الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنكروا حكم الآية لاختلاف نظمها مع نظم القرآن الكريم وروعته (1) .
وهذا الإنكار مردود عليهم بالقرآن الكريم في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير} (2) .
والمنسوخ تلاوة في الآية التي أنكروا حكمها لا يحتمل إلا ((إنساؤُه وهو حذف ذكرها عن القلوب بقوة إلهية)) (3)
والمراد أن نص الآية المنسية يزول من الوجود، ولا يبقي في الذهن منها إلا آثار، وإنساء النص الذي يدل على الحكم لا يستلزم نسيان الحكم كما هو معلوم. (4)
فإذا طبق الرسول صلى الله عليه وسلم الحكم بعد ذلك دل على أن الحكم باق غير منسوخ.
وا
لحكمة من رفع التلاوة مع بقاء الحكم
((ليظهر بذلك مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلي بذل النفوس بطريق الظن، من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به، فيسرعون بأيسر شئ، كما سارع الخليل بذبح ولده بمنام، والمنام أدني طريق الوحي، وأمثلة هذا الضرب كثيرة)) (5)
زد على ما سبق أن الأمر في القرآن وأحكامه إلي الله عز وجل ينسخ ما يشاء مع بقاء النص الذي يستند إليه، ويبقي ما يشاء مع نسخ أو إنساء النص الذي كان دليلا عليه.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أنزل الله عز وجل في الذين قتلوا ببئر معونة (6)
(1) ينظر: الأصلان العظيمان لجمال البنا صـ 190 وما بعدها، ومجلة روزاليوسف العدد 3702 صـ 65 مقال لجمال البنا،
والعدد 3699 صـ 30 - 33 مقال السيد القمني،
(2)
الآية 106 البقرة.
(3)
مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني صـ 547.
(4)
ينظر: الإتقان في علوم القرآن 3/69 نص رقم 4116، 4135، والبرهان في علوم القرآن 2/36.
(6)
موضع في بلاد هزيل بين مكة وعسفان، وهذه الغزة تعرف بسرية القراء، ينظر: معجم البلدان 1/302، وفتح الباري
7/438 رقم 4087.
قرآناً قرأناه حتى نسخ بعد: (أن بلغ قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا، ورضينا عنه) . (1)
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه (2) قال: ((وإنا كنا نقرأ سورة. كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة. فأنسيتها غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً. ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها. غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. فكتبت شهادة في أعناقكم. فتسألون عنها يوم القيامة)) (3) .
فهذه الروايات المعتمدة وغيرها، تؤكد ما قلناه: وهو أن ما نسخت تلاوته أُنسِيَ فلم يبقي منه إلا ذكريات.
فمن قارن بينه وبين القرآن، قارن بين ما هو غير موجود، وما هو موجود.
ومن أنكره أنكر ما أثبتت الروايات وقوعه، وكابر في التاريخ الثابت الموجود!
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب المساجد، باب استحباب القنوت 3/192 رقم 677، والبخاري (بشرح فتح الباري)
كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع ن ورجع وذكوان، وبئر معونة 7/445 رقم 4095.
(2)
هو: عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري، صحابي جليل له ترجمة في: اسد الغابة 3/364 رقم 3137، 6/299 رقم 6296 6296، وتذكرة الحفاظ 1/23 رقم 10، والإستيعاب 3/979 رقم 1639، ومشاهير علماء الأمصار صـ 47 رقم 216، والرياض المستطابة صـ 188-191.
(3)
أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الزكاة، باب لو أن لابن آدم واديين لابتغي ثالثاً 4/151 رقم 1050، وللحديث
شواهد عن ابن عباس، وأبيّ بن كعب، وغيرهما، ينظر صحيح مسلم (بشرح النووي) في الأماكن السابقة نفسها برقم 1049 1049 والبخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الرقاق، باب ما يتقي من فتنة المال 11/ 258 رقمي 6437، 6440.