الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجوبة فضيلة الشيخ/د. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله
-
سؤال: هناك داعية من الجزائر ألف كتابا يدعي فيه بأن الاغتيالات من السنن المهجورة!! ويحتج بقصة قتل كعب بن الأشرف، وقتل اليهودي الذي اطلع على عورة المرأة المسلمة. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الجواب: ليس في قصة قتل كعب بن الأشرف دليل على جواز الاغتيالات، فإن قتل كعب بن الأشرف كان بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ولي الأمر، وكعب من رعيته بموجب العهد، وقد حصلت منه خيانة للعهد؛ اقتضت جواز قتله كفا لشره عن المسلمين، ولم يكن قتله بتصرف من آحاد الناس؛ أو بتصرف جماعة منهم من دون ولي الأمر؛ كما هو حال الاغتيالات المعروفة اليوم في الساحة، فإن هذه فوضى لا يقرها الإسلام؛ لما يترتب عليها من المضار العظيمة في حق الإسلام والمسلمين.
سؤال: أحسن الله إليكم: هل القيام بالاغتيالات وعمل التفجيرات في المنشآت الحكومية في بلاد الكفار ضرورة وعمل جهادي؟
الجواب: الاغتيالات والتخريب هذا أمر لا يجوز؛ لأنه يجر على المسلمين شرا وتقتيلا وتشريدا، إنما المشروع مع الكفار الجهاد في سبيل الله، ومقابلتهم في المعارك، فإذا كان عند المسلمين استطاعة بأن يجهزوا الجيوش، ويغزوا الكفار، ويقاتلوهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وصار له أنصار وأعوان، أما التخريب والاغتيالات؛ فهذا يجر على
المسلمين شرا.
الرسول صلى الله عليه وسلم يوم كان في مكة قبل الهجرة كان مأمورا بكف اليد، {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [النساء: آية 77] كان مأمورا بكف اليد عن قتال الكفار؛ لأنه لم يكن عنده استطاعة لقتال الكفار، ولو قتلوا أحدا من الكفار، لقتلهم الكفار عن آخرهم، واستأصلوهم عن آخرهم؛ لأنهم أقوى منهم، وهم تحت وطأتهم وشوكتهم.
فالاغتيال يسبب قتل المسلمين الموجودين في البلد الذي يعيشون فيه كالذي تشاهدون الآن وتسمعون، فهو ليس من أمور الدعوة، ولا هو من الجهاد في سبيل الله، كذلك التخريب والتفجيرات، هذه تجر على المسلمين شرا كما هو حاصل، فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عنده جيش وأنصار؛ حينئذ أمر بجهاد الكفار.
هل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يوم كانوا في مكة، هل كانوا يعملون هذه الأعمال؟
أبدا، بل كانوا منهيين عن ذلك.
هل كانوا يخربون أموال الكفار حين كانوا في مكة؟
أبدا، كانوا منهيين عن ذلك.
مأمورين بالدعوة والبلاغ فقط، أما الإلزام والقتال، فهذا إنما كان في المدينة لما صار للإسلام دولة.
وسئل - حفظه الله -:
هل التنظيمات السرية مشروعة في الإسلام؟ وخاصة في البلاد التي يهاجم فيها الإسلام وأهله؟
الجواب: يقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} ويقول جل وعلا: {فاتقوا الله ما استطعتم} ، والمسلمون مع أعدائهم لهم حالتان:
الحالة الأولى: أن لا يكون للمسلمين دولة تحميهم، ولا قوة تمنعهم من عدوهم، ففي هذه الحالة يجب على المسلمين الدعوة إلى الله والبيان باللسان فقط؛ كحالة المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة، ولا يجوز لهم في هذه الحالة أن يقوموا بالاغتيالات والتنظيمات السرية؛ التي تجر عليهم الضرر، وتسلط العدو عليهم؛ لأن المضرة في هذه الاغتيالات والتنظيمات أرجح من المصلحة.
الحالة الثانية: أن يكون للمسلمين دولة، ولهم قوة ومنعة؛ ففي هذه الحالة يجب عليهم شيئان: الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله؛ من غير غدر ولا خيانة، كالحالة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعد الهجرة إلى المدينة.
وهذا التقسيم الذي قلته مستفاد من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم القدوة للمسلمين إلى يوم القيامة كما قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} (1).
(1) جريدة المسلمون العدد (32) بواسطة: كيف نعالج واقعنا الأليم (102).