
و
يجاب عن ما سبق بما يلي:
أولاً: تعسف أعداء رسول الله، فى تأويل كلمة "الرسول
" فى كتاب الله عز وجل بأنها القرآن الكريم، دون شخص النبى محمد صلى الله عليه وسلم، أمر برفضه القرآن الكريم.
وتأمل معى الآيات التالية:
1-
قال تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل} ((2)) .
فهل يصح من عاقل أن يفسر كلمة الرسول فى الآية بأنها القرآن؟! .
ويكون المعنى: وما محمد إلا قرآن قد خلت من قبله القرآن أو الرسل؟! .
2-
وقال عز وجل {ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً} (3) .
فهل يصح من أعداء الإسلام تأويل "ورسوله" بمعنى "وقرآنه" وبالتالى ينكرون ما هو ثابت بالتواتر من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة؟! .
تلك الهجرة التى كانت واجبة قبل فتح مكة، حتى أن الله سبحانه وتعالى نهى عن اتخاذ من لم يهاجر ولياً حتى يهاجر، كما قال عز وجل:{إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا} (4) فهل حديث القرآن عن الهجرة فى هذه الاية وغيرها، يعنى: الهجرة إلى القرآن؟! .
…
(1) إعادة تقييم الحديث ص80، وينظر: الإمام الشافعى وتأسيس الأيدلوجية الوسطية لنصر حامد أبو زيد ص83، 84، والدولة والمجتمع لمحمد شحرور ص155، والحقيقة من الحقائق المسكوت عنها لنيازى عز الدين ص348، وغيرهم ممن زعم أن مهمة الرسول فى رسالته قاصرة على بلاغ القرآن فقط. يراجع: ص 9.
(2)
2) الآية 144 آل عمران.
(3)
الآية 100 النساء.
(4)
الآية 72 الأنفال.
كيف وقوله تعالى: {ومن يخرج من بيته مهاجراً} صريح فى أنها هجرة حقيقية، من مكان إلى مكان، وهو الثابت تاريخيا ً؛ من هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة، وهجرة الصحابة بعد ذلك إليه صلى الله عليه وسلم وهو ما يؤكد أن قوله "ورسوله" تعنى شخص النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
3-
وقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل} (1) .
فهل يصح أو يعقل أن يكون المراد بالآية: آمنوا بالله وكتابه – والكتاب الذى نزل على قرآنه؟! .
4-
…
إن هاتين الآيتين تفيدان مع سابقتهما، أن كلمة "الرسول" مراداً بها شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصح بحال أن تفسر كلمة "الرسول، بأنها القرآن، كما يزعم الأدعياء. فتكون الآية هكذا: "الذين يتبعون القرآن النبي الأمي" و"قل يا أيها الناس إني قرآن الله إليكم جميعاً" و"فآمنوا بالله وقرآنه النبي الأمي" (3) .
(1) الآية 136 النساء.
(2)
الآيتان 157، 158 الأعراف مع الآية 81 آل عمران {ثم جاءكم رسول لما معكم} .
(3)
وللإستزادة ينظر: ما ذكره الفيروز آبادى فى بصائر ذوى التمييز 2/72 فقد قال: الرسول فى القرآن؛ ورد على اثنى عشر وجهاً وعدها، وليس منها القرآن أهـ.
إن الآيات السابقة كلها تصرح فى وضوح وجلاء لمن عنده عقل، أن كلمة "الرسول" إنما تعنى شخص النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
وفى الآيات أيضاً الدلالة الواضحة على وجوب إتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم طاعة مطلقة فى كل ما يأمر به، وينهى عنه، حتى ولو كان خارجاً عن القرآن الكريم بدلالة (ويحل، ويحرم، ويضع) فى قوله: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم} .
وتصرح الآيات بأن فى هذا الإتباع والطاعة له صلى الله عليه وسلم الفلاح والهداية إلى طريق مستقيم: {واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون} {واتبعوه لعلكم تهتدون} .
كما تصرح الآيات بأن الإيمان بشخص النبى محمد صلى الله عليه وسلم وبرسالته، جزء لا يتجزأ من الإيمان بوجود الله تعالى، وبإفراده بالعبودية والألوهية {فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى} وبدلالة هذا الإيمان كانت طاعته صلى الله عليه وسلم، طاعة لله عز وجل {من يطع الرسول فقد أطاع الله} (1) .
وتأمل إفراد الضمير فى قوله: "واتبعوه" بعد أن فرق وغاير بواو العطف بين الإيمان به تعالى، والإيمان به صلى الله عليه وسلم، ليدل على أن إتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم، اتباع وطاعة له عز وجل. لأن المشكاة واحدة – فى القرآن والسنة – وهى:{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى} (2) .
وبالتالى: فإفراد الضمير فى قوله: "واتبعوه" لا يعنى كما يزعم أعداء عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنه اتباع وطاعة للقرآن فقط. لأن زعمهم هذا بنوه على تفسير كلمة "الرسول" فى الآيات بمعنى القرآن، وقد تبين لك فساد وبطلان هذا التفسير.
(1) الآية 80 النساء.
(2)
الآيتان 3، 4 النجم.