الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهكذا صور هذا الرجل تعظيم الصحابة الكرام رضى الله عنهم لنبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذه الألفاظ الجزلة النابعة من بالغ تأثره بذلك المظهر العظيم من مظاهر التعظيم والتبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم
وقد برهن على مدلول هذا الخبر أيضاً، ما قاله عمرو بن العاص رضي الله عنه (1) قال:
"ما كان أحد أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجل فى عينى منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينى منه إجلالاً له، ولو شئت أن أصفه ما أطقت؛ لأنى لم أكن أملأ عينى منه"(2) .
وهكذا كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم، يعبرون عن تعظيمهم وإجلالهم وتوقيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بأعمالهم وأقوالهم.
ثالثاً: وأخيراَ: زعمهم أن تكرار شهادة أن محمداً رسول الله
، بجانب شهادة أن لا إله إلا الله، فيه تفريق بين رسل الله عز وجل، ولو قلنا بهذه الشهادة لوجب علينا أن نشهد أيضاً بأن إبراهيم رسول الله، وموسى رسول الله
…
الخ وهو أمر يطول.
…
فهذا من جهلهم بكتاب الله عز وجل الذي يتسترون نفاقاً بعباءته.
فالقرآن الكريم يصرح بأن الله عز وجلأخذ العهد والميثاق على الأنبياء السابقين بأن يؤمنوا بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤمنوا بنبوته وينصروه إن خرج وهم أحياء، فلما أقروا بذلك أشهدهم عليه، والله خير الشاهدين.
(1) صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص71 رقم 376، واسد الغابة 4/232 رقم 3971، والإستيعاب 3/1184 رقم 1931، والإصابة 3/2 رقم 5897.
(2)
جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب كون الإيمان يهدم ما قبله 1/414 رقم 121.
قال على بن أبى طالب، وابن عمه عبد الله بن عباس رضى الله عنهما:"ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه"(2) .
وهذا يعنى أنه صلى الله عليه وسلم نبى الأنبياء، ولو قدر لواحد من هؤلاء الأنبياء جميعاً من لدن آدم إلى عيسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام، الحياة، وبعث المصطفى صلى الله عليه وسلم، لما وسعه إلا إتباعه.
(1) الآية 81 آل عمران.
(2)
تفسير القرآن العظيم 2/56، وجامع البيان 6/555، والدر المنثور 2/252.
يدل على ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب عز وجل عنه أتى رسول الله بنسخة من التوراة، فقال يا رسول الله، هذه نسخة من التوراة، فسكت فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال: أبو بكر: ثكلتك الثواكل، ما ترى بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعوذ بالله، من غضب الله، ومن غضب رسوله، رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذى نفس محمد بيده، لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتمونى لضللتم عن سواء السبيل، ولو كان حياً وأدرك نبوتى لاتبعنى"(1) .
(1) أخرجه الدارمى فى سننه المقدمة، باب ما يتقى من تفسير حديث النبى صلى الله عليه وسلم 1/126 رقم 435، وأحمد فى المسند 3/387، وابن أبى عاصم فى السنة 1/27 رقم 50، وفى سنده مجالد بن سعيد، الجمهور على تضعيفه لأنه اختلط فى آخر عمره؛ لكن روايته لهذا الحديث مقبولة؛ لأنه قد سمعه منه هشيم قبل الاختلاط، قال ابن عدى: رواية القدماء عنه كهشيم وشعبة وحماد بن زيد مقبولة، وقال ابن عدى: له عن الشعبى عن جابر أحاديث صالحة، يعنى: كما فى سند هذا الحديث. ينظر: مجمع الزوائد 1/173، 174، وتقريب التهذيب 2/159 رقم 6498، والكاشف 2/239 رقم 5286، والضعفاء للنسائى ص223 رقم 579، والمجروحين لابن حبان 3/10، والحديث صحح إسناده الحافظ ابن كثير من رواية أحمد، قال بعد إيرادها: تفرد به أحمد وإسناده على شرط مسلم أهـ ينظر: البداية والنهاية 2/123، وينظر: من نفس المصدر 1/185.
ومن هنا كان سلام الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج، بقولهم: مرحباً بالنبى الصالح، والأخ الصالح (1) وهو اعتراف منهم بنبوته صلى الله عليه وسلم، ولذا كان إمامهم فى الصلاة ببيت المقدس كما قال صلى الله عليه وسلم:"ثم دخلت بيت المقدس، فجمع لي الأنبياء عليهم السلام فقدمنى جبريل حتى أممتهم"(2) .
وكل هذا يوضح أن إعلان وتكرار شهادة أن محمداً رسول الله، بجانب شهادة أن لا إله إلا الله، هو إيمان بكل الأنبياء، وأنه لو وجد واحد من الأنبياء السابقين لوجب عليه أن يشهد
بتلك الشهادة (أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) وذلك تنفيذا للعهد والميثاق الذي أخذه الله على سائر أنبياءه ورسله، وهذا يعنى أن ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم فى الشهادة هو ذكر لكل الأنبياء، وشهادة فى نفس الوقت بأنهم رسل الله تعالى، بما يغنى عن تكرار ذكرهم أهـ.
والله تعالى أعلى وأعلم
صدق الله العظيم صدق الله العظيم صدق الله العظيم صدق الله العظيم صدق الله العظيم
صدق الله العظيم صدق الله العظيم
(1) ينظر: صحيح البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة،1/547 رقم 349، وكتاب الأنبياء، باب ذكر إدريس عليه السلام 6/341 رقم 3342، وصحيح مسلم (بشرح النووي) كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلي السماوت1/486 رقم876.
(2)
أخرجه النسائى فى سننه الصغرى كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة 1/221 رقم 450 من حديث أنس رضى الله عنه، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب ذكر المسيح بن مريم عليه السلام والمسيح الدجال 1/509 رقم 278 من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.