الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجوبة سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
-
في إجابة سماحته على سؤال لجريدة المدينة، حول جزاء من يستهدف ترويع أمن الناس الآمنين، كما حدث في حادث التفجير بالرياض الذي قام به مجرمون تسببوا في ترويع الآمنين، وقتل الأبرياء، وتخويف عباد الله جل وعلا، وهذا نصه:
لا شك أن هذا الحادث أثيم، ومنكر عظيم، يترتب عليه فساد عظيم، وشرور كثيرة وظلم كبير، ولا شك أن هذا الحادث إنما يقوم به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، لا تجد من يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانا صحيحا يعمل هذا العمل الإجرامي الخبيث، الذي حصل به الضرر العظيم والفساد الكبير، إنما يفعل هذا الحادث وأشباهه نفوس خبيثة، مملوءة من الحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله، نسأل الله العافية والسلامة، ونسأل الله أن يعين ولاة الأمور على كل ما فيه العثور على هؤلاء والانتقام منهم، لأن جريمتهم عظيمة، وفسادهم كبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله. كيف يقدم مؤمن أو مسلم على جريمة عظيمة يترتب عليها ظلم كثير، وفساد عظيم، وإزهاق نفوس، وجراحة آخرين بغير حق، كل هذا من الفساد العظيم، وجريمة عظيمة، فنسأل الله أن يعثرهم، ويسلط عليهم، ويمكن منهم، ونسأل الله أن يخيبهم ويخيب أنصارهم، ونسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للعثور عليهم، والانتقام منهم، ومجازاتهم على هذا الحدث الخبيث، وهذا الإجرام العظيم.
وإني أوصي وأحرض كل من يعلم خبرا عن هؤلاء؛ أن يبلغ الجهات المختصة، على كل من علم عن أحوالهم وعلم عنهم أن يبلغ عنهم؛ لأن هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى سلامة الناس من الشر والإثم والعدوان، وعلى تمكين العدالة من مجازاة هؤلاء الظالمين، الذين قال الله فيهم وأشباههم سبحانه:{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} .
إذا كان من تعرض للناس بأخذ خمسة ريالات أو عشرة ريالات أو مائة ريال مفسدا في الأرض، فكيف من يتعرض بسفك الدماء، وإهلاك الحرث والنسل، وظلم الناس، فهذه جريمة عظيمة، وفساد كبير.
التعرض للناس بأخذ أموالهم، أو في الطرقات، أو في الأسواق جريمة ومنكر عظيم، لكن مثل هذا التفجير ترتب عليه إزهاق نفوس، وقتل نفوس، وفساد في الأرض، وجراحة للآمنين، وتخريب بيوت ودور وسيارات، وغير ذلك، فلا شك أن هذا من أعظم الجرائم، ومن أعظم الفساد في الأرض، وأصحابه أحق بالجزاء بالقتل والتقطيع؛ بما فعلوا من جريمة عظيمة. نسأل الله أن يخيب مسعاهم، وأن يعثرهم، وأن يسلط عليهم وعلى أمثالهم، وأن يكفينا شرهم وشر أمثالهم، وأن يسلط عليهم، وأن يجعل تدبيرهم تدميرا لهم وتدميرا لأمثالهم، إنه جل وعلا جواد كريم.
ونسأل الله أن يوفق الدولة للعثور عليهم ومجازاتهم بما يستحقون. ولا حول ولا قوة إلا بالله (1).
وقال رحمه الله:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد استنكر العالم الإسلامي ما حدث في مكة المكرمة من تفجير مساء الاثنين 7/ 12/1409هـ واعتبروه جريمة عظيمة ومنكرا شنيعا؛ لما فيه من ترويع لحجاج بيت الله الحرام، وزعزعة للأمن، وانتهاك لحرمة البلد الحرام، وظلم لعباد الله، وقد حرم الله سبحانه البلد الحرام إلى يوم القيامة، كما حرم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم إلى يوم القيامة، وجعل انتهاك هذه الحرمات من أعظم الجرائم وأكبر الذنوب، وتوعد من هم بشيء من ذلك في الحرام بأن يذيقه العذاب الأليم، كما قال سبحانه:{ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج: آية 25].
فإذا كان من أراد الإلحاد في الحرم متوعدا بالعذاب الأليم وإن لم يفعل؛ فكيف بحال من فعل، فإن جريمته تكون أعظم، ويكون أحق بالعذاب الأليم. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من الظلم في أحاديث كثيرة، ومن ذلك ما بينه للأمة في حجة الوداع حين قال عليه الصلاة والسلام: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
(1)"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (9/ 253).
بلدكم هذا، قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد" (1).
وهذا الإجرام الشنيع بإيجاد متفجرات قرب بيت الله الحرام من أعظم الجرائم والكبائر، ولا يقدم عليه من يؤمن بالله واليوم الآخر، وإنما يفعله حاقد على الإسلام وأهله وعلى حجاج بيت الله الحرام، فما أعظم خسارته، وما أكبر جريمته، فنسأل الله أن يرد كيده في نحره، وأن يفضحه بين خلقه، وأن يوفق حكومة خادم الحرمين لمعرفته وإقامة حد الله عليه، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية (2)
(1) رواه البخاري في كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، حديث رقم (1741)، ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، حديث رقم (1679).
(2)
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (5/ 248).