الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتاوى الأئمة في حقوق الولاة وحكم الخروج عليهم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف؛ وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فيدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته"(1).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
(قوله: "ومناصحة أئمة المسلمين" هذا أيضا مناف للغل والغش؛ فإن النصيحة لا تجامع الغل، فهي ضده، فمن نصح الأئمة؛ فقد برئ من الغل. وقوله:"ولزوم جماعتهم": هذا أيضا مما يطهر القلب من الغل والغش، فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوءه ما يسوءهم، ويسره ما يسرهم، وهذا بخلاف من انحاز عنهم، واشتغل بالطعن عليهم، والعيب والذم لهم، كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم، فإن قلوبهم ممتلئة غلا وغشا، ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمة، وأشدهم بعدا عن جماعة
(1)"منهاج السنة النبوية"(3/ 390).
المسلمين) (1).
وقال رحمه الله:
والمثال الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجابا: إنكار المنكر؛ ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار منكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله. وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.
وقد استأذن الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة» (2) وقال: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر) و (ولا ينزعن يدا من طاعة)(3).
ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر طلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر منه (4).
(1)"مفتاح دار السعادة"(1/ 62).
(2)
رواه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلوا، حديث رقم (4800).
(3)
رواه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي: سترون بعدي أمورا تنكرونها، حديث رقم (7054)، ومسلم في كتاب الإمارة باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، حديث رقم (1849).
(4)
"إعلام الموقعين"(3/ 4).