الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك آيات أخرى كثيرة تنوعت فى أسلوبها فى الحض على إتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم، لم أتعرض لها خشية الإطالة (1) فما ذكر فيه الكفاية لكل عاقل أهـ.
رابعاً: الأدلة من السنة المطهرة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم:
…
حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على طاعته، وامتثال أمره، وإتباع ما جاء به، والسير على سنته المطهرة، والإقتداء به في كل ما جاء به عن ربه عز وجل.
…
وأحاديثه صلى الله عليه وسلم فى هذا المجال أعطت للأمة توجيهات عظيمة متى ساروا عليها وامتثلوا ما فيها، واستناروا بها، تحققت لهم سعادة الدارين وفازوا وأفلحوا بإذن الله تعالى.
…
وقد امتازت الأحاديث فى هذا الشأن بكثرتها وتنوع عبارتها، وتعدد أساليبها، واشتمال بعضها على الأمثلة التى ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته فى هذا الشأن، ومما لا شك فيه أن هذه المميزات زادت الأمر توكيداً وتوضيحاً وبيانا ً، بحيث أنها لم تدع مجالاً لمتأول يأولها، أو محرف يغير معناها بهواه، ورأيه الفاسد.
…
وهذه الأحاديث على تنوع عبارتها وتعدد أساليبها، اتحدت جميعها فى مضمون واحد: هو التأكيد على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم وإتباع ما جاء به، والترغيب فى ذلك، إضافة إلى التحذير من مخالفته، وتحريم معصيته، وبيان الوعيد الشديد فى ذلك.
…
والخطاب فى تلك الأحاديث شامل لكل من كان فى عصره صلى الله عليه وسلم، ومن سيأتى بعده إلى يوم القيامة.
(1) إن شئت فانظرها فى: الشفا 2/2 - 13، وشرح الزرقانى على المواهب 8/504 - 536، 9/59 - 159، والمدخل إلى السنة ص77، 98، ودفع الشبهات عن السنة ص8 - 11 كلاهما للدكتور عبد المهدى عبد القادر، ومحبة النبى صلى الله عليه وسلم وطاعته للدكتور خليل ملا خاطر ص107 - 413، وحقوق النبى على أمته للدكتور محمد التميمى ص161 - 178.
.. وسأشير هنا إلى طرف من تلك الأحاديث مع بيان ما فيها من توجيهات وإرشادات تنير الطريق للسالكين الراغبين بالفوز برضى الله وجنات النعيم (1) .
قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان، متكئ على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلى، ولا كل ذى ناب من السباع، ولا كل ذى مخلب من الطير، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغنى عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله ان يعقبهم بمثل قراه" وفى رواية: "ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عنى وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"(2) .
فقوله: "يوشك رجل شبعان
…
الخ" يحذر بهذا القول من عدم طاعته صلى الله عليه وسلم، مما جاء به وليس له فى القرآن ذكر، وهو مما يؤكد ما سبق ذكره من الآيات، من أن له صلى الله عليه وسلم، طاعة استقلالية.
وفى الحديث: معجزة ظاهرة للنبى صلى الله عليه وسلم، فقد ظهرت فئة فى القديم والحديث، تدعوا إلى هذه الدعوة الخبيثة، وهى الإكتفاء بما جاء فى القرآن الكريم، دون ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سنته المطهرة، وعدم طاعته فيه. وهدفهم من ذلك هدم نصف الدين، وإن شئت فقل هدم الدين كله. حاسبهم الله بما يستحقون.
(1) ينظر: حقوق النبى صلى الله عليه وسلم على أمته للدكتور محمد التميمى ص179.
(2)
سبق تخريجه ص 25.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، أنه كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع نفر من أصحابه، فأقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا هؤلاء ألستم تعلمون أنى رسول الله إليكم؟ " قالوا: بلى، نشهد أنك رسول الله. قال:"ألستم تعلمون أن الله أنزل فى كتابه: من أطاعنى فقد أطاع الله؟ " قالوا: بلى، نشهد أن من أطاعك فقد أطاع الله، وأن من طاعة الله طاعتك، قال:"فإن من طاعة الله أن تطيعونى، وإن من طاعتى أن تطيعوا أئمتكم، أطيعوا أئمتكم، فإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً"(1) .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال:"من أطاعنى فقد أطاع الله، ومن عصانى فقد عصى الله، ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى، ومن عصى أميرى فقد عصانى"(2) .
(1) أخرجه أحمد فى مسنده 2/93، والطبرانى فى الكبير 12/321 رقم 13238ورجاله ثقات كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 2/67، 5/222، وأخرجه أبو يعلى فى مسنده 9/340 رقم 5450، وابن حبان فى صحيحه (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) 3/272 رقم 2106.
(2)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الأحكام، باب قول الله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم 13/119 رقم 7131، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية وتحريمها فى المعصية 6/463 رقم 1835.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاءت ملائكة إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً، قال: فاضربوا له مثلاً. فقال: بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعى دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعى لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة. فقالوا: أولوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعى محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمد صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن عصى محمد صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس" (1) .
وعن أبى موسى الأشعرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثلى ومثل ما بعثنى الله به كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إنى رأيت الجيش بعينى، وإنى أن النذير العريان، فالنجاء. فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا (2) فانطلقوا على مهلهم فنجوا. وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم. فذلك مثل من أطاعنى فاتبع ما جئت به، ومثل من عصانى وكذب بما جئت به من الحق"(3) .
(1) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم 13/263 رقم 7281.
(2)
أى: ساروا بالليل. النهاية 2/120.
(3)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم 13/264 رقم 7283، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الفضائل، باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته 8/53 رقم 2283.
وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "والذى نفسى بيده لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى وشرد على الله كشراد (1) البعير" قال: يا رسول الله ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ قال: من أطاعنى دخل الجنة، ومن عصانى فقد أبى" (2) .
إن هذه الأحاديث السابقة تؤكد وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثال كل ما جاء به فى
سنته المطهرة.
إنها تؤكد ما ورد فى كتاب الله عز وجل، من أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاعة ربه عز وجل، وصرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ما جاء فى حديث ابن عمر وغيره، وأشهد على ذلك أصحابه الكرام فأقروا! .
كما تؤكد هذه الأحاديث أن هذه الطاعة هى مفتاح الجنة، وسبيل النجاة الوحيد التى متى سلكها الإنسان، فاز برضى الله، وجنته، ونجى من سخطه وعذابه.
(1) يقال: شرد البعير، يشرد، شروداً، وشراداً، إذا نفر وذهب فى الأرض. النهاية 2/410.
(2)
أخرجه ابن حبان فى صحيحه (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) 1/111 رقم 17، والطبرانى فى الأوسط 1/246 رقم 808 ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 10/70.
أما من أبى إتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم فى سنته المطهرة فهو الذى شرد شرود الجمل على أهله، وهو الذى ضيع نفسه، وأوقعها فى جهنم؛ بل هو بعدم امتثاله لهدى النبى صلى الله عليه وسلم فى سنته كأنه يقتحم بنفسه نار جهنم، كما قال عليه الصلاة والسلام:"مثلى كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها، جعل الفراش وهذه الدواب التى تقع فى النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها" قال: "فذلكم مثلى ومثلكم، أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار، هلم عن النار، فتغلبوني، تقحمون فيها"(1) .
فعلى المسلم أن يسلك طريق طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم فى سنته المطهرة، وألا يحيد عنها يميناً أو شمالاً، فهذه الطاعة هى صراط الله المستقيم الذى أمر الله بإتباعه لقوله تعالى:{وأن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (2) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يؤمرون، ومن جاهدهم بيده فهو
مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" (3) .
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الفضائل، باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته 8/54 رقم 2284، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصى 11/323 رقم 6483 من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.
(2)
الآية 153 الأنعام.
(3)
أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان كون النهى عن المنكر من الإيمان 1/297 رقم 80.
فهذا الحديث يؤكد قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} (1) فطاعة رسل الله جميعاً واجبة على أقوامهم على مر الزمان والمكان.
وهذا الحديث يبين صفة إتباع الأنبياء؛ فهم يطيعون أنبيائهم، ويأخذون بسنتهم، ويأتمرون
بأمرهم، ولا يحيدون عن ذلك ولا يخالفونه إلى ما سواه.
وأما المخالفون لهم: فهم الذين يتحدثون عن الطاعة والإتباع، ولكن بالقول دون العمل،
فهم الذين يقولون مالا يفعلون، وهذا الوصف ينطبق تماماً على أهل البدع المحاربين
لطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سنته المطهرة.
ومن هنا فهم أكثر الناس بعداً عن هدى المصطفى وما جاء به عن ربه، ومع ذلك كله
فهم كثيراً ما يتمسحون بظاهر القرآن، وكلامهم عنه لا يضبطونه ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم
لذا فكلامهم لا يتجاوز ألسنتهم، فهم أبعد الناس عن القرآن الكريم، فصدق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم:"يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يأمرون".
(1) الآية 64 النساء.
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يارسول! كأن هذه موعظة مودع. فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"(1) .
وواضح من هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم، يأمرنا بطاعته واتباع سنته، ويؤكد ويشدد على اتباعها، ويحذر من البعد عنها بالإبتداع فى الدين، لما فى ذلك من الضلال والإنحراف عن الطريق المستقيم الذى رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
…
وفى الحديث بيان واضح أن من واظب على سنته صلى الله عليه وسلم وقال بها، ولم يعرج على
غيرها من الآراء هو من الفرقة الناجية يوم القيامة؛ جعلنا الله منهم بمنه (2) .
(1) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب لزوم السنة 4/200 رقم 4607، والترمذى فى سننه كتاب العلم، باب ما جاء فى الأخذ بالسنة واجتناب البدع 5/43 رقم 2676 وقال: حسن صحيح، وأخرجه ابن ماجة فى سننه المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين 1/15 رقمى 42، 43، وأحمد فى مسنده 4/126، وابن حبان فى صحيحه (الإحسان فى ترتيب صحيح بن حبان) 1/178 رقم 5، والمروزى فى السنة ص26 رقم 69 – 72.
(2)
أفاده ابن حبان في (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) 1/178 رقم 5.
وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "دعونى ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم"(1) .
والشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشئ فأتوا
منه ما استطعتم" لقد أضاف الأمر والنهى إلى نفسه صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم" و"أمرتكم".
وهو موافق لكتاب الله عز وجل فى قوله: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم} (2) .
وقوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (3) .
وفى ذلك دليل على وجوب طاعته وامتثال أوامره ونواهيه فى سنته المطهرة؛ حتى ولو كانت أمراً زائداً على كتاب الله عز وجل، لأن ما يحله ويحرمه، ويأمر به وينهى عنه، هو
بوحى الله عز وجل على ما سبق تفصيله.
10-
وعن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستة لعنتهم، ولعنهم الله، وكل نبى مجاب: المكذب بقدر الله، والزائد فى كتاب الله، والمتسلط بالجبروت
يذل من أعز الله، ويعز من أذل الله، والمستحيل لحرم الله، والمستحيل من عترتى
(1) أخرجه البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الاعتصام، باب الإقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم 13/264 رقم 7288، ومسلم (بشرح النووي) كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه 8/120 رقم 1337.
(2)
جزء من الآية 157 الأعراف.
(3)
جزء من الآية 7 الحشر.
ماحرم الله، والتارك لسنتى" (1) .
أنه صلى الله عليه وسلم، يبين فى هذا الحديث أن التارك لطاعته فى سنته المطهرة المنكر لتلك الطاعة
ملعون. أى: مطرود من رحمة الله تعالى، وفى ذلك من الزجر ما فيه.
إنه صلى الله عليه وسلم، جعل تارك طاعته فى سنته، مع المكذب بالقدر، وهو كافر، ومع خصال هى
فى الكفر موغلة، مما يرهب كل الترهيب؛ من ترك سنته صلى الله عليه وسلم، والتحذير من عدم
طاعته فيها.
وبعد: فهذه نماذج من الأحاديث النبوية، التى تأمر فى وضوح وجلاء بوجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى سنته المطهرة، وتحذر أشد التحذير من مخالفته.
وهناك أحاديث أخرى كثيرة، تنوعت فى أسلوبها فى الحض على إتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم، لم أتعرض لها خشية الإطالة (2) .
فما ذكر فيه الكفاية عند من له سمع يسمع وعقل يدرك! .
(1) أخرجه الحاكم فى المستدرك 1/91 رقم 102، 2/572 رقم 3941، 4/101 رقم 7011، وصححه ووافقه الذهبى فى الموضع الأول والثانى، وخالفه فى الأخير رقم 7011، وأخرجه الطبرانى فى الكبير وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/176 وفيه عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، قال يعقوب بن شيبة: فيه ضعف، وضعفه يحيى بن معين فى رواية، ووثقه فى أخرى، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرجه الطبرانى فى الأوسط 2/186 رقم 1667 ورجاله ثقات كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 7/205، وأخرجه ابن حبان فى صحيحه (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) 7/501 رقم 5719.
(2)
إن شئت فانظرها فى: المدخل إلى السنة للدكتور عبد المهدى عبد القادر ص98 – 121.