المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْغَرَضُ بِرُؤْيَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَالِيَّةِ بِهِ فَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ - فتاوى الرملي - جـ ٢

[شهاب الدين الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[بَابُ اللِّبَاسِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْمَنَاهِي فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالْمُحَاطَّةِ وَالْمُرَابَحَةِ]

- ‌[بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌[تحالف الْمُتَبَايِعَانِ ثُمَّ فَسْخ الْبَيْع]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفَاتِ الرَّقِيقِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة السَّلَم]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[القرض فِي الذِّمَّة ثُمَّ يعينه فِي الْمَجْلِس]

- ‌[قَرْض الْمَنْفَعَة]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[رَهْن الثِّمَار قَبْل بدو صَلَاحهَا]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

الفصل: الْغَرَضُ بِرُؤْيَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَالِيَّةِ بِهِ فَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ

الْغَرَضُ بِرُؤْيَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَالِيَّةِ بِهِ فَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ وَدَاخِلِ الْفَمِ مَعَ أَنَّ رُؤْيَتَهَا أَسْهَلُ مِنْ رُؤْيَةِ بَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ الْغَرَضِ بِهَا أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِبَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ وَقَدْ قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي الضَّابِطُ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَبِيعِ مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ الرَّابِعُ الْمِلْكُ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعُ إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

[بَابُ الرِّبَا]

(بَابُ الرِّبَا)(سُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفًا فِضَّةً بِأَرْبَعِينَ فِضَّةً وَزْنُهَا وَزْنُ الْفِضَّةِ أَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الرُّبْعُ بِوَزْنِهِ مِنْ هَذَا النِّصْفِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نُحَاسٌ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِاخْتِلَاطِ النُّحَاسِ بِالْفِضَّةِ بِحَيْثُ صَارَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا يَكُونُ كَبَيْعِ مُدٍّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ إذْ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَأَمَّا الِاخْتِلَاطُ بِشَرْطِهِ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ فِي الْمَكِيلِ لَا فِي الْمَوْزُونِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ يَقْتَضِيهَا فِيهِ أَيْضًا فَمَحِلُّهُ إذَا عُرِفَتْ مُمَاثَلَةُ الرِّبَوِيِّ.

(سُئِلَ) لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ذَهَبًا

ص: 120

بُنْدُقِيًّا فَعَوَّضَهُ عُمَرُ وَعَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ذَهَبًا سَلِيمًا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَتَسَلُّمِ شَرْعِيَّاتٍ فَهَلْ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَاخْتِلَافِ الْقِيمَتَيْنِ وَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ بِغَيْرِ تَعْوِيضٍ أَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ أَنْصَافٍ غُورِيَّةٍ أَوْ سُلَيْمِيَّةٍ بِغَيْرِ تَعْوِيضٍ وَهُمَا سَاكِنَانِ رَاضِيَانِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا بَدَلُ مَا فِي الذِّمَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ اسْتِيفَاءً تُبَرَّأُ بِهِ ذِمَّتَاهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَكَانَ اسْتِيفَاءً لِلْبَعْضِ الْمَقْبُوضِ وَيُبَرَّأُ مِنْ الْبَاقِي أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا ذُكِرَ وَالدَّيْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَمَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إذْ لَا تَعْوِيضَ وَلَا اسْتِيفَاءَ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مُخَالِفٌ لِدَيْنِهِ فِي الصِّفَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ صِحَّةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَقْتَضِي قَنَاعَةَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ وَبَرَاءَةَ الْمَدْيُونِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِصِفَةِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فِيهِمَا.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ اسْتَخْرَجَ مِنْ الْمَاءِ الْمِلْحِ مَاءً عَذْبًا هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِشُمُولِ كَلَامِهِمْ

ص: 121

لَهُ.

(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ وَلَوْ كَانَ أَكْلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ إذْ هُوَ فِي ذَاتِهِ لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَصَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا اسْتَوَوْا فِيهِ رِبَوِيٌّ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الشَّعِيرَ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوَلَ الْآدَمِيِّينَ لَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْبِلَادِ خُصُوصًا الْمُدُنُ لَا يَتَنَاوَلُونَ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنَّمَا يَعْلِفُونَهُ لِلْبَهَائِمِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ لِشَيْخِنَا رحمه الله فِي كَوْنِ الْفُولِ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى بِلَادٍ غَلَبَ فِيهَا لِئَلَّا يُخَالِفَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ.

(سُئِلَ) عَنْ التَّخَايُرِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ فِي الرِّبَوِيِّ كَالتَّفَرُّقِ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَهَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ كَمَا ذُكِرَ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ بِهِ وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِإِبْطَالِهِ قَوْلَهُمْ أَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّخَايُرِ حِينَئِذٍ وَأَنَّ الْمُبْطِلَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا التَّخَايُرُ.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ عَلَى آخَرَ نِصْفٌ فِضَّةً فَأَعْطَاهُ عَنْهُ عُثْمَانَيْنِ مُصَالَحَةً عَنْ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ هَلْ يَكُونُ اسْتِيفَاءً مُبَرِّئًا لِلذِّمَّةِ لَا تَعْوِيضًا وَهَلْ إذَا عَوَّضَهُ

ص: 122

ذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْوَزْنِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا فِي الِاعْتِيَاضِ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْوَزْنِ.

(سُئِلَ) هَلْ الرِّبَا أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ «إنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ الرِّبَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْخَطِيئَةِ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَمْ الزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ الرِّبَا لِأَنَّ فِيهِ الْحَدَّ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الرَّجْمُ وَلَا حَدَّ فِي الرِّبَا وَهَلْ الرِّبَا أَعْظَمُ فِي الْإِثْمِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الرِّبَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يُطْعَمَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِي حَلِيلَةَ جَارِك» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ

ص: 123

وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي الرِّبَا فَخَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ لِمَا أَلِفُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَعَاطِيهِ وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَلِتَعَلُّقِهِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُضَايِقَةِ وَالْمُشَاحَّةِ لِافْتِقَارِهِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الزِّنَا بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَبْنِيِّ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَالْمُسَاهَلَةِ لِكَرْمِهِ وَغِنَاهُ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ عَوَّضَ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ الذَّهَبِ ذَهَبًا وَفِضَّةً هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَعَلَى الْمَنْعِ فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى قَاعِدَةِ مُدٍّ عَجْوَةٍ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا

ص: 124

سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اهـ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ بَيْعٌ أَفِيدُوا ذَلِكَ وَاضِحًا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّعْوِيضَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا دَيْنًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُسْتَوْفِيًا لِأَلْفٍ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الذَّهَبِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ اهـ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ عَوَّضْتُك هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُعِينًا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَكَأَنَّهُ بَاعَ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ أَنْصَافٍ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ خَمْسَةً ثُمَّ اقْتَرَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الْخَمْسَةِ الْأُخْرَى هَلْ هَذَا عَقْدٌ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الدِّينَارِ الْمُقَابِلِ لِلْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ إقْرَاضَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي الْخَمْسَةَ أَجَازَهُ لِلْبَيْعِ مِنْهُمَا وَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ مِنْهُمَا فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ

ص: 125

زَعَمَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ الصَّوَابَ الصِّحَّةُ وَأَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبِعَ فِيهِ نُسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَأَنَّ الثَّابِتَ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّ مَحِلَّ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِإِلْزَامِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي مَجْلِسِهِ وَمَا رَجَّحَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِإِلْزَامِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ فِي بَابِ الرِّبَا غَرِيبَةٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيِّ إلَى أَنْ قَالَ لَوْ بَاعَ أَمَةً ذَاتَ لَبَنٍ بِلَبَنٍ جَازَ بِخِلَافِ الشَّاةِ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ إلَخْ هَلْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَمَةِ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّاةِ مُعْتَمَدٌ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفَرْقِ مُعْتَمَدٌ.

(سُئِلَ) عَنْ بَيْعِ الْكَسْبِ بِالطَّحِينَةِ وَعَنْ بَيْعِهَا بِالشَّيْرَجِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا وَفِي الْقِشْدَةِ هَلْ هِيَ نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ أَمْ جِنْسٌ بِرَأْسِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْكَسْبِ بِالطَّحِينَةِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّيْرَجِ وَالْقِشْدَةُ نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ.

(سُئِلَ) عَنْ وَاقِعَةِ حَالٍ وَقَعَتْ بِبِلَادِ مَكَّةَ مِنْ الْيَمَنِ صُورَتُهَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَّتَهُ مِنْ قَرَارِ عَيْنٍ جَارِيَةٍ وَهَذِهِ الْحِصَّةُ قَدْرُهَا سُدُسُ سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا شَائِعًا فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ لَكِنْ عَبَّرَ عَنْهَا فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ

ص: 126

بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ عُيُونِ بَلْدَةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ أَجْزَاءِ السَّهْمِ مِنْ الْقَرَارِ وَالْمَاءِ الْجَارِي بِهِ بِالسَّاعَاتِ وَعَنْ السَّهْمِ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي هِيَ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً كَمَا يُعَبَّرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ بِالْأَصَابِعِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ كُلِّهِ سُقْيَةً لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْقَرَارِ شَرِيكٌ فِي الْمَاءِ النَّابِعِ بِهِ مِنْ أَجْلِ مُشَارَكَتِهِ فِي الْقَرَارِ فَعَبَّرَ كَاتِبُ الشِّرَاءِ عَنْ الْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ حِصَّةٌ مِنْ الْقَرَارِ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَفِيمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ مِنْ الْمَاءِ وَمُلَخَّصُ عِبَارَةِ مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فُلَانَ الشَّافِعِيَّ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي شِرَاءِ الْمَبِيعِ الْآتِي ذِكْرُهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهِ إذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا اشْتَرَى فُلَانٌ الْمَأْذُونُ لَهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ الْمَشْمُولِينَ بِحَجْرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ السُّقْيَةَ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقِّ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرَّهَا وَمَمَرَّهَا وَشُعُوبَهَا وَذُيُولَهَا وَمَجَارِيَ مَائِهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى شِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ بِثَمَنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا مَقْبُوضٍ بِيَدِ الْبَائِعِ مِنْ

ص: 127

الْمُشْتَرِي وَتَسَلَّمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ تَسَلُّمًا شَرْعِيًّا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْآذِنِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ وَمَاتَ الْحَاكِمُ وَالْمُتَعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّبَايُعِ الْمَذْكُورِ أَمْ فَسَادَهُ وَهَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ نَقْضَ التَّبَايُعِ وَالْحُكْمِ بِهِ أَمْ لَا لَا سِيَّمَا مَعَ كَوْنِ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَافِرِ وَكَمَالِ النَّظَرِ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ بِذَلِكَ وَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ رضي الله عنه فِي رَوْضَتِهِ.

وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ وَلَوْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْبِئْرِ أَوْ الْقَنَاةِ جَازَ وَمَا يَنْبُعُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا ذَكَرُوا إذَا قُلْتُمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ يُرَجِّحُ صِحَّةَ بَيْعِ الْقَرَارِ فَقَطْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُسْتَحِقًّا لِلْمَاءِ النَّابِعِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا فِي مِلْكِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ

ص: 128

الثَّانِيَةِ وَأَيْضًا فَهَلْ التَّعْبِيرُ فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ عَلَى الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْقَرَارِ بِقَوْلِهِ الْحِصَّةُ السَّقِيَّةُ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ مُخِلٌّ بِالتَّبَايُعِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِهِ أَمْ غَيْرُ مُخِلٍّ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ تَأْوِيلِهَا بِمَا يُصَحِّحُهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ يَسْتَلْزِمُ شَيْئَيْنِ وَهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ وَصِحَّةُ صِيغَتِهِ فَيُحْكَمُ بِمُوجِبِهَا وَهُوَ مُقْتَضَاهَا وَالصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ مُخْتَلَّةٌ لِإِدْخَالِهَا الْمَاءَ الْجَارِي بِهَا فِي الْمَبِيعِ بِقَوْلِهِ فِيهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِيهِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَمَتَى بَطَلَ فِيهِ بَطَلَ فِي قَرَارِهِ أَيْضًا فَقَدْ قَالُوا لَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بَطَلَ فِي الْكُلُّ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَلَوْ بَاعَ مَاءَ الْقَنَاةِ مَعَ قَرَارِهِ وَالْمَاءُ جَارٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ اهـ وَعِبَارَتُهَا لَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلًا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى

ص: 129

قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ مَجْهُولٌ وَقَدْ سَبَقَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ اهـ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاءَ الرَّاكِدَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالرُّؤْيَةُ تُحِيطُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ عُمْقِهِ مِمَّا يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ مِنْ قَوْلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أُفْرِدَ مَاءُ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِالْبَيْعِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَادٍ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشِّرْبِ: الْمَاءُ الرَّاكِدُ عَلَيْهَا أَوْ جَمِيعُ الْمَاءِ الَّذِي أَحَاطَ بِهِ الْوَادِي أَوْ النَّهْرُ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَاءُ النَّهْرِ جَارِيًا اهـ. فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ فِي الْقَرَارِ وَكَلَامُهُ الثَّانِي يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ فِي الْمَاءِ أَيْضًا وَقَدْ عُلِمَ مَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا ذَكَرْته.

(سُئِلَ) عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ دُهْنِ الْوَرْدِ بِدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ مُتَفَاضِلًا مَعَ قَوْلِهِمْ يَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ دُهْنُ سِمْسِمٍ مَمْزُوجٍ

ص: 130

بِأَوْرَاقِ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ وَأَيُّمَا كَانَ فَهُوَ دُهْنُ سِمْسِمٍ بِمِثْلِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِأُخْرَى كَذَلِكَ وَعَلَّلُوهُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَاءِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِالْمَنْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى دُخُولِ الْمَاءِ فِي الْمَبِيعِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَاءُ مَقْصُودًا غَيْرَ تَابِعٍ وَيُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ الدَّارَيْنِ كَذَلِكَ فَتَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَبَيْنَ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ ثُمَّ ادَّعَى إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَهُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ إلَّا إذَا كَانَ شَائِعًا دُونَ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مَعَ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ مَنْعِهِمْ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِقِصَارَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقِصَارَةِ وَبَعْدَهَا مَا لَمْ يُوَفِّ الْأُجْرَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي الْإِجَارَةِ يَجُوزُ إبْدَالُ مَا يَسْتَوْفِي بِهِ الْمَنْفَعَةَ فَهَلَّا يُقَالُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورِ وَيُبْدَلُ بِمِثْلِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا لِأَنَّ الْأَدْهَانَ الْمُطَيِّبَةَ

ص: 131

كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ كُلَّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ ثُمَّ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا وَإِنْ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَقْصُودُهُ الْأَصْلِيُّ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْمَاءُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا وَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ذِرَاعًا مُعَيَّنًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذُّرْعَانِ صَحَّ شِرَاؤُهُ وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُرَادِ بِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ مَنْعُ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي جَوَازُهُ وَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ بِالْأَوَّلِ الثَّانِي إنَّا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ

ص: 132