الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه إذا كان الباعث على الزنا هو اللذة وإشباعها، كان الصارف لهذا الباعث في تشريع القرآن العادل إنما هو الألم الحسي بالجلد، والألم المعنوي بمشاهدته وهو يجلد، ليشعر المذنب أنه لا قيمة للذة يعقبها ذلك الألم الشديد الحسي والمعنوي.
ومن المعلوم أن في الإنسان غريزتين:
غريزة حافزة دافعة، وغريزة مانعة كافة والغلبة لأقواهما سلطاناً لذا فقد عني الشارع الحكيم بتقوية سلطان المانع بما شرعه من عقوبة حاسمة لو تصورها الإنسان على حقيقتها لانكمش الدافع للجريمة المعاقب عليها بتلك العقوبة. (1)
ب -بيان السنة لحد الزنا:
جاءت السنة النبوية مؤكدة ومبينة لما جاء في القرآن الكريم من حد الزنا فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن جلد الزاني في الآية الكريمة إنما هو لمن زنا وهو غير متزوج، ويضاعف على عذابه بالجلد، نفيه سنة، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم حد من زنا وهو متزوج، بأنه ضعف غير المتزوج بالرجم.
وما يزعمه أعداء السنة النبوية من مخالفة البيان النبوي في حد الزاني للقرآن الكريم زعم لا أساس له من الصحة، فذلك البيان النبوي صح متواتراً في سنته المطهرة وسيرته العطرة.
وهو بيان إلهي لقوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} (2) . (2) وقوله عز وجل: {فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ثم إن علينا بيانه} (3) . (3)
وهذا البيان الإلهي واجب على النبي صلى الله عليه وسلم تبليغه، كما أنه واجب على الأمة إتباعه لقوله تعالى:{وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} (4)(4) .
(1) 1) نظرة القرآن إلي الجريمة والعقاب للدكتور محمد القيعي صـ 244، وما بعدها بتصرف.
(2)
2) الآية 105 النساء.
(3)
3) الآيتان 18، 19 القيامة.
(4)
4) الآية 64 النحل.
وقوله سبحانه: {فلا وربك ليؤمنون حتى يحكٍّموكً فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} (5) . (1)
وعلى ما سبق فهذا البيان النبوي هو حكم الله عز وجلفي كتابه العزيز لقوله صلى الله عليه وسلم لوالد الزاني لامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد. وعلى ابنك الجلد مائة، وتغريب عام، واغد يا أنيس! (1) (2) إلي امرأة هذا. فإن اعترفت فارجمها)) قال: فغدا عليها، فاعترفت ن فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت (3) .
قال الحافظ بن حجر (3)(4) : المراد بكتاب الله ما حكم به، وكتب على عباده وقيل المراد القرآن وهو المتبادر.
قال أبو دقيق العيد (4) . (5)
(1) 5) الآية 65 النساء.
(2)
1) هو: أنيس بن الضحاك الاسلمي، صحابي جليل له ترجمة في: اسد الغابة 1 / 302 رقم 268 والإستيعاب 1 / 114 رقم 95، والإصابة 1 / 76 رقم 192.
(3)
أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا 6 /214 رقم 1697، والبخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الحدود، باب الاعتراف بالزنا 12 / 140 رقمي 6827، 6828 من حيث أبو هريرة رضي الله عنه.
(4)
هو: أحمد بن على بن محمد العسقلاني، أبو الفضل، أصله من عسقلان بفلسطين، ولكنه ولد بالقاهرة، حافظ أهل زمانه، وواحد وقته وأوانه، من مصنفاته النفيسه التي عم النفع بها (فتح الباري شرح صحيح البخاري) و (والإصابة في معرفة الصحابة) وغير ذلك، مات سنة 852 هـ له ترجمة في: الضوء اللامع للسخاوي 2 / 36 رقم 104، وطبقات الحفاظ للسيوطي صـ 552 رقم 1190، والبدر الطالع للشوكاني 1 / 87 رقم 51.
(5)
هو: محمد بن علي بن وهب المنفلوطي، تقي الدين، إمام حافظ، فقيه، له يد طولي في الأصول والمعقول، وليَّ قضاء الديار المصرية وتخرج به أئمة، من مصنفاته: الإقتراح في علوم الحديث، وشرح العمدة، وغير ذلك مات سنة 702 هـ. له ترجمة: في طبقات الحفاظ للسيوطي صـ 516 رقم 1134، وتذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1481 رقم 1168، والديباج المذهب لابن فرحون صـ 411 رقم 566، والدرر الكامنة 4 /91 رقم 256، والوافي بالوفيات 4 / 193.
: الأول أولي، لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله.
قيل: وفيما قال نظر؛ لاحتمال أن يكون المراد متضمناً قوله تعالى: {أو يجعل الله لهن
سبيلاً} } ) .. ..
فبين النبي صلى الله عليه وسلم: أن السبيل جلد البكر ونفيه، ورجم الثيب (5) . (1)
قال ابن حجر: وهذا أيضاً بواسطة التبيين، ويحتمل أن يراد بكتاب الله الآية التي نسخت تلاوتها وهي:((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)) (1)(2) .
(1) 5) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر
جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم)) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الحدود، باب حد الزنا 6 / 204 رقم 1690، وهذا الحديث منسوخ بحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلداً)) أخرجه أحمد في مسنده 5 / 92. وينظر: تلخيص الحبير 4 / 150 رقم 1747.
(2)
1) سيأتي تخريجه صـ 86.