الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيان لهيئة كبار العلماء حول حوادث التخريب
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثانية والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 8/ 1/1409 إلى 12/ 1/1409 بناء على ما ثبت لديه من وقوع عدة حوادث تخريب ذهب ضحيتها الكثير من الناس الأبرياء، وتلف بسببها كثير من الأموال والممتلكات والمنشآت العامة في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها، قام بها بعض ضعاف الإيمان أو فاقديه من ذوي النفوس المريضة والحاقدة، ومن ذلك:
نسف المساكن، وإشعال الحرائق في الممتلكات العامة، ونسف الجسور والأنفاق، وتفجير الطائرات أو خطفها، وحيث لوحظ كثرة وقوع مثل هذه الجرائم في عدد من البلاد القريبة والبعيدة، وبما أن المملكة العربية السعودية كغيرها من البلدان عرضة لوقوع مثل هذه الأعمال التخريبية، فقد رأى مجلس هيئة كبار العلماء ضرورة النظر في تقرير عقوبة رادعة لمن يرتكب عملا تخريبيا، سواء كان موجها ضد المنشآت العامة والمصالح الحكومية، أو كان موجها لغيرها بقصد الإفساد والإخلال بالأمن.
وقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية
تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة وهي:"الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال". وقد تصور المجلس الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، وما تسببه الأعمال التخريبية من الإخلال بالأمن العام في البلاد، ونشوء حالة الفوضى والاضطراب، وإخافة المسلمين وإتلاف ممتلكاتهم.
والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، ومما يوضح ذلك قوله سبحانه وتعالى:{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} [المائدة: آية 32].
وقوله سبحانه وتعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} [المائدة: آية 33].
وتطبيق ذلك كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وممتلكاتهم، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وغيرها على السواء، لقوله سبحانه:{ويسعون في الأرض فسادا} ، والله تعالى يقول:{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} [البقرة: آية 204 - 205].
وقال تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} [الأعراف: آية 56].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح، فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد، فنهى تعالى عن ذلك".
وقال القرطبي: "نهى سبحانه وتعالى عن كل فساد، قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر، فهو على العموم على الصحيح من الأقوال".
وبناء على ما تقدم، ولأن ما سبق إيضاحه يفوق أعمال المحاربين الذين لهم أهداف خاصة يطلبون حصولهم عليها من مال أو عرض، وهؤلاء هدفهم زعزعة الأمن وتقويض بناء الأمة، واجتثاث عقيدتها، وتحويلها عن المنهج الرباني:
فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
أولا: من ثبت شرعا أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن، بالاعتداء على النفس والممتلكات الخاصة أو العامة؛ كنسف المساكن أو المساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال؛ كأنابيب البترول، ونسف الطائرات أو خطفها ونحو ذلك: فإن عقوبته القتل، لدلالة الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي
إهدار دم المفسد، ولأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية وضررهم أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله، وقد حكم الله عليه بما ذكر في آية الحرابة.
ثانيا: أنه لا بد قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى؛ براءة للذمة واحتياطا للأنفس، وإشعارا بما عليه هذه البلاد من التقيد بكافة الإجراءات اللازمة شرعا لثبوت الجرائم وتقرير عقابها.
ثالثا: يرى المجلس إعلان هذه العقوبة عن طريق وسائل الإعلام.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
مجلس هيئة كبار العلماء
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عبد العزيز بن صالح
عبد الرزاق عفيفي
محمد بن إبراهيم جبير
سليمان بن عبيد
راشد بن صالح بن خنين
عبد المجيد حسن
صالح بن علي الغصون
عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
صالح بن محمد اللحيدان
عبد الله بن سليمان المنيع
محمد بن صالح العثيمين
عبد الله بن عبد الرحمن البسام
حسن بن جعفر العتمي
د. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ