الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجوبة الشيخ المحدث/ناصر الدين الألباني رحمه الله
-
سؤال: هل يجوز الخروج على الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله؟
الجواب: أي حاكم اليوم من حكام المسلمين الذين لم يظهر منهم الكفر الصريح فلا يجوز الخروج عليه، ولو لم يكن بويع مبايعة بالشروط التي سبق ذكرها آنفا.
فنقول نحن: أي حاكم اليوم مسلم لم يعلن الكفر البواح الصريح؛ لا يجوز لطائفة المسلمين أن يخرجوا عليه، ذلك أنه وقع في التاريخ الإسلامي أن كثيرا من البغاة بغوا على الحكام المبايعين، ثم لما استقر لهم الحكم مع بغيهم وعدوانهم؛ لم يجز علماء المسلمين الخروج عليهم؛ وذلك كله من باب المحافظة على دماء المسلمين أن تسفك - هكذا - هدرا.
بل أنا أقول اليوم: حتى لو كان هناك حاكم مسلم - ولو جغرافيا أو في شهادة النفوس - فرأيي الشخصي: أنه لا يجوز الخروج عليه إلا بشروط كثيرة جدا.
أولها وأهمها: أن يكون المسلمون قد أعدوا أنفسهم للخروج عليه، وهذا له بحث مفصل، وأظن أنه مذكور في بعض الأشرطة تحقيق ما نكني عنه بكلمتين موجزتين: التصفية والتربية، أي حينما يجتمع المسلمون في بلد ما في إقليم ما على التصفية والتربية. ومن التربية العمل بكل النصوص التي أمروا بها؛ كتابا وسنة، ومن ذلك قوله تعالى:{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}
فحينما نجد مثل هذه الجماعة التي قامت على تطبيق الإسلام المصفى، وربيت على هذا الإسلام المصفى، وقامت بإعداد العدة المعنوية والمادية، حينئذ نقول: يجوز الخروج على هذا الحاكم المعلن بالكفر الصراح، ولكن أيضا على شرط وهو: إنذاره، وعدم الغدر به، بطريقة ما يسمى بثورات أو بانقلابات عسكرية أو ما شابه ذلك، هذا أيضا في اعتقادي وفي ما أفهم من كتاب الله ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نجيزه إلا بهذا الشرط.
وأنا أعتقد: أن فيما وقع من ثورات من بعض الجماعات الإسلامية في بعض البلاد الإسلامية، بدءا من جماعة الجهيمان في الحرم المكي، وجماعة التكفير والهجرة في مصر، وجماعة مروان حديد في سوريا، ثم الآن في الجزائر أيضا نقول نحن: إن هذا لا يجوز؛ لأنهم كما قال تعالى: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة}
إذا نهاية هذا السؤال:
نحن لا نجيز الخروج إطلاقا في هذا الزمان، لما يترتب من ورائه من سفك دماء المسلمين دون أي فائدة تذكر، بل بأضرار تنشر ويظهر آثارها في المجتمعات الإسلامية (1).
وقال رحمه الله:
" وليس طريق الخلاص ما يتوهم بعض الناس، وهو الثورة بالسلاح على الحكام بواسطة الانقلابات العسكرية، فإنها مع كونها من بدع العصر
(1) كيف نعالج واقعنا الأليم (78).
الحاضر؛ فهي مخالفة لنصوص الشريعة ".
وسئل رحمه الله:
يحتج البعض بما وقع في التاريخ الإسلامي؛ كما في فتنة ابن الأشعث وخروج كثير من القراء وعلى رأسهم سعيد بن جبير ومن كان معهم، وأيضا ما وقع من عائشة رضي الله عنها والزبير وطلحة مع علي رضي الله عنهم أجمعين، وأن هذا قد وقع، وأن هذا يعد خروجا؛ ولكن حقق لهم الهدف المطلوب، لكن هذا الخروج مما يجوز، فهل هذا الاستدلال بتلك القصص التي وقعت في العهد الأول صحيح؟ وما الجواب؟ لأن هذا يثار كثيرا من أجل تبرير قضية الخروج.
الجواب: الخروج لا يجوز، وهذه الأدلة هي على من يحتج بها وليست لصالحه إطلاقا. هناك حكمة تروى عن عيسى عليه السلام ولا يهمنا صحتها بقدر ما يهمنا صحة معناها - أنه وعظ الحواريين يوما؛ وأخبرهم بأن هناك نبيا يكون خاتما الأنبياء، وأنه سيكون بين يديه أنبياء كذبة، فقالوا له: كيف نميز الصادق من الكاذب؟
فأجاب بالحكمة المشار إليها، وهي قوله:(من ثمارهم تعرفونهم). فهذا الخروج وذلك الخروج - ومنه خروج عائشة رضي الله عنها نحن نحكم على الخروج من الثمرة، فهل الثمرة كانت مرة أم حلوة؟
لا شك أن التاريخ الإسلامي الذي حدثنا بهذا الخروج وبذلك: ينبئ بأنه كان شرا، فقد سفكت دماء المسلمين، وذهبت هدرا بدون فائدة، وبخاصة ما يتعلق بخروج السيدة عائشة رضي الله عنها، فالسيدة عائشة قد
ندمت على خروجها، وكانت تبكي بكاء مرا، حتى يبتل خمارها، وتتمنى أن لا تكون قد خرجت ذلك الخروج.
إن الاحتجاج بمثل هذا الخروج:
أولا: هذا حجة عليهم؛ لأنه لم يكن منه فائدة.
ثانيا: لماذا نتمسك بخروج سعيد بن جبير ولا نتمسك بعدم خروج كبار الصحابة الذين كانوا في عصره؛ كابن عمر، وغيره، ثم تتابع علماء السلف كلهم بعدم الخروج على الحاكم.
فإذا هناك خروجان:
* خروج فكري، وهذا هو الأخطر.
* وخروج علمي، وهذا ثمرة للأول.
فلا يجوز مثل هذا الخروج. والأدلة التي ذكرتها آنفا فهي - طبعا - عليهم وليست لهم.