المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: أدلة قتل المرتد من القرآن الكريم: - عقوبتا الزاني والمرتد ودفع الشبهات

[عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى]

فهرس الكتاب

- ‌هذا الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ ستة مباحث

- ‌منهجي في البحث:

- ‌المبحث الأول: في بيان مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رسالته

- ‌ أقوالهم فيما يفترون

- ‌يجاب عن هذه المزاعم بما يلي:

- ‌الأدلة من القرآن الكريم علي أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في رسالته مهمة غير بلاغ القرآن

- ‌ إنكار مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، البيانية

- ‌ المراد بتفصيل وتبيان الكتاب لكل شئ

- ‌ المراد من الأحاديث والآثار المؤذنة بالاقتصار على كتاب الله عز وجل

- ‌ أنزل الكتاب إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ليحكم بين الناس

- ‌ التزكية والتعليم من مهامه صلى الله عليه وسلم فى دعوته

- ‌ تأويل وتفسير، رسول الله صلى الله عليه وسلم، للقرآن الكريم، هو فريضة قرآنية

- ‌المبحث الثانى: في بيان أن مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيانية إنما تعني الحكمة

- ‌زعموا أن القول بأن له سنة نبوية، تشويه لسيرته

- ‌يجاب عن ما سبق بما يلي:

- ‌أ- الأدلة من القرآن الكريم على أن السنة وحى من الله تعالى:

- ‌ب- الأدلة من السنة النبوية على أنها وحى من الله تعالى:

- ‌جـ- السلف يؤمنون بأن السنة وحى:

- ‌ إجماع الأمة

- ‌ إيمانهم بهذا التبيان النبوى إيماناً كاذب

- ‌ الإمام الشاطبى (2) ومن نحا نحوه:

- ‌المبحث الثالث: في بيان وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌زعموا: أن كلمة (الرسول) في القرآن تعنى القرآن

- ‌يجاب عن ما سبق بما يلي:

- ‌أولاً: تعسف أعداء رسول الله، فى تأويل كلمة "الرسول

- ‌ثانياً: زعم أدعياء العلم والفتنة؛ بأنه لا طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى القرآن فقط

- ‌ثالثاً: الأدلة من القرآن الكريم على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم:

- ‌رابعاً: الأدلة من السنة المطهرة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث الرابع: في بيان أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة

- ‌إفكهم أن الآيات والأحاديث التى تربط بين طاعة الله، وطاعة رسوله، هى صورة من صور تأليه الرسول

- ‌ زعموا أن الإيمان بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى البداية لتأليهه

- ‌يجاب عن ما سبق بما يلي:

- ‌أولاً: أمر رب العزة عباده بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم طاعة مطلقة مستقلة

- ‌ثانياً: إنكار أعداء النبوة الإيمان بشخص النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ الأدلة من القرآن الكريم علي وجوب الإيمان بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الأدلة من السنة المطهرة علي وجوب الإيمان بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: وأخيراَ: زعمهم أن تكرار شهادة أن محمداً رسول الله

- ‌المبحث الخامس: في بيان السنة لعقوبة الزاني الواردة في القرآن الكريم

- ‌تمهيد:

- ‌الحدود في الإسلام لحماية المجتمع، وهي حق لله تعالى:

- ‌مميزات الحدود في الإسلام:

- ‌أولاً: حد الزنا:

- ‌أ - التعريف به:

- ‌حكمة الجلد للزاني:

- ‌ب -بيان السنة لحد الزنا:

- ‌تواتر حد الرجم:

- ‌فرق قديمة أنكرت الرجم:

- ‌الرد علي دعوي مخالفة السنة للقرآن في حد الزنا:

- ‌الرجم هو القتل لا غير، وقوانين العالم كله تبيحه:

- ‌جـ - الرجم من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية:

- ‌الرجم عقوبة ثابتة في الشريعة اليهودية والنصرانية:

- ‌شبهة أعداء السنة حول آية الرجم المنسوخة تلاوة، والجواب عنها:

- ‌لحكمة من رفع التلاوة مع بقاء الحكم

- ‌الحكمة من كراهة النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم المنسوخة تلاوة:

- ‌الجواب عن إشكال كراهة النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم

- ‌الجواب عمن أنكر آية الرجم تلاوة وحكماَ:

- ‌الجواب عمن زعم أن الرجم حكم ثابت بالسنة، ولكنه حكم مؤقت:

- ‌ مصادر الأحكام في الصدر الأول بأربعة:

- ‌المبحث السادس: في بيان السنة لعقوبة المرتد الواردة في القرآن الكريم

- ‌تمهيد:

- ‌أ- التعريف بحد الردة:

- ‌ب- حد الردة لا يناقض حرية الإعتقاد والفكر الواردة في القرآن الكريم

- ‌خيانة الوطن في السياسة جزائها الإعدام

- ‌ج- حد الردة لايناقض القرآن الكريم:

- ‌أولاً: أدلة قتل المرتد من القرآن الكريم:

- ‌السؤال هنا: هل هناك شك في أن المرتد عن دين الإسلام منافق

- ‌ من حكم عدم قتل النبي بعض المنافقين مع علمه بنفاقهم

- ‌ثانياً: أدلة قتل المرتد من السيرة العطرة:

- ‌شبهة أعداء السنة حول حديث ((من بدل دينه فاقتلوه))

- ‌الجواب:

- ‌ثالثاً: إجماع الصحابة على قتل المرتد:

- ‌اختلاف العلماء في استتابة المرتد:

- ‌وأخيراَ: تعقيب وتعليق علي تطبيق الحدود:

- ‌الخاتمة

- ‌فى نتائج هذا البحث

- ‌ أقترح وأوصي بما يلي:

- ‌أهم المصادر والمراجع

الفصل: ‌أولا: أدلة قتل المرتد من القرآن الكريم:

وقد ذكر رب العزة في كتابه العزيز كيف أراد اليهود استغلال هذه الحرية لضرب الإسلام، وصرف الناس عنه:

قال تعالى: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أُنْزِلَ على الذين أمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون.} . (1)

فهل ترضي جماعة تحترم دينها بهذا العبث! أو أن ينجح هذا التلاعب؟ ! .

وعندما ننظر إلي السيرة النبوية العطرة، وتاريخنا الإسلامي الطويل نجد أن قتلا المرتدين إلي أخر رمق، تم دفاعاً عن الدين والدولة معاً، وما سمعنا برجل قتل مرتداً لأنه ترك الصلاة مثلاً.

إن الإرتداد كما شرحنا خروج على دولة الإسلام بغية النيل منها ومنه، والإتيان عليها وعليه، ومقاتلة المرتدين ـ والحالة هذه ـ دين. (2)

‌ج- حد الردة لايناقض القرآن الكريم:

إذا كان حد الردة في دين الإسلام عقوبة للمرتد، ليس لارتداده فقط، وإنما لإثارته الفتنة في صفوف جماعة المسلمين، وتشكيكهم في كتاب ربهم، وسنة نبيهم، بغية النيل من الإسلام وأهله.

فإننا نجد حينئذ حد المرتد صريحاً في القرآن الكريم، والسيرة النبوية العطرة، وإليك تفصيل ذلك من القرآن الكريم، والسنة المطهرة:

‌أولاً: أدلة قتل المرتد من القرآن الكريم:

ففي القرآن الكريم يقول رب العزة: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقَتَّلوا.} . (3)

والمحاربة نوعان:

1 -

محاربة باليد

2-

ومحاربة باللسان.

(1) الآية 72 آل عمران.

(2)

مائة سؤال عن الإسلام للشيخ محمد الغزالي 1/ 286 - 289 بتصرف.

(3)

الآية 33 المائدة.

ص: 121

1-

والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكي من المحاربة باليد، ولذلك كان النبي (يقتل من كان يحاربه باللسان مع استبقائه بعض من حاربه باليد، (1) خصوصاً محاربة الرسول (بعد موته، فإنها تمكن باللسان، وكذلك الإفساد قد يكون باليد، وقد يكون باللسان، وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد، كما أن ما يُصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تُصلحه اليد، فثبت أن محاربة الله ورسوله باللسان أشد، والسعي في الأرض لفساد الدين باللسان أوكد.

فهذا المرتد عن دين الإسلام المحارب لله ورسوله،أولي باسم المحارب المفسد من قاطع الطريق.

ويؤكد أن المحارب لله ورسوله باللسان قد يفسر بالمحارب قاطع الطريق، ما رواه أبو داود في سننه مفسراً لقوله (:((التارك لدينه المفارق للجماعة)) (2) .

((لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: رجل زني بعد إحصان فإنه يرجم، ورجل خرج محارباً لله ورسوله، فإنه يقتل أو يصلب، أو ينفي من الأرض، أو يقتل نفساً فيُقْتَل بها.)) . (3)

فهذا المستثني هو المذكور في قوله ((التارك لدينه المفارق للجماعة)) ولهذا وصفه بفراق الجماعة، وإنما يكون هذا بالمحاربة.

(1) ينظر: ما سيأتي من أدلة السيرة على قتل المرتدة صـ 116.

(2)

عن ابن مسعود مرفوعاً: (لا يحل دم مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني،

والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب القسامة، باب ما يباح به دم

المسلم 6/179 رقم 1676، والبخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الديات، باب قوله تعالى:((أن النفس بالنفس)) 12 12 /209 رقم 6878.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد 4 / 126 رقم 4353.

ص: 122

ويؤيد ذلك أن الحديثين تضمنَّا أنه لا يحل دم من يشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، والمرتد لم يدخل في هذا العموم، فلا حاجة إلى استثنائه.

وعلى هذا فيكون ترك دينه عبارة عن خروجه عن موجب الدين، ويفرق بين ترك الدين وتبديله.

أو يكون المراد به من ارتد وحارب كالعُرَنيين (1) .

ويؤيد أن المرتد عن دين الإسلام المشكك، والطاعن في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله (محارب لله ورسوله، وتشمله الآية الكريمة.

ما روي عن أنس، وابن عمر، وابن عباس وغيرهم، أن آية المحاربة نزلت في قوم من عرينة سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله.

فعن ابن عمر أن ناساً أغاروا على إبل النبي (فاستاقوها، وارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله (مؤمناً، فبعث في آثارهم، فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ أعينهم، وقال: ونزلت فيهم آية المحاربة. (2)

والعلاقة بين العقوبة والجريمة في الردة والبغي: هي المعاملة بالقسطاس المستقيم فلما كان المرتد يعد خارجاً على النظام العام، والباغي يبتغي تقويض نظام الحكم.

والنظام، واستقرار الحكم، أمران ضروريان لا غني للبشر عنهما، فهدمهما هدم للحياة، والخيانة وعدم النظام، لا تستقيم الحياة معهما.

(1) الصارم المسلول على شاتم الرسول (لابن تيميه صـ 319، 385 بتقديم وتأخير.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه كتاب الحدود، باب ما جاء في المحاربة 4 / 131 رقم 4369، وينظر: الروايات الأخرى أرقام 4364- 4372 ففيها أيضاً التصريح بنزول آية المحاربة فيمن ارتدوا وحاربوا، وأصل قصة العرنيين في الصحيحين. ينظر:البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الحدود، باب المحاربين من أهل الكفر والردة 12 / 111-114 أرقام 6802 -6805، ومسلم (بشرح النووي) كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين 6/167 رقم 1671.

ص: 123

فكان جزاءاً وفاقًا أن شرع الإسلام للمرتد والباغي عقوبة القتل (1) .

وهذا القتل الذي جعله رب العزة عقوبة وحداً للمرتد والباغي، وصفه عز وجل بأنه خزي لهم في الدنيا، ولهم في الآخر عذاب عظيم، وهذا ما ختمت به آية المحاربة قال تعالى:{ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} . (2)

2-

ويدل أيضاً على قتل المرتد قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً. ملعونين أينما ثقفوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تقتيلاً. سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً} . (3)

قال الحسن البصري: أراد المنافقون أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله في هذه الآية فكتموه وأسرُّوه. (4)

وهذا يعني أن المنافق حين يظهر كفره، ويطعن في دين الله عز وجل، يُأْخَذْ ويُقْتَلْ عقاباً له.

(1) نظرة القرآن إلي الجريمة والعقاب صـ 252.

(2)

الآية 33 المائدة. قال الحافظ في فتح الباري 12/114 رقم 6805،أشكل ختام آية المحاربة مع حديث عباده الدال على أن من أقيم عليه الحد في الدنيا كان له كفارة، فإن ظاهر الآية أن المحارب يجمع له الأمران، والصحيح: أن حديث عباده مخصوص بالمسلمين بدليل أن فيه ذكر الشرك مع ما انضم إليه من المعاصي، كما حصل الإجماع على أن الكافر إذا قُتِلَ على شركه فمات مشركاً أن ذلك القتل لا يكون كفارةً له، وقام إجماع أهل السنة على أن من أُقيم عليه الحد من أهل المعاصي كان ذلك كفارة لإثم معصيته، والذي يضبط ذلك قوله تعالى:(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) الآية 28 النساء. والله أعلم أهـ.

(3)

الآيات 60 - 62 الأحزاب.

(4)

الصارم المسلول صـ 348، 349، وينظر: الدر المنثور 5 /222، وروح المعاني للألوسي 22 / 90، 91.

ص: 124