الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجوبة الشيخ المحدث/ناصر الدين محمد الألباني رحمه الله
-
سؤال: هناك داعية ألف كتابا يدعي فيه بأن الاغتيالات من السنن المهجورة، يحتج بقصة قتل كعب بن أبي الأشرف، وقتل اليهودي الذي اطلع على عورة امرأة مسلمة، فما رأي فضيلتكم بذلك؟
الجواب: ليت هذا المؤلف الذي تشير إليه يعرف السنن المهجورة ويشاركنا في إحيائها حقا، أما هذه التي زعم أنها سنة مهجورة، وأنه ينبغي إحياؤها في زمننا هذا؛ فهذا من جملة ما نشكو منه: الجهل بهدي النبي صلى الله عليه وسلم نحن نفهم الحادثة الأولى من القتل، وهي صحيحة، ونشك في صحة الحادثة الأخرى، ولكن سواء صحت هذه أو لم تصح، فالجواب عن الحادثة الأولى الصحيحة يشملها أيضا.
نحن نقول: إن القتل بتلك الطريقة - التي قد يجوز في عرف بعض الناس أن يسميها اغتيالا - لم يكن قبل كل شيء قد وقع والمسلمون ضعفاء، وفي عهد الضعف، والمشركون يعذبونهم ألوان العذاب، وإنما كان والدولة الإسلامية قد بدأت تقوم قائمتها في المدينة المنورة التي كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا أولا، وخلاصة ما أريد من ذلك أن أقول: إن هذا كان في وقت القوة والوحدة، وليس في وقت الضعف والتفرق.
ثانيا: لم يكن عملا فرديا يندفع إليه صاحبه بعاطفة، ولو أنها عاطفة إسلامية، ولكنها ليست عاطفة مقرونة بالعلم الإسلامي الصحيح؛ وذلك لأن الذي باشر ذلك القتل إنما كان بتوجيه من الحاكم المسلم، وهو
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك فنحن نقول لهذا الذي يسمي ذلك القتل بالسنة المهجورة:
اتخذ الأسباب الشرعية؛ التي أشرت إليها في أثناء كلامي السابق من التصفية والتربية؛ ليأخذ المسلمون طريقة البدء بإقامة دولة مسلمة في أرض من أراضي الله الواسعة، ويوم تقوم قائمة المسلمين، ويقوم عليهم رجل مسلم تتوفر فيه الشروط ليكون أميرا على جماعة مسلمة؛ فإذا هذا الأمير أمر بذلك الأمر وجب تنفيذه.
أما أن ينطلق كل فرد يتصرف برأيه دون أن يكون مأمورا ممن يجب إطاعة أمره؛ فهذا ليس من السنة إطلاقا، بل هذا مما يدخل في القاعدة التي ندندن حولها دائما وأبدا، وهي من الحكمة بمكان عظيم، تؤكدها الحوادث التي نسمع عنها الشيء الكثير المؤسف، تلك القاعدة هي التي تقول:
من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه.
ذلك لأن الذي يسلك سبيل اغتيال رجل من الكفار، ولو له صولة وله دولة، فسيكون عاقبة ذلك أن ينتقم الكفار، ولأنهم أقوى من هذا المسلم ومن حوله؛ فستكون العاقبة ضعفا في المسلمين على ضعف، بينما تلك الحادثة كانت عاقبتها نصرا للمسلمين، فشتان بين هذه العاقبة وبين تلك العاقبة. والأمر كما قال عليه السلام، ولو في غير هذه المناسبة " إنما الأعمال بالخواتيم "(1) هذا جوابي عن هذه السنة المهجورة المزعومة (2).
(1) رواه البخاري (6128) وابن حبان في " الصحيح "(340) والترمذي في " السنن "(2137) وأحمد في " المسند "(5/ 33) وأبو عوانة في " المسند "(140).
(2)
" فتاوى الشيخ الألباني " لعكاشة عبد المنان (254).