الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجوبة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
-
سؤال: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا أو في سبيل الله؟
الجواب: لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكن أنا أرى أنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب بغض الناس، والتعدي على الناس بغير حق، ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة، والنصيحة، والدعوة إلى الخير بالطرق الشرعية، شرحها أهل العلم، وشرحها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه بإحسان: بالمكاتبة، والمشافهة؛ مع الأمير ومع السلطان، والاتصال به، ومناصحته والمكاتبة له، دون التشهير على المنابر بأنه فعل كذا، وصار منه كذا، والله المستعان (1).
وقال رحمه الله:
" .. كما أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين.
وإنما الواجب سلوك السبيل الموصلة إلى الحق واستعمال الوسائل التي تنفع ولا تضر وتجمع ولا تفرق وتنشر الدعوة بين المسلمين، وتبين
(1) كيف نعالج واقعنا الأليم (ص 147).
لهم ما يجب عليهم بالكتابات والأشرطة المفيدة والمحاضرات النافعة، وخطب الجمع الهادفة التي توضح الحق وتدعو إليه، وتبين الباطل وتحذر منه، مع الزيارات المفيدة للحكام والمسئولين، والمناصحة كتابة أو مشافهة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، عملا بقول الله عز وجل في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} (1)، الآية. وقوله عز وجل لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لما أرسلهما إلى فرعون:{فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} (2)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا، ولا تطاوعوا ولا تختلفوا) (3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه " (4)، وقوله صلى الله عليه وسلم: " من يحرم الرفق يحرم الخير كله " (5)، وكل هذه الأحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (6).
وقال رحمه الله
في معرض رده على الشيخ: عبد الرحمن عبد الخالق:
(1) سورة آل عمران، الآية:(159).
(2)
سورة طه، الآية (44).
(3)
رواه البخاري في " العلم " باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة برقم (69)، ومسلم في (الجهاد والسير) باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير برقم (1734).
(4)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب فضل الرفق برقم (2594).
(5)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب الرفق برقم (2592)، وأبو داود في (الأدب) باب في الرفق برقم (4809) واللفظ له.
(6)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (18/ 379).
سادسا: ذكرتم في كتابكم: " فصول من السياسة الشرعية "(ص 31، 32): أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة). ولا أعلم نصا في هذا المعنى، فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك، وبأي كتاب وجدتم ذلك؟
فإن لم يكن لكم في ذلك مستند، فالواجب الرجوع عن ذلك؛ لأنني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص فلا بد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحا كاملا حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة.
والله المسئول أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1).
وقال رحمه الله:
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الابن المكرم صاحب الفضيلة الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الخالق وفقه لما فيه رضاه ونصر به دينه، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (8/ 245).
فقد وصلني كتابكم الكريم، وسرني كثيرا ما تضمنه من الموافقة على ما أوصيتكم به، فأسأل الله أن يزيدكم من التوفيق، ويجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم.
وما ذكرتم حول المظاهرة فقد فهمته وعلمت ضعف سند الرواية بذلك كما ذكرتم، لأن مدارها على إسحاق بن أبي فروة وهو لا يحتج به، ولو صحت الرواية فإن هذا في أول الإسلام قبل الهجرة وقبل كمال الشريعة.
ولا يخفى أن العمدة في الأمر والنهي وسائر أمور الدين على ما استقرت به الشريعة بعد الهجرة، أما ما يتعلق بالجمعة والأعياد ونحو ذلك من الاجتماعات التي قد يدعو إليها النبي صلى الله عليه وسلم كصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء، فكل ذلك من باب إظهار شعائر الإسلام وليس له تعلق بالمظاهرات كما لا يخفى.
وأسأل الله أن يمنحني وإياكم وسائر إخواننا المزيد من العلم النافع والعمل به، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه خير مسئول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1).
(1)" مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (8/ 246).
أجوبة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
سؤال: الجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر قولتكم أنكم تؤيدون ما تقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السلاح عموما، هل هذا صحيح؟ وما حكم فعلهم مع ذكر ما أمكن من الأدلة جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آل وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد نصحنا إخواننا جميعا في كل مكان - أعني الدعاة - نصحناهم أن يكونوا على علم وعلى بصيرة، وأن ينصحوا الناس بالعبارات الحسنة والأسلوب الحسن والموعظة الحسنة وأن يجادلوا بالتي هي أحسن، عملا بقول الله سبحانه:{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: آية 125]، وقوله سبحانه:{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} [العنكبوت: آية: 46]، فالله جل وعلا أمر العباد بالدعوة إلى الله، وأرشدهم إلى الطريقة الحكيمة، وهي الدعوة إلى الله بالحكمة؛ يعني بالعلم: قال الله، قال رسوله، وبالموعظة الحسنة، وجدالهم بالتي هي أحسن، عند الشبهة يحصل الجدال بالتي هي أحسن والأسلوب الحسن حتى تزول الشبهة.
وإن كان أحد من الدعاة في الجزائر قال عني أني قلت لهم: يغتالون
الشرطة، أو يستعملون السلاح في الدعوة إلى الله؛ هذا غلط ليس بصحيح؛ بل هو كذب.
إنما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن: قال الله، قال رسوله، بالتذكير والوعظ، والترغيب والترهيب هكذا الدعوة إلى الله كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة المكرمة قبل أن يكون لهم سلطان؛ ما كانوا يدعون الناس بالسلاح، يدعون الناس بالآيات القرآنية والكلام الطيب والأسلوب الحسن؛ لأن هذا أقرب إلى الصلاح وأقرب إلى قبول الحق.
أما الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب؛ فليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سنة أصحابه، لكن لما ولاه الله المدينة وانتقل إليها مهاجرا؛ كان السلطان له في المدينة، وشرع الله الجهاد وإقامة الحدود، جاهد عليه الصلاة والسلام المشركين وأقام الحدود بعد ما أمر الله بذلك.
فالدعاة إلى الله عليهم أن يدعوا إلى الله بالأسلوب الحسن: بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وإذا لم تجد الدعوة، رفعوا الأمر للسلطان، ونصحوا للسلطان حتى ينفذ السلطان هو الذي يرفعون الأمر إليه، فينصحونه بأن الواجب كذا والواجب كذا؛ حتى يحصل التعاون بين العلماء وبين الرؤساء من الملوك والأمراء ورؤساء الجمهوريات، الدعاة يرفعون الأمر إليهم في الأشياء التي تحتاج إلى فعل: إلى سجن، إلى قتل، إلى إقامة حد، وينصحون ولاة الأمور، ويوجهونهم إلى الخير بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، ولهذا قال جل وعلا:{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} [العنكبوت: آية 46].
فلو ظلم أحد من أهل الكتاب أو غيرهم؛ فعلى ولي الأمر أن يعامل بما يستحق، أما الدعاة إلى الله فعليهم بالرفق والحكمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه "(1).
ويقول عليه الصلاة والسلام: " من يحرم الرفق يحرم الخير كله "(2).
فعليهم أن يعظوا الناس ويذكروهم بالآيات والأحاديث ومن كان عنده شبهة يجادلونه بالتي هي أحسن: الآية معناها كذا، الحديث معناه كذا، قال الله كذا، قال رسوله كذا، حتى تزول الشبهة وحتى يظهر الحق.
هذا هو الواجب على إخواننا في الجزائر وفي غير الجزائر، فالواجب عليهم أن يسلكوا مسلك الرسول عليه الصلاة والسلام حين كان في مكة والصحابة كذلك، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن؛ لأن السلطان ليس لهم الآن بل لغيرهم، وعليهم أن يناصحوا السلطان والمسئولين بالحكمة، وحتى يتعاون الجميع في ردع المجرم وإقامة الحق.
فالأمراء والرؤساء عليهم التنفيذ والعلماء والدعاة إلى الله عليهم النصيحة والبلاغ والبيان. نسأل الله للجميع الهداية.
سؤال: قامت هذه الجماعة بقتل بعض النساء اللاتي أبين ارتداء الحجاب فهل يسوغ لهم هذا؟
(1) رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب فضل الرفق برقم (2594).
(2)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب فضل الرفق، حديث رقم (2595).
الجواب: هذا أيضا غلط لا يسوغ هذا، الواجب النصيحة؛ النصيحة للنساء حتى يحتجبن، والنصيحة لمن ترك الصلاة حتى يصلي، والنصيحة لمن يأكل الربا حتى يدع الربا، والنصيحة لمن يتعاطى الزنى حتى يدع الزنى، والنصيحة لمن يتعاطى شرب الخمر حتى يدع شرب الخمر، كل ينصح، ينصحون: قال الله وقال رسوله: بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويحذرونهم من غضب الله وعذاب يوم القيامة.
أما الضرب أو القتل أو غير ذلك من أنواع الأذى فلا يصلح للدعاة، هذا ينفر من الدعوة، ولكن على الدعاة أن يتحلوا بالحلم والصبر والتحمل والكلام الطيب في المساجد وفي غيرها؛ حتى يكثر أهل الخير ويقل أهل الشر، حتى ينتفع الناس بالدعوة ويستجيبوا.
…
سؤال: بماذا تنصحون من تورط في هذه الاغتيالات أو شيء من هذا يا شيخ؟
الجواب: أنصحهم بالتوابة إلى الله، وأن يلتزموا الطريقة التي سار عليها السلف الصالح بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، الله يقول:{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا} [فصلت: آية 33]، فلا يورطون أنفسهم في أعمال تسبب التضييق على الدعوة وإيذاء الدعاة وقلة العلم، ولكن إذا كانت الدعوة بالكلام الطيب؛ والأسلوب الحسن كثر الدعاة، وانتفع الناس بهم، وسمعوا كلامهم، واستفادوا منهم وحصل في المساجد وفي غير المساجد الحلقات
العلمية والمواعظ الكثيرة حتى ينتفع الناس.
الله يهدي الجميع، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. (1).
سؤال: ما حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟
الجواب: هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحا أو عمالا؛ لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان، فلا يجوز الاعتداء عليهم، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور؛ لأن التعدي عليهم تعد على الناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر. أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب، وتعمه الأدلة الشرعية، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه (2).
…
(1)" فتاوى العلماء الأكابر "(61 - 68).
(2)
" مجموع الفتاوى "(8/ 239).