الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
-
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصل إليه هذا الكتاب من الإخوان:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يجري عندكم أمور تجري عندنا من سابق، وننصح إخواننا إذا جرى منها شيء حتى فهموها، وسببها أن بعض أهل الدين ينكر منكرا وهو مصيب، لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الإخوان، وقد قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون} [آل عمران: آية 102 - 103]. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» (1).
وأهل العلم يقولون: الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث:
(1) رواه مالك في "الموطأ" في كتاب الجامع، باب ما جاء في إضاعة المال، حديث رقم (1863)، والإمام أحمد في "المسند"، حديث رقم (8134).
أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه.
ويكون رفيقا فيما يأمر به وينهى عنه.
صابرا على ما جاءه من الأذى.
وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا، والعمل به، فإن الخلل إنما يدخل على صاحب الدين من قلة العمل بهذا، أو قلة فهمه.
وأيضا يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره. فالله الله في العمل بما ذكرت لكم، والتفقه فيه، فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين، والمسلم لا يسعى إلا في صلاح دينه ودنياه.
إلى أن قال: وهذا الكلام وإن كان قصيرا فمعناه طويل، فلازم لازم تأملوه، وتفقهوا فيه، واعملوا به، فإن فعلتم صار نصرا للدين، واستقام الأمر إن شاء الله.
والجامع لهذا كله: أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق خفية، ما يشرف عليه أحد، فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلا يقبل منه بخفية، فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهرا (1)، إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق، واستلحق عليه ولا وافق، فيرفع الأمر إلينا خفية.
هذا الكتاب كل أهل بلد ينسخون منه نسخة، ويجعلونها عندهم،
(1) يعني إذا كان على غير أمير، بدليل ما بعده. (من تعليق الشيخ صالح الفوزان) حفظه الله.
والله أعلم (1).
…
(1)"تاريخ ابن غنام"(1/ 221).